دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 02:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


تَخفيفُ (إنَّ)
189- وخُفِّفَتْ إنَّ فقَلَّ العَمَلُ = وتَلْزَمُ اللامُ إذا ما تُهْمَلُ
190- ورُبَّمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا إنْ بَدَا = ما ناطِقٌ أَرادَهُ مُعْتَمِدَا

إذا خُفِّفَتْ (إنَّ) المكسورةُ فلها حالتانِ:
الأُولَى: أنْ يَلِيَها الاسمُ.
الثانيةُ: أنْ يَلِيَها الفعْلُ.
أمَّا الأُولَى - وهي أنْ يَلِيَهَا الاسمُ - فيَجوزُ فيها الإهمالُ، وهذا هو الكثيرُ، ويَجوزُ فيها الإعمالُ ويكونُ اسْمُها اسْمًا ظاهرًا لا ضميرًا، وإذا أُهْمِلَتْ لَزِمَتِ اللامَ في خبرِ المبتدأِ بعدَها؛ لتُفَرِّقَ بينَها وبينَ (إنِ) النافيةِ، ولهذا تُسَمَّى (اللامَ الفارِقَةَ) و(لامَ الفصْلِ)، نحوُ: إنِ القراءةُ لَمُفِيدَةٌ.
فإنْ عَمِلَتْ لم تَلْزَمِ اللامُ؛ لأنها لا تَلتبِسُ بإنِ النافيةِ؛ لأنَّ النافيةَ لا تَنْصِبُ الاسمَ وتَرفعُ الخبرَ، نحوُ: إنِ القراءةَ مُفيدةٌ.
وإنْ وُجِدَ قَرينةٌ مَعنويَّةٌ أو لفظيَّةٌ تُبَيِّنُ المقصودَ بـ (إنْ)، (وهو التوكيدُ) استُغْنِيَ عن اللامِ لعَدَمِ اللَّبْسِ، فمِثالُ المعنويَّةِ : إنِ الاستقامةُ سعادةُ الدارَيْنِ، فهي مُخَفَّفَةٌ؛ لأنَّ المعنى يَفْسُدُ على اعتبارِها نافيةً.
ومنه قولُ الشاعرِ:
أَنَّا أُباةُ الضَّيْمِ مِن آلِ مَالِكٍ = وإنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ الْمَعَادِنِ

فقد تَرَكَ الشاعرُ اللامَ في قولِه: (وإنْ مالِكٌ كانَت)؛ اعتمادًا على ظُهورِ المرادِ؛ لدَلالةِ مَقامِ الافتخارِ في شَطْرِ البيتِ على الإثباتِ.
ومِثالُ اللفظيَّةِ : إنِ الفعْلُ الجميلُ لنْ يَضيعَ، ومنه قولُ الشاعرِ:
إنِ الْحَقُّ لا يَخْفَى على ذي بَصيرَةٍ = وإنْ هوَ لم يُعْدَمْ خِلافَ مُعَانِدِ

فإنَّ وجودَ (لنْ) في المِثالِ و(لا) في البيتِ يُبْعِدُ أنْ تكونَ (إنْ) نافيةً؛ لأنَّ إدخالَ النفيِ على النفيِ لإبطالِ الأوَّلِ قليلٌ جِدًّا في الكلامِ الفصيحِ؛ إذ يُمْكِنُ أنْ يَأتِيَ الكلامُ مُثْبَتًا مِن أوَّلِ الأمْرِ مِن غيرِ حاجةٍ إلى نفيِ النفيِ الْمُؤَدِّي للإثباتِ بعدَ تطويلٍ، وفيه قَرينةٌ مَعْنَوِيَّةٌ؛ فإنَّ نَفْيَ النفيِ إثباتٌ، فيكونُ المعنى: الحقُّ يَخْفَى على ذي بَصيرةٍ، وفَسادُه ظاهِرٌ.
ومَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أنَّ هذه اللامَ هي لامُ الابتداءِ.
وذَهَبَ أبو عليٍّ الفارِسِيُّ إلى أنها غَيْرُها اجْتُلِبَتْ للفرْقِ، وهذا هو الظاهرُ لدُخُولِها في مَواضِعَ لا تَدْخُلُ فيها لامُ الابتداءِ، ويَظْهَرُ أثَرُ الخِلافِ في نحوِ قولِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((قَدْ عَلِمْنَا أَنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ)). رَوَاهُ البُخارِيُّ، فعلى الأوَّلِ يَجِبُ كسْرُ همزةِ (إنْ)؛ لأنها بعْدَ فعْلٍ مِن أفعالِ القلوبِ، وقد عُلِّقَ عن العملِ بلامِ الابتداءِ؛ كما تَقدَّمَ، وعلى الثاني يَجِبُ الفتْحُ؛ لطلَبِ العامِلِ لها بعدَ التأويلِ، وليسَتْ الفارِقَةُ مِن الْمُعَلِّقَاتِ.
قالَ ابنُ مالِكٍ: (وخُفِّفَتْ إنَّّ)؛ أي: المكسورةُ، (فقَلَّ العمَلُ)؛ أيْ: وكَثُرَ إهمالُها، ولَزِمَ مَجيءُ اللامِ بعدَها، وربما تُرِكَتْ هذه اللامُ إنْ ظَهَرَ الذي أرادَه المتكلِّمُ مُعْتَمِدًا على قَرينةٍ تُوَضِّحُ المقصودَ.
مِن أحكامِ (إنَّ) إذا خُفِّفَتْ
191- والفعلُ إنْ لم يَكُ نَاسِخًا فَلاَ = تُلْفِيهِ غالِبًا بإنْ ذي مُوصَلاَ
هذه الحالةُ الثانيةُ لـ (إنَّ) بعدَ التخفيفِ، وهي أنْ يَلِيَها الفعْلُ فيَجِبُ إهمالُها لزوالِ اختصاصِها بالاسمِ، والغالبُ أنْ يَلِيَها فعْلٌ مِن الأفعالِ الناسخةِ، مِثْلُ (كانَ) أو (ظَنَّ)، والماضي الناسِخُ أكثَرُ مِن المضارِعِ.
فالماضي نحوُ: إنْ وَجَدْنَا الكَذَّابَ لأَبْعَدَ مِن احترامِ الناسِ وتَوْقِيرِهم. قالَ تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ}.
والمضارِعُ نحوُ: إنْ يَكادُ الذَّلِيلُ لَيَأْلَفُ الهوَانَ. قالَ تعالى: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ}.
ويَقِلُّ أنْ يَلِيَهَا غيرُ الناسخِ؛ كالماضِي في قولِهم: (إِنْ قَنَّعْتَ كاتِبَكَ لسَوْطًا)، وقولِ المرأةِ:
شَلَّتْ يَمِينُكَ إنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا = حَلَّتْ عليكَ عُقوبةُ الْمُتَعَمِّدِ
أو المضارِعِ؛ كقولِهم: (إنْ يَزِينُكَ لَنَفْسُكَ، وإنْ يَشينُكَ لَهِيَهْ)، ولا داعِيَ لِمُحَاكَاةِ هذه الأمثلةِ القليلةِ، وإنما تُذْكَرُ للعلْمِ بها.
وهذا معنى قولِه: (والفعلُ إنْ لم يَكُ ناسِخًا.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ الفعْلَ إذا لم يَكُنْ مِن الأفعالِ الناسخةِ فإنك غالِبًا لا تَجِدُه متَّصِلاً بـ (إنِ) المخَفَّفَةِ، وإنما الذي يَتَّصِلُ بها - في الغالِبِ - هو الفعْلُ الناسخُ.
