(28) إسرائيل:
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( (28) إسرائيل
«إسرائيل» في القرآن هي تعريب «يسرائيل» في التوراة. وهي شهرة شهر بها يعقوب عليه السلام. وقد تلقب بها من بعد بنو يعقوب، فقيل «بنو إسرائيل».
ومن زلات سفر التكوين الذي بين يديك – وتابعه عليها كل علماء التوراة من بعد – تفسيره اسم «إسرائيل» بأنه «مصارع الله»: ظهر له الله في صورة رجل تصارع معه الليل بطوله حتى مطلع الفجر، ولم يقدر على يعقوب، ولما رأى أنه لا يقدر عليه (بصورته الإنسية) استعان بسطوة ألوهيته فلمس حق فخذ يعقوب، فينخلع حق فخذه، ويقول له أطلقني فقد طلع الفجر. ولكن يعقوب لا يطلقه، بل يظل آخذًا بتلابيبه ويقول له: لا أطلقك حتى تباركني. فيقول له ما اسمك؟ فيقول يعقوب. ويقول الرجل «الإله»: لا يدعى اسمك بعد يعقوب، بل «إسرائيل»، ثم يفسر له معنى هذا الاسم (يسرا + إيل) بقوله: لأنك صارعت الله والناس وقدرت. ويفهم يعقوب أن الذي صارعه هو الله، فيسمي هذا المكان «فنوئيل» (يعني «وجه الله») قائلاً: لأني رأيت الله وجهًا لوجه ونجيت نفسي. (راجع تكوين 32/424 – 30). أي أن يعقوب لم يكلمه الله فحسب كم كلم موسى، ولم ير الله وجهًا لوجه فحسب، تلك التي طلبها موسى فأدبه الله، ولكن يعقوب لاحم الله ملاحمة، وصارعه حتى كاد يصرعه، لولا أن لمس الله حق فخذ يعقوب فانخلع. وهو لا يتركك تظن أن الذي ظهر ليعقوب فصارعه ملك من ملائكة الله، على عادة كتبة التوراة في التعبير عن الملائكة بلفظ الآلهة كما مر بك، فضل بها كثيرون، ولكنه ينص نصًا لا إبهام فيه على أن الذي صارع يعقوب وكاد يصرعه يعقوب، هو الله نفسه، فيقول على لسان يعقوب: رأيت الله وجهًا لوجه ونجيت نفسي. ناهيك بتفسير علماء التوراة هذا الاسم بأنه على المزجية من (يسرا + إيل) وتعني كما تقول معاجمهم «الذي يصارع الله».
ترى هل بقى في نفسك شيء من توقير هذا الكاتب الذي لا يرجو لله وقارًا، الذي لو سمعه جده يعقوب لرجمه وبرئ منه، ولو صور لك للطمت وجهه ونزعت منه
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/300 ]
هذا القلم الذي يلغ به في عرض رسل الله وأنبيائه، ثم يتجاسر على مقام الله عز وجل فيهبطه إلى الأرض يعافر يعقوب ويواثبه، فلا يقدر عليه إلا أن يستعلن ليعقوب بألوهيته فينخذل يعقوب بعد أن خلع حق فخذه؟
ما ظنك بدين هذا الكاتب الذي يظن بالله ظن اليونان بآلهة الأولمب؟
بل ما ظنك بهذا السفر الذي يتصدر أسفار «الكتاب المقدس» وتنسب مادته إلى كليم الله موسى عليه السلام؟
أكل هذا العبث واللغو والولوغ ليفسر لك معنى «يسرائيل» الذي اشتبه عليه فظنه الذي «يساور» الله أو الذي «ساوره» الله؟
أما كان أكرم له أن يتوقف عن تفسير «يسرائيل» كما توقف من قبل عن تفسير «تارح»؟
عليك أن تنزع هذه الفقرات وأمثالها في أسفار التوراة، ثم تغيبها حيث لا يقع عليها بصر أحد، وإلا فأنت مسئول عن ضلال من ضلوا بها، مسئول عن كفران من نزه الله عنها فأنكر الوحي على التوراة جملة وتفصيلاً، ما صح منها وما لم يصح.
