بسم الله الرحمن الرحيم
أجابات المجلس الحادي عشر: مجلس مذاكرة القسم الثالث من كتاب خلاصة تفسير القرآن
المجموعة الثانية:
السؤال الأول: بيّن أنواع القلوب المذكورة في القرآن وأنواع أمراض القلوب وأسباب صحتها.
أنواع القلوب المذكورة في القرآن وأمراضها وأسباب صحتها:
١- القلب الصحيح وهو السليم من جميع الآفات فقد صحت قوته العلمية وقوته العملية الارادية
[الإرادية] فهو الذي عرف الحق فأتبعه
[فاتّبعه] بلا تردد وعرف الباطل فاجتنبه بلا توقف.
٢- القلب المريض وهو الذي انحرفت إحدى قوتيه العلمية أو العملية أو كليهما فمرض الشبهات والشكوك الذي هو مرض المنافقين لما اختل علمهم وبقيت قلوبهم في شكوك واضطراب، ولم تتوجه إلى الخير، كان مرضها مهلكا ومرض الشهوات الذي هو ميل القلب إلى المعاصي مخل بقوة القلب العملية فمتى رأيت القلب ميالا إلى المعاصي سريع الانقياد لها فهو مريض، هو سريع الافتتان عند وجود أسباب الفتنة، كما قال تعالى:{فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}.
٣- القلب القاسي وهو الذي لا يلين لمعرفة الحق، وإن عرفه لا يلين للانقياد له، إما لقسوته الأصلية أو لعقائد منحرفة اعتقدها ورسخ قلبه عليها، وصعب عليه الانقياد للحق إذا خالفها، وقد يجتمع الأمران.
[ويقابل القلب القاسي القلب اللين]
واسباب صحة القلب من الران والأكنة والأغطية التي تكون على القلوب هي
الاخذ بطرق الهدابة التي يفتحها الله للعبد فإنه فإذا أعرض عن الحق وعارض الحق، وجاءه الحق فردَّه وفتح الله له أبواب الرشد فأغلقها عن نفسه عاقبه الله بهذا العمل بأن سدَّ عنه طرق الهداية التي كانت مفتوحة له ومتيسرة، فتكبر عنها وردَّها، فطبع على قلبه وختم عليه، وأحاطت به الجرائم ورانت عليه الذنوب وغطت قلبه، وجعلت بينه وبين الحق حجابا وأقفلت القلب.
ا
لسؤال الثاني: بيّن أقسام الناس في مواقفهم من الدعوة، وكيف يُعامل كلّ قسم.
أقسام الناس في مواقفهم من الدعوة وكيف يُعامل كل قسم:
١- المنقادون الملتزمون الراغبون في الخير فيكتفى ببيان الأمور الدينية لهم والتعليم المحض.
٢- الذين عندهم غفلة وإعراض والاشتغال بأمور صادة عن الحق فهؤلاء يدعون مع التعليم والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب.
٣- المعارضون أو المعاندون المكابرون والمتصدين لمقاومة الحق ونصرة الباطل فهؤلاء يجادلون بالتي أحسن حسب ما يليق بالمجادِل والمجادَل والمقالة وما يقترن بها.
ا
لسؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. الإسلام والإيمان
الاسلام هو استسلام القلب لله وإنابته والقيام بالشرائع الظاهرة والباطنة والإيمان هو التصديق التام والاعتراف بأصول الإيمان التي أمر الله بها ولا يتم ذلك إلا بالقيام بأعمال القلوب وأعمال الجوارح.
والفروق بينهما:
الإيمان عند الإطلاق يدخل فيه الإسلام وبالعكس .
إذا جمع بين الإيمان والإسلام فسر الإيمان بما في القلب من التصديق والاعتراف وما يتبع ذلك وفسر الإسلام بالقيام بعبودية الله الظاهرة والباطنة.
2. الفرح المحمود والفرح المذموم
الفرح المحمود في القرآن هو المأمور به مثل الفرح بالعلم والعمل بالقرآن والاسلام ومنه قوله تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] أو فرح بثواب الله مثل قوله تعالى {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 170]
الفرح المذموم مثل الفرح بالباطل وبالرياسات والدنيا المشغلة عن الدين مثل ثوله تعالى {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود: 10].
3. التوبة والاستغفار
التوبة هي الرجوع الى الله مما يكرهه الله ظاهرا وباطنا الى ما يحبه الله ظاهرا وباطنا ندما على ما مضى وتركا في الحال وعزما أن لا يعود.
الاستغفار هو طلب المغفرة من الله.
الفرق بينهما:
إذا اقترن بالاستغفار توبة فهو الاستغفار الكامل الذي رتبت عليه المغفرة.
إن لم تقترن به توبة فهو دعاء من العبد لربه فقد يجاب دعاؤه وقد لا يجاب .
الاستغفار بنفسه عبادة فهو دعاء عبادة ودعاء مسألة.
السؤال الرابع: أجب عما يلي:
ج - بيّن أنواع الهداية ودليل كل نوع.
أنواع الهداية:
النوع الأول: هداية الإرشاد والبيان والتعليم ودليله قوله تعالى {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
النوع الثاني: هداية التوفيق وجعل الهدى في القلب ودليله قوله تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء }.
هـ- ما فائدة النفي في مقام المدح؟
كل نفي في القرآن في مقام المدح له فائدتان:
١- نفي ذلك النقص المصرح به.
٢- إثبات ضده ونقيضه.
يدخل في هذا أشياء كثيرة أعظمها أن الله أثنى على نفسه بنفي أمور كثيرة تنافي كماله مثل نفي الشريك في مواضع متعددة فيقتضي توحُّده بالكمال المطلق،
ومنها أنه نفى عن القرآن الريب والعوج والشك ونحوها، وذلك يدل على أنه الحق في أخباره وأحكامه، فأخباره أصدق الأخبار وأحكمها وأنفعها للعباد
ومنها أنه نفى عن نبيه صلى الله عليه وسلم الضلال من جميع الوجوه، فقال {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 2 فنفى عدم العلم أو قلته أو نقصه أو عدم جودته والغيّ وهو سوء القصد، فيدل ذلك أنه أعلم الخلق على الإطلاق، وأهداهم وأعظمهم علما ويقينا وإيمانا، وأنه أنصح الخلق للخلق، وأعظمهم إخلاصا لله وغير ذلك من الامثلة.
ا
لسؤال الخامس: مثل لختم بعض آيات الأحكام بالأسماء الحسنى في مقام ذكر الحكم، وبيّن الحكمة منه.
بعض الأمثلة لختم بعض آيات الأحكام بالأسماء الحسنى وبيان الحكمة منها قوله تعالى:
- {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226 - 227] فيستفاد أن الفيئة يحبها الله، وأنه يغفر لمن فاء ويرحمه، وأن الطلاق كريه إلى الله، وأما المؤلي إذا طلق فإن الله تعالى سيجازيه على ما فعل من السبب، وهو الإيلاء، والمسبب، وهو ما ترتب عليه،
- {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] أي: فإنكم إذا علمتم ذلك رفعتم عنه العقوبة المتعلقة بحق الله.
السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. ورود الأمر باللين مع بعض الكفار في مواضع من القرآن والأمر بالغلظة والشدة في مواضع أخرى.
ورد الأمر باللين في مقام الدعوة للكافرين لما يترتب عليه من المصالح كما قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] كما أمر باستعمال الغلظة في موضعها. قال تعالى:{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التحريم: 9] لأن المقام هنا مقام لا تفيد فيه الدعوة، بل قد تعين فيه القتال، فالغلظة فيه من تمام القتال.
2. في مواضع من القرآن أن الناس لا يتساءلون ولا يتكلمون، ومواضع أخرى ذكر فيها احتجاجهم وتكلمهم وخطاب بعضهم لبعض.
الفرق بين المواضع التي ورد في القرآن أن الناس لا يتساءلون ولا يتكلمون، والمواضع التي ذكر فيها احتجاجهم وتكلمهم وخطاب بعضهم لبعض من وجهين :
١- تقييد هذه المواضع بقوله: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38]فإثبات الكلام المتعدد من الخلق يوم القيامة تبع لإذن الله لهم في ذلك، ونفي التساؤل والكلام في الحالة التي لم يؤذن لهم.
٢- ما قاله كثير من المفسرين: إن القيامة لها أحوال ومقامات، ففي بعض الأحوال والمقامات يتكلمون، وفي بعضها لا يتكلمون، وهذا الوجه لا ينافي الأول، فيقال: هذه الأحوال والمقامات تبع لإذن الله لهم أو عدمه.
السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}
تفسير قوله تعالى {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}
يبين الله تعالى في هذه الآية الحقوق الثلاثة: الحق المختص بالله تعالى ولا يصلح لغيره وهو قوله تعالى {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} والحق المختص بالرسول صلى الله عليه وسلم وهوالتعزير والتوقير في قوله تعالى {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} والحق المشترك بينهما في قوله تعالى {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
والله أعلم.