دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 شوال 1440هـ/18-06-2019م, 05:24 PM
شادن كردي شادن كردي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 384
Post

بسم الله الرحمن الرحيم
أسلوب الحجاج

قال الله تعالى في سورة المنافقون :
((هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لايفقهون (7)يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون (8))
سورة المنافقون سورة عظيمة بينت بجلاء أحوال كثير من المنافقين وبينت صفاتهم وأحوالهم ودخائل نفوسهم
والمنافقون : جمع منافق وهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر
فذكر الله سبحانه في هذه الآيات بعضا من أقوالهم الباطلة التي أرادوا بها الكيد للدين
بدأت الجملة بالاستئناف وبينت قولهم وعبر الله عنهم بالضميرالظاهر(هم )
معاملة لهم بنقيض قصدهم حيث أسروا الكيد ففضح الله أمرهم ،وبينه وعرفهم به ،
(يقولون ) بصيغة المضارع دلالة تكرر القول منهم
(لاتنفقوا على من عند رسول الله ) أي على الصحابة من فقراء المهاجرين المجتمعين حول النبي صلى الله عليه وسلم
يريدون إظهار الرفق بالنبي صلى الله عليه وسلم من كلفة الإنفاق على الأعراب
(حتى ينفضوا )
أي حتى يتفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مرادهم الباطن إبعاد الصحابة وتفرقهم عن رسول الله
فعطف الله عليها بقوله سبحانه : (ولله خزائن السموات والأرض )ردا عليهم بطريقة النقض لكلامهم إبطالا لمكرهم
بأن خزائن السموات والأرض أي مقار حصول الأرزاق في السموات والأرض ملك لله بيده سبحانه وهو المتصرف فيها
(ولكن المنافقين لا يفقهون )
لا يعلمون حقائق الأمور

وطريقة النقض أن ينقض الكلام بما يبين خطأ كلامهم إذ ظنوا أن الرزق منهم وأن السبب في اجتماع المسلمين هي أموالهم فرد الله تعالى بالنقض لكلامهم أن الله هو الرزاق لهؤلاء وأن خزائن الأرزاق بيد الله وهو يوسع على المؤمنين يؤتي رزقه من يشاء ويمنعه عمن يشاء وليس بيدهم ولا تحت مشيئتهم.

(يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون (8))

سبب نزول هذه الآية : عن زَيدِ بنِ أرْقَمَ قالَ: كنتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزوةٍ، فقالَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ: لئنْ رَجَعْنَا إلى المدينةِ ليُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنها الأذَلَّ. قالَ: فأَتيتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَخْبَرْتُه. قالَ: فحَلَفَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ: إنَّه لم يَكنْ شيءٌ مِن ذلك. قالَ زيدٌ: فلاَمَنِي قَوْمِي، وقالوا: ما أَرَدْتَ إلى هذا؟! قالَ: فانْطَلَقْتُ فنِمْتُ كَئيباً حَزيناً. قالَ: فأرسَلَ إليَّ نبيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: (إِنَّ اللهَ أَنزَلَ عُذْرَكَ وَصَدَّقَكَ. قالَ: وأَنْزَلَ هذه الآيةَ
وتبدأ الآية بذكر مقولة ثانية من مقالاتهم الفاسدة بصيغة المضارع كسابقتها استحضارا لحالهم العجيبة (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة )
وهذا بعد غزوة المريسيع (ليخرجن الأعز منها الأذل )
وأراد عبدالله بن أبي بالأعز نفسه ومن معه
والعزيز : القوي الذي لا يغلب
وأراد بالأذل رسول الله ومن معه - وحاشاهم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين -. فأبطل الله كلامهم بقوله سبحانه (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)
وهو جواب بطريقة القول بالموجب وهو أسلوب من أساليب الحجاج ومفاده أن تقول ببعض قول الخصم لكن تعكس القضية عليه .
أو يمكن القول أنه إثبات صفة موجبة لحكم لغير من أثبتها له المتكلم من غير نص على نفيها عن الأول ،وإثباتها لغيره .
فيكون معنى الآية إن كان الأعز يخرج الأذل فالعزة المطلقة لله ورسله وأوليائه ، ويخرج منها أنتم أهل النفاق .
لا كما تحسبون (ولكن المنافقين لايعلمون )
ونفي العلم عنهم دلالة جهلهم وانحطاط أمرهم .
وتقديم المسند (ولله) لقصد القصر ، وإعادة اللام في(ولرسوله ) لتأكيد عزة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنها بسبب عزة الله وكذلك إعادة اللام في (وللمؤمنين) تأكيدا على عزتهم ولو مع فقرهم وحاجتهم .

