مجاهد بن جبر
مقدمة:
التابعي وهو: كل من رأى الصحابي مؤمناً بالنبي ، وتابع التابعين هو: من رأى التابعي مؤمناً بالنبي صلى الله عليه وسلم
فالتابعون هم أفضل الخلق بعد النبيين والصحابة ,وقد أثنى الله عليهم في كتابه الكريم فقال:
-قال تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100]
-وقال
:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة:3]
-وقال
:{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا} [الحشر:10]
وفي السنة:
-في الصحيحين : عن (عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ – رضى الله عنهما – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم –
« خَيْرُ أُمَّتِى قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ »
-إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين " . رواه البيهقي "
فالتابعون وأتباعهم قد اختارهم الله تبارك وتعالى بعد الصحابة رضوان الله عليهم على علم لإقامة دينه، ونشر هدي النبي وتعليم الناس , فكان لهم الفضل على سائرالأمة إلى يوم الدين
,ومن هؤلاء التابعين الذين حرصوا على نشر العلم وبذله للناس مجاهد بن جبر
اسمه: مولى قيس بن السائب المخزومي
مولده ونشأته:
أخذ عن جماعة من الصحابة، ولزم ابن عباس مدة طويلة، وأخذ منه علماً غزيراً؛ حتى عُدّ من أعلم الناس بالتفسير , وكان له تفسير كثير لآيات الأحكام، وكان من أهل الفتوى في زمانه
حرصه على طلب العلم ونشره:
كان مشمّراً في طلب العلم، والإقبال على شأنه حتى وصف كأنّه رجل أضلّ دابّته فهو يطلبها، ونشر علم التفسير نشراً لم يبلغه غيره من التابعين
-محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال: (لقد عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم أنزلت، وفيم كانت؟). رواه الدارمي وابن جرير
-وقال ابن أبي مليكة: (رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباسٍ عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباسٍ: اكتب، قال: حتى سأله عن التفسير كله).رواه ابن جرير
-بقية عن حبيب بن صالح قال: سمعت مجاهدا يقول: (استفرغ علمي القرآن). ذكره الذهبي
ورعه :
كان يحذر الشهرة، ويجتهد في العبادة وفي نشر العلم؛ حتى بلغ علمه الآفاق
-قال منصور: قال مجاهد: (لا تنوهوا بي في الخلق)
تقييد أصحابه العلم عنه بالكتابة:
-فضيل بن مرزوق عن عبيدٍ المكتب، قال: «رأيتهم يكتبون التفسير عند مجاهدٍ» رواه الدارمي
وكان أصحاب مجاهد يكتبون عنه التفسير، وأوثق هذه الكتب وأجودها ما أملاه على تلميذه القاسم بن أبي بزّة
وفاته:
-قال الفضل بن دكين: (توفي مجاهد سنة اثنتين ومائة وهو ساجد)
وفي رواية عند ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل أنه مات وهو ساجد خلف المقام
مما روي عنه في التفسير:
-رقاء،
[ورقاء] عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال ابن عباس: «أمره أن يسبح، في أدبار الصلوات كلها»، يعني قوله: {وأدبار السجود} رواه البخاري
مما يستفاد في سيرته:
1-أهمية تقييد العلم بالكتابة:
ذلك أن أجود ما كتب من علم مجاهد هو ما أملاه على تلميذه القاسم بن أبي بزّة ,لحسن ضبطه وفهمه
,فكان بذلك للقاسم الفضل في نقل علم مجاهد إلى الآفاق.
*قال بعضهم: العلم صيد والكتابة قيد, فقيد صيودك بالحبال الواثقة ,فمن الحماقة أن تصيد غزالة ,وتتركها بين الخلائق طالقه
2-ثمرة العلم حسن العبادة:
لابد أن يرى على العالم أثر علمه في عبادته فكان رضوان الله عليه ورعا متواضعا متخفيا يهاب الشهرة وكان يقول (لا تنوهوا بي في الخلق , فأبى الله إلا أن يذاع صيته وتتناقل علمه الأجيال
خاتمة:
يتبين لنا من سيرة التابعي الجليل مجاهد أهمية تقييد العلم بالكتابة ,وأثر العلم على العبادة فينبغي أن يرى أثر العلم على صاحبه من ورع وتقوى وتواضع وزيادة في طاعة ,وتبين لنا حرص الصحابة والتابعين من بعدهم على نشر العلم
,فثناء الله تعالى ونبيه الكريم عليهم ليس من فراغ ,وإنما لأنهم حملوا الأمانة فأدوها وبلغوها فما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا بل بذلوا في سبيلها المهج والأرواح ,فكان لهم السبق والفضل على سائر الأمة من بعدهم
,رضوان الله عليهم أجمعين.