دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > الأطعمة والأشربة واللباس

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 08:15 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي كتاب اللباس

كِتَـابُ اللِّبَـاسِ

عن عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((لاَ تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَن لَبِسَهُ في الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ)) .
وعن حُذَيفةَ بنِ اليَمانِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ : سمعتُ رسولَ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ يقولُ: ((لاَ تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، وَلاَ الدِّيبَاجَ، وَلاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلاَ تَأْكُلُوا في صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ في الآخِرَةِ)) .

  #2  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 04:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

كتابُ اللِّبَاسِ

الْحَدِيثُ التسعونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
عنْ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ)).

الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
وعنْ حُذَيفةَ بنِ اليَمانِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: سمعتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: ((لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا في صِحَافِهَا؛ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ في الآخِرَةِ)).

الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
عنْ عمـرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبُوسِ الحَرِيرِ إلَّا هَكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةَ، وَالْوُسْطَى)).
ولِمسلمٍ: ((نَهَى نبيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ، أَو ثَلَاثٍ، أَو أَرْبَعٍ)).

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
عن البَرَاءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: ((مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَهُ شَعَرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، لَيْسَ بِالْقصِيرِ وَلَا بِالطَّوِيلِ)).

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: تحريمُ لبسِ الحريرِ والدِّيبَاجِ على الذكورِ، والوعيدُ فِيهِ.
الثَّانِيَةُ: إباحتُهُ للنساءِ لِحَاجَتِهِنَّ إلى الزِّينَةِ.
الثَّالِثَةُ: تحريمُ الأكلِ والشرابِ في صِحَافِ الذهبِ والفضَّةِ وآنيتِهِمَا للذكورِ والإناثِ، وكذا سائِرُ الاستعمالاتِ لا تَحِلُّ بِهِمَا.
الرَّابِعَةُ: يُسْتَثْنَى منْ لبسِ الحريرِ قدرُ ثلاثةِ أوْ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ، فلا بأسَ بهِ إذا كانَ تَابِعًا لغيرِهِ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ.

  #3  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 04:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

كِتَابُ اللِّبَاسِ
الحديثُ الثاني وَالتسعونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
392- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ)) .
الحديثُ الثالثُ والتسعونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
393- عن حُذَيفةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُـولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :((لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْـرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأَكُلُوا في صِحافِهِمَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ)) .(220)
__________________
(220) المعنى الإجماليُّ :
نهى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجالَ عن لُبْسِ الحريرِ وَالديباجِ؛ لِمَا فِي لبسِهِمَا ـ للذَّكَرِ ـ من الميوعةِ وَالتأنُّثِ، وَالتشبُّهِ بالنساءِ الناعماتِ المترَفاتِ .
والرجلُ يُطلبُ مِنْهُ الخشونةُ، والقوَّةُ، وَالفتوَّةُ .
كما نهى كُلًّا من الرجالِ وَالنساءِ عن الأكلِ وَالشربِ فِي صِحَافِ الذهبِ وَالفضَّةِ وآنيتِهما؛ لِمَا فِي ذلكَ من السرفِ، وَالفخرِ، وَالخيلاءِ، وكسرِ قلوبِ الفقراءِ الذين لا يجدونَ رخيصَ النقدِ لقضاءِ الضرورةِ من حاجاتِهم؛ ولما فيه من تضييقِ النقدينِ علىالمتعاملينَ .
وكما قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ الأكلَ فيهما فِي الدُّنْيَا لِلْكُفَّارِ الذينَ تَعَجَّلُوا طيِّبَاتِهم فِي حياتِهم الدُّنْيَا وَاستمتعُوا بها
وهيَ لكم - أيها المسلمونَ - خالصةً يومَ القيامةِ إذا اجتنبتمُوها خوفًا من اللهِ تعالى وطمعًا فيما عندَهُ .
كما أنَّ مَن لَبِسَ الحريرَ من الرجالِ فِي الدُّنْيَا، فقد تعجَّلَ متعتَهُ؛ ولذا فإنَّهُ لَنْ يلبسَهُ فِي الآخرةِ .
((ومَن تعجلَّ شيئًا قبلَ أوانِهِ عُوقبَ بحرمانِهِ )) وَاللهُ شديدُ العقابِ .
ما يُستفادُ من الحديثينِ :
1- تحريمُ لبسِ الحريرِ وَالديباجِ عَلَى الذُّكورِ، وَالوعيدُ الشديدُ عَلَى مَن لبسَهُ .
2- يُبَاح ُللنساءِ لُبْسُه؛ لكونِهنَّ فِي حاجةٍ إِلَى الزينةِ للأزواجِ، وحِلُّه للنساءِ، وتحريمُه عَلَى الرجالِ، بإجماعِ العلماءِ .
3- تحريمُ الأكلِ وَالشربِ فِي صحافِ الذهبِ وَالفضةِ وآنيتِهما، لِلذكورِ وَالإناثِ؛ لكونِهما لِلْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا، وللمسلمينَ فِي الآخرةِ؛ ولِمَا ذكرْنَا من العللِ فِي الشرحِ .
4- ألحقَ العلماءُ بالأكلِ وَالشربِ سائرَ الاستعمالاتِ، وجعلوا ذِكرَ الأكلِ وَالشربِ من بابِ التعبيرِ بالغالبِ، كقولِهِ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَاكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَاكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا) وَهُوَ عامٌّ لجميعِ الاستعمالاتِ وَالاستيلاءِ .
5- يجري فِي هَذَا الوعيدِ ما تَقَدَّمَ من كلامِ شيخِ الإسلامِ ((ابنِ تيميةَ)) من أنَّ الأشياءَ لا تتمُّ إلَّا باجتماعِ شروطِها وَانتفاءِ موانعِها، وإِلَّا فإنَّ ظاهرَ الحديثِ الخلودُ فِي النارِ لِلابِسِ الحريرِ .

