اقتباس:
تفسير قوله تعالىى:" ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)
ما معنى " قضى ربك "؟؟
: { وَقَضَى رَبُّكَ }قضاء دينيا وأمر أمرا شرعيا{
- افتتحت الآية بفعل القضاء المقتضي الإلزام ، وهو مناسب لخطاب أمة تمتثل أمر ربها ،
- جعلت الآية المقضي هو توحيد الله بالعبادة ، لأنه المناسب لحال المسلمين فحذرهم من عبادة غير الله
- الافتتاح بفعل القضاء اهتماماً بالأحكام والوصايا التي تليه، وأنه مما أمر الله به أمراً جازماً وحكماً لازماً
شرعيا{
مامعنى " أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ"؟
- أَنْ لَا تَعْبُدُوا } أحدا من أهل الأرض والسماوات الأحياء والأموات. { إِلَّا إِيَّاهُ } لأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي له كل صفة كمال
- ابتدىء التشريع بالنهي عن عبادة غير الله لأن ذلك هو أصل الإصلاح ، لأن إصلاح التفكير مقدم على إصلاح العمل ، إذ لا يشاق العقل إلى طلب الصالحات إلا إذا كان صالحاً .
مامعنى" وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا":
- أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي والفعلي لأنهما سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر.
- أكد الله الأمر بإكرام الوالدين حتى قرن تعالى الأمر بالإحسان إليهما بعبادته التي هي توحيده والبراءة عن الشرك اهتماما به وتعظيما لهوقال تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) النساء 36
ما معنى "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا"؟؟
أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والإحسان
" أحدهما أو كلاهما" ذكرت كلتا الحالتان وأجري الحكم عليهما على السواء، للتحذير من اعتذار الابن لنفسه عن التقصير بأن حالة اجتماع الأبوين أحرَج عليه ،
مامعنى "فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ"؟؟؟
وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية.
- ليس المقصود من النهي عن أن يقول لهما{ أف }خاصة ، وإنما المقصود النهي عن الأذى الذي أقله الأذى باللسان بأوْجز كلمة ، وبأنها غير دالة على أكثر من حصُول الضجر لقائلها دون شتم أو ذم ، فيفهم منه النهي مما هو أشد أذى بطريق فحوى الخطاب بالأوْلى .
ما معنى "وَلَا تَنْهَرْهُمَا" ؟؟؟
- أي: تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشناً.
- عطف عليه النهي عن نهرهما لئلا يُحسب أن ذلك تأديب لصلاحهما وليس بالأذى . والنهر الزجر
- وبهذا الأمر انقطع العذر بحيث إذا رأى الولد أن ينصح لأحد أبويه أو أن يحذر مما قد يضر به ، أدى إليه ذلك بقول لين حسن الوقع .
ما معنى"وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا"
أي قلهبلفظ يحبانه وتأدب وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والعوائد والأزمان
والآن بعد أن انتهينا من شرح معنى الآيات ننتقل لنعرف على :
المقصود ببر الوالدين:
حسن المعاملة معهم، والاهتمام بأمرهم، والعناية بشأنهم، والإحسان إليهم، والامتثال لأمرهم، خاصة فى كبر السن والشيخوخة. و بر الوالدين واجب على كل مسلم له أبوين على قيد الحياة، وعكسه العقوق، وهو حرام ومعصية، وكبيرة من الكبائر.
بر الوالدين في ضوء الكتاب :
- قال تعالى "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" النساء 36
- قال تعالى : ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ) العنكبوت 8
- وقال جل ذكره ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) الأحقاف 15-16
- وقال أيضا ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ) لقمان 14- 15
بر الوالدين في السنة :
- أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله ؟ قال: الصلاة على وقتها. قال: ثم أي ؟ قال: ثم بر الوالدين. قال: ثم أي ؟ قال: الجهادفي سبيل الله
- وعن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما )
- وفى الحديث: (رغم أنفه. ثم رغم أنفه. ثم رغم أنفه. قيل: من ؟ يا رسول الله ! قال: من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كليهما، ثم لم يدخل الجنة)
- وفى قصة الأول من الثلاثة الذين أواهم الميت إلى الغار الرجل قال فى دعائه كما جاء فى الحديث: (اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، فناء بي في طلب شيء يوما، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج)
**** ما الذي نستنتجه من هذه الآيات والأحاديث ؟؟؟؟
- لأهمية الوالدين قرن الله سبحانه وتعالى بين عبادته وبر الوالدين
- بر الوالدين من أحب العبادات والأعمال إلى الله تعالى بعد الصلاة، وقدمه النبى علىالجهادفى سبيل الله
- بر الوالدين سبب لمرضاة الرب -سبحانه وتعالى
- بر الوالدين سبب لدخول الجنة
- سبب لتفريج الكروب والهموم والاحزان،
وعكس بر الوالدين العقوق :
· العقوق يمنع صاحبه من دخول الجنة، وفى الحديث (لا يدخل الجنة قاطع) أى قاطع رحم.
· العقوق من أكبر الكبائر التى تورد صاحبها فى المهالك، وفى الحديث: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما الكبائر ؟ قال: (الإشراك بالله) قال: ثم ماذا ؟ قال: (ثم عقوق الوالدين). قال: ثم ماذا ؟ قال: (ثم عقوق الوالدين)
· عاقّ الوالدين يُعاقَبُ مرَّتين ؛ مرّة في الدنيا، ومرّة في الآخرة،كلُّ الذُّنُوبِ يَغْفرُ الله منها ما شاء - يغفر ما يشاء ويعذِّبُ ما يشاء - إلا عُقوق الوالدين فإنَّه يُعَجِّل لِصَاحبِهِ في الحياة قبل الممات.
وروى أحمد عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ بِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ مَعَ مَا يُؤَخَّرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ بَغْيٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ قَالَ وَكِيعٌ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ وَقَالَ يَزِيدُ يُعَجِّلُ اللَّهُ وَقَالَ مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ))[ رواه أحمد ]
· بر الوالدين في حياة السلف :
- كان الربيع بن خثيم: يميط الأذى عن الطريق ويقول هذا لأمي , وهذا لأبي.
- وكان علي بن الحسن: لايأكل مع والديه فقيل له في ذلك فقال: لأنه ربما يكون بين يدي لقمة أطيب مما يكون بين أيديهما وهما يتمنيان ذلك , فإذا أكلت بخست بحقهما
- عن أبي حازم: أن أباهريرة لم يحج حتى ماتت أمه.
- وسئل الحسن عن بر الوالدين؟ فقال: أن تبذل لهما ماملكت , وتطيعهما مالم تكن معصية.
- قال حميد: لما ماتت أم أياس بن معاوية: بكى , فقيل له: مايبكيك؟ قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة , وأُغلق أحدهما.
- قال عمر بن عبدالعزيز: لأبن مهران , لاتصاحب عاقاً، فإنه لن يقبلك وقد عق والديه. ( لأن حقهما أوجب حقاً منه عليه ).
- وقال علي رضي الله عنه: لوعلم الله شيئاً في العقوق أدنى من [ أف ] لحرمه.
- وقال ابن عمر: بكاء الوالدين من العقوق.
- وقال الحسن: دعاء الوالدين للولد نجاة، ودعاؤهما عليه أستئصال وبوار.</span>
- كان حيوة بن شريح: يقعد في حلقته يعلم الناس , فتطل له أمه , وتقول له: قم ياحيوة فالق الشعير للدجاج , فيقوم ويترك التعليم.
