مَراتِبُ التجريحِ
(339) وأَسْوَأُ التجريحِ كَذَّابٌ يَضَعْ يَكْذِبُ وَضَّاعٌ ودَجَّالٌ وَضَعْ
(340) وبعدَها مُتَّهَمٌ بالكَذِبِ وساقِطٌ وهالِكٌ فاجْتَنِبِ
(341)وذاهِبٌ متروكٌ او فيه نَظَرْ وسَكَتُوا عنه به لاَ يُعْتَبَرْ
(342)وليسَ بالثِّقَةِ ثُمَّ رُدَّا حديثُه كذا ضعيفٌ جِدَّا
(343)وَاهٍ بِمَرَّةٍ وَهُمْ قد طَرَحُوا حديثَه وارْمِ به مُطَّرَحُ
(344)ليسَ بشيءٍ لا يُسَاوِي شَيْئاً ثم ضعيفٌ وكذا إنْ جِيئَا
(345) بِمُنْكَرِ الحديثِ أو مُضْطَرِبِهْ وَاهٍ وضَعَّفُوهُ لا يُحْتَجُّ بِهْ
(346)وبعدَها فيه مَقالٌ ضُعِّفْ وفيه ضَعْفٌ تُنْكِرُ وتَعْرِفْ
(347)ليس بذاكَ بالْمَتِينِ بِالْقَوِيِّ بِحُجَّةٍ بعُمْدَةٍ بالْمَرْضِيِّ
(348)للضَّعْفِ ما هو فيه خُلْفٌ طَعَنوا فيه كذا سَيِّئُ حِفْظٍ لَيِّنُ
(349)تَكَلَّمُوا فيه وكُلُّ مَن ذُكِرْ مِن بَعْدِ شيئاً بحديثِه اعتُبِرْ
مَراتِبُ ألفاظِ التجريحِ على خَمْسِ مَراتِبَ، وجَعَلَها ابنُ أبي حاتمٍ وتَبِعَه ابنُ الصلاحِ أربعَ مَراتِبَ:
(الْمَرْتَبَةُ الأُولى) وهي أَسْوَأُها، أنْ يُقالَ: فلانٌ كَذَّابٌ أو يَكذِبُ، أو فُلانٌ يَضَعُ الحديثَ، أو وَضَّاعٌ، أو وَضَعَ حديثاً، أو دَجَّالٌ.
وأَدْخَلَ ابنُ أبي حاتمٍ والخطيبُ بعضَ ألفاظِ الْمَرتبةِ الثانيةِ في هذه.
قالَ ابنُ أبي حاتمٍ: إذا قالوا: متروكُ الحديثِ، أو ذاهبُ الحديثِ، أو كذَّابٌ، فهو ساقِطٌ لا يُكْتَبُ حديثُه، وقالَ الخطيبُ: أدْوَنُ العباراتِ أنْ يُقالَ: كذَّابٌ ساقِطٌ. وقد فَرَّقْتُ بينَ بعضِ هذه الألفاظِ تَبَعاً لصاحِبِ (الْمِيزانِ).
(الْمَرْتَبَةُ الثانيةُ): فُلانٌ مُتَّهَمٌ بالكذِبِ أو الوضْعِ ، وفلانٌ ساقِطٌ ، وفلانٌ هالِكٌ ، وفُلانٌ ذاهِبٌ أو ذاهِبُ الحديثِ ، وفُلانٌ متروكٌ أو متروكُ الحديثِ أو تَركوهُ، وفلانٌ فيه نَظَرٌ ، وفلانٌ سَكَتُوا عنه، وهاتان العبارتانِ يَقولُهما البُخاريُّ فيمَنْ تَرَكُوا حديثَه، فُلانٌ لا يُعْتَبَرُ به، أو لا يُعْتَبَرُ بحديثِه، فلانٌ ليس بالثقَةِ أو ليس بثِقةٍ، أو غيرُ ثِقةٍ، ولا مأمونٌ ونحوُ ذلك.
(الْمَرتبةُ الثالثةُ): فلانٌ رُدَّ حديثُه، أو رَدُّوا حديثَه، أو مَردودُ الحديثِ، وفلانٌ ضَعيفٌ جِدًّا، وفلانٌ واهٍ بِمَرَّةٍ، وفلانٌ طَرَحُوا حديثَه أو مُطَّرِحٌ، أو مُطَّرِحُ الحديثِ، وفلانٌ ارْمِ به، وفلانٌ ليس بشيءٍ، أو لا شيءَ وفلانٌ لا يُساوِي شَيئاً ونحوُ ذلك، وكلُّ مَن قِيلَ فيه ذلك مِن هذه الْمَراتِبِ الثلاثِ لا يُحْتَجُّ بحديثِه ولا يُستشهَدُ به ولا يُعتبَرُ به.
(الْمَرتبةُ الرابعةُ): فلانٌ ضعيفٌ، فلانٌ مُنْكَرُ الحديثِ، أو حديثُه مُنْكَرٌ، أو مُضْطَرِبُ الحديثِ ، وفلانٌ واهٍ، وفلانٌ ضَعَّفُوهُ، وفُلانٌ لا يُحْتَجُّ به.
(الْمَرتبةُ الخامسةُ): فلانٌ فيه مَقالٌ، فلانٌ ضُعِّفَ، أو فيه ضَعْفٌ، أو في حديثِه ضَعْفٌ، وفلانٌ تَعْرِفُ وتُنْكِرُ وفلانٌ ليس بذاك أو بذاك القَوِيِّ، وليس بالْمَتينِ ، وليس بالقويِّ ، وليس بِحُجَّةٍ، وليس بعُمْدَةٍ، وليس بالْمَرْضِيِّ، وفلانٌ للضعْفِ ما هو، وفيه خُلْفٌ، وطَعَنُوا فيه، أو مطعونٌ فيه، وسَيِّئُ الحفْظِ، ولَيِّنٌ، أو لَيِّنُ الحديثِ، أو فيه لِينٌ، وتَكَلَّمُوا فيه ونحوُ ذلك.
وقولِي: (وكلُّ مَن ذُكِرْ مِن بعدِ شيئاً) أيْ: مِن بعدِ قَوْلِي: لا يُساوي شيئاً. فإنه يُخَرَّجُ حديثُه للاعتبارِ، وهم الْمَذْكُورونَ في الْمَرتبةِ الرابعةِ والخامسةِ.
قالَ ابنُ أبي حاتمٍ: إذا أجَابُوا في رجُلٍ بأنه لَيِّنُ الحديثِ فهو ممن يُكْتَبُ حديثُه ويُنظرُ فيه اعتباراً، وإذا قالوا: ليس بقَوِيٍّ. فهو بمنزلتِه في كَتْبِ حديثِه إلاَّ أنه دونَه، وإذا قالوا: ضعيفُ الحديثِ. فهو دونَ الثاني لا يُطَّرَحُ حديثُه بل يُعتبرُ به. وقد تَقَدَّمَ في كلامِ ابنِ مَعينٍ ما قد يُخالِفُ هذا مِن أنَّ مَن قالَ فيه ضعيفٌ فليس بثِقةٍ لا يُكتبُ حديثُه.
وتَقَدَّمَ أنَّ ابنَ الصلاحِ أجابَ عنه بأنه لم يَحْكِهِ عن غيرِه مِن أهْلِ الحديثِ.
وسألَ حمزةُ السهمِيُّ الدارقُطنيَّ: أَيْشٍ تريدُ إذا قلتَ: فلانٌ لَيِّنٌ؟ قالَ: لا يكونُ ساقِطاً متروكَ الحديثِ ولكنْ مَجروحاً بشيءٍ لا يُسْقِطُ عن العَدالةِ، وأمَّا تَمييزُ ما زِدْتُه مِن ألفاظِ الْجَرْحِ على ابنِ الصلاحِ فهي فُلانٌ وضَّاعٌ، ويَضَعُ، ووَضَعَ، ودَجَّالٌ، ومتَّهَمٌ بالكذِبِ, وهالِكٌ، وفيه نظَرٌ، وسَكَتُوا عنه، ولا يُعْتَبَرُ به، وليس بالثقةِ، ورُدَّ حديثُه، وضعيفٌ جِدًّا، ووَاهٍ بِمَرَّةٍ، وطَرَحُوا حديثَه، وارمِ به، ومُطَّرَحٌ، ولا يُساوِي شيئاً، ومنْكَرُ الحديثِ، وواهٍ، وضَعَّفُوهُ ، وفيه مَقالٌ، وضُعِّفَ، وتَعرِفُ وتُنْكِرُ، وليس بالْمَتينِ وليس بعُمدةٍ، وليس بالْمَرْضِيِّ، وللضعْفِ ما هو، وفيه خُلْفٌ، وطَعَنوا فيه، وسَيِّئُ الحفْظِ، وتَكَلَّمُوا فيه.
فهذه الألفاظُ لم يَذْكُرْها ابنُ أبي حاتمٍ ولا ابنُ الصلاحِ وهي مَوجودةٌ في كلامِ أئِمَّةِ هذا الشأنِ، وأَشَرْتُ إلى ذلك بقولِي: (وزِدْتُ ما في كلامِ أهْلِه وَجَدْتُ).