  #4  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 04:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

كتابُ اللِّباسِ
398 - الحديثُ الأوَّلُ: عن عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ)).
الحديثُ: يتناولُ مُطْلَقَ الحريرِ. وهوَ محمولٌ عِنْدَ الجمهورِ: على الخالصِ منهُ في حقِّ الرِّجالِ. وهوَ عندهُمْ نَهْيُ تحريمٍ. وأمَّا الْمُمْتَزِجُ بغيرِهِ: فللفقهاءِ فيهِ اختلافٌ كثيرٌ. فمنهمْ مَن يَعْتَبِرُ الْغَلَبَةَ في الوزنِ. ومنهمْ مَن يعتبرُ الظُّهورَ في الرُّؤيةِ. واختلفُوا في العَتَّابِيِّ من هذا.
ومَن يقولُ بالتَّحريمِ: لعلَّهُ يَسْتَدِلُّ بالحديثِ. ويقولُ: إنَّه يدلُّ على تحريمِ مسمَّى الحريرِ. فمَا خرجَ منهُ بالإجماعِ حَلَّ. ويَبْقَى مَا عَدَاهُ على التَّحريمِ.
399 - الحديثُ الثَّانِي: عن حُذَيْفَةَ بنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللهُ عنهمَا قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ يقولُ: ((لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهبِ وَالْفِضَّةِ. وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ)).

  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 04:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

......................

  #6  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 05:22 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

القارئ: الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين . قال المؤلف رحمنا الله تعالى وإياه:

كتاب اللباس

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تلبسوا الحرير؛ فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) .

وعن حذيفة رضي الله عنه , قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تلبسوا الحرير , ولا الديباج , ولا تشربوا في آنية الذهب والفضَّة , ولا تأكلوا في صحافها ؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة .

الشيخ: هذا كتاب اللباس , في هذا الكتاب الذي جعله في الأحكام (عمدة الأحكام من أحاديث خير الأنام) , لما ذكر الأطعمة ذكر بعدها الأكسية ؛ وذلك لأن الجميع مما يحتاج إليه , ولأن اللباس من جملة ما أنعم الله به ومنَّ به على المسلمين , بل على الأمة جميعا , قال الله تعالى: {يا بنيآدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا} , فقسم اللباس إلى قسمين: قسم يستر به الإنسان العورة والسوءة , وقسم يكون رياشا , يعني جمالا وزينة . وكلها مما أنعم الله به , وامتن به على العباد , وإن كان ذلك من جملة ما ينسجونه ويعملونه , ولكن هو الذي أخرج لهم الأصل الذي هو مادة هذه الأكسية وهذه الألبسة , هو الذي امتن عليهم بهذا الشجر , الذي يخرج منه هذا القطن ونحوه , وامتن عليهم أيضا بهذه الأنعام , التي ينسجون منها هذه الأصواف وهذه الأكسية ونحوها . وامتن عليهم بالمواد التي يصنعون وينسجون منها هذه الأكسية.

الأصل في اللباس أنه على الإباحةس , أن الإنسان يلبس ما تيسر له , لكن وردت الشريعة بمنع اللباس لبعض الأنسجة , ولبعض الأكسية , وأنها لا يجوز لبسها , وعلل ذلك بعلل , فمن جملتها لبس الحرير للرجال . في هذا الحديث النهي الصريح من النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس الرجال الحرير , ويخبر بأن .. بأن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
الحرير معروف أنه لباس ينسج من .. أو يؤخذ من نسيج دود القز . هذا الدود دود صغير يتوالد , ويكون مما يتولد منه هذا النسيج الذي ينسجه حتى يجعل له أماكن يكتن بها , ويختفي فيها , ويخفي فيها نفسه وبيضه وبذره . كما تعرفون أن العنكبوت له أيضا نسج , وإن كان نسيج العنكبوت ليس مثل دود القز , بل واه لقوله تعالى: {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون} , فكما أن العنكبوت تنسج ولها نسيج , فكذلك دود القز , يؤخذ من نسيج دود القز هذا النسيج , فيعمل منه هذا الحرير .
وإذا نسج هذا الحرير فإنه لرقته ونعومته وملوسته يكون ملبسا منعما , يفتخر به من يلبسه , وينعم به , فلذلك جاءت الأحاديث بالنهي عنه للرجال ؛ لما فيه من النعومة . وأبيح للنساء ؛ لحاجة النساء إلى الجمال وإلى الزينة , فهذا هو السر في النهي عنه . بعد الأذان نكمل إن شاء الله .
تكاثرت الأحاديث في نهي الرجال عن لبس الحرير , وورد الإذن فيه في بعض الأماكن والأحوال , ففي حديث آخر أن بعض الصحابة اشتكوا حكَّةً في أجسادهم , ولم يناسبهم إلا الحرير , فرخص لهم في لبس الحرير ؛ لأجل تلك الحكة. فأخذوا من ذلك أنه يجوز للعذر كحكة مثلا وجرب ونحوه .
وورد أيضا الرخصة في الشيء اليسير منه , ومثلوا بسجف الفراء , الفرو المعروف قد تحتاج حافاته إلى أن تخاط بقطع من الحرير , وكذلك إذا كانت الرقعة التي يرقع بها الثوب يسيرة من الحرير قدر أربع أصابع أو أقل , وكذلك إذا كان الحرير ليس ظاهرا , وإنما هو أسلاك خفية , وهو ما يسمى بالسداء , إذا لم يكن ظاهرا .
في هذه الأزمنة يظهر , أو يوجد بعض الأكسية تسمى حريرا , ولكنها ليست حريرا أصليا , وإنما هي حرير صناعي كسائر الصناعات التي قلدت بها الأكسية الأصلية , فإذا وجدت هذه الأكسية , ولم تكن حريرا أصلا , وإنما هي صناعة مقلدة لذلك الحرير الأصلي , فالأصل الإباحة ؛ لأن النهي إنما ورد عن الحرير الذي هو من نسج دود القز ونحوه .
أما بقية ما في الحديث ذكر فيه أن: ((من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) . الله تعالى قد ذكر ثواب أهل الجنة في قوله تعالى: {ولباسهم فيها حرير} , فجعل هذا اللباس الرقيق الناعم هو لباس وكسوة أهل الجنة . أخبر النبي عليه السلام بأن: ((من تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه)) . فمن تعجل هذا اللباس , الذي هو الحرير , وأخذه في الدنيا , كان من عقوبته أن يحرمه في الآخرة . وفي ذلك وعيد شديد , فقيل: إن المراد أنه يحرم دخول الجنة ؛ وذلك لأن من دخل الجنة فإنه يتنعم بنعيمها , ولا يحرم شيئا من لذاتها التي يتمتع بها أهلها , فإذا لم يلبسه دل على أنه ليس من أهل الجنة . وقيل: إنه وإن دخل الجنة , فإنه يكون في موضع لا يلبس أهلها , أو أهل ذلك المكان , من لباس أهل الجنة الذي أعد لهم , بل يلبسون غيره , مما يتنعمون به أو يتجملون به .
وفي الحديث النهي أيضا عن استعمال أواني الذهب والفضة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة , ولا تشربوا في صحافهما ؛ فإنها لهم في الدنيا , ولكم في الآخرة)) . وأراد بذلك النهي الأكيد عن استعمال هذه الأواني التي صنعت من الذهب , أو من الفضة , استعمالها في الطبخ فيها أو الأكل فيها كصحيفة . الصحاف: هي التي توضع فيها الأطعمة , الأكل فيها كصحفة , أو الاستعمال لها في شرب , أو في طهارة أو نحو ذلك , سواء كانت مماصنع من الذهب , أو مماصنع من الفضة ؛ وذلك لأن في ذلك كسر لقلوب الفقراء , إذا رأوا هؤلاء الأثرياء يشربون ويأكلون في أواني من ذهب , أو أواني من فضة , وهم يعوزهم لقمة العيش , ويعوزهم ستر العورة , لا يجدون ذلك إلا قليلا , وهؤلاء قد زادوا إلى هذا الحد , كان في ذلك كسرا لقلوب الفقراء , والمسلم مأمور بأن يساوي إخوته , ولا يستعمل ما يضرهم , ولا ما يسيء إليهم.
فهذا من الأسباب . أو أن في ذلك إسرافا , فإن ما دام أن هناك ما يقوم مقامها من الأواني , أواني النحاس , أواني الصفر , أواني الحديد , أواني المعادن الأخرى , قائمة مقامها , فلا حاجة إلى أن تُجعل في هذه الأواني بأي نوع من أنواع الاستعمال .
فلا شك أن هذا هو الأقرب , أن العلة في ذلك ما فيها من الإسراف والبذخ , والغرور , والمباهاة , والفخر , الافتخار بأنه يتمتع بكذا وكذا .
ويعم ذلك أيضا كل إسراف في استعمال شيء من الآلات , التي فيها أو في ثمنها ارتفاع زائد , وإفساد للمال ؛ وذلك لأنه يوجد من هو بحاجةٍ إلى هذا المال الزائد . وعلى كل حال علل في هذا بقوله: ((فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) . أي: أن استعمال هذه الأوانيلفارس والروم ، واليهود والنصارى والمشركين , ومن شابههم ، يتمتعون بها في الدنيا ، ويحرمون منها في الآخرة، أنتم أيها المؤمنون الذين تدخلون الجنة تتنعمون بها ، وتلبسون ما تشاؤون من الثياب فيها بالرقة والنعيم ، وتأكلون فيما تشاؤون من هذه الصحافالتي فيها هذه الأواني ونحوها .
ورد في بعض الأحاديث أنَّ الله تعالى خلق الجنة مائة درجة , يعني مائة دورٍ من الأدوار ، أن درجة منها من ذهب: آنيتها وأوانيها وأبنيتها وبلاطها ، وكل ما فيها . ودرجة أخرى من فضة: آنيتها وفرشها وبلاطها وأبنيتها , ودرجة ثالثة من اللؤلؤ وكل ما فيها . وبقية الدرجات فيها ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر . فالمؤمن يطلب ذلك الثواب ، ويترك ما يكون سببا في حرمانه من هذا الثواب .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اللباس, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir