المجموعة الأولى:
س1: فسر قوله تعالى: {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}.
قوله: (تمت) كملت فهي تامة كاملة.
قوله: (كلمة): أي كلام الله سبحانه, المراد هنا أمره ونهيه ووعده ووعيده .
قوله: (صِدْقًا): أي صدقا في الإخبارِ، وعدلا في الأحكام, فكل ما جاء من أخبار منه -سبحانه- فهو صدق لا شك فيه ولا ريب, كما قال تعالى:{ومن اصدق من الله حديثا}, وكل أحكامه عدل, فأوامره تكون الحكمة والصلاح باتباعها, ونواهيه تكون الحكمة والصلاح في اجتنابها كما أمر.
وكلمات الله نوعان:
كلمات كونية: وهذا كما في قوله تعالى في هذه الآية, وكقول النبي عليه الصلاة والسلام:((أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لاَ يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فَاجِرٌ))، لأن كلماته الكونية لا يقدر أحد على مجاوزتها وهي واقعة لا محالة.
الكلمات الشرعية: وهي القرآن والأمر والنهي المتعلق بالشرع.
قوله: (لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ): أي ليسَ لكائن مهما كان أن يغير أو يعقب أو يراجع حكم من أحكام الله لا في الدنيا ولا في الآخرة.
قوله: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ): الذي وسع سمعه جميع الأصوات, وأحاط علمه بعالم الغيب وعالم الشهادة, وعلم الظاهر والباطن {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}.
س2: هل معية الله عز وجل تتنافى مع استوائه على العرش؟
قال تعالى:{هُوَ الَّذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ في الأَرْضِ ومَا يَخْرُجُ مِنْها وَمَا يَنْزِلُ مِن السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فأخبر سبحانه بأنه معنا, والمعية في الآية هي المعية العامة وهي معية الصفات, معية العلم والإحاطة والقدرة, وكلمة (مع) في اللغة لا تقتضي المخالطة, فيقال: سرت والقمر معي, وكقوله تعالى:{اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}.
لذا فسر السلف المعية في الاية بالعلم, كما قال ابن عباس وغيره:(وهو معهم بعلمه), فالآية افتتحت بالعلم وختمت به.
وقد أخبرَنا سبحانه في هذه الآيةِ وفي غيرِها بأنه مع خلقه مع كونه مستو على عرشه, وقرن بين الأمرين في الآية.
س3: ينقسم التنزيل إلى ثلاثة أقسام، ما هي؟
الأول: إنزال مطلق كما في قوله تعالى: {وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ}.
الثاني: إنزال مقيد بأنه من السماء, كما في قوله: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّماءِ مَاءً طَهُورًا}.
الثالث: إنزال من الله وهذا كما في قوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ}.
ففرق بين النزول من السماء والنزول منه, وذكر بأن القرآن منزل منه، وحكم المجرور ب(من) هنا هو حكم المضاف.
والإضافة إلى الله نوعان:
إضافة أعيان: وهي من باب إضافة المخلوق إلى خالقه, ك(بيت الله) و (ناقة الله).
إضافة معاني: وهي من باب إضافة الصفة إلى الموصوف, ك(قدرة الله) و (علم الله), وهكذا حكم المجرور ب(من), فيكون إضافة القرآن إليه-سبحانه- من باب إضافة الصفة إلى الموصوف لا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه كما زعمت المعطلة.
س4: كيف ترد على من زعم أن السماء تحوي الله عز وجل؟
قال تعالى:{هُوَ الَّذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ} دلت الآية على أن الخلق غير المخلوق, فالله سبحانه هو الخالق لمخلوقاته ومنها السموات والأرض, ونفسَ خلقِه السموات والأرض غير السماوات والأرض, وهو خلقها ولم يخلقها في ذاته بل خارجا عنها ثم بان عنهم بعد استوائه على العرش سبحانه, فهو بائن من خلقه مستو على عرشه لا تحويه مخلوقاته تعالى وتقدس سبحانه.
س5: بين عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة القدم والرجل.
القد والرجل من صفات الله الذاتية الخبرية, كما جاء في الحديث المتفق عليه:(لا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيها وَهِيَ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيْدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ العِزَّةِ فِيها رِجْلَهُ [ وفي روايةٍ: قَدَمَهُ ] فَيَنْزَوِي بَعْضُها إِلى بَعْضٍ، فَتَقولُ: قَط قَط), أهل السنة والجماعة يثبتون صفة القدم والرجل لورودها في النصوص, فالمعنى معلوم, والإيمان بها واجب والكيفية مجهولة لا تدرك بالعقول والسؤال عن الكيفية بدعة.
فمن خاض في الكيفية فقد ضل وزاغ, ومن أنكرها فقد عطل الله عما أثبته لنفسه المقدسة من صفات, فهو سبحانه:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.