المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعاد ذياب
(( حكم بيع وشراء المصحف ))
*للعلماء في مسألة بيع وشراء المصاحف ثلاث أقوال في الجمله :
أولا :قول من منع بيع وشراء المصاحف
أ- (( القائلين بهذا القول ))
- لقد ذهب إلى هذا القول فريق من أهل العلم حتى قيلبأنه مذهب الصحابة رضوان الله عليهم جميعا .
- منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه , وكان يقول: (لا تبيعوا المصاحف ولاتشتروها)وفى روايةعنه رضي الله عنه أنه كره بيع المصاحف , قال : ( لو لم يجدوا من يشتريها ما كاتبوها )
- -ومروىعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه , فقد أخرج عبد الرزاق عن علقمة عن عبد الله) أنه كره شراء المصاحف وبيعها)
- -ومروي عن أبىموسى الأشعرى وأصحابة , فعن مطرف بنمالك قال : ( شهدت فتح تستر مع أبى موسى الأشعرى فأصبنا دانيال بالسوس ومعه ربعةفيها كتاب ومعنا أجير نصرانى , فقال : تبعونى هذه الربعة وما فيها ؟ قالوا : إن كانفيها ذهب أو فضة أو كتاب الله لم نبعك . قال : فإن الذى فيها كتاب الله , فكرهوابيعه . قال : فبعناه الربعة بدرهمين , ووهبنا له الكتاب .)
وقال ابن حزمإثر روايته لهذا الأثر : (قال أبو محمد : إنما كرهوا البيع نفسه ليس من أجل أنالمشترى كان نصرانيا , ألا ترى أنهم قد وهبوه له بلا ثمن(
- - وهو مذهب عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما , فقد أخرج عبد الرزاق بسنده عن سعيد بن جبيرقال : سمعت ابن عمر : ( وددت أنى قد رأيت في الذين يبتاعون المصاحف أيديتقطع)
-ورواية عنجابر بن عبد الله رضى الله عنهما , فعن ابن الزبير عن جابر : (أنه كره بيعهاوشراءها)
-ونسب القول إلىأبى هريرة وعزاه ابن مفلح فى النكت إلى ابن داود فىالمصاحف
-وأخرج عبد الرزاق فيالمصنف عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : (كانابن عمر إذا مر بالمصاحف قال:بئسالتجارة)
- - وقال عبد الله بن شقيق العقليلى : (كان أصحابالرسول صلى الله عليه وسلم يرون بيع المصاحف عظيما
-
-ومن التابعين مسروق وشريح وعبد اللهابن يزيد الخطمى ومطرف بن مالك , وعلقمة , وإبراهيم , وعبيدة السلمانى , وابن سيرين , وسالم بن عبد الله بن عمر , وسعيد بن المسيب ,وسعيد بن جبير فى رواية عنه , وأبوسلمة بن عبد الرحمن , وقتادة والزهرى , والشعبى , والحسن , ومجاهد , وأبو العالية, وحماد بن سليمان , وابن علية , وأبو مجلز , وأبو أيوب السختيانى , وحكاه الطحاوى فىاختلاف العلماء عن ابن شبرمة.
وهو مذهب الإمام مالك والشافعى , وقيده بعض أصحابه بما لم يحتج إليه , والمنع مطلقا مذهب أحمدوإسحاق
ب- (( حجة المانعين للبيع والشراء))
احتجوابأنه إنما منع من بيعه بعوض أو بثمن لما فيه من أخذ العوضعلى القرآن , وقد وردت الأخبار بالنهى عن ذلك :
- بقوله صلى الله عليه وسلم : (لاتأكلوا به)
- وقوله : " من أخذ على القرآن أجرا فقد تعجل أجره فى الدنيا "
- وقوله لأبى بنكعب : " إن أحببت أن يقوسك الله بقوس من نار فخذها "
- و
- بما روى عن جمع منالصحابة من كراهة بيع المصاحف وشرائها , كالمروى عن عمر بن الخطاب , وابنه عبد الله , وعبد الله بن مسعود , وأبى موسى الأشعرى وأصحابه , وجابر بن عبد الله , وأبىهريرة , وعبد الله بن عباس, رضى الله عنهم أجمعين , قالوا ولا مخالف لهم من الصحابةحتى قال الإمام أحمد : ( لا اعلم فى بيع المصاحف رخصة)
قال ابن قدامة فى المغنى وهو فى معرضالأحتجاج للقول بالمنع ) ولنا قول الصحابة رضى الله عنهم ولم نعلم لهم مخالفا فى عصرهم , ولأنه يشتمل علىكلام الله تعالى فتجب صيانته عن البيع والإبتذال .
