المجموعة الرابعة:
1. الإيمان باليوم الآخر من أصول الإيمان؛ تحدّث عن هذا الأصل بإيجاز مبيّنا تقرير أدلّته وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.
(الإيمان باليوم الآخر ) هو :
التصديق الجازم بإتيان ووقوع كل ما أخبر الله عنه في كتابه و أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ، ويدخل في ذلك الإيمان بعلامات الساعة التي تكون قبلها ، وبالموت وما يصاحبه من أحوال الاحتضار وما بعده من فتنة القبر وعذابه ونعيمه ، وبالنفخ في الصور والبعث ، وما في موقف القيامة من الأهوال ، وتفاصيل الحشر والحساب ، وبالجنة ونعيمها الذي أعلاه النظر إلى وجه الله عز وجل ، وبالنار وعذابها الذي أشده حجبهم عن ربهم عز وجل . والعمل بمقتضى هذا الاعتقاد .
أدلته الإيمان باليوم الآخر:
الإيمان باليوم الآخر دل عليه القرآن والسنة النبوية.
والقرآن كله من فاتحته إلى خاتمته مملوء بذكر أحوال اليوم الآخر، وتفاصيل ما فيه، وتقرير ذلك بالأخبار الصادقة والأمثال المضروبة للاعتبار والإرشاد.
1- كثرة ذكره في القران والسنة
قلماتخلو سورة من سور القرآن عن التحدث عنه وتقريبه إلى الأذهان وقد استعمل القران في ذلك أساليب شتى بشتى
ضرب الأمثال ؛ إقامة للحجة والبرهان .. ؛الاستدلال بالنشأة الأولى، خلق السموات والأرض؛ وإحياء الأرض بعد موتها - على الإعادة ؛ ذكر قصص إحياء الموتى أمر نبيه بالإسقام على وقوعه إلى ذلك من المسالك التي سلكها القرآن الكريم ...
أولاً: الإقسام على وقوع البعث:
قال الله تعالى آمراً نبيه أن يقسم بربه على أن البعث حق لا ريب، وأنه لا بد من وقوعه، ومحاسبة أولئك المكذبين الجاحدين له، وأن ذلك لا يعجز الله تعالى؛ بل هو عليه يسير: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [التغابن: 7]،
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: 3]،
﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [يونس: 53].
.
ثانياً: التنبيه بالنشأة الأولى على النشأة الثانية:
{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)} [الروم: 27]
{ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [الروم: 11]
قال تعالى: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا *قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا*أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا* يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 49-52]..
﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ*وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ*قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾ [يس: 77 - 80]
، ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: 104].. ﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا* أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا﴾ [مريم: 66، 67].
يوضح سبحانه لعباده أنه كما أنشأ الخلق أول مرة وأوجدهم من العدم ، لا يعجزه أن ينشئهم مرة أخرى، ومعلوم أن النشأة الأخرى تكون أهون من النشأة الأولى.
ثالثاً: التنبيه بخلق السموات والأرض على إحياء الموتى أو النظر في مخلوقات أكبر وأعظم من خلق الإنسان:
قال تعالى : ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأحقاف: 33]..
﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [غافر: 57].
إذا كان خلق السموات والأرض أعظم من خلق الإنسان فيكف يكون خلق ما هو دون ذلك و هو الإنسان مستحيل
رابعاً: التنبيه بإحياء الأرض بعد موتها على إحياء الموتى:
قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ*ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحج: 5-6]،
﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الروم: 50]،
وغيرها من الآيات الكثيرة التي يقرن الله بين إحياء الأرض وإحياء الموتى؛ وأن من قدر على إحياء هذه قادر على إحياء هذه: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [الروم: 19].
خامساً: إحياء الموتى في الدنيا ليكون دليلاً على البعث في يوم القيامة..