نسأل الله أن يجنبنا النفاق وأهله ،وأن يعمر قلوبنا إيمانا وهدى وتقى و أهلينا وذرارينا والمسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المراجع :
تفسير القرآن العظيم ابن كثير
التحرير والتنوير ابن عاشور
تيسير الكريم الرحمن السعدي
زبدة التفسير الأشقر
بلاغة الاحتجاج العقلي في القرآن الكريم زينب كردي

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 شوال 1440هـ/22-06-2019م, 08:10 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شادن كردي مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
أسلوب الحجاج

قال الله تعالى في سورة المنافقون :
((هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لايفقهون (7)يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون (8))
سورة المنافقون سورة عظيمة بينت بجلاء أحوال كثير من المنافقين وبينت صفاتهم وأحوالهم ودخائل نفوسهم
والمنافقون : جمع منافق وهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر
فذكر الله سبحانه في هذه الآيات بعضا من أقوالهم الباطلة التي أرادوا بها الكيد للدين
بدأت الجملة بالاستئناف وبينت قولهم وعبر الله عنهم بالضميرالظاهر(هم )
معاملة لهم بنقيض قصدهم حيث أسروا الكيد ففضح الله أمرهم ،وبينه وعرفهم به ،
(يقولون ) بصيغة المضارع دلالة تكرر القول منهم
(لاتنفقوا على من عند رسول الله ) أي على الصحابة من فقراء المهاجرين المجتمعين حول النبي صلى الله عليه وسلم
يريدون إظهار الرفق بالنبي صلى الله عليه وسلم من كلفة الإنفاق على الأعراب
(حتى ينفضوا )
أي حتى يتفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مرادهم الباطن إبعاد الصحابة وتفرقهم عن رسول الله
فعطف الله عليها بقوله سبحانه : (ولله خزائن السموات والأرض )ردا عليهم بطريقة النقض لكلامهم إبطالا لمكرهم
بأن خزائن السموات والأرض أي مقار حصول الأرزاق في السموات والأرض ملك لله بيده سبحانه وهو المتصرف فيها
(ولكن المنافقين لا يفقهون )
لا يعلمون حقائق الأمور

وطريقة النقض أن ينقض الكلام بما يبين خطأ كلامهم إذ ظنوا أن الرزق منهم وأن السبب في اجتماع المسلمين هي أموالهم فرد الله تعالى بالنقض لكلامهم أن الله هو الرزاق لهؤلاء وأن خزائن الأرزاق بيد الله وهو يوسع على المؤمنين يؤتي رزقه من يشاء ويمنعه عمن يشاء وليس بيدهم ولا تحت مشيئتهم.

(يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون (8))