ولكن هذا «الكلام» عند المؤمنين به من أهل الملتين «كلام مقدس» بحرفه قبل معناه، يفوضون العلم بحقيقته لله عز وجل، فيمرون عليه سراعًا، قبل أن يستزلهم الشيطان فيدركوا مأتاه ومعناه. وربما خيل إليك أن غلاة المؤمنين يظنون أن الله عز وجل يمتحنهم بهذا الكلام ليقولوا حين يتلى عليهم: حاشا لله! سبحان الله!.
هذا النمط من الإيمان جدير باحترامك. ولكنك لا تحترم إصرار من أصروا على أن الله جل جلاله هبط إلى الأرض يعافر يعقوب بالفعل ويواثبه، أو الذين يفسرن «يسرائيل» بأنها تعني «مساور الله» أي الذي يساور الله أو ساوره الله.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/301]
وقد تأثم من هذا بالفعل مترجمو سفر التكوين من أصله العبراني إلى غير العبرية من اللغات فحاولوا قدر الاستطاعة – وفي نطاق محدود – تخفيف وقع الصدمة على قارئ هذه الفقرات من سفر التكوين بالتصرف في الترجمة وإخراجها في صورة مقبولة بعض الشيء ولو خالفت النص المكتوب في الأصل العبراني.
والذي ينبغي التنبيه إليه أن ترجمات «الكتاب المقدس» ليست حلاً مستباحًا لكل من هب ودب، ولو كان من فطاحل التراجمة، وإنما هي ترجمات لا تصدر إلا معتمدة من رؤساء الملتين، ممهورة بخاتم السلطة الدينية العليا فيهما، نصًا يتساوى في الحجية مع الأصل العبراني المنقول عنه، تقرأ به الصلوات في المعابد والكنائس، ويتعبد بقراءته أتباع الملة. فهو نص مقدس، ملزم للسلطة الدينية التي اعتمدته، ملزم لأتباعها.
والذي أقصده من هذا أن رؤساء الملتين أنفسهم لم يتحرجوا من الاستدراك على هذا الكاتب، بل حاولوا – عن طريق الترجمة إلى اللغة التي لا يقرأ أتباع الملة إلا بها – تلوين النص الذي يروى في سفر التكوين مصارعة الله يعقوب تلوينا يهون على القارئ بتلك اللغة من فظاعة هذا الذي خطه الكاتب بيده، تاركين للقارئ في التوراة بالعبرية مباشرة استخلاص المعنى الذي يهديه إليه إيمانه. وهي محاولة تحمدها لهم بلا شك، وإن كنت تتمنى – كما تمنيت – لو مضوا في الشوط إلى نهايته ولم يكتفوا بالتخفيف، بل قطعوا بأن هذا النص الذي سفر التكوين، وأشباهه، نص دخيل، تبرأ منه توراة موسى عليه السلام، على نحو ما فعلت الكنيسة المسيحية الأولى بأسفار وصمتها بأنها «منحولة».
ولكن هذه المحاولات اقتصرت على ترجمة عبارة «كي سريت عم إلوهيم وعم أناشيم وتخال» (تكوين 32/28)، وهي العبارة التي تعنينا في مقاصد هذا الكتاب الذي نكتب، لأنها هي التي تفسر (على لسان الله عز وجل في سفر التكوين) معنى «يسرائيل» عند علماء التوراة.
