وغيرهما من الحوائل([1]) وهو رخصة([2]).
وأفضل من غسل([3]) ويرفع الحدث([4]) ولا يسن أن يلبس ليمسح([5]) (يجوز يوما وليلة) لمقيم([6]).
ومسافر لا يباح له القصر([7]) (ولمسافر) سفرا يبيح القصر (ثلاثا) أيام (بلياليها)([8]) لحديث علي يرفعه «للمسافر ثلاثة أيام بلياليهن وللمقيم يوم وليلة» رواه مسلم([9]).
ويخلع عند انقضاء المدة([10]) إن خاف أو تضرر رفيقه بانتظاره تيمم([11]) فإن مسح وصلى أعاد([12]) وابتداء المدة (من حدث بعد لبس([13]) على طاهر) العين فلا يمسح على نجس ولو في ضرورة([14]).
ويتيمم معها لمستور([15]) (مباح) فلا يجوز المسح على مغصوب([16]) ولا على حرير لرجل([17]) لأن لبسه معصية فلا تستباح به الرخصة([18]) (ساتر للمفروض)([19]) ولو بشده أوشرجه([20]).
كالزربول الذي له ساق وعرى يدخل بعضها في بعض([21]) فلا يمسح ما لا يستر محل الفرض لقصره أو سعته أو صفائه([22]) أو خرق فيه وإن صغر حتى موضع الخرز([23]) فإن انضم ولم يبد منه شيء جاز المسح عليه([24]).
(يثبت بنفسه)([25]) فإن لم يثبت إلا بشده لم يجز المسح عليه([26]) وإن ثبت بنعلين مسح إلى خلعهما ما دامت مدته([27]) ولا يجوز المسح على ما يسقط([28]) (من خف) بيان لطاهر([29]) أي يجوز المسح على خف يمكن متابعة المشي فيه عرفا([30]) قال الإمام أحمد: ليس في قلبي من المسح شيء فيه أربعون حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم([31]).
(وجورب صفيق)([32]) وهو ما يلبس في الرجل على هيئة الخف من غير الجلد، لأنه صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين، رواه أحمد وغيره وصححه الترمذي([33]) (ونحوهما) أي نحو الخف والجورب كالجرموق([34]).
ويسمى الموق([35]) وهو خف قصير، فيصح المسح عليه([36]) لفعله عليه السلام رواه أحمد وغيره([37]) (و) يصح المسح أيضا (على عمامة) مباحة([38]) (لرجل) لا لامرأة([39]) لأنه صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والعمامة، قال الترمذي: حسن صحيح([40]).
هذا إذا كانت (محنكة)([41]) وهي التي يدار منها تحت الحنك كور بفتح الكاف فأكثر([42]) (أو ذات ذؤابة) بضم المعجمة وبعدها همزة مفتوحة([43]) وهي طرف العمامة المرخى([44]) فلا يصح المسح على العمامة الصماء([45]).
ويشترط أيضا أن تكون ساترة لما لم تجر العادة بكشفه([46]) كمقدم الرأس والأذنين وجوانب الرأس فيعفى عنه لمشقة التحرز منه([47]) بخلاف الخف([48]) ويستحب مسحه معها([49]) (و) على (خمر نساء مدارة تحت حلوقهن)([50]).
لمشقة نزعها كالعمامة بخلاف وقاية الرأس([51]) وإنما يمسح جميع ما تقدم (في حدث أصغر)([52]) لا في حدث أكبر بل يغسل ما تحتها([53]) (و) يمسح على (جبيرة) مشدودة على كسر أو جرح ونحوهما([54]) (لم تتجاوز قدر الحاجة) وهو موضع الجرح والكسر وما قرب منه([55]).
بحيث يحتاج إليه في شدها([56]) فإن تعدى شدها محل الحاجة نزعها([57]) فإن خشي تلفا أو ضررا تيمم لزائد([58]) ودواء على البدن تضرر بقلعة كجبيرة في المسح عليه([59]).
(ولو في) حدث (أكبر)([60]) لحديث صاحب الشجة([61]) «إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعضد أو يعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها، ويغسل سائر جسده» رواه أبو داود([62]).
والمسح عليها عزيمة([63]) (إلى حلها) أي يمسح على الجبيرة إلى حلها أو برء ما تحتها([64]) وليس مؤقتا كالمسح على الخفين ونحوهما، لأن مسحها للضرورة فيتقدر بقدرها([65]).
(إذا لبس ذلك) أي ما تقدم من الخفين ونحوهما، والعمامة والخمار والجبيرة(بعد كمال الطهارة) بالماء([66]) ولو مسح فيها على حائل([67]).
أو تيمم لجرح([68]) فلو غسل رجلا ثم أدخلها الخف، خلع ثم لبس بعد غسل الأخرى([69]) ولو نوى جنب رفع حدثيه وغسل رجليه وأدخلهما الخف، ثم تمم طهارته([70]) أو مسح رأسه ثم لبس العمامة ثم غسل رجليه([71]) أو تيمم ولبس الخف أو غيره لم يمسح([72]) ولو جبيرة([73]).
فإن خاف نزعها تيمم([74])، ويمسح من به سلس بول أو نحوه([75]) إذا لبس بعد الطهارة لأنها كاملة في حقه([76]) فإن زال عذره لزمه الخلع واستئناف الطهارة كالمتيمم يجد الماء([77]) (وإن مسح في سفر ثم أقام) أتم مسح مقيم إن بقي منه شيء([78]) وإلا خلع([79]) (أو عكس) أي مسح مقيما ثم سافر، لم يزد على مسح مقيم، تغليبا لجانب الحضر([80]).
(أو شك في ابتدائه) أي ابتداء المسح هل كان حضرا أو سفرا؟ (فمسح مقيم) أي فيمسح تتمة يوم وليلة فقط، لأنه المتيقن([81]) (وإن أحدث) في الحضر (ثم سافر قبل مسحه فمسح مسافر) لأنه ابتدأ المسح مسافر([82]) (ولا يمسح قلانس) جمع قلنسوة([83]).
وهي المبطنات، كدنيات القضاة، والنوميات([84]) قال في مجمع البحرين: على هيئة ما تتخذه الصوفية الآن([85]) (و) لا يمسح (لفافة) وهي الخرقة تشد على الرجل تحتها نعل أو لا، ولو مع مشقة لعدم ثبوتها بنفسها([86]) (ولا) يمسح (ما يسقط من القدم([87]) أو) خفا.
