أمثلة على لطائف الحمل على اللفظ والحمل على المعنى
المثال الأول: قول الله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}
في قول الله تعالى: {يدخله جنات} حمل على اللفظ؛ ومن فوائده أنّه أدلّ على التنبيه على جزاء كلّ مؤمن بعمله؛ وأنه ينظر في عمل كلّ عامل منفرداً عن غيره؛ لا يذهب بعضهم بجزاء بعض كما يكون في جوائز الملوك والعظماء في الدنيا؛ بل لكلّ عامل جزاؤه الذي يستقل به؛ فينال المؤمن المطيع لله ورسوله جزاءَه بدخول الجنة، وينال العاصي المتعدّي لحدود الله جزاءه بدخول النار.
وفي قول الله تعالى: {خالدين فيها} حمل على المعنى؛ باعتبار تعدد الداخلين وكثرتهم، ولما يشعر به اللفظ من اكتمال الأنس باجتماع المؤمن بأحبابه وإخوانه المؤمنين، وأن دخوله للجنة لا يقتضي توحّده فيها.
وفي قول الله تعالى في شأن العصاة الكفار: {خالداً فيها} حمل على اللفظ جرياً على الأصل، وتأكيداً على فردية الحساب والجزاء، وتنبيهاً على أنّ الكافر يعذّب بالوحدة مع ما يصيبه من العذاب الأليم في جسده؛ فيجتمع له العذاب الحسي والعذاب النفسي، والعياذ بالله.