من هذه المحاولات ثلاث:
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/302]
(1) ترجمة إنجليزية، تجدها في: The British & Foreign Bible Society, OLD TESTAMENT, HEBREW & ENGLISH، تترجم عن العبرية عبارة «كي سريت عم إلوهيم وعم أناشيم وتخال» إلى الإنجليزية هكذاfor as a prince hast thour power with god and with men, and hast prevailed (Ge.32.28) ومعناها بالعربية: «لأنك مثل أمير، ذو قوة مع الله والناس سدت». وهي ترجمة تأخذ «سرا» العبري من السراوة والشرف، لا من المساورة والمغالبة كما يقول المعجم العبري، وكأنه الجذر العبري «سرر»، مكافئ «سرا / يسور» العربي. ولا يصح هذا عبريا: لو صح لكان الاسم «يسورايل» أو «يسرر إيل». وعلى فرض جوازه، فهل يصح عن الله عز وجل أن يسمى عبدا من عباده بأنه «الذي يسرو مع الله» أو «الذي هو سرى مع الله»؟ لو قيل «سرى عند الله» فربما جاز وفيه بعد. إنها محاولة على كل حال. ولكن الحرف «مع» يمنعك.
(2) ترجمة عربية، تجدها في ترجمة الفاتيكان، المطبعة الكاثوليكية (بيروت، فبراير 1951)، تقول في ترجمة تلك العبارة نفسها: «لأنك إذ رؤست عند الله فعلى الناس أيضًا تستظهر»، تأخذ أيضًا في «سرا» العبري بمعنى السراوة والشرف، فتجعل «يسرائيل» رئيسًا عند الله، وترتب على رئاسيته عند الله استظهاره على الناس. وهذه هي «أبرع» المحاولات الثلاث في قلب النص العبري رأسًا على عقب، ترفع الحرف «مع» وتضع في موضعه «عند»، فيستقيم الكلام، لأنك لا تقبل رئيسا «مع» الله، وتستجيز رئيسًا «عند» الله. وهي أيضًا تغير في تركيب العبارة، فتجعل رئاسة يعقوب على الناس مترتبة على «رئاسته عند الله». وهذا وإن خالف النص العبراني في مبناه ومعناه، مقبول سائغ عند القارئ العربي الذي لا يرجع إلى التوراة في نصها العبري.
(3) ترجمة عربية أيضًا، هي ترجمة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية (دار الكتاب المقدس بمصر، طبعة العي المئوي 1883 – 1983)، وهي تترجم العبارة «كي سريت عم إلوهيم وعم أناشيم وتخال» (تكوين 32/28) كما يلي: «لأنك
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/303]
جاهدت مع الله والناس وقدرت»، وهي ترجمة جميلة، يرتاح لها القارئ العربي الذي لا يقرأ في التوراة بالعبرية مباشرة. وهي على جمالها مطابقة لتركيب العبارة في نصها العبري، أمينة على النص الأصلي بكل حروفه. ولكنها تخالف المعجم العبري بتفسيرها الجذر «سرا / يسرا» بمنى «جاهد» (وليس هو كذلك في المعجم العبري «هملون هحداش لتناخ» مرجعنا في هذا الكتاب وإنما معناه في ذلك المعجم هو «نئبق» أي «عافره» وصارعه لا غير) ليكون معنى «يسرائيل» شهرة يعقوب هو «المجاهد مع الله» ولا يصح هذا عبريًا: لو صح لكان الاسم (يسرا – عم – إيل) أي (يسرو – مع – الله)، لأن إسقاط الحرف «عم» (أي مع) يجعل معنى هذا الاسم «الذي يجاهد الله»، ولا يصح لمخلوق أن «يجاهد الله»، ولأن «جاهده» و«صارعه» و«ساوره» واحد ولكنها محاولة تحمد للمترجم، يعززها اعتماد السلطة الدينية المختصة، تصحح بها فكر كاتب سفر التكوين فيما ينبو عنه أدب الحديث عن الله عز وجل.
ولا عيب في هذه المحاولات إلا الإبقاء على فقرات مصارعة الله يعقوب التي تمهد لاسم «يسرائيل» وترتب التسمية عليها. وربما اقترحت على شراح التوراة تفسير هذه المصارعة لا على الحقيقة ولا على المجاز، بل تفسيرها بأنها حلف تراءى ليعقوب. ولكن هذا مردود عليه بأن أنبياء الله الممنوعين من رؤيته عز وجل جهرة في هذه الدنيا، ممنوعون أيضًا من رؤيته عز وجل في «أضغاث أحلام». لا خلاف على هذا في التوراة والإنجيل والقرآن.