(يرى منه بعضه) أي بعض القدم، أو شيء من محل الفرض([88]) لأن ما ظهر فرضه الغسل، ولا يجامع المسح([89]) (فإن لبس خفا على خف قبل الحدث) ولو مع خرق أحد الخفين (فالحكم للـ) خف الـ (فوقاني) لأنه ساتر فأشبه المنفرد([90]) وكذا لو لبسه على لفافة([91]) وإن كانا مخرقين لم يجز المسح ولو سترا([92]).
وإن أدخل يده من تحت الفوقاني ومسح الذي تحته جاز([93]) وإن أحدث ثم لبس الفوقاني قبل مسح التحتاني أو بعده لم يمسح الفوقاني، بل ما تحته([94]) ولو نزع الفوقاني بعد مسحه لزم نزع ما تحته([95]) (ويمسح) وجوبا (أكثر العمامة)([96]) ويختص ذلك بدوائرها([97]) (و) يمسح أكثر (ظاهر قدم الخف) والجرموق والجورب([98]).
وسن أن يمسح بأصابع يده (من أصابعه) أي أصابع رجليه (إلى ساقه) يمسح رجله اليمنى بيده اليمني ورجله اليسرى بيده اليسرى، ويفرج أصابعه إذا مسح([99]) وكيف مسح أجزأ([100]) ويكره غسله، وتكرار مسحه([101]) (دون أسفله) أي أسفل الخف (وعقبه) فلا يسن مسحهما([102]).
ولا يجزئ لو اقتصر عليه([103]) (و) يمسح وجوبا (على جميع الجبيرة) لما تقدم من حديث صاحب الشجة([104]) (ومتى ظهر بعض محل الفرض) ممن يمسح (بعد الحدث) بخرق الخف، أو خروج بعض القدم إلى ساق الخف([105]) أو ظهر بعض رأس وفحش([106]).
أو زالت جبيرة استأنف الطهارة([107]) فإن تطهر ولبس الخف ولم يحدث لم تبطل طهارته بخلعه، ولو كان توضأ تجديدا ومسح([108]) (أو تمت مدته) أي مدة المسح([109]) (استأنف الطهارة)([110]) ولو في صلاة([111]) لأن المسح أقيم مقام الغسل فإذا زال([112]) وانقضت مدته بطلت الطهارة في الممسوح([113]).
فتبطل في جميعها لكونها لا تتبعض([114]).
([1]) كالجوربين والجرموقين والعمامة والخمار والعصابة ونحو ذلك، وعبر بعضهم بمسح الحائل وهو أشمل، والمسح لغة: إمرار اليد على الشيء، وشرعا: إصابة البلة لحائل مخصوص في زمن مخصوص، والحف واحد الخفاف التي تلبس على الرجل، سمي بذلك لخفته، وهو شرعا: الساتر للكعبين فأكثر من جلد ونحوه، أعقبه الوضوء لأنه بدل عن غسل ما تحته، وحيث أنه يجوز أن يعدل إليه المتوضئ، ودلت عليه الأحاديث الصحيحة المستفيضة المتواترة في مسحه صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر وأمره بذلك وترخيصه فيه، قال الحسن: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين، وقال النووي: روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة، ويأتي قول الإمام أحمد: ليس في نفسي من المسح شيء، فيه أربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال ونقل ابن المنذر وغيره إجماع العلماء على جوازه، واتفق عليه أهل السنة والجماعة وقال ابن القيم: صح في الحضر والسفر، ولم ينسخ حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومال الشيخ إلى أن السنة ليست معارضة لآية المائدة بل مبينة، ومال أيضا إلى أن حمل قراءة الآية بالخفض على مسح الخفين.
([2]) أي المسح رخصة، وهي لغة الانتقال من صعوبة إلى سهولة، وشرعا، ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، وفي الحديث إن الله يحب أن يؤخذ برخصة وعنه عزيمة وهي لغة: القصد المؤكد، وشرعا، حكما ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح، وهما وصفان للحكم الوضعي، والفرق بينهما أن الرخصة ما جاء على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، وهي لا تستباح بالمعاصي، والعزيمة، ما جاء على وفق دليل شرعي خال عن معارض راجح، وهي ما جاز فعلها، ولو في حال المعصية.
([3]) لقوله عليه الصلاة والسلام بهذا أمرني ربي، رواه أبو داود بإسناد صحيح، ولحديث صفوان: أمرنا أن لا ننزع خفافنا الحديث صححه الترمذي، ولحديث إن الله يحب أن تؤتي رخصه، ومخالفة لأهل البدع، ولأنه عليه الصلاة والسلام وأصحابه إنما طلبوا الأفضل.
وقال الشيخ: الأفضل في حق كل واحد ما هو الموافق لحال قدمه، فالأفضل للابس الخف أن يمسح عليه ولا ينزع خفيه، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والأفضل لمن قدماه مكشوفتان غسلهما، وقد يجب المسح كما سيأتي أو يكره.
([4]) أي ويرفع المسح على الحائل الحدث عما تحته نص عليه، وإن كان موقتا لأنه طهارة بالماء أشبه الغسل، ولأن رفع الحدث شرط للصلاة مع القدرة فلو لم يحصل بالمسح لما صحت الصلاة به.
([5]) أي لا يسن أن يلبس خفا ونحوه ليمسح.
قال الشيخ: ولا يتحرى لبس الخف ليمسح إنما كان عليه الصلاة والسلام يغسل قدميه إن كانتا مكشوفتين ويمسح إذا كان لابسا للخف، وقال ابن القيم: ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه، بل إن كانت في الخف مسح عليهما، وإن كانت مكشوفتين غسل القدمين، ولم يلبس الخف ليمسح عليه.
قال الشيخ: وهذا أعدل الأقوال.
([6]) أي يجوز في الوضوء بدلا عن غسل الرجلين المسح على الخفين ونحوهما
لا على خف رجل واحدة مع غسل الأخرى، يوما وليلة لمقيم، قال النووي وغيره: بلا خلاف سواء سبق اليوم ليلته أو لا، ولو أحدث في أثناء النهار اعتبر قدر الماضي منه كما يأتي، وتعبيرهم (بيجوز) فيه تنبيه على أنه لا يجب ولا يسن، ولا يحرم، ولا يكره، إلا إن أحدث ومعه ماء يكفي المسح فقط، أو خاف فوت الجمعة أو الجماعة، أو عرفة أو إنقاذ أسير، أو تعينت عليه صلاة الميت، وخاف انفجاره، أو خاف خروج الوقت إذا اشتغل بالطهارة أو نحو ذلك، وجب وحرم تركه أو ترك المسح رغبة عن السنة، أو شكا في جوازه كره أو حرم.
([7]) كعاص بسفره ونحوه، ثم يخلع كالمقيم، فلا يستبيح به الرخصة وكذا مسافر دون المسافة، وتعليل بعض الأصحاب لا يدل عليه نص من كتاب ولا سنة ولا قياس، بل الإطلاق يدل على جوازه مطلقا، وهو مذهب الجمهور.
([8]) بلا خلاف قاله النووي وغيره، واختار الشيخ وغيره ما سمي سفرا، لعدم التحديد ويأتي في بابه.
([9]) ورواه أهل السنن وأحمد وصححه وقال: هو مرفوع يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر إلخ وأخرج أحمد والترمذي وصححه عن صفوان أمرنا يعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا أقمنا ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم، ولكن من جنابة، قال أحمد: هذا أجود حديث في المسح، لأنه في غزوة تبوك آخر غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم وقال البخاري: وليس في التوقيت أصح من حديث صفوان فدل على التوقيت وعلى اختصاصه بالوضوء دون الغسل وهو إجماع، لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الحسنة والصحيحة، وقال الترمذي: هو قول عامة العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال الخطابي: هو قول عامة الفقهاء، وقال الطحاوي: ليس لأحد أن يترك الآثار المتواترة في التوقيت إلى مثل حديث ابن عمارة.
([10]) لمفهوم أحاديث التوقيت.
([11]) أي فإن خاف من النزع لنحو مرض تيمم، أو خاف تضرر رفيقه وفي الاختيارات، لا تتوقت مدة المسح في حق المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد.
([12]) أي فإن مسح بعد انقضاء المدة وصلى أعاد، لانقضاء وقته، نص عليه، وقيل: يمسح كالجبيرة اختاره الشيخ، ويأتي قوله: لا ينتقض وضوءه بانقضاء المدة.
([13]) أي ووقت ابتداء مدة المسح من وقت جواز مسح بعد حدث عند الجمهور، وفي رواية في حديث صوفان من الحدث إلى الحدث، ولأنها عبادة مؤقتة فاعتبر أول وقتها لامن وقت مسح، وعنه منه اختاره المنذري وقال النووي: هو أصح دليلا بعد لبس بضم اللام إلى مثله من الثاني، وإلى الرابع: لأن وقت المسح يدخل بذلك فاعتبرت مدته منه، فيمسح فيها لما يشاء من الصلوات، وإن مضت المدة بع الحدث ولم يمسح فيها فليس له المسح، ويخلع لفراغ مدته، وما لم يحدث فلا تحتسب المدة، وكذا من المسح على القول به.
([14]) لأن نجس العين منهي عنه، فلا يصح المسح عليه خفا كان أو غيره.
([15]) أي يتيمم مع الضرورة من لبس نجسا ساترا للعضو كخف نجس العين، وكذا إن كان النجس عمامة أو جبيرة فإنه يتيمم عند الضرورة بدل غسل ما ستر بذلك النجس، وقالوا يعيد ما صلى به لأنه حامل للنجاسة، ومن فعل ما أمر به بحسب وسعه فلا إعادة عليه، وليس في الشريعة إيجاب الصلاة مرتين إلا بتفريط، فإن كان طاهر العين وتنجس باطنه صح المسح عليه، ويستبيح به مس المصحف، ولا صلاة إلا بغسله أو عند الضرورة.
([16]) ولا تستباح به الرخصة قاله الشيخ وغيره، ولو لضرورة فقوله: (مباح) أي مطلقا مع الضرورة وعدمها، وقيل: إلا لضرورة برد ونحوه، وقيل: يجوز مطلقا، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، لأن المعصية لا تختص اللبس، فلو تركه لم يزل إثم الغصب.
([17]) ولو محرما لبسهما لحاجته، بأن لم يجد النعلين، لأن شرط الممسوح إباحته مطلقا، وهما لا يباحان للمحرم مطلقا، بل في بعض الأحوال.
([18]) فإن صلى أعاد الطهارة والصلاة.
([19]) أي فلا يجوز المسح على ما لا يستر محل الفرض، وهو القدم، قالوا: حكم ما استتر المسح، وما ظهر الغسل، ولا سبيل إلى الجمع بينهما، فوجب الغسل، لأنه الأصل، قال الشيخ: وقولهم: إن فرض ما ظهر الغسل وما بطن المسح، خطأ بالإجماع، والشارع أجاز المسح على الخفين مطلقا، ولم يشترط الستر فلا أصل له.
([20]) أي ربطه بخيط ونحوه، أو شرجه بالعري والأزرار قبل اللبس أو بعده، قبل الحدث، بحيث لا يظهر شيء من محل الفرض.
([21]) فيستتر بذلك محل الفرض فيصح بذلك المسح عليه، يعني على الزربول وهو نوع من الخفاف عامية جمعه زرابيل، والعرى هي العيون التي توضع فيها الأزرار، جمع عروة، كمدية ومدى.
([22]) أي بحيث يظهر بعض محل الفرض لقصره، أو يرى بعض محل الفرض لسعته، أو يصف البشرة لصفائه، كزجاج رقيق، أو خفته كجورب رقيق، ويجب الغسل.
([23]) أي ولا يمسح على الخف لخرق في الخف وإن صغر الخرق، قال الشيخ: ومذهب مالك وأبي حنيفة وابن المبارك وغيرهم أنه يجوز المسح على ما فيه خرق يسير، وهو أصح، وهو قياس أصول أحمد ونصوصه، واختار جواز المسح على المخرق، إلا أن يتخرق أكثره، مادام اسمه باقيا، والمشي فيه ممكنا، وإلا فكالنعل، وقال: معلوم أن الخفاف في العادة لا يخلو كثير منها عن فتق أو خرق، وكان كثير من الصحابة فقراء، والعادة في اليسير لا يرقع، ولما ورد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح حمل على الإطلاق، والتحديد لا بد له من دليل، قال: والشارع علق المسح بمسمى الخف، ولم يفرق بين خف وخف، فيدخل في ذلك المفتوق والمخروق وغيرهما من غير تحديد، ومن فرق بين هذا وهذا فقد فرق بين ما جمع الله بينه فرقا لا أصل له.
([24]) أي فإن انضم الخرق ونحوه بلبسه جاز المسح عليه، لحصول الشرط، وهو ستر محل الفرض، ولا يعتبر موالاة المشي فيه.
([25]) في الساق، ولا يسترسل عند المشي.
([26]) لفوات شرطه نص عليه، وقال الشيخ: فيه وجهان، أصحهما أنه يمسح عليه، وهذا الشرط لا أصل له في كلام أحمد، بل المنصوص عنه أنه يجوز المسح على الجوربين فغيرهما أولى، فلو لم يثبت الملبوس إلا بشده بخيط متصل أو منفصل جاز المسح عليه.
([27]) أي مسح على أحدهما قدر الواجب إلى خلعهما ما دامت مدة المسح.
([28]) أي لا يصح المسح على خف يسقط أي يخرج منالقدم إلا بشده.
([29]) أي في قولهما السابق: بعد لبس على طاهر العين.
([30]) فلا يشترط كون الخف يمنع نفوذ الماء، ولا كونه معتادا، فيصح المسح على خف من جلود أو لبود أو خشب أو حديد أو زجاج لا يصف البشرة حيث أمكن المشي فيه، قيل: بقدر ما يتردد المسافر في حاجته، لأن ما لا يمكن متابعة المشي عليه لا تدعو الحاجة إليه فلم تتعلق به الرخصة، ولو قال: على خف طاهر يمكن إلخ لكان أولى,.
([31]) وذكر ابن مندة من رواه فكانوا ثمانين صحابيا، منهم العشرة رضي الله عنهم.
([32]) ضد الخفيف الذي يصف القدم من صوف أو غيره نعل أولا، وقال الزركشي: غشاء من صوف يتخذ للدفاء، أي فيجوز المسح عليه، قال في الإنصاف: بلا نزاع، إن كانا منعلين أو مجلدين، وكذا إن كانا من خرق على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، وجمع الجوارب جوارب وجوارة أعجمي معرب.
([33]) وصححه غيره، فرواه أحمد وأهل السنن عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وقال ابن المنذر، يروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة، قال في المبدع: فكان كالإجماع، ولأن الجورب في معنى الخف لأنه ساتر لمحل الفرض، وورد أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على نعليه، رواه أبو داود وغيره، وحمل على أنه إذا لبسهما فوق الجوربين، وأما الخفان المقطوعان والنعلان وكلما يلبس تحت الكعبين من مداس وجمجم وغيرها فلا يجوز المسح عليه، قال شيخ الإسلام: باتفاق المسلمين.
([34]) بضم الجيم، نوع من الخفاف، قال الجوهري: الذي يلبس فوقه لحفظه من الطين وغيره، وقال ابن سيدة: خف صغير، وقال النووي: شيء يشبه الخف فيه اتساع، يلبس فوق الخف في البلاد الباردة، وهو معرب يعني من سرموزة وكذا كل كلمة فيها جيم وقاف، قاله غير واحد من أهل اللغة، وتعريب الاسم العجمي وإعرابه هو أن يتفوه به العرب على مناهجها، بتغيير ما يقال: عربته العرب وأعربته.
([35]) بضم الميم فارسي معرب من موزة.
([36]) لأنه ساتر محل الفرض، أشبه الخف، وجواز المسح عليه مذهب جمهور العلماء، وقال أبو حامد، هو قول كافة العلماء.
([37]) فرواه الترمذي وأبو داود عن بلال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين، ومن تدبر ألفاظ الشريعة وأعطى القياس حقه علم أن الرخصة في هذا الباب واسعة، وأن ذلك من محاسن الشريعة، ومن الحنيفية السمحة، والأدلة على رفع الحرج عن هذه الأمة بلغت مبلغ القطع (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ومقصود الشارع من مشروعية الرخصة، الرفق عن تحمل المشاق، فالأخذ بها مطلقا موافقة لقصده.
([38]) لا محرمة كمغصوبة أو حرير، والعمامة هي ما يلف على الرأس، جمعها عمائم وعمام.
([39]) لأنها منهية عن التشبه بالرجال، فلا تمسح عليها، وقيل: يجوز لحاجة برد ونحوه، وأما ما تقدم من المسح على الخفين فحكمها حكم الرجل بلا نزاع، لأنه معتاد لها، ولأنه أقيم مقام الغسل فاستويا فيه كالتيمم.
([40]) ومعناه عند مسلم وروي البخاري عن عمرو بن أمية: رأيت رسول الله r مسح على عمامته وخفيه، ولأبي داود عن ثوبان: أمرهم أن يمسحوا على العصائب، يعني العمائم، وله عن بلال ويمسح على عمامته، وأحاديث المسح عليها أخرجها غير واحد من الأئمة البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وغيرهم من طرق قوية متصلة، ولأنه عضو سقط فرضه في التيمم، فجاز المسح على حائل دونه كالرجل في الخف، وقال عمر: من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله، وقال به أبو بكر وغيره، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة، وهو مذهب جماعة من السلف وظاهر الأحاديث.
([41]) لأنها عمامة العرب، ويشق نزعها، وهي أكثر سترا قال الجوهري: الحنك ما تحت الذقن من الإنسان.
([42]) أي أكثر من كور، والكور مصدر، وكل كور دور.
([43]) سميت بذلك تشبيها لها بذؤابة الشعر.
([44]) لأن إرخاءها سنة، وذكر شيخ الإسلام سبب إرخائها أنه صلى الله عليه وسلم اتخذها صبيحة المنام بالمدينة، لما رآى رب العزة، فقال فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، فوضع يده بين كتفي، فعلمت ما بين السماء والأرض صححه البخاري، وعن ابن عمر أنه كان يعتم بين كتفيه، وقال: عمم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن وأرخاها من خلفه قدر أربع أصابع، أي فيصح المسح عليها إذا كانت كذلك، اختاره الموفق وابن عقيل والشيخ وغيرهم، وقال في شرح العمدة: يشترط أن يكون للعمامة ذؤابة أو محنكة، لأن ما لا ذؤابة لها ولا حنك تشبه عمائم أهل الذمة، وقد نهي عن التشبه بهم، فلم يستبح بها الرخصة، كالخف المغصوب.
([45]) يعني غير المحنكة أوذات الذؤابة لأنها لم تكن عمة المسلمين، ولا يشق نزعها، وروي أبو عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتلحي ونهى عن
الإقتعاط وكان أحمد يكرهه كراهة شديدة وقال الشيخ: لا ترتقي إلى التحريم قال في الفروع، ولعل ظاهر من جوز المسح إباحة لبسها، وهو متجه لأنه فعل أبناء المهاجرين والأنصار وفي المبدع: ذكر ابن شهاب وغيره وجها بالجواز، وقالوا: لم يفرق أحمد، وفي مفردات، ابن عقيل، هو مذهبه، واختاره الشيخ تقي الدين وقال: هي كالقلانس المبطنة وأولى، لأنها في الستر ومشقة النزع لا تقصر عنها.
([46]) لأن العمامة نابت عن الشعر.
([47]) ولا يجب مسح مقدم الرأس، ولا يجب مسح الأذنين معها، لأنه لم ينقل قال الشارح: لا نعلم فيه خلافا وكذا جوانب الرأس.
([48]) أي فلا بد من ستر جميع المفروض.
([49]) أي مسح ما جرت العادة بكشفه مع العمامة، كمقدم الرأس ونحوه، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح بناصيته، قال الشيخ: ومن فعل ما جاءت به السنة من المسح بناصيته وعمامته أجزأه مع العذر بلا نزاع، وأجزأه بدون العذر عند الأئمة الثلاثة رحمهم الله تعالى.
([50]) خمر بضم الخاء والميم وقد تسكن، جمع خمار، وهو النصيف والقناع، وهو ما تغطي به المرأة رأسها، وكل ما ستر شيئا فهو خمار، أي يصح المسح على خمر نساء، مدارة تلك الخمر تحت حلوقهن، لأن أم سلمة كانت تمسح على خمارها، ذكره ابن المنذر، وروى الإمام أحمد عن بلال عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالمسح على الخمار، ولفظ سعيد بن منصور: على النصيف. وقال الشيخ في خمر النساء من الرخصة التي تشبه أصول الشريعة، وتوفق الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن خافت من البرد ونحوه مسحت على خمارها، فإن أم سلمة كانت تمسح على خمارها، وينبغي أن تمسح مع هذا بعض شعرها، وأما إذا لم يكن بها حاجة إلى ذلك ففيه نزاع بين العلماء اهـ، والنساء من الجموح التي لا واحد لها من لفظها كالرهط والقوم وكذا النسوة.
([51]) أي فإنه لا يشق نزعها فتشبه طاقية الرجل قال الشارح وغيره: لا نعلم فيه خلافا لأنه لا يشق نزعها كطاقية الرجل.
([52]) يعني ما تقدم من الخفين والعمامة ونحوهما.
([53]) أي ما تحت الحوائل من خف وعمامة ونحوهما إجماعا.
([54]) كوجع وعصابة شد بها رأسه أو غيرها، وسميتا جبيرة تفاؤلا، قال بعض أهل اللغة: وهي أعواد ونحوها تربط على الكسر أو الجرح ليلتئم فعلية بمعنى فاعلة، وقال الأزهري وغيره: هي الخشب التي تسوى فتوضع على موضع الكسر فتشد عليه حتى ينجبر على استوائها واحدتها جبارة بكسر الجيم، وجبيرة بفتحها وهما بمعنى، وفي الحاوي: الجبيرة ما كان على الكسر واللصوق بفتح اللام ما كان على قرح.
([55]) وما لا بد من وضع الجبيرة عليه من الصحيح، لأنه لا بد أن توضح على طرفي الصحيح ليرجع على الكسر، والمسح على الجبيرة مجمع عليه.
([56]) لأنه موضع حاجة فتقدر بقدرها، أي فيجب تعميم الجبيرة التي تتجاوز قدر الحاجة مرة واحدة لضرورة المشقة بكشفها، وإلا فمسح الجرح البارز أولى من مسح الجبيرة نص عليه، والقياس والآثار تشهد بصحة ذلك.
([57]) أي فإن تجاوز شدة الجبيرة محل الحاجة من وضعها نزعها، وظاهره أنه ينزع جميعها وجوبا، واستظهر بعضهم أنه لا يلزمه إلا نزع ما زاد على قدر الحاجة، إلا أن يصور ذلك بما إذا كان الشد بجميعه في غير محل الحاجة، ويمكن أن يصور أيضا بما إذا لم يتمكن من نزع الزائد إلا بنزع الكل، وقال الزركشي لأن المجاوزة إنما تقع غالبا لسهو أو غفلة أو دهشة فمنع الرخصة نادر في ذلك ومع الخوف من النزع فيه حرج ومشقة، وتعمد ذلك نادر فلا يفرد بحكم وفيه وجه يخزئ المسح على الزائد، اختاره الحلال وغيره، لأنه قد صارت ضرورة عليه، أشبهت موضع الكسر، وسهل فيه أحمد، لأنه مما لا ينضبط وهو شديد جدا، فلا بأس كيفما شدها.
([58]) على قدر الحاجة، وغسل ما سوى ذلك، فيجمع إذا بين الغسل والمسح والتيمم قيل ذلك خروجا من الخلاف، وقال غير واحد، لا يحتاج مع مسحها إلى تيمم، لأنه محل واحد فلا يجمع فيه بين بدلين كالخف، وإن لم يكن عليه عصابة وضر مسحه غسل الصحيح وتيمم للجريح.
([59]) وكذا لصوق على جرح ونحوه، ولو قارا في شق، أو كان بأصبعه فألقمها مرارة، أو فصاد وخاف انفجار الدم بإصابة الماء كجبيرة، فيجوز المسح عليه نص عليه، وروي عن ابن عمر أنه خرجت بإبهامه قرحة فألقمها مرارة، وكان يتوضأ عليها.
([60]) فيجوز المسح عليها، لا على غير الجبيرة ونحوها في الطهارة الكبرى إجماعا لأن الضرر يلحق بنزعها بخلاف غيرها من الحوائل.
([61]) اشتهر بذلك وهو: عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يقول بيديه هكذا الحديث.
([62]) ورواه ابن ماجه وغيره وصححه ابن السكن لكن ما ورد عن ابن عباس بدون ذكر التيمم قال الحافظ لم يقع عن عطاء عن ابن عباس ذكر التيمم فثبت أن الزبير بن خريق تفرد بها، ويشهد له حديث علي: انكسرت إحدى زندي فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أمسح على الجبائر، رواه ابن ماجه وروي عن ابن عمر أنه توضأ وكفه معصوبة فمسح عليهما وعلى العصابة، وغسل ما سوى ذلك، وقال في المبدع: وهو قول ابن عمر ولم يعرف له مخالف ولأنه عضو تعذر غسله بالماء فمسح ما فوقه كشعر الرأس، وقياسا على مسح الخفين، والعمامة وقال الشيخ: مسح الجبيرة يقوم مقام غسل نفس العضو، لأنه مسح على حائل فأجزأ من غير تيمم، كمسح الخف بل هو أولى اهـ . والعضد الضم، والعصب الشد، أي يمسح على تلك الشجة بعد العضد، أي ضم بعضها إلى بعض أو العصب أي الشد عليها بخرقة ونحوها، من عصب الشيء لواه وشده لأنه مسح أبيح للضرورة أشبه التيمم، والذي في سنن أبي داود يعصر، بدل يعضد قال شارحه أي يقطر عليها الماء، والمراد به أن يمسح على الخرقة.
([63]) فيمسح عليها العاصي بسفره، وتقدم تعريف العزيمة، والحاصل أنه إن كان في أعضاء الوضوء جرح وهو محدث الحدث الأصغر، أو في جسده جرح وهو محدث الحدث الأكبر، فإن قدر على غسل الجرح من غير ضرر وجب عليه غسله في الوضوء والغسل، وإن خاف من غسله بالماء ضرر بدنه وجب عليه غسله في الوضوء والغسل، وإن خاف من غسله بالماء ضرر بدنه أو زيادته أو تأخر برئه فله أن يمسح على ذلك العضو مباشرة، فإن خاف من وصول البلل إليه من المسح ضررا فإنه يجعل عليه جبيرة ثم يمسح على الجبيرة، والمسح واحدة ولو كان على موضع يغسل ثلاثا فإن شأن المسح التخفيف.
([64]) حلها بفتح الحاء أن نقضها من حل العقدة يحلها حلا نقضها وفكها وفتحها، وإذا زالت فكخف، وقيل طهارته باقية، اختاره الشيخ مطلقا، كإزالة شعر، وقال: إذا قلع بعد الوضوء فيه نزاع، والأظهر أنه لا ينتقض الوضوء، لأن الجبيرة كالجزء من البدن.
([65]) أي ليس المسح على الجبيرة ونحوها مؤقتا كالخفين، بل إلى حلها أو برء ما تحتها، لأن مسحها للضرورة فيتقدر بقدر الضرورة إليها، ويفارق مسح الجبيرة الخف في أشياء، منها أنه لا يجوز المسح عليها إلا عند الضرورة بنزعها، ووجوب استيعابها بالمسح لعدم التضرر في ذلك، والمسح عليها من غير تأقيت، وجواز المسح عليها في الطهارة الكبرى للمشقة في نزعها حينئذ وأن المسح عليها عزيمة، ونظمها ابن نصر الله فقال:
عزيمة ضرورة لم يشمل
والخرق والتوقيت فيها أهمل
وكلها امسح في الطهارتين
وقبلها الطهر على قولين
زاد في الإنصاف: أنه يتعين على صاحب الجبيرة المسح بخلاف الخف، وأنه يجوز المسح عليها إذا كانت من حرير ونحوه، على رواية صحة الصلاة في ذلك، بخلاف الخف، وأنه يجوز في سفر المعصية، ثم قال: ويرجع ذلك كله أو معظمه إلى أن مسح الجبيرة عزيمة، ومسح الخف ونحوه رخصة، قال الشيخ: إذا لم يكن نزعها إلا بضرر صارت بمنزلة الجلد وشعر الرأس والظفر، ويمسح عليها وإن شدها على حدث عند أكثر العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وهو الصواب وقال: قياسها على الخفين قياس فاسد، وذكر الفرق بينهما من وجوه.
([66]) أما الخفان فإذا توضأ وضوءا كاملا ثم أدخلهما فله المسح بلا نزاع، لما في الصحيحين وغيرهما، ودعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، وروى الحميدي وغيره عن المغيرة: أيمسح أحدنا على الخفين؟ قال: نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان، ولأحمد وابن خزيمة عن صفوان قال: أمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر. صححه الخطابي والحافظ، وهذا واضح الدلالة على اشتراط الطهارة عند اللبس. وقال النووي وغيره: إذا لبس محدثا لم يجز المسح إجماعا، وهذا سادس الشروط هنا وفي المنتهى ثمانية لكونه عد عدم وصفه للبشرة شرطا، وعدم سعته شرطا آخر، وهما معلومان من الشرط الثاني.
([67]) بأن توضأ وضوءا كاملا مسح فيه على نحو عمامة أو جبيرة ثم لبس نحو خف فله المسح عليها، لأنها طهارة كاملة رافعة للحدث، كالتي لم يمسح فيها على حائل.
([68]) أي أو تيمم في طهارة بماء لجرح في بعض أعضائه ثم لبس نحو خف جاز المسح عليه، لتقدم الطهارة بماء في الجملة.
([69]) لتكمل الطهارة، وعنه يجوز وفاقا لأبي حنيفة.
قال الشيخ: والصواب قول أبي حنيفة أن طهارة المسح يشترط لها دوام الطهارة دون ابتدائها، وقال: ومن غسل إحدى رجليه ثم أدخلها الخف قبل غسل الأخرى فإنه يجوز له المسح عليها من غير اشتراط خلع، ولبسه قبل إكمال الطهارة كلبسه بعدها.
([70]) أي لم يجز له المسح، لأنه لم يلبسه بعد كمال الطهارة.
([71]) خلع العمامة ثم لبسها ليوجد شرط المسح كالخف، وعنه: لا تشترط الطهارة لمسح العمامة، فلو لبس محدثا ثم توضأ وغسل رجليه جاز له المسح اختاره الشيخ وغيره، وقال: يتوجه أن العمامة لا يشترط لها ابتداء اللبس على طهارة، ويكفي فيها الطهارة المستدامة، لأن العادة أن من توضأ مسح رأسه ورفع العمامة ثم أعادها، ولا يبقي مكشوف الرأس إلى آخر الوضوء، وما قاله رواية عن أحمد حكاها عنه جماعة.
([72]) أي لو تيمم لطهارة لعجزه عن استعمال الماء أو عدم الماء، فلا يمسح إذا وجد الماء، بل يخلع ويستأنف الطهارة.
([73]) بناء على أن تقدم الطهارة على شدها شرط، وعنه: ليس بشرط اختاره جمع منهم الشيخ، ومال إليه الموفق والشارح والمجد، وصوبه في الإنصاف وغيره
لحديث صاحب الشجة وغيره، ولأن اشتراط الطهارة يشق، لأن الجرح يقع فجأة، أو في وقت لا يعلم الماسح وقوعه فيه، فلو اشترطت الطهارة والحالة هذه لأفضي إلى الحرج والمشقة، وهما منتفيان شرعا.
([74]) لغسل ما تحتها، لأنه موضع يخاف الضرر باستعمال الماء فيه، وهذا أيضا بناء على اشتراط تقدم الطهارة على شدها.
([75]) كمستحاضة ومن به قروح سيالة.
([76]) ولأن صاحب العذر أحق بالترخص من غيره، بل طهارته ترفع الحدث.
([77]) بأن انقطع نحو سلس البول خلع، لأن طهارته إنما صحت للعذر، فإذا زال حكم ببطلانها.
([78]) أي من اليوم والليلة، قال غير واحد: لا نعلم فيه خلافا، لأنه صار مقيما فلم يجز له أن يمسح مسح المسافر، والمراد إقامة تمنع القصر، وكذا قال الزركشي وغيره، إذا مسح أقل من يوم وليلة ثم أقام، أو قدم أتم مسح مقيم، لا خلاف في هذا نعلمه، لما تقدم من تغليب جانب الحضر.
([79]) أي وإن لم يبق من المدة شيء، بأن مضى بعد الحدث يوم وليلة، أو أكثر خلع الخف، لانقطاع السفر، قال ابن تميم: رواية واحدة.
([80]) وهو مذهب مالك والشافعي وغيرهما، لأنه الأصل، وقال في المبدع
والفروع: اختاره الأكثر، وعنه مسح مسافر نقلها عنه جماعة، وفاقا لأبي حنيفة وغيره لقوله يمسح المسافر، إلخ وهذا مسافر، وكما لو أحدث وهو مقيم، ولم يمسح حتى سافر، وجعلها الخلال رواية واحدة، وقال: نقل عنه أحد عشر نفسا أنه يتم مسح مسافر، ورجع عن قوله: يتم مسح مقيم، واختاره هو وأبو بكر وأبو الخطاب.
قال في الفائق، وهو المختار، ولو مسح إحدى رجليه في الحضر والأخرى في السفر يتوجه خلاف، ومقتضى كلامهم لا يزيد على مسح مقيم تغليبا للأصل، والرواية الثانية ظاهرة.
([81]) وفاقا للشافعي وغيره، لأن الأصل الغسل، وإن شك في بقاء المدة لم يجز المسح مقيما كان أو مسافرا اتفاقا، لأن الأصل الغسل، ولو خالف وفعل فبان بقاؤها صح وضوءه.
([82]) قال غير واحد: لا نعلم فيه خلافا، بين أهل العلم، لقوله: يمسح المسافر إلخ ونقل الإجماع في ذلك النووي وغيره.
([83]) بفتح القاف واللام وسكون النون وضم السين المهملة وفتح الواو، وقد تبدل ياء وقد تبدل ألفا وتفتح السين فيقال قلنساة، وقد تحذف النون بعدها هاء تأنيث وفي الاختيارات ويجوز المسح على العمامة الصماء، وهي القلانس، والمحكي عن أحمد الكراهة، والأقرب أنها كراهة لا ترتقي إلى التحريم ومثل
هذا لا يمنع الترخص وتحمل كراهة السلف لغير المحنكة من بعض الوجوه، وعن أحمد يجوز اختاره الخلال وجزم به في الوجيز، وقال: روي عن صحابيين عمر وأبي موسى، وروي عن أنس، ولأنه ملبوس معتاد ساتر للرأس أشبه العمامة المحنكة.
([84]) الدنيات قلانس كبار أيضا، كانت القضاة تلبسها قديما، تسميها العامة الشاشية شبهت بالدن، لاستواء صنعته في أسفله: كهيئة القوس، والنوميات قلانس تلبس عند النوم.
([85]) مجمع البحرين لابن عبد القوي على المقنع ولم يتمه، والصوفية نسبة إلى الصوف، قال الشيخ: الصوفي المتبتل للعبادة وتصفية النفس من الأخلاق المذمومة، قانعا بالكفاية لا لابس خرقة، أو لزوم شكل مخصوص في اللبسة ونحوها.
([86]) قال في الفروع: في الأصح، قال الشيخ: والصواب أنه يمسح على اللفائق، وهي بالمسح أولى من الخف والجورب، ومن ادعى في ذلك إجماعا فليس معه إلا عدم العلم، ولا يمكنه أن ينقل المنع عن عشرة من العلماء المشهورين، وذكر أن علة المسح الحاجة إلى ستر الرأس والمشقة في نزع الساتر في الغسل، وأنه ليس لشكل الساتر ولا لجنسه ولا لثبوته بنفسه أو بغيره دخل في ذلك.
([87]) لفوات شرطه، وهو ثبوته بنفسه.
([88]) أي فلا يمسح عليه، لعدم ستره محل الفرض.
([89]) إذ لا يجمع بين البدل والمبدل في محل واحد، وكما لو غسل إحدى رجليه فيجب غسل الأخرى، وما بطن فرضه المسح فلا يجامعه، قال الشيخ: وقول القائل إن ما ظهر فرضه الغسل ممنوع، فإن الماسح على الخف لا يستوعبه بالمسح، كالمسح على الجبيرة، بل يمسح أعلاه دون عقبه، وكذلك يقوم مقام غسل الرجل، فمسح بعض الخف كاف عما يحاذي الممسوح، وما لا يحاذيه، فإذا كان الخرق في العقب لم يجب غسل ذلك الموضع ولا مسحه، ولو كان على ظهر القدم لم يجب مسح كل جزء من ظهر القدم، وباب المسح على الخفين مما جاءت السنة فيه بالرخصة، حتى جاءت بالمسح على الجوارب والعمائم وغير ذلك، فلا يناقض مقصود الشارع من التوسعة بالحرج والتضييق.
([90]) قال عثمان: ويدخل في هذه العبارة أربع صور: لأنهما إما أن يكونا صحيحين أو مخرقين، أو الأعلى صحيحا، والأسفل مخرقا، أو عكسه، ففي الأولى يصح على أيهما شاء، وفي الثانية لا يصح على شيء منهما ولو سترا، وفي الثالثة يصح على الأعلى فقط، وفي الرابعة على أيهما شاء.
([91]) أي جاز المسح عليه لأنه خف ساتر لمحل الفرض أشبه ما لو انفرد.
([92]) لأن كل واحد منهما غير صالح للمسح على انفراده، ومسح كل من الخف الفوقاني والتحتاني بدل مستقل من الغسل على الصحيح من المذهب، وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين لمالك والشافعي.
([93]) لأن كل واحد منهما محل للمسح فجاز المسح عليه، فإن كان أحدهما صحيحا جاز المسح على الفوقاني ولا يجوز على التحتاني، إلا أن يكون هو الصحيح.
([94]) لأنه لبس الفوقاني على غير طهارة.
([95]) وإعادة الوضوء، لأن محل المسح قد زال، ومفهومه أنه إذا كان قبل مسحه لم ينزع الثاني، وأنه إذا كان الممسوح الثاني فكذلك وعنه: لا يلزمه نزعه فيتوضأ، أو يمسح التحتاني منفردا، وأطلقهما في الفروع.
([96]) لأنها ممسوحة على وجه البدل، فأجزأ فيها ذلك كالخف.
([97]) وهي أكوارها دون وسطها، وإن كان تحت العمامة قلنسوة يظهر بعضها استحب المسح عليها، لأنهما صارا كالعمامة الواحدة، وما جرت العادة بكشفه من الرأس استحب أن يمسح عليه من العمامة، لأنه ثبت أنه مسح بناصيته وعمامته، ولا يجب مسح الأذنين معها، قال الشارح وغيره: لا نعلم فيه خلافا، لأنه لم ينقل.
([98]) جعلا للأكثر كالكل، على الصحيح من المذهب، ولا يسن استيعابه، قال الوزير: أجمعوا على أن المسح يختص بما حاذى ظاهر الخف.
([99]) هذه صفة المسح المسنون، لحديث المغيرة، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهور الخفين، رواه أحمد وأبو داود وصححه الترمذي، وقال البخاري: هو أصح من حديث رجاء بن حيوة، ولفظه مسح أعلى الخف وأسفله، وقال هو وأبو زرعة: ليس بصحيح، ولفظ البيهقي: مسح على خفيه، وضع يده اليمنى على خفه الأيمن، واليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح إلى أعلاه مسحة واحدة، وحكى ابن المنذر وغيره أنه يجزئ الاقتصار على مسح ظاهر الخف بلا خلاف.
([100]) فإن بدأ من ساقه إلى أصابعه أجزأ، ولم يرد في كيفية المسح ولا الكمية حديث يعتمد عليه إلا حديث علي في بيان محل المسح، فحيث فعل المكلف ما يسمى مسحا لغة أجزأ، وقال أحمد: كيفما فعلت فهو جائز.
([101]) أي يكره غسل الخف ونحوه، لعدوله عن السنة المأمور بها، ولإفساده الخف ونحوه، قال النووي: بلا خلاف، ويكره تكرار مسحه، لأنه لم يثبت فيه شيء، فلا يصار إليه، ولأنه في معنى غسله، ولا يسن إجماعا، وقال الشيخ: المسح لا يسن فيه التكرار، وأجمعوا على أن المسح على الخفين مرة واحدة مجزئ.
([102]) لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يمسح ظاهره، قال ابن القيم: ولم يصح عنه مسح أسفلهما، وإنما جاءت في حديث منقطع، والأحاديث الصحيحة على خلافه، (وعقبه) بفتح العين وكسر القاف هذا الأصل ويجوز إسكان القاف مع فتح العين وكسرها.
([103]) بلا خلاف حكاه ابن المنذر وغيره.
وقال الموفق وغيره: إن مسح أسفله وعقبه لم يجزئه في قول أكثر العلماء، وأنه لم يقل بالأجزاء إلا أشهب وبعض الشافعية ولا حجة لهم في ذلك، لقول علي: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه، رواه أحمد وأبو داود والدارقطني، وقال الحافظ: إسناده صحيح.
([104]) قريبا عن جابر، واستيعابها بالمسح مذهب أبي حنيفة والشافعي، لقيامه مقام الغسل، وذلك ما لم يتضرر فيعدل إلى التيمم.
([105]) استأنف الطهارة لأن مسح الخف أقيم مقام غسل الرجلين، فإذا زال الساتر الذي جعل بدلا بطل حكم الطهارة، كالمتيمم يجد الماء، ولأن الإنتقاض لا يتجزأ وإن خرج منه شيء لسعة أو غيرها كخروج عقبة لم ينتقض إجماعا، وعنه يجزئ غسل قدميه وفاقا لأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، وقول مالك: إن غسل رجليه مكانه صحت، وقال الشيخ: ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور، واختار أنها لا تبطل كإزالة الشعر الممسوح عليه.
([106]) بضم الحاء وفتحها أي كثر في الرأس فقط استأنف الطهارة ومقتضى الإطلاق طال الزمن أو لم يطل، لأن مسح العمامة قام مقام الرأس، وعلم منه أن
انكشاف يسير لا يضر وقال الشيخ: ورفع العمامة يسيرا لا يضر للمشقة، وقال أحمد: لا بأس إذا لم يفحش.
([107]) لأن مسحها بدل من غسل ما تحتها، وقيل: طهارته باقية قبل البرء اختاره الشيخ وكذا بعده كإزالة الشعر.
([108]) لبقائه على طهارته التي لبس فيها.
([109]) وهي اليوم والليلة، أو الثلاثة من وقت جواز مسح بعد حدث، أو انتقض كور فأكثر من عمامته، أو انقطع دم مستحاضة، أو زال ضرر من به سلس البول ونحوه.
([110]) وجها واحدا في الجملة وفاقا، إلا ما روي عن مالك للأحاديث الواردة في التوقيت، ولأن الحكم بطهارته إنما كان لوجود العذر فإذا زال حكم ببطلانها وذلك إذا كان عنده ماء وإلا فلا، وقال الشيخ: ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف بإنقضاء المدة على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور.
([111]) أي ولو كان حين تمت مدة المسح في صلاة بطلت، واستأنف، لأنها طهارة مؤقتة فبطلت بانتهاء وقتها، وإن كان فيها ولا ماء مضى.
([112]) أي المسح بطلت الطهارة في الممسوح.
([113]) والمبطل حقيقة هو الحدث السابق، وقال الشارح وغيره: ونزع أحد
الخفين كنزعهما في قول أكثر أهل العلم، منهم مالك والشافعي وأصحاب الرأي اهـ، وأجمعوا على أنه متى نزع أحد الخفين وجب عليه نزع الآخر.
([114]) وقيده بعضهم بالصغرى، والصحيح عند المحققين أن المسألة ليست مبنية على وجوب الموالاة، بل على أن المسح يرفع الحدث، وأن الحدث لا يتبعض في النقض، فإذا خلع عاد الحدث إلى العضو فسرى إلى بقية الأعضاء، فلا فرق قدمه الشيخ في شرح العمدة، وقال هو وأبو المعالي: إنه الصحيح من المذهب عند المحققين، وعنه: يجزئ مسح رأسه وغسل رجليه، وفاقا لأبي حنيفة ومالك، وقول للشافعي، والقول ببطلان الطهارة من المفردات، وهذا على وجوب الموالاة عند أبي محمد، وعند: أبي البركات على رفع الحدث، ومن تيمم وعليه خف ونحوه ثم خلع بعد تيممه لم يبطل تيممه بذلك، اختاره الشيخ. قال الموفق وغيره: لأن مبطل الوضوء نزع ما هو ممسوح عليه فيه ولم يوجد ههنا، ولأن إباحة المسح لا يصير بها ماسحا، ولا بمنزلة الماسح.