6/1258 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن الْخَذْفِ، وَقَالَ: ((إِنَّهَا لا تَصِيدُ صَيْداً، وَلا تَنْكَأُ عَدُوًّا، وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن الْخَذْفِ): بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَفَاءٍ، (وَقَالَ: إِنَّهَا): أَنَّثَ الضَّمِيرَ مَعَ أَنَّ مَرْجِعَهُ الْخَذْفُ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ نَظَراً إلَى الْمَخْذُوفِ بِهِ، وَهِيَ الْحَصَاةُ.
(لا تَصِيدُ صَيْداً، وَلا تَنْكَأُ): بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ، (عَدُوًّا، وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ).
الْخَذْفُ: رَمْيُ الإِنْسَانِ بِحَصَاةٍ أَوْ نَوَاةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، يَجْعَلُها بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ، أَو السَّبَّابَةِ وَالإِبْهَامِ. وَفِي تَحْرِيمِ مَا قُتِلَ بِالْخَذْفِ مِن الصَّيْدِ الْخِلافُ الَّذِي مَضَى فِي صَيْدِ الْمِثْقَلِ؛ لأَنَّ صَيْدَ الْحَصَاةِ تَقْتُلُ بِثِقَلِهَا لا بِحَدٍّ. وَالْحَدِيثُ نَهَى عَن الْخَذْفِ؛ لأَنَّهُ لا فَائِدَةَ فِيهِ، وَيُخَافُ مِنْهُ الْمَفْسَدَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَا فِيهِ مَفْسَدَةٌ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُقْتَلُ بِالْبُنْدُقَةِ، فَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ إذَا كَانَ الرَّمْيُ بِالْبَنَادِقِ وَبِالْخَذْفِ إنَّمَا هُوَ لِتَحْصِيلِ الصَّيْدِ، وَكَانَ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمَ قَتْلِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا أَدْرَكَهُ الصَّائِدُ وَذَكَّاهُ؛ كَرَمْيِ الطُّيُورِ الْكِبَارِ بِالْبَنَادِقِ.
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ عَنهُ الْبَيْهَقِيُّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " الْمَقْتُولَةُ بِالْبُنْدُقَةِ تِلْكَ الْمَوْقُوذَةُ "، فَهَذَا فِي الْمَقْتُولَةِ بِالْبُنْدُقَةِ، وَكَلامُ النَّوَوِيِّ فِي الَّذِي لا يَقْتُلُهَا، وَإِنَّمَا تَحْبِسُهَا عَلَى الرَّامِي حَتَّى يُذَكِّيَهَا، وَكَلامُ أَكْثَرِ السَّلَفِ أَنَّهُ لا يُؤْكَلُ مَا قَتَلَهُ بِالْبُنْدُقَةِ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ قُتِلَ بِالْمِثْقَلِ.
قُلْتُ: وَأَمَّا الْبَنَادِقُ الْمَعْرُوفَةُ الآنَ؛ فَإِنَّهَا تَرْمِي بِالرَّصَاصِ، فَتَخْرُجُ وَقَدْ صَيَّرَتْهُ نَارُ الْبَارُودِ كَالْمِيلِ، فَيَقْتُلُ بِحَدِّهِ لا بِصَدْمِهِ، فَالظَّاهِرُ حِلُّ مَا قَتَلَتْهُ.