ولم يدر بخلد أحد ممن فسروا «سرا / سرا» بمعنى السراوة والشرف، أن يجعل اسم الله (إيل العبري) هو الفاعل في هذا التركيب المزجي يسرا + ايل (كما هو في يشمع + إيل)، فيكون المعنى «سرى هو الله» أو «تعالى الله»، يصيح بها يعقوب وقد انخلع حق فخذه في مصارعة الله إياه، فيشهر بها.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/304]
والذي يعنينا من هذا هو تفاوت فهم علماء التوراة لمعنى الجذر العبري سرا / يسرا، هل هو من سرا / يسرو أم من سار / يسور العربيين؟ إن قلت بالأول فقد خالفت المعجم العبري، وإن قلت بالثاني فقد وقعت في المحظور: قد واثب الله يعقوب وساوره! وهو نفس المعنى الذي أراده كاتب سفر التكوين بترتيبه التسمية على المصارعة، واستخدامه في وصف معاركة الله يعقوب مادة الفعل العبري «نئبق» أي عافره وصارعه، ولم تختلف فيها الترجمات فقالت كلها: «وصارعه ...» ثم فسر التسمية بقوله «كي سريت...» يعني بها «كي نئبقت ...».
ولأننا لا نصدق الكاتب في «مصارعة الله يعقوب»، فنحن من باب أولى نرفض كل تفسير – سواء للكاتب أو لغيره – يفسر اسم «يسرائيل» ترتيبًا عليها.
ترسم «يسرائيل» في الخط العبري بغير ألف، أي ترسم «يسرئيل».
ومن أعلام التوراة – غير يعقوب عليه السلام – أعلام تشبه هذا الرسم، هي «أسرئيل» (أخبار الأيام الأول 4/16) و«أسريئيل» (عدد 26/31). وأيضًا «يسرئيله» (أخبار الأيام 25/14) وترسم أيضًا «يشرئيله». والهاء في هذين الأخيرين هاء خاملة للوقف فقط على لام مفتوحة. بـ«إيل» و«إيله» واحد في المعنى.
أما المقطع الأول في هذه الأعلام الثلاثة (أسر، يسر) فعلماء التوراة يأخذونه من الجذر العبري «أسر» (ويكتب أصلاً في الخط العبري بالحرف «سامخ» وهي السين الأصلية في الخط العبري التي لا تنقلب إلى شين في العربية) وإن كان في هذه الأعلام الثلاثة – كما في كُنية يعقوب – مرسومًا بالسين المنقلبة عن الشين. ولهذا نظائر في العبرية يعرفها المتخصصون، لا نثقل بها عليك.
أما «أسر» العبري فمعناه من «أسر» العربي جد قريب، وهو أيضًا يكافئ «أصر» العربي، ومنه «الإصر» أي العهد والميثاق، وأصره يعني عقده وشده، وأيضًا لواء وعطفه، وحبسه. فمعنى «يسرائيله» وأمثالها هو «إسار الله» أو «إصر الله»،
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/305]
و«إسار» عبريًا يفيد النذر بالامتناع، فيقولون: أسر – إسار – عل نفشو، يعنون: نذر على نفسه ...، أو آلى على نفسه ...، فالمعنى هو: نذر على نفسه نذرا فقيده الله به. أي الذي أوجب على نفسه فأوجب الله عليه.
أفتكون «يسرئيله» هي نفسها شهرة يعقوب «يسرئيل»، خالفوا بينهما في النطق توقيرا لأبيهم يعقوب؟ والمعنى واحد: إصر الله!
