855- وعن جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ ـ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، أَوْ أَهْلِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ)). رواهُ أَحْمَدُ، وأبو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، وكذلك ابنُ حِبَّانَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرَجَةُ الحديثِ:
الحديثُ حَسَنٌ.
قالَ في (التلخيصِ): رواهُ أحمدُ، وأبو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ، وحَسَّنَهُ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ من حديثِ ابنِ عَقِيلٍ عن جَابِرٍ، ووافَقَه الذَّهَبِيُّ، وأخْرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ من رِوَايَةِ ابنِ عَقِيلٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ.
وقال التِّرْمِذِيُّ: لا يَصِحُّ، إِنَّمَا هو عن جَابِرٍ. ولكنْ صَحَّحَه من طريقٍ أُخْرَى عَنِ ابنِ عَقِيلٍ عن جَابِرٍ.
وله شَاهِدٌ رواهُ أبو دَاوُدَ من حَديثِ العُمَرِيِّ، عن نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، وتَعَقَّبَهُ بالتضعيفِ، وبتصويبِ وَقْفِه، وصَوَّبَ الدَّرَاقُطْنِيُّ وَقْفَه على ابنِ عُمَرَ.
* مُفرداتُ الحديثِ.
- عَبْدٍ: هو الرَّقِيقُ.
- مَوَالِيهِ: أسيادُهُ الذين لا يَزالُ في رِقِّهم.
- عَاهِرٌ: عَهَرَ الرجُلُ عَهَراً، أَتَى المَرْأَةَ للفُجورِ، فهو عَاهِرٌ، وجَمْعُه عُهَّارٌ، وهي عَاهِرٌ أو عَاهِرَةٌ، وجَمْعُها عَوَاهِرُ أو عَاهِرَاتٌ، فالعاهِرُ: الفَاجِرُ الزاني.
* مَا يُؤْخَذُ مِن الحَدِيثِ:
1- العَبْدُ نَاقِصٌ عن الأحْرَارِ، من ذلك أنه لا يَمْلِكُ المَالَ، ولو أُعْطِيَ مالاً، صَارَ ذلك المالُ لسَيِّدِه، وحيثُ إنَّ النكاحَ عَقْدٌ له تَبِعاتٌ مالِيَّةٌ من المَهْرِ، والنفقاتِ، فإنَّ أَمْرَ تَزْويجِه جُعِلَ إلى سَيِّدِه.
2- فَإِذَا تَزَوَّجَ العبدُ بدُونِ إذنِ سَيِّدِه، فزَواجُه غيرُ صَحيحٍ، وعَقْدُه فَاسِدٌ، وسَمَّيْنَاهُ فاسداً لا باطلاً. لأجْلِ خلافٍ ضعيفٍ في صِحَّتِه، وهو خلافُ دَاوُدَ الظاهريِّ.
3- وبناءً على أنه عَقْدٌ فَاسِدٌ، فإنه يَجِبُ فَسْخُه، والتفريقُ بينَ الزوجِ وبَيْنَ مَن عُقِدَ عليها، فقدْ رَوَى ابنُ حِبَّانَ مَوْقوفاً: أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ وَجَدَ عَبْداً له تَزَوَّجَ بغيرِ إِذْنِه، ففَرَّقَ بينَهما، وأَبْطَلَ عَقْدَه، وضَرَبَه الحَدَّ؛ لأنه جاءَ في الحديثِ أنه عَاهِرٌ، والعاهِرُ هو الزاني.
4- جُمهورُ العلماءِ يَدْرَؤُونَ عن العبدِ الحدَّ إذا كانَ جَاهلاً التحريمَ، ويُلْحِقُونَ به النَّسَبَ؛ لأنَّه وَطْءُ شُبْهَةٍ.
5- قالَ في (شَرْحِ الإقناعِ): ويَمْلِكُ السيِّدُ إجبارَ عَبْدِه الصغيرِ على الزواجِ؛ لتمامِ وِلايَتِه عليه.
ولا يَمْلِكُ إِجبارَ عبدِه العاقِلِ الكبيرِ؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ يَمْلِكُ الطَّلاقَ، فلا يُجْبَرُ على النكاحِ كالحُرِّ؛ ولأنَّ النكاحَ خَالِصُ حَقِّه ونَفْعِه، فلا يُجْبَرُ عليه، والأمْرُ بإنكاحِه مُخْتَصٌّ بحالةِ طَلَبِه.