- قال أبوهريرة: ترفع للميت بعد موته درجته , فيقول: أي رب أي شيء هذه؟ فيقال: ولدك أستغفر لك.</span>
كيف يكون برك بوالديك ؟؟؟
1. شكرهم على كل مايقومان به من جهد ورعاية، قال تعالى: (إن اشكر لى ولوالديك وإلى المصير)
2. خفض الجناح لهما ولين الجانب، والتلطف فى المعاملة، قال تعالى: (واحفض لهما جناح الذل من الرحمة)
3. الدعاء لهما أحياءً وأمواتاً، قال تعالى: (وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيراً) ومن أدعية القرآن الكريم قوله تعالى: (رب اغفرلى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات)
4. السمع والطاعة لهما فى غير معصية حتى ولو كان غير مسلمين قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بى ماليس لك به علم فلا تطعهما)
5. حسن الصحبة لهم قال تعالى: (وصاحبهما فى الدنيا معروفاً)
6. عدم الضجر أو الترفع أو التكبر عليهم قال تعالى: (ولا تقل لهم أف ولا تنهرهما)
7. عدم رفع الصوت عليهما أو المقاطعة أثناء الكلام قال تعالى: (واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)
8. تقديمهم على النفس فى الطعام والشراب، والكلام، والمشى، والدخول والخروج، احتراماً وإجلالا لهما.
9. الاهتمام الخاص بالأم، لتعبها فى الحمل والولادة والرضاعة، ولوصية الله بهما قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله فى عامين أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير)
10. إذا تعارض حق الأب مع حق الأم فحق الأم مقدم على الأب قولاً واحداً، وفى الحديث: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: (أمك). قال: ثم من ؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من ؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من ؟ قال: (ثم أبوك)
11. المزيد من الاهتمام والرعاية فى سن الشيخوخة، قال تعالى: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً)
12. الانفاق عليهما فى العسر واليسر، وقضاء حوائجهم التى يحتاجون إليها قال تعالى: (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين)
هل بالإمكان أن نبر والدينا بعد وافاتهما ؟
نعم ، وجاء حديث معلمنا وحبيبنا يشرح لنا ذلك :
جاء فى الحديث: (بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما)
إلى هنا أنهيت رسالتي التفسيرية ......
اللهم أجعلنا من البَّررة بوالدينا واعفو عنهما وارحمهما كما ربياني صغيراً، أرجو من الله في ختام رسالتي هذه أن أكون قد وفقت بإيصال رسالتي لكثير من أبناءنا وبناتنا في هذا الزمان الذي كثر فيهم العقوق ،
فكثيراً من الشباب والفتيات لا يراعون حق أبويهم ولا يرونه لازماً , يرفعون أصواتهم عليهما , خاصة بعدما كبرا وضعفا واقتربا من القبر واحتاجا إلى العطف والبر, أنكروا حقهما وجحدوا معروفهما ، ونسى كل منهم كم سهرا والديه لينام وكم جاع والديه ليشبع وكم تعبا ليرتاح ، اللهم أصلح أبناءنا وبناتنا وجعلهم يا الله من عبادك الصالحين . وصل اللهم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم –.
المراجع:
ابن عاشور
السعدي
آيات قرآنية عن البر بالوالدين
أحاديث نبوية في بر الوالدين
قصص من السلف عن بر الوالدين – موقع صيد الفوائد
طريقة بكتابة الرسالة :
1- جمعت التفاسير ثم أخذت ما يناسب المقام المخاطبين بهذه الرسالة
2- ثم بينت المقصود بهذه الرسالة وهو بر الوالدين وبينت فوائد بر الوالدين من الكتاب والسنة
3- بينت أقوال وقصص من السلف جمعتها من موقع صيد الفوائد
4- ثم انتقلت إلى الأسلوب الاستنتاجي لأبين للمخاطبين كيف يكون البر بالوالدين أحياءً وأمواتاً
3- بينت خطورة العقوق
|
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك
ورسالتك رائعة لكنها معروضة في صورة ملخص هكذا:
-
-
-
وليس هذا هو الموصى به في كتابة الرسائل، بل مقامها مقام بسط وتفصيل وليس مقام اختصار.
هذا فقط هو الملحظ الوحيد وهو طريقة العرض، ويوجد لبعض الزملاء رسائل جيدة يمكنك الاطلاع عليها مثل رسالة الأخ هلال في تفسير قوله تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم...)
ورسالة الأخت مضاوي وهي رائعة في تفسير قوله تعالى: (فاستقم كما أمرت..).
فأرجو إعادة النظر في عرض الرسالة لتمام الفائدة، فهي نافعة جدا ولا أريدها أن تمر هكذا، ولولا هذا ما طلبت الإعادة.
أنتظرك
بارك الله فيك ونفع بك