اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم أسامة بنت يوسف
بسم الله الرحمن الرحيم
واجب درس علاج الفتور في طلب العلم
س1: إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم والإيمان. بيّن ذلك.
بالعلم يعرف الهدى والشريعة، والإيمان اتباع لذلك الهدى وعمل به، قال تعالى: {يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}
هما قوام الدين لأن الدين لن يقوم على جهل به أو على عمل مخالف لهداه، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} ولن نقيم الدين إلا بعد العلم به، ولن يقوم الدين على سواعد من لم يؤمن به ويعمل بشرائعه.
والدنيا بما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة لا قيمة فيها لشيء ولا لأحد إلا بإقامته للدين كما أمرنا الله تعالى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} ويوم القيامة تتجلى الحقائق وتكشف الحجب، فترى حينها من يشهد على العباد ويقررهم هم أهل العلم والإيمان، كما جاء في عديد من الآيات منها قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.[ويحسن بنا أن نبين أثر غياب العلم أو الإيمان أو كليهما]
س2: ما يعتري طالب العلم من الفتور على نوعين؛ بيّنهما.
النوع الأول: الفتور الطبيعي العارض، الذي يعتري الطالب لطيبعة نفسه البشرية، عن عبد الله بن عمر بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَتِي فَقَدْ اهْتَدَى ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ)) رواه ابن أبي شيبة وأحمد وغيرهما.
وعلاج هذا الفتور: ليس بالمغالبة والاجتهاد، بل بإعطاء النفس حقها من الراحة والاستجمام، واستغلال فترته في الأعمال المساعدة التي لا تحتاج تهيؤ ذهنه، وكذا بالاستزادة من العبادات التعاملية التي أشغله العلم عنها، كالزيارات الاجتماعية، والإكثار من تلاوة القرآن وذكر الله ونحوه مما تنشط له نفسه، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنَّ لهذه القلوب إقبالًا وإدبارًا، فإذا أقبلت فخذوها بالنَّوافل، وإن أدبرت فألزموها الفرائض) فيحتفظ بحد أدنى من الطلب ولا يكون انقطاعه تاما، ويحسن الظن بربه ويعلم أن لفترته حكم قد تخفى عليه وينتظر الفرج حتى ينشط.
النوع الثاني:الفتور المذموم، وسببه في الغالب يرجع لأحد ضعفين في نفسه: ضعف اليقين أو ضعف الصبر.
والعلاج: أن يقبل بقلبه على الله ويعتني بتقوية يقينه، ويتصبر حتى يصبره الله، ويتذكر أن ذلك من كيد الشيطان فيستعين بالله عليه.
[نبين أثار ضعف الصبر وضعف اليقين، وكذلك علاج كل منهما، ونحاول الاستدلال]
س3: وجّه رسالة في سبعة أسطر لطالب علم افتتن بأمور تثبّطه عن طلب العلم وتصرفه إلى الدنيا وملذاتها.
وبالله التوفيق؛ يقول الله تبارك وتعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً}، ويقول الله تعالى: {وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} فمن ءامن بالله صدق بكلامه وأيقن بفناء الدنيا وما فيها، وأن كل لذاتها منقضية عاجلا أم أجلا وأن طلبها لن يبلغه منها ما يريد، فلا يجمع على نفسه شقائين، شقاء السعي في الدنيا ولا يبلغ مناه، بل إن بلغه لم تستمر سعادته وسرعان ما سيمله، وشقاء الآخرة بما فوته على نفسه من خير كان ليناله لو بذل ذلك السعي في طلبها، ولكان ناله من الدنيا خير كذلك، وكل عبد باحث عن السعادة، والعقلاء يعلمون أن السعادة ليست بالأمور الظاهرة فكم من فقير سعيد، وكم من غني شقي، وكم من مريض راض طيب النفس وكم من معافى البدن عليل النفس.. فإذا استحضر طالب العلم هذه الحقائق، وعلم أن انصرافه إلى الدنيا نوع من الاغترار والبحث عن سعادة موهومة، وتذكر ما مر على قلبه في لحظات الصفاء مع ربه من سعادة وسرور وأنه مهما بلغ من لذات الدنيا لن تطيب بها قلبه كما طابت بحسن الصلة بربها، وأيقظ يقينه بالآخرة وثوابها والجنة ونعيمها، واستشعر مراقبة الله له وتدوين الملائك الكاتبين لأعماله، وتذكر أنه سيقرأها يوما بين يدي الجبار سبحانه، فإنه بإذن الله وفضله سيدحر تزيين الشيطان له للدنيا وملذاتها ويرتد كيد الشيطان الضعيف إلى نحره باستعانته بالقوي الخالق سبحانه.
ثم لينظر لأهل الدنيا الذين بلغوا فيها أعلى المبالغ، لماذا انتحروا؟ هل هم سعداء؟ لماذا انغمسوا في بعض التفاهات (التي يراها العاقل تفاهة) لو أنهم قد وجودوا السعادة فما الذي جعلهم يستمرون في طلبها بعجائب المساعي!.
ويكفيه أن يعلم أن الله تبارك وتعالى لم يحثنا على الاستزادة من شيئا في الدنيا إلا العلم وأمر خير خلقه أن يدعوه بذلك: {وقل: رب زدني علما}.
س4: اذكر سبعة أسباب للفتور مع التوضيح الموجز لكل سبب.
كما تقدم فإن مرد غالب الأسباب لأمرين رئيسين، ضعف اليقين، وضعف الصبر، فمن أسباب الفتور التي مردها ضعف اليقين:- الافتتان بالدنيا، والانشغال بملاهيها، فيركن إلى ملذاتها المؤقتة الزائلة وتستهويه حتى تضعفه عن طلب العلم فيفتر عنه.
- من أهم أسباب الفتور (الرياء، والعجب، وطلب ثناء الناس) وغيرها من علل النفس التي في أصلها جزء من افتتانه بالدنيا والناس من الدنيا، وضعف يقينه
ومن أسباب الفتور التي مردها ضعف الصبر:- التذبذب في مناهج الطلب، فيجد الأيام تمر وهو مجتهد في الطلب لكنه لم يحصل شيئا لكثرة ما يتغير ويبدل.
- عدم صبره عن المعاصي والذنوب ووقوعه فيها، فيعاقب بالحرمان من العلم وفتوره عن الخير، فمن شؤم المعصية المعصية بعدها.
- عدم صبره على نفسه ومعرفته لأدوائها ومطالبها، فيأخذها بشدة على العلم ويحملها ما لا تطيق، فلا تصبر عليه نفسه وتسحبه إلى حفرة من الفتور والكسل.
- عدم صبره لحين بلوغه مراده من العلم، وتعجله في ارتقاء نفسه مراقي العلماء الأكابر فيريدها تجهد في الطلب كجهدهم ويقارن نفسه بهم، فتصغر عنده نفسه ويعتريه يأس فيفتر عن الطلب.
- إقباله على اللغو، والتهاون برفقة السوء ورفقة الدنيا التي لا تعينه في طريقه، فما يزال كذلك فيقارن نفسه بهم فيتدنى حتى ينقطع، ولا يزال مقبلا على اللغو والفضول في الأمور حتى يمتلأ فكره بالسفاسف ولا يجد العلم لقلبه منفذا.
س5: اذكر سبع وصايا لعلاج الفتور ، مع التوضيح الموجز لكل وصية.- التصبر ومحايلة النفس حتى تستقيم على الأمر وتنال خيرا، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ومن يتصبر يصبره الله)
- الإقبال على الله والاعتناء بالعبادات القلبية حتى يقوي في نفسه اليقين، فإنه إن حصله ذهب عنه أكثر إن لم يكن كل عوارض الفتور، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (..فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ) ومن ذلك التضرع إلى الله أن يعلمه ما ينفعه وينفعه بما علمه ويثبته ويصرف عنه المثبطات.
- تذكر فضل العلم وفضيلة العلماء على غيرهم، وإن جعل له ورد بسيط في هذا الباب لأحسن، فيقرأ أسطرا من تلك الكتب التي تنشطه وتذكره، سواء أبواب فضل العلم في المصنفات الحديثية، أو الكتب المفردة.
- شكر نعمة الله وفضله بأن هيئه لقبول العلم وفهمه، فإن شكر النعمة يحفظها من الزوال.
- التزكية عن علمه ونفع الناس به، فإن الجزاء من جنس العمل وإحسانه إلى الناس بتبليغهم العلم عن الله، يستجلب له إحسان الله إليه فيزيده علما وفهما.
- إحاطة نفسه بالصالحين والرفقة الحسنة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وهم خير معين إن سقط أنهضوه، وإن كسل نشطوه، وإن فتر أيقظوا همته.
- تفقهه في حال النفس البشرية عامة، ومراقبته لنفسه في خاصتها، فيعرف كيف يسيسها فلا يستجيب لهواها فتهوي به أو يعارضها ويحملها ما لا تطيق فتنفر وتفتر.
|
التقدير: (أ+)
أحسنتِ، بارك الله فيكِ.