قد علمت من سفر التكوين (تكوين 32/31) أن يعقوب خرج من مصارعة الله يخمع على فخذه «لذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النسا الذي على حق الفخذ إلى اليوم لأنه (أي الله) ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النسا». لم لا تكون هذه هي مناسبة التسمية: حرم يعقوب على نفسه «عرق النسا» فقيده الله بما حرم على نفسه؟
احتاج الكاتب إلى تعليل تحريم يعقوب أكل عرق النسا، فهداه خياله إلى أن الله عز وجل ضرب يعقوب على «عرق النسا». ولكنها أعضلت عليه: أأدبه بها الله؟ ولم؟ كان عليه أن يخترع ليعقوب ذنبا يعاقبه به الله، ويعقوب عنده منزه عن ذلك. هنا تفتق خياله من مصارعة بين الله وبين يعقوب، وتمادى به الخيال فظن أن الله لم يقدر على يعقوب، فضربه على حق فخذه كي يطلقه. ولم ينس أن يسجل بها مجدا ليعقوب، ومناسبة للتسمية، ففسر بها «يسرئيل»، وتابعه على هذا وذاك دون تمحيص علماء التوراة.
ترى لماذا حرم إسرائيل على نفسه أكل عرق النسا؟
أكان الدم الكذب الذي جاء به أبناء ليئة على قميص يوسف – أو كان المزق الذي افتعلوه في القميص – على موضع الحق من الفخذ، فعافت نفس يعقوب أكل ما نهش الذئب من يوسف؟
الله عز وجل بغيبه أعلم.
أما مفسرو القرآن (راجع تفسير القرطبي للآية 39 من سورة البقرة) فقد قال بعضهم نقلاً عن عبد الله بن عباس أن معنى إسرائيل هو «عبد الله» لأن «إسر» بالعبرية يعني «عبد»، وليس هذا بصحيح في العبرية، وإنما هو التفسير بالتخمين كما مر بك. وقال السهيلي «سمى إسرائيل لأنه أسرى ذات ليلة حين هاجر إلى الله تعالى فسمى
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/306]
إسرائيل أي أسرى إلى الله ونحو هذا»، وليس هذا أيضًا بصحيح لأنه تفسير لشق الاسم بغير لغة صاحبه، فضلاً عن أنه لم يؤثر عن يعقوب أنه هاجر ذات ليلة إلى الله تعالى. وقال آخرون «إسر» يعني صفوة، فهو صفوة الله، وليس لهذا أصل لا في العبرية ولا في العربية. وقال المهدوي أيضًا إن «إسر» من الشد والتوثيق، أي أن إسرائيل تعني الذي شدده الله وأتقن خلقه. وليس هذا كله بشيء فلا تلتفت إليه.
قال عز وجل في كتابه المصدق المهيمن: {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة} [آل عمران: 93].
وهذا من دقيق التفسير في القرآن: «حرم إسرائيل على نفسه» تفسر الشق الأول من الاسم فحسب (وهي بالعبرية «أسر – إسار – عل نفشو») ولا تفسر الشق الثاني من هذا الاسم المزجي (يسرا + ايل). ولكن القرآن لا يتركك تظن أن «إسرائيل» معناها «الذي حرم على نفسه»، بل يريدك أن تفهم أن «الله» حرم عليه الذي حرمه هو على نفسه، فيقول «كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه»، التي تفهم منها مباشرة أن الله (إيل العبري) حرم على بني إسرائيل الذي حرم إسرائيل على نفسه. بهذه الآية كان التفسير القرآني لاسم «إسرائيل» بمعنى «إصر الله»، وبها اهتدينا نحن إلى تفسير معناه، فالحمد لله الذي هدانا إلى هذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
إسرائيل (يسرائيل) يعني «إصر الله»، يفسرها القرآن بقوله عز وجل: {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة}[آل عمران: 93].
ودع منك أمثال «مصارع الله»، أو «أمير مع الله»: هذا تجديف في حق الله عز وجل، وولوغ في عرض أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/300-307]