ما ورد في ماهية النصيحة لكتاب الله تعالى وأنها من النصيحة للدين
- عن تميم الداري رضي الله عنه أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة)).قلنا: لمن. قال:((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).رواه مسلم في صحيحه
- النصيحة لكتاب الله تكون بأمور:
§ بالإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله، لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم ثم بتعظيمه.
§ بتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة.
§ بالذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين والتصديق بما فيه.
§ بالوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه والعمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه. والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه.
§ بنشر علومه والدعاء إليه. نقل ذلك النووي عن بعض العلماء في كتابه التبيان.
وعلاقة الحديث بموضوع الأدب مع القرآن، أن الأدب مع القرآن من معاني النصيحة له، راجعي كلام النووي: ثم تعظيمه ..
لا يكتب القرآن إلا في شيء طاهر، والنهي عن كتابته على الأرض ولعن من فعل ذلك
- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: {نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يكتب القرآن على الأرض}.
- عن عمر بن عبد العزيز أنهقال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (لا تكتبوا القرآن إلّا في شيءٍ طاهرٍ).
- وعنه أنه مرّ على رجلٍ قد كتب في الأرض، يعني قرآنًا أو شيئًا من ذكر اللّه، فقال: (لعن اللّه من كتبه، ضعوا كتاب اللّه مواضعه).
- وعنه أنه قال: لا تكتبوا القرآن حيث يوطأ.
- رواها جميعا عبيد الله العكبري الحنبلي في كتابه الابانة الكبرى.
كراهية أن يمحى اسم الله تعالى أو القرآن من اللوح بالبصاق أو الريق أو الرجل
- عن خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا:{أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى أن يمحى اسم اللّه بالبصاق}.
- قال مجاهد: {كانوا يكرهون أن يمحى اسم الله بالريق}.
- عن يحي بن الصامت أنه سأل عبد الله بن المبارك عن الألواح، يكون فيها مكتوب القرآن، أيكره للرّجل أن يمحوه بالبزاق؟ قال: (نعم أكرهه، ليمسحها بالماء).وفي رواية أخرى: قال: سألته عن الألواح، يكون فيها مكتوب القرآنأيكره أن يمحوه الرّجل برجله؟ قال: نعم، قال: ليمحه بالماء، ثمّ يضربه برجله.
- عن ابن عباس: أنّه رأى رجلًا يمحو لوحًا برجله، فنهاه وقال: ((لا تمح القرآن برجلك)).
- قال بشر:أكره أن يمحو الصّبيان، ألواحهم بأرجلهم في الكتّاب، وينبغي للمعلّم أن يؤدّبهم على هذا.
- رواها جميعا عبيد الله العكبري الحنبلي في كتابه الابانة الكبرى.
- قال عبيد الله العكبري الحنبلي بعد سوقه لحديث الخمسة وهذه الآثار في كتابه : فتفهّموا رحمكم اللّه ما روي عن هؤلاء الأئمّة العلماء رحمهم اللّه من إعظام القرآن وإجلاله وتنزيهه، ولو كان حكاية القرآن لما احتاجوا إلى هذا التّشديد.
اكتفي ببعض الأدلة حال كثرتها، خاصة إذا كانت شبه متطابقة ولا تضيف كثيرا في المسألة، فيذكر بعضها ويشار إلى البقية باختصار.
حكم قول سورة صغيرة أو قصيرة وما أشبه ذلك، وما يستحسن قوله في وصفها
§ من كره أن يقال سورة قصيرة أو صغيرة أو خفيفة
- عن أبي العالية أنه قال له رجل: سورة صغيرة أو قال: قصيرة. فقال:" أنت أصغر منها وألم، القرآن كله عظيم.رواه القاسم بن سلام في فضائل القرآن.
- عن ابن سيرين: أن خالد الحذاء قال له: سورة خفيفة. فقال:"من أين تكون خفيفة والله تعالى يقول:{إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا}، ولكن قل: يسيرة، فإن الله تعالى يقول:{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}.رواه القاسم بن سلام. وعن أبي العالية نحوه عند أبي بكر السجستاني.
