ويجوز نَسْخُ الفَحْوَى دُونَ أَصْلِهِ كَعَكْسِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالنَّسْخُ بِهِ وَالأَكْثَرُ أَنَّ نَسْخَ أَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ الآخَرَ وَنَسْخُ المُخَالَفَةِ، وَإِنْ تَجَرَّدَتْ عَنْ أَصْلِهَا لَا الأَصْلِ دُونَهَا فِي الأَظْهَرِ وَلَا النَّسْخُ بِهَا وَنَسْخُ الإِنْشَاءِ، وَلَوْ كان بِلَفْظِ القَضَاءِ أَوْ الخَبَرِ أَوْ قَيَّدَ بِالتَّأْبِيدِ، وَغَيْرِهِ، مِثْلَ: صُومُوا أَبَدًا صُومُوا حَتْمًا، وَكَذَا الصَّوْمُ وَاجِبٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا إذَا قَالَهُ إنْشَاءً خِلَافًا لِابْنِ الحَاجِبِ، وَنَسْخُ الإِخْبَارِ بإيجاب الإخبار بِنَقِيضِهِ لَا الخَبَرِ، وَقِيلَ يَجُوزُ إنْ كَانَ عَنْ مُسْتَقْبَلٍ، وَيَجُوزُ النَّسْخُ بِبَدَلٍ أَثْقَلَ وَبِلَا بَدَلٍ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ.
مَسْأَلَةٌ: النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ المُسْلِمِينَ، وَسَمَّاهُ أَبُو مُسْلِمٍ تَخْصِيصًا، فَقِيلَ: خَالَفَ فَالخُلْفُ لَفْظِيٌّ، وَالمُخْتَارُ أَنَّ نَسْخَ حُكْمِ الأَصْلِ لَا يَبْقَى مَعَهُ حُكْمُ الفَرْعِ، وَأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ يَقْبَلُ النَّسْخَ، وَمَنَعَ الغَزَالِيُّ نَسْخَ جَمِيعِ التَّكَالِيفِ، وَالمُعْتَزِلَةُ نَسْخَ وُجُوبِ المَعْرِفَةِ، وَالإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ الوُقُوعِ، وَالمُخْتَارُ أَنَّ النَّاسِخَ قَبْلَ تَبْلِيغِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأُمَّةَ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ، وَقِيلَ يَثْبُتُ بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ فِي الذِّمَّةِ لَا الِامْتِثَالِ. أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ فليست بنسخ خِلَافًا للحَنَفِيَّةِ، وَمَثَارُهُ هَلْ رَفَعَتْ وَإِلَى المَأْخَذِ عَوْدُ الأَقْوَالِ المُفَصَّلَةِ، وَالفُرُوعِ المعينة وَكَذَا الخِلَافُ فِي جُزْءِ العِبَادَةِ أَوْ شَرْطِهَا.