سبب نزول هذه الآية : عن زَيدِ بنِ أرْقَمَ قالَ: كنتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزوةٍ، فقالَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ: لئنْ رَجَعْنَا إلى المدينةِ ليُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنها الأذَلَّ. قالَ: فأَتيتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَخْبَرْتُه. قالَ: فحَلَفَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ: إنَّه لم يَكنْ شيءٌ مِن ذلك. قالَ زيدٌ: فلاَمَنِي قَوْمِي، وقالوا: ما أَرَدْتَ إلى هذا؟! قالَ: فانْطَلَقْتُ فنِمْتُ كَئيباً حَزيناً. قالَ: فأرسَلَ إليَّ نبيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: (إِنَّ اللهَ أَنزَلَ عُذْرَكَ وَصَدَّقَكَ. قالَ: وأَنْزَلَ هذه الآيةَ
وتبدأ الآية بذكر مقولة ثانية من مقالاتهم الفاسدة بصيغة المضارع كسابقتها استحضارا لحالهم العجيبة (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة )
وهذا بعد غزوة المريسيع (ليخرجن الأعز منها الأذل )
وأراد عبدالله بن أبي بالأعز نفسه ومن معه
والعزيز : القوي الذي لا يغلب
وأراد بالأذل رسول الله ومن معه - وحاشاهم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين -. فأبطل الله كلامهم بقوله سبحانه (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)
وهو جواب بطريقة القول بالموجب وهو أسلوب من أساليب الحجاج ومفاده أن تقول ببعض قول الخصم لكن تعكس القضية عليه .
أو يمكن القول أنه إثبات صفة موجبة لحكم لغير من أثبتها له المتكلم من غير نص على نفيها عن الأول ،وإثباتها لغيره .
فيكون معنى الآية إن كان الأعز يخرج الأذل فالعزة المطلقة لله ورسله وأوليائه ، ويخرج منها أنتم أهل النفاق .
لا كما تحسبون (ولكن المنافقين لايعلمون )
ونفي العلم عنهم دلالة جهلهم وانحطاط أمرهم .
وتقديم المسند (ولله) لقصد القصر ، وإعادة اللام في(ولرسوله ) لتأكيد عزة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنها بسبب عزة الله وكذلك إعادة اللام في (وللمؤمنين) تأكيدا على عزتهم ولو مع فقرهم وحاجتهم .

نسأل الله أن يجنبنا النفاق وأهله ،وأن يعمر قلوبنا إيمانا وهدى وتقى و أهلينا وذرارينا والمسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المراجع :
تفسير القرآن العظيم ابن كثير
التحرير والتنوير ابن عاشور
تيسير الكريم الرحمن السعدي
زبدة التفسير الأشقر
بلاغة الاحتجاج العقلي في القرآن الكريم زينب كردي
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
فاتكِ بعض الإشارت .
كــ: تقديم الجار والمجرور في قوله تعالى:( ولله خزائن السماوات والأرض) يفيد قصر قلب لازم قولهم من عدم الإنفاق فيحسبون أنهم إذا قطعوا الإِنفاق على مَن عند رسول الله لا يجد الرسول صلى الله عليه وسلم ما ينفق منه عليهم فأعلم الله رسوله مباشرة وأعلمهم تبعاً بأن ما عند الله من الرزق أعظم وأوسع.
وكذلك أتى بأسلوب الاستدراك في قوله تعالى:( ولكن المنافقون لا يفقهون) لرفع ما يتوهم من قولهم: {لا تنفقوا على من عند رسول الله} أنّ قولهم هذا عن بصيرة ويقين بأن انقطاع إنفاقهم على الذين يلوذون برسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع رزقهم فينفضون عنه بناء على أن القدرة على الإِنفاق منحصرة فيهم لأنهم أهل الأحوال وقد غفلوا عن تعدد أسباب الغنى وأسباب الفقر.
وهو ما ذكره ابن عاشور في تفسيره، ولو تأملتِ التفسير أكثر لتبين لكِ الكثير من الأساليب في هذه الآية .
الدرجة: ب
نأسف لخصم نصف درجة على التأخير.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 شوال 1440هـ/1-07-2019م, 07:40 AM
خليل عبد الرحمن خليل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 238
افتراضي

تفسير أول سورة الطارق ( أسلوب الحِجاج )
قال تعالى ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) )

