دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 صفر 1441هـ/11-10-2019م, 06:19 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا (11)}
-مقصد الآية :هو بيان أنصبة الورثة من الميراث وتقسيمه بينهم بما تقتضيه حكمة الله وعدله و علمه و إنصاف النساء في إعطائهن حقوقهن كاملة وذلك بسبب ما كن يعانينه في الجاهلية من حرمان من الميراث .
-سبب النزول :
روي في ذلك عدة أسباب :
-قيل أنها نزلت في بنات سعد بن الربيع:
روى الامام أحمد عن جابر قال: «جاءت امرأة سعد بن الرّبيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللّه، هاتان ابنتا سعد بن الرّبيع، قتل أبوهما معك في أحد شهيدًا، وإنّ عمّهما أخذ مالهما، فلم يدع لهما مالًا ولا ينكحان إلّا ولهما مالٌ. قال: فقال: «يقضي اللّه في ذلك». قال: فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عمّهما فقال: «أعط ابنتي سعدٍ الثّلثين، وأمّهما الثّمن، وما بقي فهو لك» رجح ابن كثير هذا السبب.
وروى الطبري عن السدي من طريق أسباط أنه قال : «نزلت بسبب بنات عبد الرحمن بن ثابت أخي حسان بن ثابت»
وروى الطبري عن جابر بن عبد الله من طريق محمد بن المنكدر أنهانزلت بسبب جابر إذ عاده رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه، قال جابر بن عبد الله، وذكر أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون إلا من لاقى الحروب وقاتل العدو، فنزلت الآيات تبيينا أن لكل أنثى وصغير حظه»، ضعف ابن كثير هذا القول ورجح بأن يكون حديث جابر سببًا لنزول آية الكلالة.
وروي عن ابن عباس:« أن نزول ذلك كان من أجل أن المال كان للولد، والوصية للوالدين، فنسخ ذلك بهذه الآيات)وأخرج هذا القول عنه الطبري من طريق مُجاهِدٌ .
-حكم النسخ في الآية:
روى البخاري عن ابن عباس من طريق عطاء، قال:«كان المال للولد، وكانت الوصيّة للوالدين، فنسخ اللّه من ذلك ما أحبّ، فجعل للذّكر مثل حظّ الأنثيين، وجعل للأبوين لكلّ واحدٍ منهما السّدس والثّلث، وجعل للزّوجة الثّمن والرّبع، وللزّوج الشّطر والرّبع ».ومعنى هذا أن الآية ناسخة .
.ذكره ابن عطية وابن كثير .
-نوع الأحكام في الآية :
هذه الآية الكريمة والّتي بعدها والآية الّتي هي خاتمة هذه السّورة هنّ آيات علم الفرائض، وهو مستنبطٌ من هذه الآيات الثّلاث. ذكره ابن كثير
-فضل علم الفرائض وأهميته :
عن عبد اللّه بن عمرٍو، رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:«العلم ثلاثةٌ، وما سوى ذلك فهو فضلٌ: آيةٌ محكمةٌ، أو سنّةٌ قائمةٌ، أو فريضةٌ عادلةٌ».
وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:«يا أبا هريرة، تعلّموا الفرائض وعلّموه فإنّه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أوّل شيءٍ ينتزع من أمّتي».رواه ابن ماجه، وفي إسناده ضعفٌ.
وقال سفيان ابن عيينة: «إنّما سمّى الفرائض نصف العلم؛ لأنّه يبتلى به النّاس كلّهم».ذكره ابن كثير
القراءات :
-القراءات في (واحدة):
فيها قراءتان :
قرأ السبعة سوى نافع «واحدة» بالنصب على خبر كان
قال الزجاج :يجوز واحدة وواحدة ههنا، وقد قرئ بهما جميعا إلا أن النصب عندي أجود بكثير، لأن قوله: {فإن كنّ نساء فوق اثنتين} قد بين أن المعنى فإن كان الأولاد نساء، وكذلك، وإن كانت المولودة واحدة فلذلك اخترنا النصب، وعليه أكثر القراءة.
وقرأ نافع (واحدة )بالرفع على أن كان بمعنى وقع وحصر.ذكره ابن عطية والزجاج .
-القراءات في (النصف )
قرأ أبو عبد الرحمن السلمي: «النّصف» بضم النون، وكذلك قرأه علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت في جميع القرآن. ذكره ابن عطية
-القراءات في ( فلأمه )
قرأ حمزة والكسائي «فلإمه» بكسر الهمزة، وهي لغة حكاها سيبويه
وهذا يكون فقط إن كان قبل الهمزة كسرة، والباقون بضم الهمزة. هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية .
-القراءات في (يوصي):
قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي- «يوصي» - بإسناد الفعل إلى الموروث، إذ قد تقدم له ذكر، وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر، «يوصى» بفتح الصاد ببنية الفعل للمفعول الذي لم يسّم فاعله، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، «يوصّى» بفتح الصاد وتشديدها، وكل هذا في الموضعين، وقرأ حفص عن عاصم في الأولى بالفتح، وفي الثانية بالكسر.ذكره ابن عطية.
-المسائل التفسيرية :
-معنى قوله تعالى :(يوصيكم ) وحكمه :
يفرض عليكم، لأن الوصية من اللّه - عز وجل - فرض، والدليل على ذلك قوله: {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ذلكم وصّاكم به}وهذا من المحكم علينا.ذكره الزجاج وابن عطية .
