مجلس المذاكرة الثالث
تطبيقات على مهارة تحرير أقوال المفسّرين المتّفقة والمتقاربة
المجموعة الثانية:
1: حرّر القول في مرجع الضمير "هو" في قوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)} التكوير.
اقتباس:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {وما هو بقول شيطانٍ رجيمٍ}. أي: وما هذا القرآن بقول شيطانٍ رجيمٍ، أي: لا يقدر على حمله ولا يريده ولا ينبغي له، كما قال: {وما تنزّلت به الشّياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنّهم عن السّمع لمعزولون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/339]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}لمَّا ذكرَ جلالةَ كتابِهِ وفضله بذكرِ الرسولينِ الكريمينِ، اللذين وصلَ إلى الناسِ على أيديهمَا، وأثنى اللهُ عليهما بما أثنَى، دفعَ عنهُ كلَّ آفةٍ ونقصٍ مما يقدحُ في صدقهِ، فقالَ: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}أي: في غايةِ البعدِ عن اللهِ وعن قربِهِ). [تيسير الكريم الرحمن: 913]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(25-{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}؛ أَيْ: وَمَا الْقُرْآنُ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ مِن الشَّيَاطِينِ المُسْتَرِقَةِ للسَّمْعِ المَرْجُومَةِ بالشُّهُبِ، فالقُرْآنُ لَيْسَ بِشِعْرٍ وَلا كَهَانَةٍ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ). [زبدة التفسير: 586]
• أقوال المفسرين في متعلق الضمير ( هو) في قوله{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ٍ}
1. القرآن الكريم : قال ابن كثير رحمه الله .
2. القران الكريم : قاله السعدي رحمه الله .
3. القران الكريم : قاله الأشقر رحمه الله .
• أدلة كل فريق :
- استند ابن كثير رحمه الله إلى قوله تعالى : {وما تنزّلت به الشّياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنّهم عن السّمع لمعزولون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/339] .
• النظر في الأقوال، وبيان مدى اتفاقها واختلافها.
بالنظر غلى أقوال المفسرين الثلاثة (ابن كثير والسعدي والأشقر) رحمهم الله ،نجد أنهم متفقون على أن :
( مرجع الضمير هو في قوله تعالى: {وما هو بقول شيطان رجيم}: هو القرآن، ذكره
واستدلّ له ابن كثير بقوله تعالى : {وما تنزّلت به الشّياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنّهم عن السّمع لمعزولون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/339] .
والله أعلم
2: حرّر القول في المراد بالإخبات في قوله تعالى: {وأخبتوا إلى ربّهم}
• قال الحسين بن مسعود البغوي (ت:516هـ): ({ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا } قال ابن عباس: خافوا. قال قتادة: أنابوا. وقال مجاهد: اطمأنوا. وقيل: خشعوا). [معالم التنزيل]
• قال محمد بن أحمد القرطبي (ت: 671هـ): (قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} "الذين" اسم "إن" و"آمنوا" صلة، أي صدقوا. {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} عطف على الصلة. قال ابن عباس: "أخبتوا أنابوا". مجاهد: أطاعوا. قتادة: خشعوا وخضعوا. مقاتل: أخلصوا. الحسن: الإخبات الخشوع للمخافة الثابتة في القلب.
وأصل الإخبات الاستواء، من الخبت وهو الأرض المستوية الواسعة، فالإخبات الخشوع والاطمئنان، أو الإنابة إلى الله عز وجل المستمرة ذلك على استواء. "إلى ربهم" قال الفراء: إلى ربهم ولربهم واحد، وقد يكون المعنى: وجهوا إخباتهم إلى ربهم. {أُولَئِكَ} خبر "إن"). [الجامع لأحكام القرآن]
• أقوال المفسرين في المراد بالإخبات في قوله تعالى: {وأخبتوا إلى ربّهم}
أولاً : البغوي ( رحمه الله ) ذكر أن الإخبات هو :
1. خافوا. قول ابن عباس .
2. أنابوا. قول قتادة .
3. اطمأنوا قول مجاهد .
4. وقيل: خشعوا).
ثانياً : (القرطبي رحمه الله ) ذكر أن الإخبات هو :
1. " أنابوا". قول ابن عباس
2. أطاعوا. قول مجاهد
3. قتادة: خشعوا وخضعوا.
4. أخلصوا. قول مقاتل
5. الخشوع للمخافة الثابتة في القلب وهو قول : الحسن
• النظر في الأقوال، وبيان مدى اتفاقها واختلافها.
إن الناظر إلى أقوال المفسرين (ابن عباس ومجاهد وقتادة والحسن ومقاتل ) من خلال تفسيري ( البغري والقرطبي ) نجد أنها متقاربة وإن اختلفت في ألفاظها فجاءت بمعنى ( الإنابة – الخوف – الخشوع – الطاعة – الإخلاص – الاطمئنان ) .
فإن كانت مختلفة في لفظها وخصوصية كل لفظ ؛إلا أنها جاءت متفقة في أنها كلها من أعمال القلوب .
والله أعلم