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي خلقنا في أحسن تقويم ، وهدانا للدين القويم ، فله الحمد كله ، وله الشكر كله ، علانيته وسرّه . وبعد : نقف وإياكم مع هذه الآيات وقفة تأمل نبيّن فيها بعض الحجج على الكافرين المنكرين للبعث وقدرة الله عليه . وهي كما يلي :
أولا : افتتح السورة بالقسم ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) ) تحقيقا لم يقسِم عليه وتشويقًا إليه كما في غيرها من السور المُفتتحة بالقسم ، فأقسم بمخلوقين عظيمين فيهما دلالة على عظيم قدرة الله خالقهما ، هما السماء والنجوم ، وأتبع القسم باستفهام مستعمل في تعظيم الأمر ( وما أدراك ما الطارق ) ، ليأتي جواب القسم ( إن كل نفس لما عليها حافظ ) . وهي كناية رمزيّة عن المقصود وهو إثبات البعث ؛ حيث بيّن سبحانه أنه أقام حافظًا لكل نفس ، يحفظ أعمالها خيرها وشرّها ، ولا يكون لهذا الحفظ فائدة إلا لإرادة المحاسبة عليها ، والجزاء عليها جزاءً مؤخرًا إلى ما بعد الحياة ؛ لأننا نشاهد تخلّف الجزاء على الأعمال في الدنيا بكثرة ، وإن إهمال الجزاء منافٍ لحكمة الله الحكيم العادل مبدع هذا الكون ؛ فإذا كان هناك جزاء مؤخر فإنه يستلزم إعادة حياة الذوات الصادرة منها الأعمال للمحاسبة والجزاء .
ثانيا : في قوله تعالى ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) ) جاءت الفاء لتفريع الأمر بعد إثبات البعث الذي أنكره المشركون بطريقة الكناية الرمزية في الآية السابقة . والتقدير : فإن رأيتم البعث محالا فلينظر الإنسان مِمَّ خُلق – نظر العقل المتفكر المؤدي إلى علم الشيء بالاستدلال - ليعلم أن الخلق الثاني ليس بأبعد من الخلق الأول ، ومن قدر على البداءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى .
ثالثًا : ورود الاستفهام في قوله ( مِمَّ خُلِق ) فيه إيقاظ وتنبيه إلى ما يجب علمه ، كقوله تعالى : ( من أي شيء خَلقه ) فالاستفهام هنا مجاز مرسل مركّب غير حقيقي ، ولذا أجاب عنه في الآية بعده ( خُلِق من ماء دافق ) .
رابعًا : بيان أصل خلق الإنسان وأنه مِن ماءٍ دافق يخرج من بين الصلب وهو العمود الفقري ، والترائب جمع تريبة وهي عظام الصدر التي بين الترقوتين والثديين ؛ فأطنب في وصف هذا الماء لإدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين والخلق ؛ ليستيقظ الجاهل الكافر .
خامسًا : في قوله تعالى :( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) ) جاءت هذه الآيات - بعد بيان أصل خلقة الإنسان في الدنيا ، والتي قد ينشأ عن هذا البيان تساؤل عن المقصد من هذا البيان والنظر في أصل الخلقة – لبيان أن الذي خلق الإنسان من ماء دافق ، قادر على إعادة خلقه بأسباب أخرى ، وبذلك يتقرر إمكان إعادة الخلق ، ويزول ما زعمه المشركون من استحالة البعث والإعادة .
سادسًا : في قوله تعالى: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) لما بين الله أنه جعل لكل إنسان حافظًا يحفظ عليه أعماله ، جاءت هاتان الآيتان تهديدا للمشركين المنكرين للبعث بأن في ذلك اليوم تبلى السرائر ، فيختبر ويتميّز الصالح عن الفاسد من جميع ما يُسِرّه الإنسان ويخفيه من النوايا والعقائد وكذلك الظاهر منها من باب أولى ، فيحاسب ويُجزى عليها بما يستحقّ ، وبما أن المقصود المشركون ؛ لأنهم المسوق لأجلهم هذا التهديد ، بيّن أن لا قوّة للمشرك يدفع بها عن نفسه وما له من ناصر يدافع عنه .

المراجع :
1- تفسير ابن كثير
2- تفسير الطبري
3- تفسير البغوي
4- تفسير التحرير والتنوير
5- تفسير القرطبي

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 ذو القعدة 1440هـ/16-07-2019م, 03:51 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
تفسير أول سورة الطارق ( أسلوب الحِجاج )
قال تعالى ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) )