-سبب توصية الله بالأولاد في قوله :(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) :
أمرهم بالعدل في أولادهم ، لأن أهل الجاهليّة كانوا يجعلون جميع الميراث للذّكور دون الإناث، فأمر اللّه تعالى بالتّسوية بينهم في أصل الميراث.ذكره ابن كثير .
-الحكمة من تفاوت نصيب الذكر والأنثى في الميراث :
السبب هو احتياج الرّجل إلى مؤنة النّفقة والكلفة ومعاناة التّجارة والتّكسّب وتجشّم المشقّة، فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى».ذكره ابن كثير
-المراد بالأولاد في قوله :(أولادكم )
الأولاد لفظ يجمع الذكران والإناث الصغار والكبار منهم
-معنى قوله (للذكر مثل حظ الأنثيين )
المعنى: يستقر للذكر مثل حظ الأنثيين، له الثلثان وللابنة الثلث.
-علة تأنيث الفعل في قوله (فإن كن ):
العلة هي إرادة تخصيص الإناث بذكر حكمهن لذلك أنث الفعل للمعنى، ولو اتبع لفظ الأولاد لقال كانوا.ذكره ابن عطية .
-معنى (فوق)في قوله (فوق اثنتين )
قال بعض النّاس: قوله: {فوق} زائدةٌ وتقديره: فإن كنّ نساءً اثنتين كما في قوله تعالى {فاضربوا فوق الأعناق )، ورد هذا القول ابن كثير وابن عطية ، وقالا : أنها محكمة المعنى والقران ليس فيه شيء زائد واستدلوا على ذلك بعدة أمور :
1-بقوله : {فلهنّ ثلثا ما ترك} لو كان المراد ما قالوه لقال: فلهما ثلثا ما ترك. وإنّما استفيد كون الثّلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة، فإنّه تعالى حكم فيها للأختين بالثّلثين. وإذا ورث الأختان الثّلثين فلأن يرث البنتان الثّلثين بطريق الأولى .
2-وبحديث جابرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حكم لابنتي سعد بن الرّبيع بالثّلثين، فدلّ الكتاب والسّنّة على ذلك، وأيضًا فإنّه قال: {وإن كانت واحدةً فلها النّصف} فلو كان للبنتين النّصف أيضًا لنصّ عليه، فلمّا حكم به للواحدة على انفرادها دلّ على أنّ البنتين في حكم الثّلاث.كما ذكر ابن كثير
3-قال إسماعيل القاضي: « إذا كانت البنت تأخذ مع أخيها الثلث إذا انفرد، فأحرى أن تأخذ ذلك مع أختها »
4-وقال بعضهم :« وكما كان حكم الاثنين فما فوقهما من الإخوة للأم واحدا، فكذلك البنات»
-معنى قوله :(فوق اثنتين ):
فوق اثنتين معناه: «اثنتين» فما فوقهما، تقتضي ذلك قوة الكلام، وأما الوقوف مع اللفظ فيسقط معه النص على الاثنتين، ويثبت الثلثان لهما بالإجماع الذي مرت عليه الأمصار والأعصار، ولم يحفظ فيه خلاف . ذكره ابن عطية
-أحوال ميراث البنات :
1-الواحدة : لهانصف الميراث( وإن كانت واحدة فلها النصف )
2- إثنثنان فأكثر : لهما الثلثان( فإن كن نساءا فوق اثنتين فلهما ثلثا ما ترك )
3- مع الإخوة :( للذكر مثل حظ الأنثيين ).
سبب التسوية بين الثنتين والجماعة في ميراث البنتين للثلثين :
أستنبط ذلك قياسًا من حكم الأختين في آية الكلالة ، فإنّه تعالى حكم فيها للأختين بالثّلثين. وإذا ورث الأختان الثّلثين فلأن يرث البنتان الثّلثين بطريق الأولى ،وقد روى جابرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حكم لابنتي سعد بن الرّبيع بالثّلثين، فدلّ الكتاب والسّنّة على ذلك، وأيضًا فإنّه قال: {وإن كانت واحدةً فلها النّصف} فلو كان للبنتين النّصف أيضًا لنصّ عليه، فلمّا حكم به للواحدة على انفرادها دلّ على أنّ البنتين في حكم الثّلاث ، وكذلك يثبت لهما ذلك بإجماع الأمة قديمًا وحديثًا، إلا ما روي عن عبد الله بن عباس: أنه يرى لهما النصف. هذا حاصل ما ذكره المفسرون .
-أحوال الأبوان في الميراث:
أحدها :(السدس) وذلك إن اجتمعا مع الأولاد،أو أن يكون للميت بنتٌ واحدةٌ فقط فيفرض لها النّصف، وللأبوين لكلّ واحدٍ منهما السّدس،ويأخذ الأب السّدس الآخر بالتّعصيب، فيجمع له في هذه الحالةبين الفرض والتّعصيب.
الحال الثّاني:(الثلث)ويكون هذا حال انفرادهما بالميراث، فيفرض للأمّ في هذه الحالة الثلث ويأخذ الأب الباقي بالتّعصيب ، فيكون نصيبه الثّلثان.
الحالة الثالثة : أن يكون معهمازوجٌ أو زوجةٌ فحينئذ يأخذ الزّوج النّصف والزّوجة الرّبع.
