فَصْلٌ
إِذَا قَالَ: إِذَا حَلَفْتُ بطَلاَقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ قُمْتِ طَلَقَتْ فِي الْحَالِ، لاَ إِنْ عَلَّقَهُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَنَحْوِهِ؛ لأَنَّهُ شَرْطٌ لاَ حَلِفٌ، وَإِنْ حَلَفْتُ بِطَلاَقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى طَلَقَتْ وَاحِدَةً، وَمَرَّتَيْنِ فَثِنْتَانِ، وَثَلاَثَاً فَثَلاَثٌ.
قوله: «إذا قال: إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال: أنت طالق إن قمت طلقت في الحال، لا إن علقه بطلوع الشمس ونحوه؛ لأنه شرط لا حلف» إذا قال لها: إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال: أنت طالق إن قمت تطلق؛ لأن قوله: «أنت طالق إن قمت» حلف.
وإذا قال: إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال: إذا طلعت الشمس فأنت طالق، لا تطلق؛ لأن قوله: «إذا طلعت الشمس فأنت طالق» شرط محض، فلا تطلق إلا إذا طلعت الشمس، وقد سبق أن تعليق الطلاق بالشروط ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ حلف محض.
2 ـ شرط محض.
3 ـ ما يحتملهما، أي: الشرطية واليمين.
فإذا قال: إذا طلعت الشمس فزوجتي طالق، فهذا شرط محض، فإذا طلعت الشمس تطلق.
وإذا قال: إن كلَّمتُ زيداً فزوجتي طالق، فهذا حلف محض، فلا تطلق، ولكن يكفر كفَّارة يمين.
وإذا قال: إن كلمت فلاناً فأنت طالق، فهذا يحتمل أن يكون شرطاً ويحتمل أن يكون يميناً، فإن قصد منعها فهو يمين، وإن قصد وقوع الطلاق عليها بتكليم زيد فهو شرط يقع به الطلاق.
وهذا الكلام من الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ يدل دلالة واضحة على أن ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله من أن الطلاق المعلق يُقصد به اليمين أحياناً، فيكون له حكم اليمين.
وعلى المذهب فيما إذا قال: «إن حلفتُ بطلاقك فأنت طالق، ثم قال: أنت طالق إن قمت» تطلق، وإذا قامت تطلق ثانية؛ لأن القِسْم السابق في تعليق الطلاق بالشروط بناء على القول الرَّاجح، وليس على المذهب؛ لأن المذهب يعتبرون كل الطلاق المعلق بالشروط شرطاً محضاً يوقعون به الطلاق، وهذا يدل دلالة واضحة على أن ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية هو الحق؛ لأنهم أقرُّوا بالتفريق بين اليمين والشرط.
قوله: «وإن حلفت بطلاقك فأنت طالق، أو إن كلمتك فأنت طالق وأعاده مرة أخرى طلقت واحدة» قال صاحب الروض[(1)]: «لأن إعادته حلف وكلام» فإذا قال: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق تطلق؛ لأن ما عُلِّق به الطلاق وجد.
وكذلك إذا قال: إن كلمتك فأنت طالق ثم قال: إن كلمتك فأنت طالق تطلق؛ لأنه كلمها بالكلمة الأخيرة؛ ولهذا لو قال: أردت التوكيد فإنه يقبل.
قوله: «ومرتين فثنتان، وثلاثاً فثلاث» إذا قال لها: إن كلمتك فأنت طالق لا تطلق، ثم قال: إن كلمتك فأنت طالق تطلق واحدة، ثم قال: إن كلمتك فأنت طالق تطلق ثانية، ثم قال: إن كلمتك فأنت طالق تطلق ثالثة؛ لأنه كلمها، وإذا قال رابعة: إن كلمتك فأنت طالق لا يقع عليها شيء؛ لأنها بانت بالثلاث.
ـ[1]الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/573).