بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلاو على رسول الله؛
أما بعد:
المجوعة الأولى.
س1: بيّن معاني ما يلي مع بيان أحكامها بالدليل:
التمائم:جمع تميمة و هي ما يعلق على الأولاد من خرزات و تعاويذ و غيرها. يتقون بها العين فأبطلها الإسلام و نهى عنها و حرمها، لأنه لا يدفع الضر و لا يجلب النفع إلا الله تعالى.
التميمة حكمها التحريم، لكن يستثنى من ذلك ما كان المعلق من القرآن فقد اختلف فيه العلماء فرخص فيه بعضهم و أجاز تعليقه، و بعضهم لم يرخص فيه و جعله من النهي عنه و هو ما ذهب إليه الشيخ صالح آل الشيخ، رحمه الله تعالى؛ لأمور ثلاثة:
* عموم نهي النبي، صلى الله عليه و سلم و لا مخصص لنهيه، لقوله صلى الله عليه و سلم:{من تعلق شيئا و كل إليه}، و قال:{إن الرقى و التمائم و التولة شرك}، و هذا النصوص عامة لابد لها من مخصص.
* كونه ذريعة لتعليق ما ليس من القرآن فيفضي إلى عدم إنكارها.
* أن تعليق القرآن يكون سببا في امتهانه: فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه حال قضاء الحاجة و الاستنجاء.
أما إذا كانت من غير القرآن ايضا فيها تفصيل:
* أن يعتقد أن لها تأثير في ذاتها: فهذا من الشرك الأكبر.
* أن يعتلق القلب بها دون اعتقاد أنها مؤثرة في نفسها: فهذا من الشرك الأصغر و يمكن أن يكون شركا أكبر لما يكون في قلب العبد تجاهها.
الرقى:جمع رقية و هي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة؛ كالحمى و الصرع و هي التي تسمى العزائم.
حكم الرقى فيه تفصيل :
- فهي جائزة إذا جمعت شروط ثلاث:
1- أن تكون باللسان العربي و ما يعرف معناه.
2- أن تكون بكلام الله تعالى أو كلام رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أو من أسمائه، أو من صفاته.
3- أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى، و ما سوى ذلك لا يجوز.
* و تكون محرمة إذا كانت عن طريق الشعوذة و السحر، الاستعانة بالجن و هذا من الشرك الأكبر والتي يكون فيها الاستعانة و الاستعاذة بغير الله تعالى.
س2: ما حكم رقية الكافر للمسلم؟
الحق فيها أنها محرمة و نهي عنها؛ و الدليل أن عبدالله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه نهى زوجته زيب، رضي الله تعالى عنها عندما ذهبت تطلب الرقية من اليهودي لما كانت عينها تقذف، و قال:{إنما ذلك من عمل الشيطان}. و النهي يفيد التحريم.
س3: بيّن خطر التعلّق بغير الله تعالى.
التعلق بغير الله تعالى هم اعتماد العبد عليه، و جعله همه و مبلغ علمه، فيصير يعلق رجاءه به و زوال خوفه به، لقول النبي، صلى الله عليه و سلم:{من تعلق شيئا وكل به}، و هنا {شيئا} جائت نكرة في سياق الشرط و هذا يدل على عموم أي شيئ، فتعم جميع الأشياء، ولما كان ذلك عبادة و جب صرفها لله تعالى و أنها من حق الله تعالى فلا يجب صرفها لغير الله تعالى، فمن تعلق بالله تعالى كان حسبه و معينه قال تعالى:{و من يتوكل على فهو حسبه}، و من كان تعلقه بغير الله فليس الله بحسبه، و يكله لنفسه.
و التعلق بغير الله تعالى هو نقص في اليقين و ضعفه، و نقص في التوكل و ضعفه، فيكون العبد ممتهنا مهانا لأنه فرط في جنب الله تعالى، و التعلق بغير الله تعالى له أقسام عدة:
- ما ينافي التوحيد من أصله: أن يتعلق بشيء ليس له تأثير، و يعتمد عليه مع إعراضه عن اله تعالى، مثل تعلق عباد القبور بالقبور عند حلول المصائب؛ و هذا شرك اكبر مخرج من الملة.
- ما ينافي كمال التوحيد: و هو الاعتماد على سبب شرعي صحيح مع الغفلة عن المسبب الحقيقي؛ و هو الله تعالى. و هذا شرك أصغر.
- أن يتعلق بالسبب لكونه سببا فقط و أن الله هو المسبب و أن هذا لا يؤثر إلا بإذن الله تعالى و أنه لا اثر للسبب إلا بمشيئة الله تعالى: فهذا لا ينافي أصل التوحيد و لا كماله، بل هو مؤذون فيه شرعا.
و كما نرى أن مسألة التعلق بغير الله تعالى هي وسيلة للشرك كبيره و صغيره و هذا هو خطرها الحقيقي، لأنها سبب للعقوبة و الطرد من رحمة الله تعالى. لذلك لا عز للمسلم إلا أن يكون متوجها لله تعالى معلقا قلبه به و متوكلا عليه، فهذا هو الفوز و النجاح الحقيقي في الدنيا و الآخرة.
س4: فصّل القول في أحكام التبرّك.
التبرك هو: طلب البركة و هو الخير الكثير و طلب ثباته و طلب لزومه.
أما حكم التبرك تدور علته على أن البركة ذاتية أم لا؟ و أنها متعدية أم لا؟
- البركة الذاتية: أي أن للجسد أو الشيئ بركتة في ذاته.
- و البركة المتعدية: أي أن هذه البركة الذاتية تتعدى غيره.
و من هذا التفصيل يتبين لنا أن البركة تكون جائزة و تكون محرمة:
* تكون جائزة: عند التبرك بالأنبياء و الرسل حال حياتهم، لأن الله تعالى خصهم ببركة ذاتية في أجسادهم و هي متعدية لغيرهم, و الدليل أن الصحابة اقتتلوا على و ضوئه، صلى الله عليه و سلم و على نخامته، و يتبركون بعرقه و شعره، صلى الله عليه و سلم. و لكن بعد مماتهم لا يجوز و هو محرم، لأنه مدعاة للشرك.
* كذلك لا يجوز اعتقاد أن للصحابة الكرام بركة ذاتية و متعدية، لأن لم نجد من الصحابة فعل ذلك مع أبي بكر و عمر و عثمان و على، رضي الله تعالى عنهم أجمعين، و إنما بركتهم بركة:
- صلاح: فالبركة هنا الاقتداء بصلاحهم و صلاح من تبعهم. و يدخل في ذلك أهل الصلاح. و هذا كله جائز شرعا.
- العمل: فالبركة هنا أن نقتدي بهم. و يخل في ذلك أصحاب الأعمال الصالحة.
- العمل: فالبركة في العلم أن ننهل من علمهمن و ديخل في ذلك العلماء.
* و هناك من يتبرك بالأمكنة و يجعل لها بركة ذاتية و متعدية؛ كأن يتبرك بالقبور و الأشجار و الأحجار، و لو تمسح بالكعبة بهذه النية فحكمه التحريم و هو من الشرك.
* و هناك من يتبرك بأشياء يلبسها كالتمائم و الودائع معتقدا أنها لهما بركة ذاتية و متعدية: فهذا أيضا من الشرك.
* تبرك المشركين بآلهتهم قصد النفع المتعدي منها: فهذا يضا من الشرك.
فتحقيق القول فيها إذا؛ أن البركة منها ماهو شرك أكبر و منها ماهو شرك أصغر:
- شرك أكبر: إذا تبرك بالأشياء و اعتقد أن لها بركة ذاتية و أنها متعدية و جعلها وسيلة للتوسط و التقرب لله تعالى فهذا شرك أكبر.
- شرك اصغر: اعتقد فيها سببا لحصول البركة مع عدم اعتقاد فيها الواسطة و أنها تنفع و تظر في ذاتها.
و على هذا نقيس. فمثلا من يمسح على الحجر الأسود فيكون جائزا إذا اعتقد أن بركته بركة عمل و عو الاقتداء بالنبي، صلى الله عليه و سلم، و يكون شركا أصغر باعبار أن لهذا الحجر بركه ذاتية تتعداه إلى من تمسح عليه و لكن لا يعتقد أنه يوصل و يقرب إلى الله تعالى، و يكون شركا أكبر إذا اعتقد أن هذه الأشياء أنها وسيلة و واسطة بينها و بين الله تعالى.
س5: اذكر ما استفدته من قصّة ذات أنواط.
* أن المعصية قد تؤثر في الأرض و كذلك الطاعة.
* أن النبي، صلى الله عليه و سلم، لم يعذرهم بل رد عليهم بقوله:{الله أكبر إنها السنن لتتبعن سنن من كان قبلكم}، فغلظ عليهم الأمر و في هذ دليل على هول ما طلبوا.
* أن الصحابة لما نهاهم النبي، صلى الله عليه و سلم، انتهوا، و هذا يستفاد منه تعظيم أمر الله تعالى و أمر رسوله، صلى الله عليه و سلم.
* كونهم أنهم قصدوا التقرب إلى الله تعالى لظنهم أنه يحبه، أي لما طلبوا ذلك من النبي، صلى الله عليه و سلم، علم أنهم قصدوا التقرب بذلك إلى الله تعالى إذ لا يظن بهم أنهم يطلبون ما علموا أنه معصية.
* أنهم إذا جهلوا ذلك فغيرهم أولى بالجهل.
* بالرغم من فضل الصحابة فإن النبي أغلظ عليهم و أنكر عليهم ما طلبوا بشدة.
* التشديد و التغليظ من النبي، صلى الله عليه و سلم، دليل على أن الأمر جلل و كبير، و المقصود من ذلك أنه أخبر أن طلبهم شابه طلب بني إسرائيل لما قالوا لموسى: اجعل لنا إلها، أي لما كان المقصود كلا طلب أن يجعل له شيئا يألهه فطلبهم يشابه طلب بني إسرائيل و إن لم يسموه إلها، و لكن لما كانت الحقيقة واحدة أنكر عليهم و لم ينظر إليهم أنهم سموها ذات أنواط، فالمشرك مشرك و لو سمى شركه ما سمى.
* أنه من تحقيق التوحيد الاخلاص و المتابعة.
* أنه من المصلحة الحلف على الفتيى.
* أن الشرك فيه اصغر و أكبر، لأن الصحابة لم يرتدوا بطلبهم هذا و لم يأمرهم بتجديد إسلامهم.
* التكبير عند التعجب و عند البيان الذي يتطلب فيه التغليظ.
* النهي عن التشبه بأهل الجاهلية.
* سد الذرائع: أي أن النبي، صلى الله عليه و سلم، بادرهم بالإنكار بالقول و لم يصبر عن الإنكار إلى أن يفعلوا، و هذا فيه بيان علظة و قبح الشرك ووسائله.
س6: كيف تردّ على من زعم أن التبرّك بآثار الصالحين مستحب؟
فيه تفصيل:
* التبرك بالأنبياء و الرسل حال حياتهم: هذا جائز لأتهم بركتهم ذاتية و متعدية لغيرهم؛ لأن الصحابة كانوا بقتتلون على رضوء النبي، صلى الله عليه و سلم، و يتبركون بعرقه التي كانت رائحته كرائحة المسك، و كانوا يتبركون بشعره. لكن بعد مماتهم فهذا غير جائز و غير مشروع، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال:{اللهم لا تجعل قبري و ثنا يعبد من دون الله تعالى}، و لم يرد عن كبار الصحابة أنه تبرك بالنبي بعد و فاته.
* التبرك بالصحابة و الأولياء الصالحي، و اعتقاد أن لهم بركة ذاتية و متعدية، فهذا محرم شرعا و يكون شرك أكبر أو أصغر بحسب ما يقوم في قلب العبد تجاههم، و لكن بركتهم هي بركة صلاح و عمل و علم؛ فالتبرك بأهل الصلاح: هو القتداء بهم في صلاحهم، و التبرك بأهل العلم: هو القتداء بعلمهمن فهذا جائز شرعا.
* أما التبرك بالصالحين بأن يعظموه و يجعلون لهم المزارات و يعظمون قبورهم فيعكفون عليها، و يعتقون فيهم البركة، و تتعلق قولبهم بهم، و يعتقدون فيهم النفع و الظر، فهذا من قبيل الشرك الأكبر.
س7: ما حكم أكل ذبائح أهل الكتاب؟
الأصل فيه الجواز لقوله تعالى:{اليوم أحل لكم الطيبات و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم}، و النبي أكل من لحم اليهود و لم يسأل و لم يستفصل، فدل على الجواز، كما جاء عن أمنا عائشة، رضي الله تعالى عنها، ذكرت أن قوما من الصحابة استفتوا النبي، صلى الله عليه و سلم، في قوم يأتونهم باللحم من قوم أهل كتاب فلا يدرون أسموا الله تعالى عليه أم لا، فقال:{كلوا أنتم و سموا}، فالأصل أن ذبيحتهم تحل لنا، و أن لا نسال كيف ذبحت، إلا إذا ثبت أن ذبيحتهم ذبحت بطريقة غير شرعية أو لم يذكر اسم الله عليها فهنا تكون غيرمشروعة .
س8: ما حكم الذبح في مكان يُذبح فيه لغير الله تعالى؟
حكم الذبح لله تعالى بمكان يذبح فيه لغير الله تعالى محرم لما فيه من مشابهة الكفار و أيضا من باب سد الذرائع؛ و هذا التحريم يستفاد من استفصال النبي صلى الله عليه و سلم من الصحابي عندما نذر أن يذبح إبلا ببوانة، فاستفصل النبي منه فسأله:{هل كان فيها و ثن من أوثان الجاهلية يعبد}، {فهل كان فيها عيدا من أعيادهم}ن فلما كان جواب الصحابي ب:{لا}، أذن له النبي، صلى الله عليه و سلم فقال له:{أوف بنذرك}، فلم يأذن له النبي إلا بعد أن استفصل أنه ليس بمكان يذبح فيع لغير الله تعالى.