ثمّ اختلف العلماء: ما تأخذ الأمّ بعد فرض الزّوج والزّوجة على ثلاثة أقوالٍ:
أحدها: أنّها تأخذ ثلث الباقي في المسألتين؛ لأنّ الباقي كأنّه جميع الميراث بالنّسبة إليهما. وقد جعل اللّه لها نصف ما جعل للأب فتأخذ ثلث الباقي ويأخذ ثلثيه وهو قول عمر وعثمان، وأصحّ الرّوايتين عن عليٍّ. وبه يقول ابن مسعودٍ وزيد بن ثابتٍ، وهو قول الفقهاء السّبعة، والأئمّة الأربعة، وجمهور العلماء -رحمهم اللّه.
والقول الثّاني: أنّها تأخذ ثلث جميع المال لعموم قوله: {فإن لم يكن له ولدٌ وورثه أبواه فلأمّه الثّلث} فإنّ الآية أعمّ من أن يكون معها زوجٌ أو زوجةٌ أو لا. وهو قول ابن عبّاسٍ. وروي عن عليٍّ، ومعاذ بن جبلٍ، نحوه.
وضعف ابن كثير هذا القول وذلك لأنّ ظاهر الآية إنّما هو ما إذا استبدّ بجميع التّركة، فأمّا في هذه المسألة فيأخذ الزّوج أو الزّوجة الفرض، ويبقى الباقي كأنّه جميع التّركة، فتأخذ ثلثه.
والقول الثّالث: أنّها تأخذ ثلث جميع المال في مسألة الزّوجة، فإنّها تأخذ الرّبع وهو ثلاثةٌ من اثني عشر، وتأخذ الأمّ الثّلث وهو أربعةٌ، فيبقى خمسةٌ للأب.
وأمّا في مسألة الزّوج فتأخذ ثلث الباقي؛ لئلّا تأخذ أكثر من الأب لو أخذت ثلث المال، فتكون المسألة من ستّةٍ: للزّوج النّصف ثلاثةٌ وللأمّ ثلث ما بقي وهو سهمٌ، وللأب الباقي بعد ذلك وهو سهمان. ويحكى هذا عن محمّد بن سيرين، رحمه اللّه، وهو مركّبٌ من القولين الأوّلين، موافقٌ كلّا منهما في صورةٍ وهو ضعيفٌ أيضًا.
الحالة الثّالثة: وهي اجتماعهما مع الإخوة، وسواءٌ كانوا من الأبوين، أو من الأب، أو من الأمّ، فإنّهم لا يرثون مع الأب شيئًا، ولكنّهم مع ذلك يحجبون الأمّ عن الثّلث إلى السّدس، فيفرض لها مع وجودهم السّدس، فإن لم يكن وارثٌ سواها وسوى الأب أخذ الأب الباقي.ذكره ابن كثير وهو حاصل ماذكره المفسرون .
-هل يحجب الأخوان الاثنان الأم :
اتَّفَقُوا عَلى أنَّهم إذا كانُوا ثَلاثَةَ إخْوَةٍ، حَجَبُوا، فَإنْ كانا أخَوَيْنِ، فَهَلْ يَحْجُبانِها؟ فِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: يَحْجُبانِها عَنِ الثُّلُث، وهذا قول والجُمْهُورُ.
ودليلهم : أنه قد يُسَمّى الِاثْنانِ بِالجَمْعِ، قالَ الزَّجّاجُ: جَمِيعُ أهْلِ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: إنَّ الأخَوَيْنِ جَماعَةٌ، وحَكى سِيبَوَيْهِ أنَّ العَرَبَ تَقُولُ: وضَعا رِحالَهُما، يُرِيدُونَ: رَحْلَيْ راحِلَتَيْهِما.
والثّانِي: لا يَحْجُبُها إلّا ثَلاثَةٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: إخْوَةٌ. والأُخُوَّةُ: اسْمُ جَمْعٍ،
وذكر بعض من احتج لهذا القول : «أن بناء التثنية يدل على الجنس والعدد، كبناء الإفراد وبناء الجمع يدل على الجنس ولا يدل على العدد فلا يصح أن يدخل هذا على هذا» .وأخرج الطبري قول ابن عباس من طريق شعبة مولاه .
الترجيح :
رجح ابن عطية والزجاج وابن كثير القول الأول وهو الذي عليه الجمهور .
-بيان الخلاف في السدس الذي يحجبه الإخوة عن الأم :
الجمهور على أنه يعود على الأب لأن أباهم يلي إنكاحهم ونفقته عليهم دون أمهم ،ورى الطبري هذا القول عن قتادة من طريق سعيد ،قال قتادة في قوله: {فإن كان له إخوةٌ فلأمّه السّدس}« أضرّوا بالأمّ ولا يرثون، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثّلث ويحجبها ما فوق ذلك، وكان أهل العلم يرون أنّهم إنّما حجبوا أمّهم من الثّلث أنّ أباهم يلي إنكاحهم ونفقته عليهم دون أمّهم».
و روي عن ابن عبّاسٍ بإسنادٍ صحيح من طريق عاصم ، قال: «السّدس الّذي حجبته الإخوة لأمٍّ لهم، إنّما حجبوا أمّهم عنه ليكون لهم دون أبيهم» وضعف ابن كثير هذا القول لأنه شاذ و مخالفٌ لجميع الأمّة.
-حكم الوصية :
هي سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،لكن لا يجوز أن تكون لوارث لقوله عليه الصلاة والسلام (لا وصية لوارث ).