تخفيفُ (أنَّ)
192- وإنْ تُخَفَّفْ أنَّ فاسْمُها اسْتَكَنْ = والخبرَ اجْعَلْ جُملةً مِن بَعْدِ أَنْ
193- وإنْ يَكُنْ فِعْلاً ولم يَكُنْ دُعَا = ولم يَكُنْ تَصريفُه مُمْتَنِعَا
194- فالأحْسَنُ الفَصْلُ بقَدْ أو نَفْيٍ اوْ = تَنفيسٍ اوْ لَوْ وقليلٌ ذِكْرُ لَوْ
إذا خَفَّفْتَ (أنَّ) المفتوحةَ تَرَتَّبَ على ذلك أربعةُ أحكامٍ:
الأوَّلُ: بقاءُ عَمَلِها.
الثاني: يكونُ اسْمُها ضميرَ الشأنِ مَحذوفًا.
الثالثُ: يكونُ خَبَرُها جُملةً اسْمِيَّةً أو فِعْلِيَّةً.
الرابعُ: وُجودُ فاصِلٍ في الأغلَبِ بينَها وبينَ خَبَرِها إذا كانَ جُملةً فِعْلِيَّةً فعْلُها متَصَرِّفٌ لا يُقْصَدُ به الدعاءُ؛ كما سيأتي إنْ شاءَ اللَّهُ.
مِثالُها: عَلِمْتُ أنْ حاتِمٌ أشهَرُ كُرماءِ العرَبِ، فـ (أنْ) مخفَّفَةٌ. واسمُها ضميرُ الشأنِ محذوفٌ؛ أي: أنه، وحاتمٌ: مبتدأٌ، وأشهَرُ: خبرٌ والجملةُ خبرُ (أنِ) المخَفَّفَةِ، ومنه قولُه تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فـ (أنْ) مخفَّفَةٌ مِن الثقيلةِ، واسمُها ضميرُ الشأنِ محذوفٌ، تقديرُه: أنَّهُ؛ أي: الحالَ والشأنَ، وجملةُ (الحمدُ للهِ) خَبَرُها.
وقد يَبْرُزُ اسْمُها؛ كقولِ المرأةِ تَرْثِي أخاها:
بأَنْكَ ربيعٌ وغَيْثٌ مَرِيعٌ = وأَنْكَ هناكَ تكونُ الثِّمالاَ
فقد وَقَعَتِ (الكافُ) اسْمًا لـ (أنِ) المخَفَّفَةِ، وخَبَرُها في الشَّطْرِ الأوَّلِ مُفْرَدٌ، وفي الشَّطْرِ الثاني جُملةٌ، وهذا شاذٌّ أو ضَرورةٌ شِعريَّةٌ، فلا يُقاسُ عليه، بل يُقتَصَرُ على الكثيرِ الشائعِ.
فإنْ كانَ خَبَرُها جُملةً فِعليَّةً فِعْلُها مُتَصَرِّفٌ، لا يُقْصَدُ به الدعاءُ - فإنه يُؤْتَى في الغالِبِ بفاصِلٍ بينَها وبينَ خَبَرِها؛ كما تَقَدَّمَ، وهذا الفاصلُ للتفرِقَةِ بينَ (أنِ) المخفَّفَةِ و (أنِ) الْمَصدريَّةِ.
وهذا الفاصِلُ واحدٌ مِن أربعةٍ:
1- (قدْ)، نحوُ: أيْقَنْتُ أنْ قدْ خُطَّ ما هو كائنٌ. قالَ تعالى: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا}، فـ (أنْ) مُخَفَّفةٌ واسْمُها ضميرُ الشأنِ محذوفٌ، وجُملةُ (صَدَقْتَنَا) في مَحَلِّ رفْعِ خبرِ (أنْ)، والمصدَرُ المؤوَّلُ مِن (أنْ) وما بعدَها في مَحَلِّ نصْبٍ سَدَّ مَسَدَّ مَفْعُولَيْ (نَعْلَمَ).
2- أحَدُ حَرْفَيِ التنفيسِ - أي: الاستقبالِ - وهما: السينُ، نحوُ: إنْ لم تَسْمَعْ نُصحِي فاعتَرِفْ أنْ سَتَنْدَمُ, قالَ تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى}، أو سوفَ؛ كقولِ الشاعرِ:
واعْلَمْ فعِلْمُ الْمَرءِ يَنفَعُهُ = أنْ سَوْفَ يَأتِي كلُّ ما قُدِرَا
3- أحَدُ حروفِ النفيِ الثلاثةِ التي استَعْمَلَتْهَا العرَبُ في هذا الْمَوْضِعِ، وهي (لا، لنْ، لَمْ)، نحوُ: أَيْقَنْتُ أنْ لا يَضِيعُ عندَ اللهِ إحسانٌ، قالَ تعالى: {أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً}، ونحوُ: جَزَمْتُ أنْ لنْ يَضِيعُ العرفُ بينَ اللهِ والناسِ. قالَ تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}، ونحوُ: اعتقادِي أنْ لم تَنْفَعْكَ نَصيحَتِي. قالَ تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ}.
4- (لو)، والنصُّ عليها في كُتُبِ النُّحاةِ قليلٌ، معَ أنها كثيرةٌ في المسموعِ، نحوُ: أُوقِنُ أنْ لو استفادَ المسلِمُ ممَّا يَسمعُ لصَلَحَ المجتَمَعُ. قالَ تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}.
وقد وَرَدَ تَرْكُ الفاصِلِ في قولِ الشاعرِ:
عَلِمُوا أَنْ يُؤَمَّلُون فَجَادُوا = قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا بأعْظَمِ سُؤْلِ‏

ويُفْهَمُ ممَّا سَبَقَ أنَّ الفصْلَ غيرُ واجبٍ في ثلاثةِ مَوَاضِعَ:
الأوَّلُ: إذا كانَ الخبرُ جُملةً اسميَّةً، نحوُ: اعتقادِي أنْ عَواقِبُ الصبْرِ مَحمودةٌ، قالَ تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، إلاَّ إذا قُصِدَ النفيُ فيُفْصَلُ بينَ (أنْ) وخَبَرِها بحرْفِ النفيِ، نحوُ: رَأَيْتُ أنْ لا صَدِيقَ وَفِيٌّ، ومنه: (أَشهَدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ)، قالَ تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
الثاني: إذا كانَ الخبرُ جُملةً فِعليَّةً فعلُها جامدٌ، نحوُ: عَلِمْتُ أنْ ليسَ للظُّلْمِ بقاءٌ. قالَ تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى}.
الثالثُ: إذا كانَ الخبرُ جُملةً فِعليَّةً، فعْلُها متَصَرِّفٌ، ولكنْ قُصِدَ به الدعاءُ، نحوُ: أدامَ اللهُ تَوفيقَكَ، وأنْ أَسْبَغَ عليكَ نِعَمَه ورَزَقَكَ شُكْرَها، ومنه قراءةُ نافعٍ الْمَدَنِيِّ: (وَالْخَامِسَةَ أَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا) بصِيغةِ الفعْلِ الماضي (غَضِبَ) وتسكينِ النونِ، وبَقِيَّةُ السبعةِ قَرَأَ بشديدِ (أنَّ) ونَصْبِ ما بعدَها.
وإنما تُرِكَ الفصْلُ في هذه المواضِعِ الثلاثةِ؛ لأنَّ الناصبةَ للمضارِعِ لا تَقَعُ في مِثْلِ ذلك، فلا لَبْسَ بينَها وبينَ المُخَفَّفَةِ.
وهذا معنَى قولِه: (وإنْ تُخَفَّفْ أَنَّ فاسْمُها.. إلخ)، فذَكَرَ ثلاثةً مِن أحكامِها بعدَ التخفيفِ، فإنَّ قولَه: (فاسْمُها) معناه: بقاءُ عَمَلِها.
وإلاَّ لم يَكُنِ اسْمًا لها، وهذا الحكْمُ الأوَّلُ، ولم يَذْكُرْ أنه ضَميرٌ؛ لضِيقِ النظْمِ، وقولُه: (اسْتَكَنْ)؛ أي: اسْتَتَرَ واخْتَفَى، وخَفَّفَ نونَ الفعْلِ للضرورةِ، والأصْلُ (اسْتَكَنَّ) وهذا الحكْمُ الثاني.
وأشارَ إلى الثالثِ بقولِه: (والخبرَ اجعَلْ جُملةً مِن بَعْدِ أنْ).
ثُمَّ قالَ: (وإنْ يَكُنْ فِعْلاً..) أيْ: وإنْ يَكُنِ الخبرُ جُملةً فِعْلُها لا يَدُلُّ على الدعاءِ ولا يَمتنِعُ تصريفُه فالأحسَنُ الفصْلُ بينَ (أنَّ) وخَبَرِها بما ذُكِرَ، وقولُه: (وقليلٌ ذِكْرُ لوْ)؛ أيْ: قَلَّ مِن النَّحْوِيِّينَ مَن ذَكَرَ (لو)، وهذا لا يُنَافِي وُرُودَها كثيرًا في الكلامِ الفصيحِ.
تخفيفُ (كأنَّ)
195- وخُفِّفَتْ كأنَّ أيضًا فنُوِي = مَنصوبُها وثابتاً أيضاً رُوِي
إذا خُفِّفَتْ (كأنَّ) ثَبَتَتْ لها الأحكامُ الأربعةُ السابقةُ في (أنِ) المُخَفَّفةِ مِن بقاءِ عَمَلِها وحَذْفِ اسْمِها، ومجيءِ خَبَرِها جُملةً اسْمِيَّةً أو فِعْلِيَّةً مُصَدَّرَةً بلم معَ المضارِعِ و (قد) معَ الماضي.
فمِثالُ الْجُملةِ الاسميَّةِ: كأنْ عُصفورٌ سَهْمٌ في السرعةِ، ومِثالُ الفعليَّةِ: نَضَرَ الزهْرُ وكأنْ لم يَكُنْ ذابِلاً، قالَ تعالى: {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ}.
وقدِ اجْتَمَعَتْ (كأنَّ) المشدَّدَةُ والمُخَفَّفةُ في قولِه تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً}.
وقد رُوِيَ مَجيءُ اسْمِها ظاهِرًا؛ كقولِ رُؤْبَةَ:
غَضَنْفَرٌ تَلْقَاهُ عندَ الغَضَبِ = كأَنْ وَرِيدَاهُ رِشَاءً خُلَّبِ
ولا يُقاسُ على هذا؛ لأنه نادرٌ.
وهذا معنَى قولِه: (وخُفِّفَتْ كَأنَّ.. إلخ)، ومعنى (فَنُوِي)؛ أيْ: قُدِّرَ ولم يُذْكَرْ في الكلامِ. وقولُه: (مَنْصُوبُهَا) معناه: أنه بَقِيَ عَمَلُها ثم ذَكَرَ أنَّ اسْمَها قد يُذْكَرُ ظاهرًا في الكلامِ وهو قليلٌ.
تَخفيفُ (لَكِنَّ):
إذا خُفِّفَتْ (لكِنَّ) وَجَبَ إهمالُها، وزالَ اختصاصُها بالجملةِ الاسميَّةِ، فتَدْخُلُ على الاسميَّةِ والفعليَّةِ وعلى غيرِهما، ويَبْقَى لها معناها بعدَ التخفيفِ وهو الاستدراكُ، نحوُ: الكتابُ صغيرٌ لكنْ نَفْعُه عظيمٌ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تخفيف, هو

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir