جاء في رواية المسيبي عن نافع ترك التعوذ في أوائل السور وأبعاضها، وفي رواية يونس عن ورش إخفاؤه، وكذلك روى الحلواني عن خلف عن حمزة، وابن زربي، عن سليم عنه. وبالإخفاء والإظهار معا روى الحلواني عن خلاد، والجماعة يأتون بالاستعاذة جهرا. فأما إسقاط التعوذ فلئلا يتوهم أن الأمر في الآية على الوجوب، وأما الإخفاء فليفرق بين القرآن وغيره، والوجه الإتيان بالتعوذ جهرا.
والذي عليه إجماع الأمة (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم). وأما غير هذا اللفظ فغير متفق عليه. ورأيت بعضهم إذا قرأ قال في أول القراءة قبل الاستعاذة: {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون} فقلت له: فقد قرأت القرآن ولم تستعذ.
وأجمع المسلمون على أن الاستعاذة قبل القراءة. وقال داود. الاستعاذة بعد الفراغ من القراءة. وإنما معنى قوله عز وجل: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله} كقوله عليه السلام: ((إذا أكلت فسم الله)) فيلزمه على هذا ألا يسمي إلا بعد الأكل، فإن التزم له ذلك كان خروجا عن السنة وعما جاء عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التسمية قبل الأكل، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق شتى الاستعاذة قبل القراءة، ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم الاستعاذة بعدها، ولا تفهم العرب من قول الله عز وجل: {فإن قرأت القرآن فاستعذ بالله} الاستعاذة بعد القراءة، وإنما أتى داود من قبل العجمة.
[2/482]
وروي عن ورش الإمالة في (أعوذ بالله) وليس ذلك من روايتي المصريين ولا المدنيين عنه، وكذلك روي عن الكسائي في بعض طرق قتيبة عنه. وروى شجاع عن أبي عمرو (الرجيم بسم الله) بإخفاء الميم عند الباء في الإدغام الكبير، والباقون لا يخفون عنه، لأن الاستعاذة ليست من القرآن. ويروي عن السوسي عن اليزيدي الإدغام في (والله هو السميع العليم) إذا قرأ بالإدغام الكبير واستعاذ على ذلك.