ثانيا : الترخيص بشراء المصحف دون بيعه
أ- ((القائلين بهذا القول((
فريق من أهل العلم ,
وهو رواية عن ابن عباس , وابن عمر , وجابر بن عبد الله , وسعيد بن المسيب
, وسعيد بن جبير , وأبى سلمة بنعبد الرحمن بن عوف , والحكم بن عتيبة , ومحمد بن على بن الحسين , وإبراهيم النخعىفى رواية عنه , وهو رواية عن الإمامين الشافعى , وأحمد , وهو أحد قولى إسحاق بنراهوية
ب ((-حجة المرخصين بالشراء دون البيع))
واحتج أصحاب هذا الرأى بكونه مرويا عن بعضالصحابة كابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله رضى الله عنهم أجمعين .
قالوا والشراءأسهل لأنه استنقاذ للمصحف وبذل لماله فيه , فجاز كما أجاز شراء رباع مكة واستئجاردورها من لا يرى بيعها ولا أخذ أجرتها , وكذلك أرض السواد ونحوها , وكذلك دفعالأجرة إلى الحجام لا يكره مع كراهة كسبه
ثالثا :المرخصون في بيع المصاحف وشرائها معا :
أ -(( القائلون بهذا القول ))
- روى القول بجواز بيع المصاحف وشرائها مطلقا عن طائفة من أهل العلم , منهم ابن عباس فى رواية عنه , وابن جبير فى رواية عنه , وعكرمة ومجاهد وابن الحنفية , والحكم , والشعبى , والحسن البصرى
وفى روايةعنه , أبو الشعثاء جابر بن زيد , ومالك بن دينار , ومطر الوراق , وأبو حكيمة العبدى , وأصحاب الرأى وفيهم أبو الحنفية , وهو رواية ثانية عن الإمام مالك , ورواية ثالثةعن الإمام أحمد , وهو الذى نصره ابن حزم فى المحلى , وعليه العمل فى زماننا .
قال المرداوى فى تصحيح الفروع عن القول بجوازبيع المصاحف : ( قلت وعليه العمل , ولا يسع الناس غيره إلا أنه قد مال إلى القولبالجواز مع الكراهة وهو من المفردات
ب-((حجة المرخصون بالبيع والشراء))
- احتج المرخصونعلى الإطلاق بعموم قوله تعالى(وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ)وقوله عزوجل(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ(,فبيع المصاحف كلها حلال إذ لم يفصل لنا تحريمه(وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً(ولو فصلتحريمه لحفظه الله تعالى حتى تقوم به الحجة على عبادة .
-وقالوا :وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم , أنه أقر أصحابه على أخذهمالعوض عن الرقية بكتاب الله عزوجل وقال : " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله "والخبر المشهور " أن رسول الله صلى الله عليهوسلم زوج امرأة من رجل بما معه من القرآن " أى ليعلمها إياه .
- قالوا ولا نسلم بصحةالآثار المرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم المقتضية لمنع المعاوضة على تعليمالقرآن كحديث عبد الرحمن بن شبل :" لا تأكلوا به " , وحديث أبى هريرة : " من أخذعلى القرآن أجرا فقد تعجل أجره فى الدنيا "
وحديث أبى : " إن أحببن أن يقوسك بقوس من نارفخذها " , فإن فى أسانيدها جميعا من المقال ما يمنع الإحتجاج بها .
- قالوا ولإنالمبتذل ما لايباع وأنفس الجواهر تباع وأن بيعه يسهل على الناس الإنتفاع به وتعميمهدايته.
-وقالوا ولأن ما يؤخذ فى بيع المصاحف إنما هو ثمن للورق والخط والأنقاشوالدفتين ,
- ولأن العمل عليه فى زماننا , وقد عمت البلوى به , ولا يسع الناس غيره , -ولكون المنع من بيع المصاحف يفضى إلى انسداد باب الحصول عليها لكل أحد لا سيما معندرة المحتسبين وتمكن الكسل من نفوس الكثيرين وقصور الهمم لدى السواد الأعظم منالمسلمين ولكون الأخذ بالترخيص فى بيع المصاحف رفعا للحرج وتيسيرا , وذلك مطلب منمطالب الشرع ومقصد من مقاصد الدين ....والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب[المتحففى أحكام المصحف:234-218]
*********************************************************************************************************
|