وقد حصل ذلك في عدة آيات في القرآن الكريم:
1-قصة العزيز المار على تلك القرية:
2-طلب إبراهيم من ربه مشاهدة إحياء الموتى
-3موت بني إسرائيل الذين تنطعوا في إيمانهم، واشترطوا لذلك أن يروا ربهم؛ فأخذتهم الصاعقة، ثم بعثهم الله ليريهم قدرته
-4 قتيل بني اسرائيل
-5 القوم الذين نزلوا في ديارهم وباء فخرجوا من ديارهم وهو ألوف حذرا من الموت
فأماتهم الله ثم أحياهم
الرد على من أنكره
انعقد الإجماع على إثبات البعث، كما أجمع علماء هذه الأمة على تكفير منكري البعث، وقد حكى هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم..وفي إنكار البحث عدة محاذير
-إنكار البعث يناقض الإيمان، وينافي تصديق القلب وإقرار اللسان.
- إنكار البعث تكذيب تعطيل لصفات الباري سبحانه وتعالى
- إنكار البعث تكذيب ظاهر لآيات القرآن الصريحة في إثبات البعث،
-إنكار البعث تكذيب رد للأخبار الصحيحة في وقوع البعث،
-إنكار البعث تكذيب لما اتفقت عليه دعوة الرسل عليهم السلام. ونزلت به الكتب السماوية
وكما ذكر القرآن الأدلة عليه، رد على منكريه، وبين كذبهم وافتراءتهم.وفند شبههم
ثمرات الإيمان باليوم الآخر :
1 : الرغبة في فعل الطاعات والحرص عليها رجاء ثواب ذلك اليوم .
2 : الرهبة من فعل المعصية والرضى بها خوفا من عقاب ذلك اليوم .
3: تسلية المؤمن عما يفوته من النعيم في الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها .
4 : الاهتمام بأمْر القبر وأحوال البرزح ؛ والسعي في نيل أسباب السعادة فيه.
5: بقدر ما يقوى استحضار يوم الآخر في القلب بقدر ما تهون الدنيا
6: الإيمان باليوم الأخر من أعظم ما يسهل الإخلاص في العمل ودفع الرياء
2. من أصول موضوعات القرآن الحثّ على أداء حقّ الخالق جل وعلا وأداء حقوق المخلوقين؛ تحدّث عن هذا الأصل مبيّنا أدلته وفوائده
جاءت الشريعة بالحث عن المحافظ على الحقوق و التأكيد على وجوب إعطاء كل ذي حق حقه
والحقوق الواجب على العبد المؤمن المكلف ثلاث: حق الله ؛ حق العباد ؛ حق النفس.
الأول: حق الله على العباد
قال تعالى :{ { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } [النساء: 36]
وقال {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [الإسراء: 23]
قال تعالى :{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)} [الفرقان: 64، 65]
حق الله .. أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا.. وهذا سمي حقاً، لأنه حتم لازم واجب على العبد تجاه ربه جل وعلا.
والعبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال و الأعمال الظاهرة و البطانة
و لا يكفي فقط العبادة لأن الكفار كانوا يصرفون شيئا من العبادة لله تعالى لكنهم يشركون معه غيره، ولذلك لابد من عبادة الله تعالى مع عدم إشراك غيره معه.
لا يشركون به شيئا لا شرك أكبر ولا شكر أصغر ولا شر خفي بل يجب إفراد الله بالعبادة و الخضوع والذل و المحبة والتعظيم و التعلق و أن يقدم طاعته على طاعة مخلوق مهما كان إذا تعارضا وغير ذلك من مفردات العبادة
من حق لله يفرد بالخوف من عقابه والرغبة في ثوابه .
ثانيا: حق العباد
وأعظم حق يجب على العبد المؤمن القيام به بعد حق الله حق الوالدين
قال تعالى : {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) } [الإسراء: 23 - 25]
{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]
من أعظم حقهما الإحسان إليهما؛بل هو واجب للأمر به ؛ فيشمل كل ما يدخل في حد الإحسان ..كالقول الكريم الطيب و الفعل الحسن و كالقيام بطاعتهما و الإنفاق عليهما و يجب الحذر و اجتناب كل ما يخالف الإحسان.بل يحرم ضد الإحسان الأمر بالشيء نهي عن ضده ويدخل فيه معصيتهما والإساءة لهما و عقوقهما.. وكذا ترك الإحسان وترك الإساءة .لان فاعل ذلك لم يمتثل أمر الآية وهو القيام بالإحسان
ومن الإحسان لهما الدعاء لهما ...وتذكر ما بذلوه من جهد ووقت ومال في التربية وتعليم أبنائهم
حق الأقارب : ...الأقرب فالأقرب قال تعالى :{وَبِذِي الْقُرْبَى } [النساء: 36]
يجب الإحسان إليهم وصلتهم وتفقد حاجاتهم ومطالبهم.
