تكملة القسم الثاني من دراسة حلية طالب العلم:
مذاكرة العلم:
المذاكرة نوعان:
1- مع الغير، البُصَرَاءِ بالْمُذاكَرَةِ والْمُطارَحَةِ. فتكون مع من يكون عونا له على طلب العلم، مفيدا له. فإن كانت مع قاصرٍ في العِلْمِ ، باردِ الذهْنِ ؛ فهي داءٌ ومُنافَرَةٌ.
2- مع نفسِك في تقليبِك لمسائِلِ العلْمِ ؛ فهذا مالا يَسوغُ أن تَنْفَكَّ عنه . وهي أيضا تساعد على مسألة المناظرة السابقة.
فوائد المذاكرة أنها:
1- تفوق المطالعة في بعض المواطن.
2- تشحذ الذهن.
3- تقوي الذاكرة.
وقد قيلَ : إحياءُ العِلْمِ مُذاكرَتُه .
آداب المذاكرة:
1- ملازمة الإنصاف.
2- الملاطفة، فأنت الآن في مقام الإقناع. واعلم أنه لن يقتنع إذا اشتد غضبك عليه.
3- الابتعاد عن الحيف والشغب والمجازفة.
طالب العلم يعيش بين الكتاب والسنة وعلومها:
فهما له كالجناحين للطائر، فاحذر أن تكون مهيض الجناح. فلا تراعي السنة وتغفل عن القرآن، أو القرآن وتغفل عن السنة. بل لا بد أن يكون الكتاب والسنة كلاهما جناحان لك، والجناح الأصل هو: القرآن. وأيضا لا تهمل كلام العلماء ولا تغفل عنه، لأن العلماء أشد منك رسوخا في العلم،وعندهم من قواعد الشريعة وضوابط الشريعة وأسرارها ما ليس عندك.
فائدة:
إذا رأيت أكثر العلماء على قول، فلا تعدل عن قولهم إلا بعد التمحيص والتحقق.
وأيضا لا تتعجل وتأخذ بأدلة تخالف الأدلة التي هي كالجبال في الشريعة والدلالة، فلعله لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ثبت وهو منسوخ ، أو ثبت وهو مخصوص.
فهذان أمران أنبه عليهما لأهميتهما :
- مخالفة الجمهور.
- ومخالفة القواعد في الشريعة الإسلامية.
استكمال أدوات كل فن:
لنتكونَ طالبَ عِلْمٍ مُتْقِنًا مُتَفَنِّنًا – حتى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِياطِ – ما لم تَستكمِلْ أدواتِ ذلك الفَنِّ ، ففي الفِقْهِ بينَ الفقْهِ وأصولِه ، وفي الحديثِ بينَ عِلْمَي الروايةِ والدِّرايةِ .... وهكذا ، وإلا فلا تَتَعَنَّ .
قالَاللهُ تعالى :(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ)فيُستفادُ منها أنَّ الطالِبَ لا يَتْرُكُ عِلْمًا حتى يُتْقِنَهُ .
والمراد بالتلاوة هنا: التلاوة اللفظية، والتلاوة المعنوية، والتلاوة العملية،مأخوذة من تلاه إذا اتبعه، فالذين آتاهم الكتاب لا يمكن أن يوصفوا بأنهم أهل الكتاب حتى يتلوه حق تلاوته.
اختلف علماء الأصول: هل الأولى لطالب العلم أن يبدأ بأصول الفقه لابتناء الفقه عليه أو بالفقه لدعاء الحاجة إليه، حيث أن الإنسان يحتاجه في عمله، حاجاته،ومعاملاته قبل أن يفطن إلى أصول الفقه. والثاني هو الأولى وهو المتبع غالبا.