-معنى ( أو ) في قوله تعالى ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ):
" أو " تأتي للإباحة، فتأتي لواحد واحد على انفراد، وتضم الجماعة فيقال جالس الحسن أو الشعبي،فلو كان " من بعد وصية يوصي بها ودين " احتمل اللفظ أن يكون هذا إذا اجتمعت الوصية والدين، فإذا انفردا كان حكم آخر، فإذا كانت " أو " دلّت على أن أحدهما إن كان فالميراث بعده، وكذلك إن كانا كلاهما.ذكره الزجاج
-حكم تقديم الوصية على الدين :
الدين مقدم على الوصية بإجماع ويقوي هذا كون العطف ب أو، ولو كان الدين راتبا لكان العطف بالواو،ودل على هذا ما رواه الطبري عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه من طريق عاصم :« إنّكم تقرءون {من بعد وصيّةٍ يوصي بها أو دينٍ} وإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قضى بالدّين قبل الوصيّة، وإنّ أعيان بني الأمّ يتوارثون دون بني العلات، يرث الرّجل أخاه لأبيه وأمّه دون أخيه لأبيه».ذكره ابن كثير وابن عطية .
-الحكمة من تقديم الوصية على الدين في الآية :
قدمها لعدة أسباب :
1-لأن الوصية أقل لزوما من الدين، فقدمها اهتماما بها وندبا إليها.
2-لأنها صارت كاللازم لكل ميت ، إذ حض الشرع عليها .
3-وقدمت الوصية أيضا إذ هي حظ مساكين وضعفاء.
وأخر الدين لشذوذه، وأنه قد يكون ولا يكون.ذكره ابن عطية
-المقدار الجائز في الوصية :
أجمع العلماء على أن ليس لأحد أن يوصي بأكثر من الثلث، واستحب كثير منهم أن لا يبلغ الثلث، وأن يغض الناس إلى الربع.ذكره ابن عطية
-حكم تقسيم الميراث قبل آداء الدين والوصية :
لا يجوز تقسيم الميراث إلا بعد أداء الدين وتنفيذ وصية الميت . هذا حاصل ماذكره المفسرون .
المراد بالنفع في في قوله ( لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا):
المراد به النفع الدنيوي والأخروي ،ففي الجنة إن كان الابن أرفع درجة من أبيه فإنه يرفع إليه أبوه، وكذلك الأب إن كان أرفع درجة من ابنه سأل الله فيرفع ابنه إليه،وكذلك في الدنيالا تدرون من أيهمايأتيكم النفع لذلك سوى الله بينهما في أصل الميراث .هذا حاصل ما ذكره المفسرون.
وقال بعضهم: «الأب تجب عليه النفقة للابن إذا كان محتاجا إلى ذلك، وكذلك الأب تجب نفقته على الابن إذا كان محتاجا إلى ذلك، فهما في النفع في هذا الباب لا يدرى أيهما أقرب نفعا».ذكره الزجاج .
-معنى قوله تعالى :(فريضة من الله )
قوله: {فريضةً من اللّه} أي: من هذا الّذي ذكرناه من تفصيل الميراث، وإعطاء بعض الورثة أكثر من بعضٍ -هو فرضٌ من اللّه حكم به وقضاه.ذكره ابن كثير
-معنى قوله ( إن الله كان عليمًا حكيمًا ):
ذكرالزجاج أن فيه ثلاثة أقوال:
1- قال سيبويه: كان القوم شاهدوا علما وحكمة ومغفرة وتفضلا، فقيل لهم إن الله كان كذلك ولم يزل، أي لم يزل على ما شاهدتم.
2- وقال الحسن: كان عليما بالأشياء قبل خلقها، حكيما فيما يقدر تدبيره منها.
3- وقال بعضهم: الخبر عن الله في هذه الأشياء بالمضي، كالخبر بالاستقبال والحال، لأن الأشياء عند الله في حال واحدة، ما مضى وما يكون وما هو كائن.
ورجح الزجاج القولان الأولان وذلك لأن العرب خوطبت بما تعقل، ونزل القرآن بلغتها فما أشبه من التفسير كلامها فهو أصح، إذ كان القرآن بلغتها نزل.
-المسائل اللغوية :
-إعراب اسم (كان )
اسم- كان- مضمر،و تقديره وإن كن المتروكات «نساء»كما قال بعض نحويي البصرة .ذكره ابن عطية .
-إعراب (مثل):
مثل مرتفع بالابتداء أو بالصفة، تقديره حظ مثل حظ.ذكره ابن عطية
-معنى (أو ) في قوله ( من بعد وصية يوصي بها أو دين )
هي للإباحة كما ذكر الزجاج
-إعراب فريضة في قوله :(فريضة من الله )
منصوب على التوكيد والحال .كما ذكر الزجاج
فائدة :
قد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى: {يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين} أنّه تعالى أرحم بخلقه من الوالد بولده، حيث أوصى الوالدين بأولادهم، فعلم أنّه أرحم بهم منهم، كما جاء في الحديث الصحيح.
وقد رأى امرأةً من السّبي تدور على ولدها، فلمّا وجدته أخذته فألصقته بصدرها وأرضعته. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه:« »أترون هذه طارحة ولدها في النّار وهي تقدر على ذلك؟ » قالوا: لا يا رسول اللّه: قال: «فوالله للّه أًرحم بعباده من هذه بولدها».ذكره ابن كثير

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 ذو القعدة 1441هـ/2-07-2020م, 04:11 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا (11)}
-مقصد الآية :هو بيان أنصبة الورثة من الميراث وتقسيمه بينهم بما تقتضيه حكمة الله وعدله و علمه و إنصاف النساء في إعطائهن حقوقهن كاملة وذلك بسبب ما كن يعانينه في الجاهلية من حرمان من الميراث .
-سبب النزول :
روي في ذلك عدة أسباب :
-قيل أنها نزلت في بنات سعد بن الربيع:
روى الامام أحمد عن جابر قال: «جاءت امرأة سعد بن الرّبيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللّه، هاتان ابنتا سعد بن الرّبيع، قتل أبوهما معك في أحد شهيدًا، وإنّ عمّهما أخذ مالهما، فلم يدع لهما مالًا ولا ينكحان إلّا ولهما مالٌ. قال: فقال: «يقضي اللّه في ذلك». قال: فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عمّهما فقال: «أعط ابنتي سعدٍ الثّلثين، وأمّهما الثّمن، وما بقي فهو لك» رجح ابن كثير هذا السبب.
وروى الطبري عن السدي من طريق أسباط أنه قال : «نزلت بسبب بنات عبد الرحمن بن ثابت أخي حسان بن ثابت»
وروى الطبري عن جابر بن عبد الله من طريق محمد بن المنكدر أنهانزلت بسبب جابر إذ عاده رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه، قال جابر بن عبد الله، وذكر أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون إلا من لاقى الحروب وقاتل العدو، فنزلت الآيات تبيينا أن لكل أنثى وصغير حظه»، ضعف ابن كثير هذا القول ورجح بأن يكون حديث جابر سببًا لنزول آية الكلالة.
وروي عن ابن عباس:« أن نزول ذلك كان من أجل أن المال كان للولد، والوصية للوالدين، فنسخ ذلك بهذه الآيات)وأخرج هذا القول عنه الطبري من طريق مُجاهِدٌ .
-حكم النسخ في الآية:
روى البخاري عن ابن عباس من طريق عطاء، قال:«كان المال للولد، وكانت الوصيّة للوالدين، فنسخ اللّه من ذلك ما أحبّ، فجعل للذّكر مثل حظّ الأنثيين، وجعل للأبوين لكلّ واحدٍ منهما السّدس والثّلث، وجعل للزّوجة الثّمن والرّبع، وللزّوج الشّطر والرّبع ».ومعنى هذا أن الآية ناسخة .
.ذكره ابن عطية وابن كثير .
-نوع الأحكام في الآية : [صياغة المسألة من الممكن أن تكون فضل الآية ]
هذه الآية الكريمة والّتي بعدها والآية الّتي هي خاتمة هذه السّورة هنّ آيات علم الفرائض، وهو مستنبطٌ من هذه الآيات الثّلاث. ذكره ابن كثير
-فضل علم الفرائض وأهميته :
عن عبد اللّه بن عمرٍو، رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:«العلم ثلاثةٌ، وما سوى ذلك فهو فضلٌ: آيةٌ محكمةٌ، أو سنّةٌ قائمةٌ، أو فريضةٌ عادلةٌ».
وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:«يا أبا هريرة، تعلّموا الفرائض وعلّموه فإنّه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أوّل شيءٍ ينتزع من أمّتي».رواه ابن ماجه، وفي إسناده ضعفٌ.
وقال سفيان ابن عيينة: «إنّما سمّى الفرائض نصف العلم؛ لأنّه يبتلى به النّاس كلّهم».ذكره ابن كثير
القراءات :
-القراءات في (واحدة):
فيها قراءتان :
قرأ السبعة سوى نافع «واحدة» بالنصب على خبر كان
قال الزجاج :يجوز واحدة وواحدة ههنا، وقد قرئ بهما جميعا إلا أن النصب عندي أجود بكثير، لأن قوله: {فإن كنّ نساء فوق اثنتين} قد بين أن المعنى فإن كان الأولاد نساء، وكذلك، وإن كانت المولودة واحدة فلذلك اخترنا النصب، وعليه أكثر القراءة.
وقرأ نافع (واحدة )بالرفع على أن كان بمعنى وقع وحصر.ذكره ابن عطية والزجاج .
-القراءات في (النصف )
قرأ أبو عبد الرحمن السلمي: «النّصف» بضم النون، وكذلك قرأه علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت في جميع القرآن. ذكره ابن عطية
-القراءات في ( فلأمه )
قرأ حمزة والكسائي «فلإمه» بكسر الهمزة، وهي لغة حكاها سيبويه
وهذا يكون فقط إن كان قبل الهمزة كسرة، والباقون بضم الهمزة. هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية .
-القراءات في (يوصي):
قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي- «يوصي» - بإسناد الفعل إلى الموروث، إذ قد تقدم له ذكر، وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر، «يوصى» بفتح الصاد ببنية الفعل للمفعول الذي لم يسّم فاعله، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، «يوصّى» بفتح الصاد وتشديدها، وكل هذا في الموضعين، وقرأ حفص عن عاصم في الأولى بالفتح، وفي الثانية بالكسر.ذكره ابن عطية.
-المسائل التفسيرية :
-معنى قوله تعالى :(يوصيكم ) وحكمه :
يفرض عليكم، لأن الوصية من اللّه - عز وجل - فرض، والدليل على ذلك قوله: {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ذلكم وصّاكم به}وهذا من المحكم علينا.ذكره الزجاج وابن عطية .
