مجلس مذاكرة كتاب المرشد الوجيز إلى علوم تتعلّق بالكتاب العزيز
لأبي شامة المقدسي
أجب على الأسئلة التالية:
1: استخص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
- إبطال حجة من قال أن ليلة القدر لا تختص بشهر رمضان وأنها متنقلة بين الشهور وأنها صادفت ليلة نزول القرآن النصف من شعبان .
- قول ابن عباس في الجمع بين الآيات الثلاث في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة وغيرها .
- أدلة نزول القرآن في رمضان .
- المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر.
- نزول القرآن ليلة القدر جملة واحدة ونزوله مفرقا في عشرين سنة مفرقا .
- معارضة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم مانزل من القرآن في سائر السنه في رمضان مرة واحدة وفي العام الذي توفي فيه عارضه مرتين .
- القراءة التي نقرأ بها اليوم هي ما وافقت العرضة الأخيرة .
- السر في إنزاله جملة إلى السماء الدنيا .
- زمان نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا.
- السر في نزوله إلى الأرض منجما.
- معنى {لنثبت به فؤادك}.
- أول ما نزل من القرآن وآخر مانزل منه .
- كتابة القرآن ومواضع الآيات من السور .
- حفظ جماعة من الصحابة لكل قطعة منه بلغوا حد التواتر.
- نزول بسم الله الرحمن الرحيم للفصل بين السور .
- الصحابة الذين جمعوا القرآن .
- المراد بالجمع الذي جمعه هؤلاء الصحابة مع أن الذين جمعوا القرآن أكثر من ذلك بكثير .
- أنواع نسخ القرآن .
- المراد بتأليف القرآن .
- عدد مرات جمع القرآن الكريم .
- أن المصحف الذي بين أيدينا هو المصحف الذي أنزله الله عز وجل وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو الذي حواه مصحف عثمان أمير المؤمنين -رضي الله عنه-، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه.
2: حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
المراد بالأحرف :
- قيل سبعة لغات من لغات قبائل العرب كقريش وهوازن وهذيل واليمن ,ولايعني هذا أن كل حرف له سبعة لغات ولكنه متفرق في القرآن كما ذكر ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "غريب الحديث": (قوله سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه) ولكن نقول:( هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة )
- وقيل السبعة اللغات من قريش فحسب دون سائر القبائل ,ذكره الأهوازي .
- وقيل: خمس منها بلغة هوازن، وحرفان لسائر لغات العرب، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربي في هوازن ونشأ في هذيل.
- قيل أنه نزل على سبع لغات من لغات قريش هي أفصح اللغات وأعلاها كما ورد عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: ((نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب)).
-- وقيل سبع لغات، لغة قريش وهذيل وثقيف وهوازن وكنانة وتميم واليمن.
- وقيل: خمس لغات في أكناف هوازن: لسعيد وثقيف وكنانة وهذيل وقريش ولغتان على جميع ألسنة العرب. قال أبو عبيد : وليس الشرط أن تأتي سبع لغات في كل حرف، بل يجوز أن يأتي في حرف وجهان أو ثلاثة أو أكثر، ولم تأت سبعة أحرف إلا في كلمات يسيرة. ذكره ابو القاسم الهذلي في كتابه الكامل .
واختلف في تفسير الأحرف السبعة باللغات
فمن فسرها باللغات الحافظ أبو العلاء وقال: ليس الغرض أن تأتي اللغات السبع في كل كلمة من كلم القرآن، بل يجوز أن يأتي في الكلمة وجهان أو ثلاثة، فصاعدا إلى سبعة، ولم تأت سبعة أوجه إلا في كلمات محصورة، نحو "جبريل"، و{عبد الطاغوت}، و(أرجئه)، و(أف)، و {عذاب بئيس}، و {هيهات}، و(دري توقد).
