دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الرسالة التدمرية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 07:36 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الفناء يراد به ثلاثة أمور

وَالْفَنَاءُ يُرَادُ بِهِ ثَلاَثَةُ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ الْفَنَاءُ الدِّينِيُّ الشَّرْعِيُّ، الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَنَزَلَتْ بِهِ الْكُتُبُ، هُوَ أَنْ يَفْنَى عَمَّا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، فَيَفْنَى عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ بِعِبَادَتِهِ، وَعَنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَعَنِ التَّوَكُّلِ عَلَى غَيْرِهِ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَعَنْ مَحَبَّةِ مَا سِوَاهُ بِمَحَبَّتِهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ، وَعَنْ خَوْفِ غَيْرِهِ بِخَوْفِهِ، بِحَيْثُ لاَ يَتَّبِعُ الْعَبْدُ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ، وَبِحَيْثُ يَكُونُ اللَّهُ وَرَسُولُه أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)، فَهَذَا كُلُّه هُوَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُه.
وَأَمَّا الْفَنَاءُ الثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي يَذَكُرُهُ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يَفْنَى عَنْ شُهُودِ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، فَيَفْنَى بِمَعْبُودِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ، وبمذكورِه عَنْ ذِكْرِهِ، وَبِمَعْرُوفِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، بِحَيْثُ قَدْ يَغِيبُ عَنْ شُعُورِهِ بِنَفْسِهِ وَبِمَا سِوَى اللَّهِ - فَهَذَا حَالٌ نَاقِصٌ، قَدْ يَعْرِضُ لِبَعْضِ السَّالِكِينَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ لَوَازِمِ طَرِيقِ اللَّهِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَعْرِضْ مِثْلُ هَذَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ.
وَمَنْ جَعَلَ هَذَا نِهَايَةَ السَّالِكِينَ فَهُوَ ضَالٌّ ضَلاَلًا مُبِينًا، وَكَذَلِكَ مَنْ جَعْله مِنْ لَوَازِمِ طَرِيقِ اللَّهِ فَهُوَ مخطئٌ، بَلْ هُوَ مِنْ عَوَارِضِ طَرِيقِ اللَّهِ الَّتِي تَعْرِضُ لِبَعْضِ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ، لَيْسَ هُوَ مِنَ اللَّوَازِمِ الَّتِي تَحْصُلُ لِكُلِّ سَالِكٍ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَهُوَ الْفَنَاءُ عَنْ وُجُودِ السِّوَى، بِحَيْثُ يَرَى أَنَّ وُجُودَ الْمَخْلُوقِ هُوَ عَيْنُ وُجُودِ الْخَالِقِ، وَأَنَّ الْوُجُودَ وَاحِدٌ بِالْعَيْنِ، فَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْإِلْحَادِ وَالِاتِّحَادِ، الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَضَلِّ الْعِبَادِ.
وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُمْ لِضَرُورَةِ الْعَقْلِ وَالْقِيَاسِ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلاَءِ لاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَطَّرِدَ قَوْلُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ مُشَاهِدًا لِلْقَدَرِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ، فَعُومِلَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يُضْرَبَ وَيُجَاعَ حَتَّى يُبْتَلَى بِعَظِيمِ الْأَوْصَابِ وَالْأَوْجَاعِ - فَإِنْ لاَمَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَعَابَهُ فَقَدْ نَقَضَ قَوْلَه، وَخَرَجَ عَنْ أَصْلِ مَذْهَبِهِ، وَقِيلَ لَهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ مَقْضِيٌّ مَقْدُورٌ، فَخَلْقُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ وَمَشِيئَتُه مُتَنَاوِلٌ لَك وَلَهُ، وَهُوَ يَعُمُّكُمَا، فَإِنْ كَانَ الْقَدَرُ حُجَّةً لَك فَهُوَ حُجَّةٌ لِهَذَا، وَإِلاَّ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لاَ لَك وَلاَ لَهُ. فَقَدْ تَبَيَّنَ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى الْقَدَرِ، وَيُعْرِضُ عَنِ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفناء, يراد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir