دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > باب اللباس

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 10:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب اللباس (5/5) [تحريم لبس المعصفر للرجال وما يتجوز فيه من لبس الحرير]

وعن عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عن لُبْسِ الْقَسِّيِّ والْمُعَصْفَرِ. رواهُ مسلِمٌ.
وعن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، قالَ:رأَى عليَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فقالَ: ((أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟)). رواهُ مسلِمٌ.
وعن أسماءَ بنتِ أبي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنها أَخْرَجَتْ جُبَّةَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكفوفةَ الْجَيْبِ والْكُمَّيْنِ والْفَرْجَيْنِ بالدِّيباجِ. رواهُ أبو دَاوُدَ. وأَصْلُهُ في مسلِمٍ، وزادَ: كَانَتْ عندَ عائشةَ حَتَّى قُبِضَتْ فقَبَضَتْهَا، وكَانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فنحن نَغْسِلُها لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفِي بها. وزادَ البخاريُّ في (الأدبِ الْمُفْرَدِ): وكَانَ يَلْبَسُها للوَفْدِ والْجُمُعَةِ.


  #2  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 11:13 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

8/497 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ): بِضَمِّ اللاَّمِ، (الْقَسِّيِّ): بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا يَاءُ النِّسْبَةِ. وَقِيلَ: إنَّ الْمُحَدِّثِينَ يَكْسِرُونَ الْقَافَ، وَأَهْلُ مِصْرَ يَفْتَحُونَهَا، وَهِيَ نِسْبَةٌ إلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهَا: الْقَسُّ.
وَقَدْ فُسِّرَ الْقَسِّيُّ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهَا ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ -أي: بالحَرِيرِ- يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ، هَكَذَا فِي مُسْلِمٍ، وَفِي الْبُخَارِيِّ: فِيهَا حَرِيرٌ أَمْثَالُ الأُتْرُجِّ، (وَالْمُعَصْفَرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ). هُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ.
فَالنَّهْيُ فِي الأَوَّلِ لِلتَّحْرِيمِ إنْ كَانَ حَرِيرُهُ أَكْثَرَ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ لِلتَّنْزِيهِ وَالْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَالأَصْلُ فِي النَّهْيِ أَيْضاً التَّحْرِيمُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَت الْهَادَوِيَّةُ.
وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَى جَوَازِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ، وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ غَيْرُ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: مَكْرُوهٌ تَنْزِيهاً، قَالُوا: لأَنَّهُ لَبِسَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً حَمْرَاءَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ.
وَقَدْ رَدَّ ابْنُ الْقَيِّمِ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا حُلَّةٌ حَمْرَاءُ بَحْتاً، وَقَالَ: إنَّ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ بُرْدَانِ يَمَانِيَّانِ مَنْسُوجَانِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ مَعَ الأَسْوَدِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الاسْمِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِن الْخُطُوطِ، وَأَمَّا الأَحْمَرُ الْبَحْتُ فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ:

9/498 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: رَأَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: ((أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَهُوَ قَوْلُهُ: (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، قَالَ: أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟ رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُعَصْفَرِ عاضِدٌ لِلنَّهْيِ الأَوَّلِ، وَيَزِيدُهُ قُوَّةً فِي الدَّلالَةِ تَمَامُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " قُلْتُ: أَغْسِلُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((بَلِ احْرَقْهُمَا)).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ، فَلا تَلْبَسْهُمَا))، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي قَوْلِهِ: ((أُمُّكَ أَمَرَتْكَ))، إعْلامٌ بِأَنَّهُ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ وَزِينَتِهِنَّ وَأَخْلاقِهِنَّ.
وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى الْعُقُوبَةِ بِإِتْلافِ الْمَالِ، وَهُوَ يُعَارِضُ حَدِيثَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَأَمْرَهُ بِأَنْ يَشُقَّهَا بَيْنَ نِسَائِهِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ قَدَّمْنَاهَا، وأمَرَ ابنَ عُمَرَ بتَحْرِيقِها، فَيُنْظَرُ فِي وَجْهِ الْجَمْعِ. إلاَّ أَنَّ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَيْهِ رَيْطَةً مُضَرَّجَةً بِالْعُصْفُرِ، فَقَالَ: ((مَا هَذِهِ الرَّيْطَةُ الَّتِي عَلَيْكَ؟)) قَالَ: فَعَرَفْتُ مَا كَرِهَ، فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّوراً لَهُمْ، فَقَذَفْتُهَا فِيهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِن الْغَدِ، فَقَالَ: ((يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا فَعَلَتِ الرَّيْطَةُ))، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ((هَلاَّ كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ؛ فَإِنَّهُ لا بَأْسَ بِهَا لِلنِّسَاءِ)).
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَحْرَقَهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ مِن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَزَالَ التَّعَارُضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، لَكِنَّهُ يَبْقَى التَّعَارُضُ بَيْنَ رِوَايَتَيِ ابْنِ عَمْرٍو.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَوَّلاً بِإِحْرَاقِهَا نَدْباً، ثُمَّ لَمَّا أَحْرَقَهَا قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ))؛ إعْلاماً لَهُ بِأَنَّ هَذَا كَانَ كَافِياً عَنْ إحْرَاقِهَا لَوْ فَعَلَهُ، وَأَنَّ الأَمْرَ لِلنَّدْبِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِحْرَاقِهَا مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ أَو الْعُقُوبَةِ.

10/499 - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ.رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ، وَزَادَ: كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ، فَقَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا. وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ: وَكَانَ يَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ وَالْجُمُعَةِ.
(وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْفُوفَةَ): الْمَكْفُوفُ مِن الْحَرِيرِ مَا اتُّخِذَ جَيْبُهُ مِنْ حَرِيرٍ وَكَانَ لِذَيْلِهِ وَأَكْمَامِهِ كِفَافٌ مِنْهُ.
(الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ): هُوَ مَا غَلُظَ مِن الْحَرِيرِ كَمَا سَلَفَ، (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ، وَزَادَ)؛ أَيْ: مِنْ رِوَايَةِ أَسْمَاءَ، (كَانَتْ)؛ أَي: الْجُبَّةُ، (عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ) مُغَيَّرَ الصِّيغَةِ؛ أَيْ: مَاتَتْ، (فَقَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا).
الْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ لَهُ سَبَبٌ، وَهُوَ أَنَّ أَسْمَاءَ أَرْسَلَتْ إلَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّهُ يَحْرُمُ الْعَلَمُ فِي الثَّوْبِ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ))، فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ، فَأَخْرَجَتْ أَسْمَاءُ الْجُبَّةَ. (وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ) فِي رِوَايَةِ أَسْمَاءَ (وَكَانَ يَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ وَالْجُمُعَةِ).
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ عَلَى قَوْلِهِ: مَكْفُوفَةً. وَمَعْنَى الْمَكْفُوفَةِ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ كُفَّةً؛ بِضَمِّ الْكَافِ، وَهُوَ مَا يُكَفُّ بِهِ جَوَانِبُهَا وَيُعْطَفُ عَلَيْهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الذَّيْلِ وَفِي الْفَرْجَيْنِ وَفِي الْكُمَّيْنِ. انْتَهَى.
وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ أَوْ دُونَهَا أَوْ فَوْقَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُصْمَتاً جَمْعاً بَيْنَ الأَدِلَّةِ. وَفِيهِ جَوَازُ مِثْلِ ذَلِكَ مِن الْحَرِيرِ، وَجَوَازُ لُبْسِ الْجُبَّةِ وَمَا لَهُ فَرْجَانِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَفِيهِ اسْتِشْفَاءٌ بِآثَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا لامَسَ جَسَدَهُ الشَّرِيفَ. كذا قِيلَ، إلاَّ أنَّهُ لا يَخْفَى أنَّهُ فِعْلُ صَحَابِيَّةٍ لا دَلِيلَ فيهِ.
وَفِي قَوْلِهَا: كَانَ يَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ وَالْجُمُعَةِ، دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّجَمُّلِ بِالزِّينَةِ لِلْوَافِدِ وَنَحْوِهِ.
وَأَمَّا خِيَاطَةُ الثَّوْبِ بِالْخَيْطِ الْحَرِيرِ، وَلُبْسُهُ، وَجَعْلُ خَيْطِ السُّبْحَةِ مِن الْحَرِيرِ، وَلِيقَةِ الدَّوَاةِ، وَكِيسِ الْمُصْحَفِ، وَغِشَايَةِ الْكُتُبِ، فَلا يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِعَدَمِ جَوَازِهِ؛ لِعَدَمِ شُمُولِ النَّهْيِ لَهُ.
وَفِي اللِّبَاسِ آدَابٌ؛ مِنْهَا فِي الْعِمَامَةِ: تَقْصِيرُ الْعَذْبَةِ، فَلا تَطُولُ طُولاً فَاحِشاً، وَإِرْسَالُهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ، وَيَجُوزُ تَرْكُهَا بِالأَصَالَةِ. وَفِي الْقَمِيصِ: تَقْصيرِ الْكُمُّ؛ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَسْمَاءَ: كَانَ كُمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الرُّسْغِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلامِ: وإفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الأَكْمَامِ والثِّيَابِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ. وَفِي الْمِئْزَرِ وَمِثْلُهُ الْقَمِيصُ واللِّبَاسُ: أَنْ لا يُسْبِلَهُ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَيَحْرُمُ إنْ جَاوَزَ الْكَعْبَيْنِ.


  #3  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 11:13 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

431- وعنْ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ نَهَى عنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ والْمُعَصْفَرِ. رواهُ مسلمٌ.
* مفرداتُ الحديثِ:
- القَسِّيِّ: بفَتْحِ القافِ وتشديدِ المهمَلَةِ بعدَها ياءُ نَسَبٍ؛ ثيابٌ مُضَلَّعَةٌ فيها حريرٌ، تُنْسَبُ إلى قَريَةٍ في مِصْرَ بالقربِ مِنْ دِمياطَ، كانَ يُنْسَجُ فيها الثيابُ.
قالَ العَيْنِيُّ: والآنَ خَرِبَةٌ.
قالَ أبو عُبيدٍ: أصحابُ الحديثِ يقولونَ: القِسِّيُّ؛ بكسرِ القافِ، وأهلُ مصرَ يَفْتَحُونَها.
- المُعَصْفَرُ: بصيغةِ اسمِ المفعولِ مِن الرباعيِّ؛ هوَ المصبوغُ بالعُصْفُرِ؛ نبْتٌ صَيْفِيٌّ مِن الفَصيلةِ الْمُرَكَّبَةِ، وهيَ أُنبوبيَّةُ الزهْرِ، يَخْرُجُ منهُ صَبْغٌ أَحْمَرُ، يُصْبَغُ بهِ الحريرُ ونحوُهُ.
* * *
432- وعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: رَأَى عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فقالَ: ((أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟)). رواهُ مسلمٌ.
* المُفْرَدَاتُ:
- رَأَى عَلَيَّ: بتشديدِ الياءِ؛ حرْفُ جَرٍّ معَ ياءِ المتكلِّمِ.
- أُمُّكَ أَمَرَتْكَ: استفهامٌ إنكاريٌّ بهمزةٍ محذوفةٍ، تقديرُهُ: أَأُمُّكُ أمَرَتْكَ بِهَذَا؟! قالَهُ تَغْلِيظاً وإظهاراً لشِدَّةِ كَرَاهِتِهِ.
* * *
433- وعنْ أسماءَ بنتِ أبي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنَّها أَخْرَجَتْ جُبَّةَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ والْكُمَّيْنِ والْفَرْجَيْنِ بالدِّيباجِ. رواهُ أبو دَاوُدَ. وأَصْلُهُ في مسلِمٍ، وزادَ: كَانَتْ عندَ عائشةَ حَتَّى قُبِضَتْ، فقَبَضَتْهَا، وكَانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فنحنُ نَغْسِلُها لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفِي بها. وزادَ البخاريُّ في الأدبِ الْمُفْرَدِ: وكَانَ يَلْبَسُها للوَفْدِ والْجُمُعَةِ.
* درجةُ الحديثِ:
الحديثُ صحيحٌ.
هذا الحديثُ قِطعةٌ منهُ في صحيحِ مسلِمٍ، فَعَنْ أسماءَ بنتِ أبي بكْرٍ، أنَّها أخْرَجَتْ جُبَّةً طَيَالِسِيَّةً سَرَوَانِيَّةً، لها لَبِنَةُ دِيباجٍ، وفَرْجَاهَا مَكفوفانِ بالدِّيباجِ،وقالتْ: "هذهِ جُبَّةُ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ، كانتْ عندَ عائشةَ، فلَمَّا قُبِضَتْ قَبْضْتُهَا، وكانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يَلْبَسُها، فَنَحْنُ نَغْسِلُها للمَرْضَى يُسْتَشْفَى بها".
* مفرداتُ الحديثِ:
- لِلْوَفْدِ: بفَتْحِ الواوِ وسُكونِ الفاءِ، مفْرَدُهُ: وافدٌ، وأمَّا جَمْعُ الوفْدِ فهوَ: وُفودٌ وأوفادٌ، والوفْدُ: جماعةٌ كريمةٌ تَذْهَبُ إلى أميرٍ أوْ كريمٍ.
- جُبَّةَ: بضَمِّ الجيمِ وتشديدِ الباءِ الموَحَّدَةِ: ثوبٌ سابِغٌ، واسعُ الكُمَّيْنِ، مَشقوقُ الْمُقَدَّمِ، يُلْبَسُ فوقَ الثيابِ.
- مَكْفُوفَةَ: يُكَفُّ جوانبُها ويُعْطَفُ عليها، والكَفُّ يكونُ في الذيلِ والفَرجَيْنِ والْكُمَّيْنِ.
- الْجَيْبِ: بفَتْحٍ فسكونٍ، جَمْعُهُ: أجيابٌ وجُيوبٌ، وجَيْبُ القميصِ: هوَ ما يُشَقُّ ويُفْتَحُ على النحْرِ.
- الفَرجَيْنِ: بفَتْحٍ فسُكونٍ؛ تَثْنِيَةُ: فَرْجٍ، وهوَ في الأصْلِ: انفتاحٌ في الشيءِ، ومنهُ شَقُّ الثوبِ الذي يَكونُ على الصدْرِ، يَبتدئُ مِنْ عندِ النحْرِ، ورُبَّمَا يَنتهِي إلى القَدمَيْنِ، ثمَّ أُطْلِقَ الفَرْجَانِ على حَافَتَيِ الفَتْحَةِ.
- الدِّيبَاجِ: هوَ الثوبُ الذي سُدَاهُ ولُحْمَتُهُ حريرٌ، مُعَرَّبٌ مِن الفَارِسِيَّةِ، جَمْعُهُ: دَبَابِيجُ.
* ما يُؤْخَذُ مِن الأحاديثِ:
1- الحديثُ رَقْمُ (431) نَهَى عنْ لُبْسِ القَسِّيِّ والْمُعَصْفَرِ، والنهيُ يَقتضِي التحريمَ، والحكمةُ في ذلكَ أنَّ الْقَسِّيَّ نوعٌ مِن الحريرِ، وأمَّا الْمُعَصْفَرُ: فالثوبُ المصبوغُ بالعُصْفُرِ المعروفِ.
2- وفيهِ استحبابُ التجَمُّلِ للوفودِ والْحَفَلاتِ والاجتماعاتِ العامَّةِ؛ ففيهِ مظهَرٌ حسَنٌ للمسلمينَ.
3- النهيُ عنْ ذلكَ خَاصٌّ بالرجالِ دونَ النساءِ؛ لأنَّ الحديثَ مُخَصَّصٌ بأحاديثَ أُخَرَ.
4- المشهورُ مِنْ مَذْهَبِ الإمامِ أحمدَ أنَّ المُعَصْفَرَ مَكروهٌ، وأمَّا جُمهورُ العلماءِ فيَرَوْنَ إباحةَ لُبْسِهِ؛ لِمَا في البخاريِّ (5851) ومسلمٍ (1187) مِنْ حديثِ ابنِ عمرَ قالَ: " رَأَيْتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يَصْبِغُ بالصُّفْرَةِ "، وهيَ الروايَةُ الثانيَةُ عنْ أحمدَ، اختارَها الْمُوَفَّقُ، قالَ في الفروعِ: وهوَ أظْهَرُ، وكذا في الإنصافِ.
5- أمَّا الحديثُ رقْمُ (432) فيَدُلُّ على تحريمِ لُبْسِ الثوبِ الْمُعَصْفَرِ على الرجالِ، وأنَّهُ خاصٌّ بالنساءِ، وتَقَدَّمَ الْخِلافُ في ذلكَ.
ولا تَعَارُضَ بينَ حديثِ ابنِ عمرَ في الصحيحيْنِ، وبينَ هذَيْنِ الحديثَيْنِ رَقْمِ (431، 432)؛ فإنَّ هذَيْنِ الحديثَيْنِ بَيَّنَا حُكْمَ الثيابِ الْحُمْرِ المصبوغةِ بالعُصْفُرِ، أمَّا حديثُ ابنِ عمرَ فهوَ صَبْغُ لِحْيَتِهِ بالصُّفْرَةِ، وهذا مُسْتَحَبٌّ.
6- أمَّا الحديثُ رقْمُ (433) فيَدُلُّ على إباحةِ لُبْسِ ما فيهِ عَرْضُ أرْبَعةِ أصابعَ فما دُونَهُ مِن الحريرِ.
7- ويَدُلُّ على جوازِ التَّبَرُّكِ بآثارِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ حتَّى بعْدَ وفاتِهِ، ولكنَّهُ لا يَلْحَقُهُ أحَدٌ في ذلكَ؛ فلا يَجوزُ التبَرُّكُ بآثارِ أحَدٍ، مَهْمَا سَمَتْ مَنْزِلَتُهُ بالعلْمِ والصلاحِ.
8- قولُها: "جُبَّةَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ مكفوفةَ الكُمَّيْنِ والفَرْجَيْنِ بالدِّيباجِ" فيهِ دَلالةٌ على جوازِ تَحليَةِ هذهِ الأماكنِ بالدِّيباجِ في الْجُبَّةِ والعَباءةِ ونحوِ ذلكَ مِنْ أَلْبِسَةِ الرجالِ.
قالَ شيخُ الإسلامِ: بابُ الذهَبِ والحريرِ واحدٌ، فالْعَبَاءَةُ التي تُعْمَلُ بالزَّرِي + والذهَبِ لا بأسَ بهِ؛ لأنَّها تابِعَةٌ وليستْ مُسْتَقِلَّةً.
* فوائدُ:
الأُولَى: أَجْمَعَ العُلماءُ على تحريمِ التَّشَبُّهِ بالكُفَّارِ؛ فإنَّ مُخَالَفَتَهُم أَمْرٌ مقصودٌ للشارِعِ، وليسَ مِن التَّشَبُّهِ اتِّخاذُ اللِّباسِ الذي يَلْبَسُونَ ويَلْبَسُهُ المسلمونَ، وليسَ خاصًّا بهم؛ فإنَّ هذا لا يُعْتَبَرُ شِعاراً خاصًّا بهم، ولا يُعْتَبَرُ لابِسُهُ مُقَلِّداً، أوْ مُتَّبِعاً لهيئاتِهم وأزيائِهم.
الثانيَةُ: اخْتَلَفَ العلماءُ قديماً وحديثاً في التصويرِ والصُّوَرِ، ولوْ عَرَضْنَا أَدِلَّتَهم لطالَ البَحْثُ، ولكنْ نُلَخِّصُ منها ما تَيَسَّرَ في الفِقراتِ الآتيَةِ:
- أَجْمَعَ العُلماءُ على تحريمِ الصُّوَرِ الْمُجَسَّمَةِ لِذَوَاتِ الأرواحِ؛ للنصوصِ الصحيحةِ الصريحةِ في ذلكَ.
- اخْتَلَفوا في الصُّوَرِ الشمسيَّةِ؛ فذَهَبَ بعضُهم إلى دخولِها في التحريمِ؛ مُسْتَدِلاًّ بعمومِ النصوصِ.
وذَهَبَ بعضُهم إلى: إِبَاحَتِها؛ وأنَّها لا تَدْخُلُ في عمومِ النصوصِ، وأنَّهُ ليسَ تصويراً، وإنَّما هوَ إمساكٌ للصورةِ بموادَّ خاصَّةٍ، وأنَّهُ أَشْبَهُ بمُقَابَلَةِ الْمِرآةِ، وبُروزِ صورةِ الإنسانِ أمامَهُ، إلاَّ أنَّ هذهِ حُبِسَتْ، والأُخْرَى زالَتْ.
وجُمهورُ العلماءِ يُخَصِّصُونَ مِنْ عمومِ النصوصِ لُعَبَ الأطفالِ؛ لقِصَّةِ عائشةَ، ولِيَتَدَرَّبَ الصغيراتُ بِهِنَّ على تربيَةِ الأطفالِ، ولَكِنْ على ألاَّ يُتَوَسَّعَ في هذهِ اللُّعَبِ التي صارت الآنَ كأنَّها تماثيلُ لصُوَرٍ مُجَسَّمَةٍ ذاتِ أرواحٍ.
الثالثةُ: الإِسْبَالُ:
(أ‌) جاءَ في البخاريِّ (5784)، وَمسلمٍ: (2085) ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
(ب) وجاءَ في البخاريِّ (5783)، وَمسلمٍ: (2085) عنْ أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((لا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَراً)).
(ج) وجاءَ في صحيحِ مسْلِمٍ: عنْ أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ...)) وذَكَرَ منهم: ((الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ)).
(د) ورَوَى أبو داوُدَ (4048) بإسنادٍ حسَنٍ عنْ جابرِ بنِ سليمٍ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((إِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ؛ فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ)).
(هـ) وجاءَ في البخاريِّ (3465) عن ابنِ عمرَ، أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إِنَّ إزارِي يَسترخِي، إِلاَّ أنْ أَتَعَاهَدَهُ، فقالَ لهُ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((إِنَّكَ لَسْتَ مِمَّن يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ)).
(و) وجاءَ في البخاريِّ (5787): عنْ أبي هريرةَ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ)).
هذهِ غَالِبِيَّةُ الأحاديثِ الواردةِ في الإسبالِ.
وإذا تأَمَّلَها القارئُ وَجَدَ أنَّ بَعْضَها مُطْلَقٌ، وبَعْضَها مُقَيَّدٌ بقَصْدِ الْخُيَلاءِ.
والقاعدةُ الأُصُولِيَّةُ هيَ حَمْلُ المُطْلَقِ على الْمُقَيَّدِ، فيكونُ الذي لم يُرِدِ الْخُيلاءَ غيرَ داخِلٍ في الوَعيدِ الذي يَقتضِي تحريمَ الإسبالِ؛ ولذا قالَ الإمامُ النوويُّ في شرْحِ مسلِمٍ ما يأتي:
وأمَّا قولُهُ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ)) فمعناهُ: الْمُرْخِي لهُ، الجَارُّ لهُ خُيلاءَ، وهذا يُخَصِّصُ عمومَ الْمُسْبِلِ إزارَهُ، ويَدُلُّ على أنَّ المرادَ بالوعيدِ مَنْ جَرَّهُ خُيلاءَ، وقدْ رَخَّصَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ في ذلكَ لأبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ، قالَ: ((لَسْتَ مِنْهُمْ))؛ إذْ كانَ جَرُّهُ لغيرِ الْخُيلاءِ.
وظواهِرُ الأحاديثِ في تقييدِهِ بالْجَرِّ خُيلاءَ تَدُلُّ على أنَّ التحريمَ مخصوصٌ بالْخُيَلاءِ، وهكذا نَصَّ الشافعيُّ على هذا الفَرْقِ كما ذَكَرْنَا.
وأمَّا القَدْرُ الْمُسْتَحَبُّ فيما يَنْزِلُ إليهِ طرَفُ القميصِ والإزارِ فنصْفُ الساقَيْنِ، والجائزُ بلا كراهةٍ إلى الكعبَيْنِ، فما نَزَلَ عن الكعبَيْنِ فهوَ ممنوعٌ، فإنْ كانَ للخُيلاءِ فهوَ ممنوعٌ مَنْعَ تحريمٍ، وإلاَّ فمَنْعَ تنزيهٍ.
وأمَّا الأحاديثُ الْمُطْلَقَةُ بأنَّ ما تحتَ الكعبَيْنِ ففي النارِ، فالمرادُ بها ما كانَ للخُيَلاءِ؛ لأنَّهُ مُطْلَقٌ فوَجَبَ حَمْلُهُ على الْمُقَيَّدِ. اهـ كلامُ النوويِّ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
وبعضُهم: لا يَرَوْنَ حَمْلَ مُطْلَقِ أحاديثِ الإسبالِ على مُقَيَّدِها، وإنَّما جَعَلُوا هذهِ مِنْ بابِ اختلافِ السببِ والحكْمِ في الدليلَيْنِ، وإِذَنْ فلا يُحْمَلُ أحَدُهما على الآخَرِ؛ ذلكَ أنَّ الوعيدَ فيمَنْ جَرَّ ثوبَهُ خُيَلاءَ هوَ أنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إليهِ نَظَرَ رَحمةٍ وعَطْفٍ.
وأمَّا الوَعيدُ فيمَنْ أَنْزَلَ ثوبَهُ عنْ كَعْبَيْهِ أنَّ النارَ لهما وَحْدَهما، فالعقوبةُ الأُولَى عامَّةٌ، والعقوبةُ الثانيَةُ جُزئيَّةٌ، وكذلكَ السبَبُ مُخْتَلِفٌ فيهما، فأَحَدُهما: جَرَّ إزارَهُ خُيلاءَ، والثاني: أَنْزَلَهُ إلى أسْفَلَ مِنْ كَعْبِهِ بلا خُيلاءَ.
وهذا القولُ أحْوَطُ، وأمَّا القولُ الأوَّلُ فهوَ أصَحُّ مِنْ حيثُ الدليلُ، وأجْوَدُ مِنْ حيثُ التأصيلُ، واللَّهُ أعْلَمُ


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اللباس, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir