14/1314 - وَعَنْ أَبِي مَرْيَمَ الأَزْدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ شَيْئاً مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ عَنْ حَاجَتِهِمْ وَفَقِيرِهِم، احْتَجَبَ اللَّهُ دُونَ حَاجَتِهِ)). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
(وَعَنْ أَبِي مَرْيَمَ الأَزْدِيِّ): هُوَ صَحَابِيٌّ، اسْمُهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ، رَوَى عَن ابْنِ عَمِّهِ أَبُو+ الشَّمَّاخِ وَأَبُو+ الْمُعَطَّلِ وَغَيْرِهِمَا، (عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ شَيْئاً مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ عَنْ حَاجَتِهِمْ وَفَقِيرِهِم، احْتَجَبَ اللَّهُ دُونَ حَاجَتِهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ)، وَلَفْظُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: ((مَا مِنْ إِمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْخَلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ إِلاَّ أَغْلَقَ اللَّهُ تَعَالَى أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ)).
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي مُخَيْمِرَةَ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ)) الْحَدِيثَ. فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلاً عَلَى حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ بِلَفْظِ: ((مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئاً، فَاحْتَجَبَ عَنْ أُولِي الضَّعْفِ وَالْحَاجَةِ، احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: ((أَيُّمَا أَمِيرٍ احْتَجَبَ عَنِ النَّاسِ فَأَهَمَّهُمُ احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُنْكَرٌ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ إلاَّ شَيْخَهُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: لَمْ يَقِفْ فِيهِ عَلَى جَرْحٍ وَلا تَعْدِيلٍ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ، أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثاً أَحْبَبْتُ أَنْ أَضَعَهُ عِنْدَكَ؛ مَخَافَةَ أَنْ لا تَلْقَانِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ عَمَلاً، فَحَجَبَ بَابَهُ عَنْ ذِي حَاجَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، حَجَبَهُ اللَّهُ أَنْ يَلِجَ بَابَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ الدُّنْيَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ جِوَارِي؛ فَإِنِّي بُعِثْتُ بِخَرَابِ الدُّنْيَا، وَلَمْ أُبْعَثْ بِعِمَارَتِهَا)).
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ وَلِيَ أَيَّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ عِبَادِ اللَّهِ أَنْ لا يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ، وَأَنْ يُسَهِّلَ الْحِجَابَ؛ لِيَصِلَ إلَيْهِ ذُو الْحَاجَةِ مِنْ فَقِيرٍ وَغَيْرِهِ.
وَقَوْلُهُ: ((احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ)) كِنَايَةٌ عَنْ مَنْعِهِ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَعَطَائِهِ وَرَحْمَتِهِ.