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي خلقنا في أحسن تقويم ، وهدانا للدين القويم ، فله الحمد كله ، وله الشكر كله ، علانيته وسرّه . وبعد : نقف وإياكم مع هذه الآيات وقفة تأمل نبيّن فيها بعض الحجج على الكافرين المنكرين للبعث وقدرة الله عليه . وهي كما يلي :
أولا : افتتح السورة بالقسم ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) ) تحقيقا لم يقسِم عليه وتشويقًا إليه كما في غيرها من السور المُفتتحة بالقسم ، فأقسم بمخلوقين عظيمين فيهما دلالة على عظيم قدرة الله خالقهما ، هما السماء والنجوم ، وأتبع القسم باستفهام مستعمل في تعظيم الأمر ( وما أدراك ما الطارق ) ، ليأتي جواب القسم ( إن كل نفس لما عليها حافظ ) . وهي كناية رمزيّة عن المقصود وهو إثبات البعث ؛ حيث بيّن سبحانه أنه أقام حافظًا لكل نفس ، يحفظ أعمالها خيرها وشرّها ، ولا يكون لهذا الحفظ فائدة إلا لإرادة المحاسبة عليها ، والجزاء عليها جزاءً مؤخرًا إلى ما بعد الحياة ؛ لأننا نشاهد تخلّف الجزاء على الأعمال في الدنيا بكثرة ، وإن إهمال الجزاء منافٍ لحكمة الله الحكيم العادل مبدع هذا الكون ؛ فإذا كان هناك جزاء مؤخر فإنه يستلزم إعادة حياة الذوات الصادرة منها الأعمال للمحاسبة والجزاء .
ثانيا : في قوله تعالى ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) ) جاءت الفاء لتفريع الأمر بعد إثبات البعث الذي أنكره المشركون بطريقة الكناية الرمزية في الآية السابقة . والتقدير : فإن رأيتم البعث محالا فلينظر الإنسان مِمَّ خُلق – نظر العقل المتفكر المؤدي إلى علم الشيء بالاستدلال - ليعلم أن الخلق الثاني ليس بأبعد من الخلق الأول ، ومن قدر على البداءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى .
ثالثًا : ورود الاستفهام في قوله ( مِمَّ خُلِق ) فيه إيقاظ وتنبيه إلى ما يجب علمه ، كقوله تعالى : ( من أي شيء خَلقه ) فالاستفهام هنا مجاز مرسل مركّب غير حقيقي ، ولذا أجاب عنه في الآية بعده ( خُلِق من ماء دافق ) .
رابعًا : بيان أصل خلق الإنسان وأنه مِن ماءٍ دافق يخرج من بين الصلب وهو العمود الفقري ، والترائب جمع تريبة وهي عظام الصدر التي بين الترقوتين والثديين ؛ فأطنب في وصف هذا الماء لإدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين والخلق ؛ ليستيقظ الجاهل الكافر .
خامسًا : في قوله تعالى :( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) ) جاءت هذه الآيات - بعد بيان أصل خلقة الإنسان في الدنيا ، والتي قد ينشأ عن هذا البيان تساؤل عن المقصد من هذا البيان والنظر في أصل الخلقة – لبيان أن الذي خلق الإنسان من ماء دافق ، قادر على إعادة خلقه بأسباب أخرى ، وبذلك يتقرر إمكان إعادة الخلق ، ويزول ما زعمه المشركون من استحالة البعث والإعادة .
سادسًا : في قوله تعالى: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) لما بين الله أنه جعل لكل إنسان حافظًا يحفظ عليه أعماله ، جاءت هاتان الآيتان تهديدا للمشركين المنكرين للبعث بأن في ذلك اليوم تبلى السرائر ، فيختبر ويتميّز الصالح عن الفاسد من جميع ما يُسِرّه الإنسان ويخفيه من النوايا والعقائد وكذلك الظاهر منها من باب أولى ، فيحاسب ويُجزى عليها بما يستحقّ ، وبما أن المقصود المشركون ؛ لأنهم المسوق لأجلهم هذا التهديد ، بيّن أن لا قوّة للمشرك يدفع بها عن نفسه وما له من ناصر يدافع عنه .

المراجع :
1- تفسير ابن كثير
2- تفسير الطبري
3- تفسير البغوي
4- تفسير التحرير والتنوير
5- تفسير القرطبي
نفع الله بك وسددك.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir