أدوات الاستثناء
أدوات الاستثناء متعددة منها حروف، وأسماء، وأفعال.
- فمن الحروف: "إلا" وهي أشهر أدوات الاستثناء وأكثرها استعمالاً.
- ومن الأسماء: "غير"، و"سِوَى".
- ومن الأفعال: "ليس"، و"لا يكون".
- ومن الأدوات ما يكون حرفاً تارة، ويكون فعلاً تارة أخرى بحسب الاستعمال، وهي: "خلا" و"عدا" و"حاشا"؛ فإذا كانت حروفاً جرَّت ما بعدها، وإذا كانت أفعالاً نصبت ما بعدها.
ويتعيَّن كون "خلا" و"عدا" أفعالاً إذا سُبقتا بـ"ما" المصدرية.
1: "إلا"، وقد تقدّم الحديث عنها مفصَّلاً.
2: "غير" وهي ملازمة للإضافة، والمستثنى بها مجرور بالإضافة، كما في قول الله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلامِ ديناً فلن يُقبل منه} ، وقوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم}.
وتُعرب "غير" بما يُعرب به المستثنى مع "إلا" سواء بسواء، وسبيل ذلك أن تقدّر "إلا" مكان "غير" فتنظر فيما يُعرب به المستثنى بإلا فهو ما تُعرب به "غير".
- إذا قيل: قام القوم إلا زيداً، فيقال: قام القول غيرَ زيد، بنصب "غير".
- وإذا قيل: ما قام القوم إلا زيدٌ وإلا زيداً، فيقال: ما قام القوم غيرَ زيدٍ، وغيرُ زيد.
- وإذا قيل: ما قام إلا زيدٌ، فيقال: ما قام غيرُ زيدٍ.
قال ابن مالك:
واستثن مجروراً بغيرٍ معرباً ... بما لمســـــتثنى بإلا نُسبا
3: سوى، وفيها لغات: سُوى، وسَوَاء، وسِواء، وهي ظرف بمعنى "مكان" أو "بدل" يجرّ المستثنى بالإضافة، تقول: قام القوم سوى زيدٍ؛ فزيد مستثنى مجرور بالإضافة.
ولم ترد "سوى" الاستثنائية في القرآن، ووردت في السنة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من حلف بملة سوى الإسلامِ كاذبا؛ فهو كما قال)). رواه مسلم من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه.
وقال قيس لبنى:
وكل مصيبات الزمان رأيتها ... سوى فُرقةِ الأحباب هيّنةَ الخَطْبِ
4: حاشا، وفيها لغتان: حَشَى، وحاش، وقد تُرسم "حاشى" على الأصل.
وتأتي فعلاً وحرفاً؛ فإذا نصبت المستثنى فهي فعل، وإذا جرَّته فهي حرف.
قال عبيد الله بن عمر بن الخطاب:
أنا عبـــيدُ الله سمَّــــــــــــــــــــــــــاني عمر
خير قريـــش من مضى ومن غبر
حاشــا نبيَّ اللهِ والشــــــــــيخَ الأغرّ
يريد بالشيخ الأغرّ أبا بكر الصدريق رضي الله عنه.
وقال عمر بن أبي ربيعة:
حشَى رَهْطِ النَّبِي فإنّ مِنْهُم ... بُحوراً لَا تكدرُها الدَّلاَءُ
وقد اختلف في رواية بيت الجميح الأسدي:
حاشى أبا ثوبان إنَّ أبا ... ثوبان ليس ببكْمةٍ فَدْمِ
فرواه الأصمعيّ في الأصمعيات بالنصب، ورواه المفضّل الضبيّ في المفضّليات بالجرّ "حاشى أبي ثوبان"
- قال أبو بكر الأنباري: (معنى "حَاشَا" فِي كَلَام الْعَرَب: أَعْزِلُ فلَانا من وصْفِ الْقَوْم بالحَشَا، وأعْزِلُه بناحيته وَلَا أُدْخِلُه فِي جُمْلتهم، وَمعنى الحشا النَّاحِيةُ وَأنْشد:
وَلَا أُحَاشِي من الأَقْوَامِ مِنْ أَحَدِ).
وقد اختلف في دخول "ما" على حاشا؛ فمنع منه سيبويه ، وأجازه آخرون واستدلوا له بقول الأخطل:
رأيت الناس ما حاشا قريشاً ... فإنا نحن أكثرهم فعالا
ولم ترد "حاشا" الاستثنائية في القرآن، وإنما وردت "حاشا" التنزيهية، وذلك في موضعين في سورة يوسف:
أحدهما: قول الله تعالى: {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)}.
والآخر: قول الله تعالى: {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ}.
و"حاشا" الاستثنائية فيها شوب معنى "حاشا" التنزيهية، فتعني تنزيه المستثنى وتبرئته عما نسب إلى المستثنى منه.
5: خلا، وهي أداة استثناء تكون حرفاً، وتكون فعلاً.
- فإذا كانت حرفاً جرَّتِ المستثنى، كقول الفارعة بنت معاوية القشيرية في يوم النِّسَار:
وفرّت كلابٌ على وجهها ... خلا جعفرٍ قبلَ وَجْهِ النَّهار
شفى الله نفسيَ من معشرٍ ... أضاعوا قُدامة يومَ النسار
- وإذا كانت فعلاً نصبت المستثنى، كما في قول النابغة الجعدي يصف حصاناً:
أغرٌّ قسَاميٌ كُمَيْتٌ محجَّل ... خلا يَدَهُ اليُمْنَى فتحجيله خسا
وإذا سبقتها "ما" تعيّن أن تكون فعلاً، كما قال لبيد:
ألا كلّ شيء ما خلا اللهَ باطلُ ... وكلّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ
ولم ترد "خلا" الاستثنائية في القرآن.
6: عدا، والكلام فيها كالكلام في "خلا"
- تجرّ المستثنى إذا كانت حرفاً ، كما في قول الشاعر:
أبــحنـــــا حيــَّهم أسرًا وقــــتـــــلًا ... عـدا الشمطاءِ والطفلِ الصغيـر
- وتنصبه إذا كانت فعلاً، كما في قول الشاعر:
يا من دحا الأرض ومن طحاهـــا ... أنزل بهـــــم صــــاعــــقة أراهـــــــــــــــا
تحـــرِقُ الأحشــــــــــاءَ مـــــــن لظاهــــــــا ... عــــــــدا سُلـــيمَى وعـــــدا أباهــــــا
فنصبت "عدا" "سليمى" بفتحة مقدرة، ونصبت "أباها" بالألف.
- وإذا سُبقت "عدا" بـ"ما" المصدرية تعيّنت أن تكون فعلاً، كما في قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (الكلالة ما عدا الولدَ والوالدَ).
ولم ترد "عدا" الاستثنائية في القرآن.
7: ليس، ومن معانيها الاستثناء، وهي فعل ينصب المستثنى، ومنه حديث رافع بن خديج رضي الله عنه مرفوعاً: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن والظفر)).
ولم ترد "ليس" الاستثنائية في القرآن.
8: لا يكون، وهو فعل استثناء ينصب المستثنى، ومنه قول ابن عمر رضي الله عنهما: (وإنَّ من أعظم الغدر لا يكون الإشراكَ بالله تعالى أنْ يبايعَ رجلٌ رجلاً على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته). رواه أحمد.
ولم يرد في القرآن استثناء بـ"لا يكون".