§ من رخص في أن يقال سورة قصيرة أو صغيرة
- عن أبي سعيدٍ الخدريّ أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ في الفجر بأوّل المفصّل، فقرأ ذات يومٍ بقصار المفصّل، فقيل له، فقال: ((إنّي سمعت بكاء صبيٍّ، فأحببت أن أفرغ له أمّه)).
- وعنه قال: (صلّى بنا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بأقصر سورتين في المفصّل)، قال أبو المتوكل الناجي قلت له: ما هما؟ قال: بأقصر سورتين من القرآن، قالها ثلاث مرّاتٍ.
- قال زيد بن ثابتٍ لمروان: ما لك لا تقرأ في المغرب بقصار المفصّل؟ (لقد كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقرأ في المغرب بطولى الطّولتين)، فقلت لعروة: وما طولى الطّولتين؟ قال الأنعام والأعراف.
- عن عمر أنه كان يغلّس بالفجر وينوّر، ويقرأ سورة يوسف ويونس ومن قصار المثاني المفصّل.
- كتب عمر رضي اللّه عنه إلى أبي موسى الأشعريّ (أن اقرأ في المغرب بقصار المفصّل، وفي العشاء بوسط المفصّل، وفي الفجر بطوال المفصّل.
- لمّا طعن عمر كادت الشّمس أن تطلع، فقدّموا عبد الرّحمن بن عوفٍ، فأمّهم بأقصر سورتين في القرآن: النّصر (إذا جاء نصر اللّه والفتح)، و الكوثر(إنّا أعطيناك الكوثر).
- عن إبراهيم أنه قال: (كانوا يقرءون في السّفر في الفجر بالسّور القصار).
- قال الضّحّاك: (كان أولئك يصلّون بالسّور القصار يردّدها، ويعملون بالقرآن، وسيأتي عليكم زمانٌ يهذّ فيه القرآن لا يجاوز تراقي بعضهم).
- عن ابن عمر أنه ذكر عنده المفصّل فقال: وأيّ القرآن ليس بمفصّلٍ؟ ولكن قولوا: قصار السّور، وصغار السّور.
- ذكر هذه النقولاتأبو بكر السجستاني في كتابه المصاحف.
§ خلاصة الأقوال في المسألة
- اختلف السلف في حكم قول سورة صغيرة أو قصيرة وما أشبه ذلك إلى قولين:
القول الأول: كراهية ذلك، فكرهتها جماعة منهم أبو العالية وابن سيرين رحمهم الله، واستحسنا قول سورة يسيرة في وصفها، وقالا القرآن كله عظيم.
القول الثاني: جواز ذلك، كما ورد ذلك عن جماعة من الصحابة في قولهم قصار السور أو المفصل وفي رواية ابن عمر رضي الله عنه أنه قال قولوا قصار السّور، وصغار السّور.
ما ورد في قول "المفصل"
- عن ابن عمر أنه كان يكره أن يقول: المفصّل، ويقول:(القرآن كلّه مفصّلٌ، ولكن قولوا: قصار القرآن).
- وعن ، أنه قال:(سألني عمر، كم معك من القرآن ؟ قلت: عشر سورٍ، فقال لعبيد الله بن عمر: كم معك من القرآن ؟ قال: سورةٌ، قال عبد الله: فلم ينهنا ولم يأمرنا غير، أنّه قال: فإن كنتم متعلّمين منه بشيءٍ فعليكم بهذا المفصّل فإنّه أحفظ).
- رواهما ابنُ أبي شيبة في مصنفه.
والآثار كثيرة في المسألة قبلها
من كره أن يقال: قرأت القرآن كله، أو قرأت سورة كذا حتى أدبرتها، تأدبا وتعظيما.
- عن ابن عمر، أنّه كان يكره أن يقول: قرأت القرآن كلّه.
- عن حبّة بن سلمة أنه قال له رجل: قرأت القرآن كلّه: فقال: وما أدركت منه. وكان حبة من أصحاب عبد الله.
- عن عبد الله بن سلمة، قال: قال حذيفة:ما تقرؤون ربعها يعني براءة.
- رواها ابنُ أبي شيبة في مصنفه.
- عن أم الدرداء أنه صحبها رجل, فقالت له: "هل تحسن من القرآن شيئا ؟" قال: ما أحسن إلا سورة، ولقد قرأتها حتى أدبرتها. فقالت: "وإن القرآن ليدبر ؟"، فكفت دابتها، وقالت:"خذ أي طريق شئت. رواه القاسم بن سلام في فضائل القرآن.
التأدب في السؤال عن شيء في القرآن
- قال النووي: من أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف، أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع، ونحو ذلك ينبغي أن يقول: ما الحكمة في كذا. قاله في كتابه التبيان.
متى يكون الخطأ في تلاوة القرآن
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: ليس الخطأ أن يدخل بعض السورة في الأخرى، ولا أن يختم الآية بحكيم عليم ، أو عليم حكيم، أو غفور رحيم، ولكن الخطأ أن يجعل فيه ما ليس منه، أو أن يختم آية رحمة بآية عذاب ، أو آية عذاب بآية رحمة. رواه أبو عبيد الهروي في كتابه فضائل القرآن.
- مذهب أثر ابن مسعود ومعنى كلامه: أراد أن هذه الحروف من نعت الله عزوجل فلا يجوز للسامع أن يخطّئ من يقولها ولكن يقول له: هو كذا وكذا، وبهذا قال أبو العالية، وليس وجهه أن يضع كل حرف من هذا في موضع الآخر، وهو عامد لذلك، ويجوز له أن يقول: أخطأت إذا سمع رجلا ختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، لأنه خلاف الحكاية عن الله عز وجل. قاله أبو عبيد.
من كره أن يقول إذا قرأ القرآن: ليس كذا
- عن ابن مسعود أنه سأله رجلٌ : {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم} فجعل الرّجل يقول: ذرّياتهم، فجعل الرّجل يردّدها ويردّدها، ولا يقول: ليس كذا.
- قال إبراهيم: إنّي لأكره أن أشهد عرض القرآن فأقول كذا وليس كذا.
- عن الأعمش أنه قال: كنت أقرأ على إبراهيم فإذا مررت بحرفٍ ينكره لم يقل لي: ليس كذا وكذا، ويقول: كان علقمة يقرأه كذا وكذا.
- وعنه أنه قال: قال لي إبراهيم: إنّ إبراهيم التّيميّ يريد أن تقرئه قراءة عبد الله، قلت: لا أستطيع، قال: بلى، فإنّه قد أراد ذاك، قال: فلمّا رأيته قد هوي ذاك، قلت: فيكون هذا بمحضرٍ منك فنتذاكر حروف عبد الله فقال: اكفني هذا، قلت: وما تكره من هذا ؟ قال: أكره أن أقول لشيءٍ هو هكذا، وليس هو هكذا، أو أقول فيها واوٌ وليس فيها واوٌ.
- عن شعيبٍ أنه قال: كان أبو العالية يقرئ النّاس القرآن، فإذا أراد أن يغيّر على الرجل لم يقل: ليس كذا وكذا، ولكنّه يقول: اقرأ آية كذا، فذكرته لإبراهيم فقال: أظنّ صاحبكم قد سمع، أنّه من كفر بحرفٍ منه، فقد كفر به كلّه.
- روى هذه المرويات ابنُ أبي شيبة في مصنفه.
كراهية إتيان حامل القرآن الملوك إكراما للقرآن
- عن أبي عبيد أنه قال: جلست إلى معمر بن سليمان النخعي بالرقة، وكان خير من رأيت، وكانت له حاجة إلى بعض الملوك، فقيل له لو أتيته فكلمته فقال: قد أردت إتيانه، ثم ذكرت القرآن والعلم فأكرمتهما عن ذلك. نقله عنه السخاوي في كتابه جمال القراء.
كراهية تلاوة الآية عند الشيء يعرض من أمر الدنيا وأن يجعل للقرآن نظيرا من قول الانسان وفعله
- قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يتلوا الآية عند الشيء يعرض من أمر الدنيا.
- معنى أثر إبراهيم: هو كالرجل يريد لقاء صاحبه، أو يهم بالحاجة فتأتيه من غير طلبه، فيقول كالمازح:{جئت على قدر يا موسى}. وهذا من الاستخفاف بالقرآن. قاله أبو عبيد.
- قال ابن شهاب:لا تناظر بكتاب الله ولا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- لا يجعل للقرآن ولا للسنة نظير من القول ولا الفعل. قاله أبو عبيد وهو توضيح لقول بن شهاب.
- ذكر هذه النقولات السخاوي في كتابه جمال القراء.