وَمِن الْمُحَالِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلَّمَ أُمَّتَهُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الخِرَاءَةَ، وَقَالَ: (تَرَكْتُكُمْ عَلَى المَحَجَّةِ البَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ)
وَقَالَ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ أَيْضًا: (مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ شَرِّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ).
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا مِنْ طَائِرٍ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا).
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخُطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقَامًا، فَذَكَرَ بَدْءَ الخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ) رَوَاهُ البُخاريُّ.
وَمُحَالٌ مَعَ تَعْلِيمِهِمْ كُلَّ شَيْءٍ لَهُمْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فِي الدِّينِ - وَإِنْ دَقَّتْ - أَنْ يَتْرُكَ تَعْلِيمَهُمْ مَا يَقُولُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَيَعْتَقِدُونَهُ في قُلُوبِهِمْ فِي ربِّهِمْ وَمَعْبُودِهِمْ رَبِّ العَالَمِينَ، الَّذِي معرِفَتُهُ غَايَةُ المَعَارِفِ، وَعِبَادَتُهُ أَشْرَفُ المَقَاصِدِ، وَالْوُصُولُ إِلَيْهِ غَايَةُ المَطَالِبِ، بَلْ هَذَا خُلاصَةُ الدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ وَزُبْدَةُ الرِّسَالَةِ الإِلَهِيَّةِ، فَكَيْفَ يَتَوَهَّمُ مَنْ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى مُسْكَةٍ مِنْ إِيمَانٍ وَحِكْمَةٍ أَنْ لاَ يَكُونَ بَيَانُ هَذَا البَابِ قَدْ وَقَعَ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَايَةِ التَّمَامِ.