ص: وأن الإباحة حكم شرعي.
ش: أي ورد بها الشرع، وهذا مبني على تفسيرها بالتخيير بين الفعل والترك، والمخالف فيه بعض المعتزلة، وهو مبني على تفسيرها بنفي الحرج، وهذا ثابت من قبل الشرع، فهذا الخلاف أيضاً لفظي، فلو أخر المصنف قوله (والخلف لفظي) عن هذه المسألة لعاد للمسائل الثلاث.
ص: وأن الوجوب إذا نسخ بقي الجواز أي عدم الحرج، وقيل: الإباحة وقيل: الاستحباب.
ش: إذا أوجب الشارع شيئاً ثم نسخ وجوبهفهل يبقى جوازه؟ قال الأكثرون: نعم. وقال الغزالي: لا، بل يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل الإيجاب، من إباحة، أو تحريم، أو براءة أصلية.
وحكاه القاضي أبو بكر عن بعض الفقهاء، وقال: تشبث صاحبه بكلام ركيك تزدريه أعين ذوي التحقيق، وادعى الشارح أنه الذي وجده في كلام أكثر أصحابنا الأقدمين، ثم حكى المصنف ثلاثة أقوال في المراد بالجواز هنا:
أشهرها: أنه رفع الحرج، عن الفعل.
والثاني: رفع الحرج عن الفعل والترك مع استواء الطرفين، وهو المراد بالإباحة.
والثالث: رفع الحرج عنهما، مع ترجيح الفعل وهو الاستحباب، وهذا غريب.
وكلام الغزالي وغيره يقتضي أنه لم يقل به أحد، لكن كلام المجد ابن تيمية في (المسودة) يقتضيه، فإنه قال: إذا صرف الأمر عن الوجوب جاز أن يحتج به على الندب والإباحة، وبه قال بعض الشافعية والحنفية، كذا قال الشارح، وفيه نظر، فإن الذي في كلام ابن تيمية هو القول الأول، وهو بقاء القدر المشترك بين الندب والإباحة، وهو رفع الحرج عن الفعل، وليس فيه تعيين أن الباقي الندب كما في القول الثالث، والله أعلم.
وقال بعضهم: الخلاف لفظي، فإنا إن فسرنا الجواز برفع الحرج عن الفعل فلا شك أنه في ضمن الوجوب، وإن فسرناه برفع الحرج عن الفعل والترك، فليس هو في ضمن الواجب بل ينافيه.