-سبب توصية الله بالأولاد في قوله :(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) :
أمرهم بالعدل في أولادهم ، لأن أهل الجاهليّة كانوا يجعلون جميع الميراث للذّكور دون الإناث، فأمر اللّه تعالى بالتّسوية بينهم في أصل الميراث.ذكره ابن كثير .
-الحكمة من تفاوت نصيب الذكر والأنثى في الميراث :
السبب هو احتياج الرّجل إلى مؤنة النّفقة والكلفة ومعاناة التّجارة والتّكسّب وتجشّم المشقّة، فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى».ذكره ابن كثير
-المراد بالأولاد في قوله :(أولادكم )
الأولاد لفظ يجمع الذكران والإناث الصغار والكبار منهم
-معنى قوله (للذكر مثل حظ الأنثيين )
المعنى: يستقر للذكر مثل حظ الأنثيين، له الثلثان وللابنة الثلث.
-علة تأنيث الفعل في قوله (فإن كن ):
العلة هي إرادة تخصيص الإناث بذكر حكمهن لذلك أنث الفعل للمعنى، ولو اتبع لفظ الأولاد لقال كانوا.ذكره ابن عطية .
-معنى (فوق)في قوله (فوق اثنتين )
قال بعض النّاس: قوله: {فوق} زائدةٌ وتقديره: فإن كنّ نساءً اثنتين كما في قوله تعالى {فاضربوا فوق الأعناق )، ورد هذا القول ابن كثير وابن عطية ، وقالا : أنها محكمة المعنى والقران ليس فيه شيء زائد واستدلوا على ذلك بعدة أمور :
1-بقوله : {فلهنّ ثلثا ما ترك} لو كان المراد ما قالوه لقال: فلهما ثلثا ما ترك. وإنّما استفيد كون الثّلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة، فإنّه تعالى حكم فيها للأختين بالثّلثين. وإذا ورث الأختان الثّلثين فلأن يرث البنتان الثّلثين بطريق الأولى .
2-وبحديث جابرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حكم لابنتي سعد بن الرّبيع بالثّلثين، فدلّ الكتاب والسّنّة على ذلك، وأيضًا فإنّه قال: {وإن كانت واحدةً فلها النّصف} فلو كان للبنتين النّصف أيضًا لنصّ عليه، فلمّا حكم به للواحدة على انفرادها دلّ على أنّ البنتين في حكم الثّلاث.كما ذكر ابن كثير
3-قال إسماعيل القاضي: « إذا كانت البنت تأخذ مع أخيها الثلث إذا انفرد، فأحرى أن تأخذ ذلك مع أختها »
4-وقال بعضهم :« وكما كان حكم الاثنين فما فوقهما من الإخوة للأم واحدا، فكذلك البنات»
-معنى قوله :(فوق اثنتين ):
فوق اثنتين معناه: «اثنتين» فما فوقهما، تقتضي ذلك قوة الكلام، وأما الوقوف مع اللفظ فيسقط معه النص على الاثنتين، ويثبت الثلثان لهما بالإجماع الذي مرت عليه الأمصار والأعصار، ولم يحفظ فيه خلاف . ذكره ابن عطية
-أحوال ميراث البنات :
1-الواحدة : لهانصف الميراث( وإن كانت واحدة فلها النصف )
2- إثنثنان فأكثر : لهما الثلثان( فإن كن نساءا فوق اثنتين فلهما ثلثا ما ترك )
3- مع الإخوة :( للذكر مثل حظ الأنثيين ).
سبب التسوية بين الثنتين والجماعة في ميراث البنتين للثلثين :
أستنبط ذلك قياسًا من حكم الأختين في آية الكلالة ، فإنّه تعالى حكم فيها للأختين بالثّلثين. وإذا ورث الأختان الثّلثين فلأن يرث البنتان الثّلثين بطريق الأولى ،وقد روى جابرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حكم لابنتي سعد بن الرّبيع بالثّلثين، فدلّ الكتاب والسّنّة على ذلك، وأيضًا فإنّه قال: {وإن كانت واحدةً فلها النّصف} فلو كان للبنتين النّصف أيضًا لنصّ عليه، فلمّا حكم به للواحدة على انفرادها دلّ على أنّ البنتين في حكم الثّلاث ، وكذلك يثبت لهما ذلك بإجماع الأمة قديمًا وحديثًا، إلا ما روي عن عبد الله بن عباس: أنه يرى لهما النصف. هذا حاصل ما ذكره المفسرون .
-أحوال الأبوان [الأبوين] في الميراث:
أحدها :(السدس) وذلك إن اجتمعا مع الأولاد،أو أن يكون للميت بنتٌ واحدةٌ فقط فيفرض لها النّصف، وللأبوين لكلّ واحدٍ منهما السّدس،ويأخذ الأب السّدس الآخر بالتّعصيب، فيجمع له في هذه الحالةبين الفرض والتّعصيب.
الحال الثّاني:(الثلث)ويكون هذا حال انفرادهما بالميراث، فيفرض للأمّ في هذه الحالة الثلث ويأخذ الأب الباقي بالتّعصيب ، فيكون نصيبه الثّلثان.
الحالة الثالثة : أن يكون معهمازوجٌ أو زوجةٌ فحينئذ يأخذ الزّوج النّصف والزّوجة الرّبع.
ثمّ اختلف العلماء: ما تأخذ الأمّ بعد فرض الزّوج والزّوجة على ثلاثة أقوالٍ:
أحدها: أنّها تأخذ ثلث الباقي في المسألتين؛ لأنّ الباقي كأنّه جميع الميراث بالنّسبة إليهما. وقد جعل اللّه لها نصف ما جعل للأب فتأخذ ثلث الباقي ويأخذ ثلثيه وهو قول عمر وعثمان، وأصحّ الرّوايتين عن عليٍّ. وبه يقول ابن مسعودٍ وزيد بن ثابتٍ، وهو قول الفقهاء السّبعة، والأئمّة الأربعة، وجمهور العلماء -رحمهم اللّه.
والقول الثّاني: أنّها تأخذ ثلث جميع المال لعموم قوله: {فإن لم يكن له ولدٌ وورثه أبواه فلأمّه الثّلث} فإنّ الآية أعمّ من أن يكون معها زوجٌ أو زوجةٌ أو لا. وهو قول ابن عبّاسٍ. وروي عن عليٍّ، ومعاذ بن جبلٍ، نحوه.
وضعف ابن كثير هذا القول وذلك لأنّ ظاهر الآية إنّما هو ما إذا استبدّ بجميع التّركة، فأمّا في هذه المسألة فيأخذ الزّوج أو الزّوجة الفرض، ويبقى الباقي كأنّه جميع التّركة، فتأخذ ثلثه.
والقول الثّالث: أنّها تأخذ ثلث جميع المال في مسألة الزّوجة، فإنّها تأخذ الرّبع وهو ثلاثةٌ من اثني عشر، وتأخذ الأمّ الثّلث وهو أربعةٌ، فيبقى خمسةٌ للأب.
وأمّا في مسألة الزّوج فتأخذ ثلث الباقي؛ لئلّا تأخذ أكثر من الأب لو أخذت ثلث المال، فتكون المسألة من ستّةٍ: للزّوج النّصف ثلاثةٌ وللأمّ ثلث ما بقي وهو سهمٌ، وللأب الباقي بعد ذلك وهو سهمان. ويحكى هذا عن محمّد بن سيرين، رحمه اللّه، وهو مركّبٌ من القولين الأوّلين، موافقٌ كلّا منهما في صورةٍ وهو ضعيفٌ أيضًا.
الحالة الثّالثة: وهي اجتماعهما مع الإخوة، وسواءٌ كانوا من الأبوين، أو من الأب، أو من الأمّ، فإنّهم لا يرثون مع الأب شيئًا، ولكنّهم مع ذلك يحجبون الأمّ عن الثّلث إلى السّدس، فيفرض لها مع وجودهم السّدس، فإن لم يكن وارثٌ سواها وسوى الأب أخذ الأب الباقي.ذكره ابن كثير وهو حاصل ماذكره المفسرون .
-هل يحجب الأخوان الاثنان الأم :
اتَّفَقُوا عَلى أنَّهم إذا كانُوا ثَلاثَةَ إخْوَةٍ، حَجَبُوا، فَإنْ كانا أخَوَيْنِ، فَهَلْ يَحْجُبانِها؟ فِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: يَحْجُبانِها عَنِ الثُّلُث، وهذا قول والجُمْهُورُ.
ودليلهم : أنه قد يُسَمّى الِاثْنانِ بِالجَمْعِ، قالَ الزَّجّاجُ: جَمِيعُ أهْلِ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: إنَّ الأخَوَيْنِ جَماعَةٌ، وحَكى سِيبَوَيْهِ أنَّ العَرَبَ تَقُولُ: وضَعا رِحالَهُما، يُرِيدُونَ: رَحْلَيْ راحِلَتَيْهِما.
والثّانِي: لا يَحْجُبُها إلّا ثَلاثَةٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: إخْوَةٌ. والأُخُوَّةُ: اسْمُ جَمْعٍ،
وذكر بعض من احتج لهذا القول : «أن بناء التثنية يدل على الجنس والعدد، كبناء الإفراد وبناء الجمع يدل على الجنس ولا يدل على العدد فلا يصح أن يدخل هذا على هذا» .وأخرج الطبري قول ابن عباس من طريق شعبة مولاه .
الترجيح :
رجح ابن عطية والزجاج وابن كثير القول الأول وهو الذي عليه الجمهور .
-بيان الخلاف في السدس الذي يحجبه الإخوة عن الأم :
الجمهور على أنه يعود على الأب لأن أباهم يلي إنكاحهم ونفقته عليهم دون أمهم ،ورى الطبري هذا القول عن قتادة من طريق سعيد ،قال قتادة في قوله: {فإن كان له إخوةٌ فلأمّه السّدس}« أضرّوا بالأمّ ولا يرثون، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثّلث ويحجبها ما فوق ذلك، وكان أهل العلم يرون أنّهم إنّما حجبوا أمّهم من الثّلث أنّ أباهم يلي إنكاحهم ونفقته عليهم دون أمّهم».
و روي عن ابن عبّاسٍ بإسنادٍ صحيح من طريق عاصم ، قال: «السّدس الّذي حجبته الإخوة لأمٍّ لهم، إنّما حجبوا أمّهم عنه ليكون لهم دون أبيهم» وضعف ابن كثير هذا القول لأنه شاذ و مخالفٌ لجميع الأمّة.
-حكم الوصية :
هي سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،لكن لا يجوز أن تكون لوارث لقوله عليه الصلاة والسلام (لا وصية لوارث ).
-معنى ( أو ) في قوله تعالى ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ):
" أو " تأتي للإباحة، فتأتي لواحد واحد على انفراد، وتضم الجماعة فيقال جالس الحسن أو الشعبي،فلو كان " من بعد وصية يوصي بها ودين " احتمل اللفظ أن يكون هذا إذا اجتمعت الوصية والدين، فإذا انفردا كان حكم آخر، فإذا كانت " أو " دلّت على أن أحدهما إن كان فالميراث بعده، وكذلك إن كانا كلاهما.ذكره الزجاج
-حكم تقديم الوصية على الدين :
الدين مقدم على الوصية بإجماع ويقوي هذا كون العطف ب أو، ولو كان الدين راتبا لكان العطف بالواو،ودل على هذا ما رواه الطبري عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه من طريق عاصم :« إنّكم تقرءون {من بعد وصيّةٍ يوصي بها أو دينٍ} وإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قضى بالدّين قبل الوصيّة، وإنّ أعيان بني الأمّ يتوارثون دون بني العلات، يرث الرّجل أخاه لأبيه وأمّه دون أخيه لأبيه».ذكره ابن كثير وابن عطية .
-الحكمة من تقديم الوصية على الدين في الآية :
قدمها لعدة أسباب :
1-لأن الوصية أقل لزوما من الدين، فقدمها اهتماما بها وندبا إليها.
2-لأنها صارت كاللازم لكل ميت ، إذ حض الشرع عليها .
3-وقدمت الوصية أيضا إذ هي حظ مساكين وضعفاء.
وأخر الدين لشذوذه، وأنه قد يكون ولا يكون.ذكره ابن عطية
-المقدار الجائز في الوصية :
أجمع العلماء على أن ليس لأحد أن يوصي بأكثر من الثلث، واستحب كثير منهم أن لا يبلغ الثلث، وأن يغض الناس إلى الربع.ذكره ابن عطية
-حكم تقسيم الميراث قبل آداء الدين والوصية :
لا يجوز تقسيم الميراث إلا بعد أداء الدين وتنفيذ وصية الميت . هذا حاصل ماذكره المفسرون .
المراد بالنفع في في قوله ( لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا): وحبذا لو أشرتِ إلى الحكمة من ختام الآية بهذه العبارة، وفي جوابكِ أدناه جوابٌ عن المسألتين المراد بالنفع والحكمة]
المراد به النفع الدنيوي والأخروي ،ففي الجنة إن كان الابن أرفع درجة من أبيه فإنه يرفع إليه أبوه، وكذلك الأب إن كان أرفع درجة من ابنه سأل الله فيرفع ابنه إليه،وكذلك في الدنيالا تدرون من أيهمايأتيكم النفع لذلك سوى الله بينهما في أصل الميراث .هذا حاصل ما ذكره المفسرون.
وقال بعضهم: «الأب تجب عليه النفقة للابن إذا كان محتاجا إلى ذلك، وكذلك الأب تجب نفقته على الابن إذا كان محتاجا إلى ذلك، فهما في النفع في هذا الباب لا يدرى أيهما أقرب نفعا».ذكره الزجاج .
-معنى قوله تعالى :(فريضة من الله )
قوله: {فريضةً من اللّه} أي: من هذا الّذي ذكرناه من تفصيل الميراث، وإعطاء بعض الورثة أكثر من بعضٍ -هو فرضٌ من اللّه حكم به وقضاه.ذكره ابن كثير
-معنى قوله ( إن الله كان عليمًا حكيمًا ):
ذكرالزجاج أن فيه ثلاثة أقوال:
1- قال سيبويه: كان القوم شاهدوا علما وحكمة ومغفرة وتفضلا، فقيل لهم إن الله كان كذلك ولم يزل، أي لم يزل على ما شاهدتم.
2- وقال الحسن: كان عليما بالأشياء قبل خلقها، حكيما فيما يقدر تدبيره منها.
3- وقال بعضهم: الخبر عن الله في هذه الأشياء بالمضي، كالخبر بالاستقبال والحال، لأن الأشياء عند الله في حال واحدة، ما مضى وما يكون وما هو كائن.
ورجح الزجاج القولان الأولان وذلك لأن العرب خوطبت بما تعقل، ونزل القرآن بلغتها فما أشبه من التفسير كلامها فهو أصح، إذ كان القرآن بلغتها نزل.
-المسائل اللغوية :
-إعراب اسم (كان )
اسم- كان- مضمر،و تقديره وإن كن المتروكات «نساء»كما قال بعض نحويي البصرة .ذكره ابن عطية .
-إعراب (مثل):
مثل مرتفع بالابتداء أو بالصفة، تقديره حظ مثل حظ.ذكره ابن عطية
-معنى (أو ) في قوله ( من بعد وصية يوصي بها أو دين )
هي للإباحة كما ذكر الزجاج
-إعراب فريضة في قوله :(فريضة من الله )
منصوب على التوكيد والحال .كما ذكر الزجاج
فائدة :
قد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى: {يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين} أنّه تعالى أرحم بخلقه من الوالد بولده، حيث أوصى الوالدين بأولادهم، فعلم أنّه أرحم بهم منهم، كما جاء في الحديث الصحيح.
وقد رأى امرأةً من السّبي تدور على ولدها، فلمّا وجدته أخذته فألصقته بصدرها وأرضعته. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه:« »أترون هذه طارحة ولدها في النّار وهي تقدر على ذلك؟ » قالوا: لا يا رسول اللّه: قال: «فوالله للّه أًرحم بعباده من هذه بولدها».ذكره ابن كثير


التقويم: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السادس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir