سورة الجمعة
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ): (سورة الجمعة
قوله تعالى: {والله لا يهدي القوم الظّالمين} [الجمعة: 5].
فيه الإشكال. والجواب مثل ما ذكرنا آنفًا في قوله تعالى: {والله لا يهدي القوم الفاسقين} [الصف: 5].
قوله تعالى: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضّوا إليها} الآية [الجمعة: 11].
لا يخفى أنّ أصل مرجع الضّمير هو الأحدّ الدّائر بين التّجارة واللهو؛ لدلالة لفظة " أو " على ذلك، ولكنّ هذا الضّمير راجعٌ إلى التّجارة وحدها دون اللهو، فبينه وبين مفسّره بعض منافاةٍ في الجملة.
والجواب: أنّ التّجارة أهمّ من اللهو، وأقوى سببًا في الانفضاض عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّهم انفضّوا عنه من أجل العير. واللهو كان من أجل قدومها.
مع أنّ اللّغة العربيّة يجوز فيها رجوع الضّمير لأحد المذكورين قبله:
أمّا في العطف بـ«أو» فواضحٌ؛ لأنّ الضّمير في الحقيقة راجعٌ إلى الأحدّ الدّائر الّذي هو واحدٌ لا بعينه، كقوله تعالى: {ومن يكسب خطيئةً أو إثمًا ثمّ يرم به بريئًا} الآية [النساء: 112].
وأمّا الواو فهو فيها كثيرٌ.
ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى: {واستعينوا بالصّبر والصّلاة} الآية [البقرة: 45]، وقوله تعالى: {والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها} الآية [التوبة: 34]، وقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولّوا عنه} الآية [الأنفال: 20].
ونظيره من كلام العرب قول نابغة ذبيان:
وقد أراني ونعمًا لاهيين بها ... والدّهر والعيش لم يهمم بإمرار
). [دفع إيهام الاضطراب: 317-318]