حق الأبناء
{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا } [الإسراء: 31]
هو أن ينفق عليهم من ماله ولا يقتلهم خشية الإنفاق
حق الفقراء و المساكين :
قال تعالى :{ {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ } [الإسراء: 26]
{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء: 28]
الفقراء والمساكين لهم حق على المؤمنين؛ حتى أن الله جعل لهم حق في مال المؤمنين..فيجب سد حاجاتهم و إعطاءهم ما يكفيهم ويصون ماء وجههم عن السؤال ..وعليه أن يحسن لهم القول والفعل وإن سألوه شيئا من ماله وهو لا يجد ما يعطيهم أن يردهم بلطف و رفق .
حق ملك اليمين
قال تعالى :{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [النساء: 36]
من حقوقهم القيام بكفايتهم، وأن لا يحملوا ما لا يطيقون، وأن يعاونوا على مهماتهم، وأن يقام بتقويمهم وتأديبهم النافع.
حق اليتامى
{وَالْيَتَامَى} [النساء: 36]
{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } [الإسراء: 34]
من حقوقهم العطف و الحنو عليهم والإحسان إليهم، وكفالتهم وجبر خواطرهم وتأديبهم، وأن يربوهم أحسن تربية كما يربون أولادهم، سواء كان اليتيم ذكرا أو أنثى، قريبا أو غير قريب.
والمحافظ على أموالهم فلا يجوز أكلها بغير حق
حق المسلمين عموما
حق في أعراضهم قال تعالى :{ {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [الإسراء: 32].. .. على المؤمن أن يحفظ المؤمنين جميعا في أعراضهم فلا يجوز له أن يزنى بنسائهم.
حق في نفوسهم : فلا يحل له الاعتداء عليهم و قتل النفس المعصومة إلا بحقها .{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } [الإسراء: 33]
*حقهم في عدم التكبر عليهم والبخل عليهم بالمال و العلم و التعليم ونفعهم بما يقدر عليه
حقهم في المعاملة معهم..فلا يخشهم ولا يكذب عليهم في بيع ؛ وشراء؛ و نكاح وغير ذلك من أنواع المعاملات ؛يعاملهم بالتي هي أحسن كما يحب أن يعاملوه هو ..وأيضا يوفي بعهدهم
{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [الإسراء: 34، 35]
حق الغريب
{وَابْنِ السَّبِيلِ} [النساء: 36]
وهو الغريب في غير بلده، سواء كان محتاجا أو غير محتاج، فحث الله على الإحسان إلى الغرباء، لكونهم في مظنة الوحشة والحاجة، وتعذر ما يتمكنون عليه في أوطانهم، فيتصدق على محتاجهم، ويجبر خاطر غير المحتاج بالإكرام والهدية والدعوة والمعاونة على سفره.
حق الجار
قال تعالى:{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ } [النساء: 36]
على العبد القيام بحق جاره مطلقا، مسلما كان أو كافرا، قريبا أو بعيدا، بكف أذاه عنه، وتحمل أذاه، وبذل ما يهون عليه ويستطيعه من الإحسان، وتمكينه من الانتفاع بجداره، أو طريق ماء على وجه لا يضر الجار، وتقديم الإحسان إليه على الإحسان على من ليس بجار، وكلما كان الجار أقرب بابا كان آكد لحقه، فينبغي للجار أن يتعاهد جاره: بالصدقة والهدية والدعوة واللطافة بالأقوال والأفعال؛ تقربا إلى الله وإحسانا إلى أخيه صاحب الحق.
3. فسّر قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ...} الآية مبيّنا دلالة هذه الآية على فضل صلاة الجمعة وآدابها وأحكامها ومقاصد تشريعها.
قال الله تعالى "{ . يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) }
-أمر الله عزوجل عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة إليها حين ينادي لها....فاهتموا بها وانشغلوا بالاستعداد لها ؛ واتركوا كل ما يشغلكم عنها من بيع أو تجارة وصناعات أو معاملات و غير ذلك ؛ واعلموا أن اهتمامكم بهذه الصلاة وحضورها وترك البيع والشراء ؛و امتثال أمر الله عموما واجتناب نهيه يحصل لكم خيري الدنيا والآخرة..خير لكم من المال و الكسب الذي ترجونه من التجارة أو البيع وقت الصلاة وهذا مما يدل على فضيلة هذه الصلاة..ومما يدل أيضا على فضلها أن الله أمر بالاهتمام بها وترك كل ما يشغل عنها..
ثم أباح الله لبعاده السعي في الأرض لطلب المعاش والأرزاق بعدما كان قد نهوا عنه وقت الصلاة فقال تعالى:{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)}
أي إذا فرغتم من أداء الصلاة فتفرقوا في الأرض لمتابعة أعمالكم ومصالحكم الدنيوية التي فيها معاشُكم ، واطلبوا الربح واكتساب المال والرزق ، من فضل الله - تعالى - ومن فيض إنعامه
...اطلبوا من فضلِ الله ما تشاءون من خَيري الدنيا والآخرة . فإذا كان الله هو الذي يمن عليكم من فضله وواسع رزقه فليكن منكم الاستعانة والتوكل في طلب المعاش
واذكُروا الله بقلوبكم وألسنتِكم كثيراً ، لعلّكم تفوزون بالفلاح في الدنيا والآخرة.
فإن من داوم على ذكر الله عزوجل واستحضر عظيم سلطانه وجميل إحسانه و شديد عقابه وكان ذلك حاضر القلب لا يغيب . فهذا حري به أن تتماسك أقواله وأفعاله ، وتتوازن خطواته..فلا يغش في كيل ولا وزن ولا يغير سلعة بأخرى ، ولا يكذب في مساومة ، ولا يحلف كذبا ، ولا يخلف موعدا
ثم قال تعالى :{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) }
وإذا رأى أولئك القوم الذين كانوا معك وقت قيامك للخطبة للجمعة عير تجارة أو لهوا خرجوا يطلبون ما فيها من خير حتى إنهم تركوك وأنت قائم تخطب؛ فقل لهم يا محمد عليه الصلاة والسلام - مبينا خطأ ما عملوا : ما عند الله مما ينفعكم في الآخرة خير لكم مما يفيدكم في الدنيا من التمتع بخيراتها ، وكسب لذاتها ، فتلك باقية ، وهذه فانية ..وبين لهم أن ليس الصبر على طاعة الله مفوتًا للرزق ، وذكرهم أن الرزق من عند الله وهو خير الرازقين ، عند رزق الدنيا والآخر ...فمن اتقى الله رزقه من حيث لا يحتسب .
ومما يدل على عظيم فضل صلاة الجمعة : أن في الآيات أمر لجميع المسلمين وأهل الإيمان بمجرّد سماعهم لأذان الجمعة أن يسرعوا إليها ويتركوا الكسب والعمل ، وكلّ ما من شأنه أن يزاحم هذه الفريضة ، إلى الحدّ الذي نهتهم عن الذهاب إلى تلك القافلة رغم حاجتهم الماسّة إلى ما فيها من طعام إذ كانوا يعيشون القحط والمجاعة . ودعتهم إلى الاستمرار في صلاة الجمعة حتّى النهاية .
أحكام و آداب صلاة الجمعة
- مشروعية النداء للصلاة يوم الجمعة لقوله {. إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: :}
-صلاة الجمعة فريضة على المؤمنين لأن الله أمر بالسعي لها { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ و
- السعي والمبادرة إليها و الإقبال على أدائها والتأهب لها والانشغال بها.
-ترك الاهتمام و الانشغال بكل ما يشغل ويصرف عنها من المعاملات والتجارات و غير ذلك لان الله نهى عن البيع والشراء بعد النداء للجمعة
- قوله تعالى { إذا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ..} علق الأمر بالسعي إلى الجمعة بسماع النداء فدل ذلك أن من الصلاة الجمعة واجبة على من سمع النداء أو كان في موضع يمكن أن يسمعه .أما من كان بعيدا بحيث لا يمكنه سماع النداء فلا تجب عليه
- وجوب إتمام أداءها ويحرم الانصراف و الخروج قبل انتهاء الإمام والانصراف من الصلاة ..
-تحريم البيع والتجارة بعد النداء للجمعة
- مشروعية الخطبة يوم الجمعة دل عليه قوله تعالى : { فاسعوا إلى ذكر الله } حيث أمر بالسعي إلى الذكر ولم يقل: إلى الجمعة ولا لها . دل ذلك أن قبل الجمعة ذكرا ، يجب الاستماع إليه والسعي إليه . فدل هذا على فرضية الخطبة .
- وجوب الاستماع للخطبة يوم الجمعة والنهي عن الكلام والانشغال عنها
دل ذلك قوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} أمر الله بالسعي إلى الخطبة و الصلاة ، وترك الشراء والبيع . مما يدل على وجوب الاهتمام بشأن الخطبة والصلاة وترك كل ما يشغل عن تحقيق هذا المقصد من بيع أو لهو أو كلام أو غير ذلك.. والكلام من جملة ما يشغل عن الخطبة فهو منهي عنه .
-ومن أحكام الجمعة انعقادها بجماعة..{.. :{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا.} فيه دلالة أنهم كانوا جماعة....
- الإمام يخطب يوم الجمعة لقوله تعالى «قائماً » .
من مقاصد آيات الجمعة
- تدريب النفس على تقديم طاعة الله عزوجل و أوامره على شهواتها و رغباتها .
- اختبار ميزان الإيمان..لأن من قدم أمر الله على هواه كامن ذلك دليل على صدق رغبته فيما عند الله
- سمو شريعة الإسلام ، و سماحتها ويسرها ، فقد جمعت بين مطالب الدنيا ومطالب الآخرة .قال تعالى : { فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِي الأرض . . }
-تنظيم أوقات الناس في بيان أن هناك وقت عباده خالص لله لا يصلح أن يشارك فيه معاملة مع الناس؛ وأن هناك وقت آخر للمعاملة مع الناس مع بقاء ذكر لله عزوجل
-عباده الله وذكره والثناء عليه واستحضار شرائعه لابد أن تكون في كل وقت وفي كل أحوال العبد لا تنقطع..
- تعليم الناس وتدريبهم على الاجتماع والائتلاف و الخضوع لإمام واحد يكون قائدا لهم
. وهو سبيل وطريق لتوثيق الإتّحاد والانسجام بين المسلمين...والتعاون وتشاور لحل المشكلات التي تواجه المجتمع المسلم المتعلقة بالدين أو الدنيا
4. عدد سبع فوائد من تفسير آيات فرض الحجّ.
قال تعالى :
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) } [البقرة: 196]
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)} [البقرة: 197]
{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)} [البقرة: 198]
{إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران: 96، 97]
الفوائد
- من شرع فيها الحج وجب عليه أتمامه سواء كان ذلك فرضا أو نفلا لقوله تعالى { {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ..}.فلا يخرج من ذلك إلى الحصر
-لا يجب الحج على المكلف إلا بتحقق الاستطاعة
- أشهر الحج معلومات فلا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره ولا بعدها
- يجب تعظيم الإحرام بالحج و تعظم مناسك الحج ؛ فليتحل الحاج بتقوى الله عزوجل ويترك الفسوق والجدال و الرفث في أيام الحج
- واجبات الحج لا تسقط إلا بفدية.وكذا محضورات الحج من اقترفها فعليه الفدية
- معرفة الله بأسمائه وصفاته توجب تقواه {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
- من أكبر نعم الله على عبده أن بمن عليه بالهداية التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح. فذلك يستوجب كثرة شكر الله عزوجل وذكره والثناء عليه { وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ..}
....والحج من نعم التي هدى الله عباده إليه فليحرص العبد على الإكثار من ذكره في أيام الحج والثناء عليه و ليبتعد عمن يشغله عن ذلك.
- على الحاج أن يأخذ الزاد معه في الحج حتى يستغني عن التطلع إلى ما في يد الناس ويصون ماء وجهه من السؤال