بينما ضعف الأهوازي تفسير الأحرف السبعة باللغات، قال: لأن اللغات في القبائل كثير عددها، كما أبطل تفسيرها بالأصناف؛ لأن أصنافه أكثر من ذلك، منها الإخبار، والاستخبار على وجه التقرير والتقريع، ومنها الوعد، والوعيد، والخبر بما كان وبما يكون، والقصص، والمواعظ، والاحتجاج، والتوحيد، والثناء، وغير ذلك.
- وقيل أن المراد بالسبعة أحرف أنه نزل على سبعة أنحاء وأمور فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه، واستدلوا بحديث سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
- والرد عليه من وجوه :
وهذا الحديث لم تثبت صحته عند أهل العلم ذكر ذلك ابن عبد البر فقال :"هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر، منهم أحمد بن أبي عمران فيما سمعه الطحاوي منه قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد؛ لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه؛ لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله. قال أبو عمر: ويرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا".
3: هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
نزول القرآن على سبعة أحرف إنما كان للتيسير على المسلمين لإنهم كانوا أمة أمية لايعرفون القراءة ولا الكتابة فإذن لهم بقراءة القرآن كل قبيلة على حسب ما اعتادوا عليه من لغتهم بشرط أن لا تختم آية رحمة بآية عذاب أو تخالف حكما كأن يكون حراما فيجعل حلالا ولما زالت تلك الحاجة نسخت تلك الأحرف ولم يبقى منها إلا حرفا واحدا وهو حرف زيد بن ثابت الذي جمع الناس عليه في مصحف إمام وأحرق عثمان ما سواه من المصاحف عندما خشي من اختلاف الناس في القرآن ,وهذا ما نص عليه ,أبو جعفر الطحاوي فقال : كانت هذه السبعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غيرها؛ لأنهم كانوا أميين، لا يكتبون إلا القليل منهم، فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظيمة، فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقا، فكانوا كذلك، حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرءوا بذلك على تحفظ ألفاظه، ولم يسعهم حينئذ أن يقرؤوا بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص، لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد",وهذه السبعة الأحرف منها ستة مختلفة الرسم، كانت الصحابة تقرأ بها إلى خلافة عثمان -رضي الله عنهم-، نحو الزيادة، والألفاظ المرادفة، والتقديم، والتأخير، نحو (إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي)، (وجاءت سكرة الحق بالموت)، (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين)، (يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، (والعصر ونوائب الدهر)، (وله أخ أو أخت من أمه)، (وما أصابك من سيئة فمن نفسك إنا كتبناها عليك)، و(إن كانت إلا زقية واحدة)، و(كالصوف المنفوش)، و(طعام الفاجر)، و(إن بوركت النار ومن حولها) ، فجمعهم عثمان على الحرف السابع الذي كتبت عليه المصاحف،
وأما بالنسبة للقراءات السبع التي يقرءوها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع الصحابة ومن بعدهم عليه وعلى ترك ما سواه، ولم ينقط ولم يضبط فاحتمل التأويل لذلك"
وقال: "فأما من ظن أن قراءة كل واحد من هؤلاء القراء كنافع وعاصم وأبي عمرو، أحد الأحرف السبعة التي نص النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك منه غلط عظيم؛ إذ يجب أن يكون ما لم يقرأ به هؤلاء السبعة متروكا؛ إذ قد استولوا على الأحرف السبعة عنده، فما خرج عن قراءتهم فليس من السبعة عنده".
وإنما يرجع تاريخ القراءات للعصر الرابع لإبي بكر بن مجاهد وكان أول من جمع القراء على سبعة قراء تأسيا بعدة المصاحف التي بعثها عثمان وبقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف من سبعة أبواب )ذكره أبو محمد مكي بن أبي طالب
ولخص أبو العباس أحمد بن عمار المقرئ في "شرح الهداية" الفرق بين الأحرف السبعة والقراءات السبعة فقال
"وتفسير ذلك أن الحروف السبعة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن نزل عليها تجري على ضربين":
"أحدهما: زيادة كلمة ونقص أخرى، وإبدال كلمة مكان أخرى، وتقديم كلمة على أخرى، وذلك نحو ما روي عن بعضهم: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج)، وروي عن بعضهم: (حم سق)، (إذا جاء فتح الله والنصر)، فهذا الضرب وما أشبهه متروك، لا تجوز القراءة به، ومن قرأ بشيء منه غير معاند ولا مجادل عليه وجب على الإمام أن يأخذه بالأدب، بالضرب والسجن على ما يظهر له من الاجتهاد، فإن جادل عليه ودعا الناس إليه وجب عليه القتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المراء في القرآن كفر)) ولإجماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم".
"والضرب الثاني: ما اختلف القراء فيه من إظهار، وإدغام، وروم، وإشمام، وقصر، ومد، وتخفيف، وشد وإبدال حركة بأخرى، وياء بتاء، وواو بفاء، وما أشبه ذلك من الاختلاف المتقارب".
"فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا، وهو الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع فيه من اختلاف في حروف يسيرة".
"فثبت بهذا: أن هذه القراءات التي نقرؤها، هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن، استعملت لموافقتها المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة وترك ما سواها من الحروف السبعة لمخالفته لمرسوم خط المصحف؛ إذ ليس بواجب علينا القراءة بجميع الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن؛ وإذ قد أباح النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا القراءة ببعضها دون بعض، لقوله تعالى: {فاقرأوا ما تيسر منه}، فصارت هذه القراءة المستعملة في وقتنا هذا هي التي تيسرت لنا بسبب ما رواه سلف الأمة رضوان الله عليهم، من جمع الناس على هذا المصحف، لقطع ما وقع بين الناس من الاختلاف وتكفير بعضهم لبعض".اه
4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
بعث عثمان رضي الله عنه إلى أهل كل مصر من الصحابة معلمون كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، وأرسل مصاحف خالية من الشكل والنقط لتحتمل ووجوه القراءات على أحد الوجوه المحتملة ,ومن ذلك قوله (لما خلت تلك المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه وكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه) .
5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
- ثبوت تلك القراءة بالنقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يلزم فيه تواتر، بل تكفي الآحاد الصحيحة مع الاستفاضة.
- موافقة خط المصحف.
- موافقتها الفصيح من لغة العرب .
إذا توافرت فيها هذه الشروط فهي قراءة صحيحة معتبرة .
فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة.
6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرّة المتحصّلة من ذلك.
إنما أنزل القرآن علينا ليكون نبراسا للحياة ومنهجا متبع في كل شؤون العبد ولذلك امتدح الله عز وجل الذين يتبعون حدوده ويجتنبون نواهية بقوله تعالى {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}، أي يتبعونه حق إتباعه.كما فسرها ابن عباس ومجاهد وعكرمة وذم الله عز وجل أهل الكتاب عندما تركوا العمل به فقال ( فنبذوه وراء ظهورهم ) قال الشعبي إنه كان بين أيديهم ولكن نبذوا العمل به , وقد أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام ليلة كاملة بآية واحدة يركع بها ويسجد ({إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
كما أثر ذلك عن صحابته رضوان الله عليهم فهذا ابن مسعود رضي الله عنه: يردد ليلة كاملة {وقل رب زدني علما}، حتى أصبح.
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتزيين القرآن بالصوت وهي القرآن بحزن وعدم التكلف والتنطع والمبالغة في مخارج الحروف والمدود وغيرها من أحكام التجويد مما يشغل القلب عن التفكر في معاني القرآن وحكمه ومواعظه ,
فالتلاوة حق التلاوة هي التي يشترك فيها القلب والعقل واللسان فاللسان يرتل والعقل يتفهم المعاني والقلب يتعظ ويأتمر وينزجر, وينبغي على العبد أن يجعل نصب عينيه هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن فقام به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه خلطه الله بلحمه ودمه، وجعله رفيق السفرة الكرام البررة، وإذا كان يوم القيامة كان القرآن له حجيجا)) وهذه الغاية العظمى التي تحصل للعبد وهي حصول الهداية والسعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة .
والحمد لله رب العالمين ,,,