المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
مسائل الإيمان بالقرآن على نوعين:
النوع الأول: مسائل اعتقادية.
النوع الثاني: مسائل سلوكية .
س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى؟
أن كلام الله صفة من صفاته، لم يزال الله متكلما إذا شاء، بمشيئته وقدرته متى شاء وكيف شاء .
وأن الله يتكلم بحرف وصوت يسمعه من يشاء .
وكلامه لا يشبه كلام المخلوقين وكلماته لا يحيط بها أحد من خلقه، ولا تنفد ولا تنقضي.
وصفة الكلام لله تعالى صفة ذاتية باعتبار نوعها، وصفة فعلية باعتبار آحاد كلامه جل وعلا .
س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون؟
أوّل من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو "الجعد بن درهم" ثم أخذ هذه المقالة "الجهم بن صفوان" واشتهرت عنه، ولم يكن له أتباع لهم شأن في زمانه، وإنما بقيت مقالاته حتى تلقّفها بعض أهل الكلام وفتحوا بها على الأمّة أبواباً من الفتن العظيمة .
ثم ظهر بعدهما بمدّة "بشر بن غياث المريسي"، وكان في أوّل أمره مشتغلا بالفقه حتى عدّه بعضهم من كبار الفقهاء، وبعدها أقبل على علم الكلام، وافتتن به، وكان خطيباً مفوَّها، ومجادلاً مشاغباً.
وكان تحذير أئمة أهل السنة من بشر المريسي وأصحابه ظاهراً مستفيضاً؛ حتى حذرهم طلاب العلم.
لكنّهم تسللوا إلى الحكّام والولاة بما لهم من العناية بالكتابة والأدب، والتفنن في صياغة المكاتبات.
س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ؟
اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً كلٌّ يفهمها بفهم ويتأوّلها بتأوّل ويبني موقفه على ما فهم وتأوّل:
- الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
وهؤلاء فرحوا بهذه المقالة؛ لأنها أخف شناعة عليهم عند العامّة، ولأنّها أقرب إلى قبول الناس لها؛ فإذا قبلوها كانوا أقرب إلى قبول التصريح بخلق القرآن.
وهؤلاء كانوا من أكثر من أشاع مسألة اللفظ؛ وكثرت الروايات عن الإمام أحمد في التحذير من اللفظية وتسميتهم بالجهمية؛ يقصد بهم من يقول بخلق القرآن، ويتستّر باللفظ.
- الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
- الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري، رأس أهل الظاهر وإمامهم، وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن؛ فإنّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه: قال: (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق).
واشتهر عنه أنه قال: (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن؛ ويقولون بأن كلّ ما كان بعد أن لم يكن فهو مخلوق؛ ولذلك نفوا صفة الكلام عن الله جلوعلا، وضلوا في ذلك وكذبوا على الله؛ فإنّ الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء ، ويفعل ما يشاء متى يشاء.
وهذه الكلمة "محدث" واردة في القرآن في قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربّهم محدَث إلا كانوا عنه معرضين}، لكنّها ليست على المعنى الذي أراده المعتزلة من أنّه مخلوق، ولكنّ الله يحدث من أمره ما يشاء؛ فيكون حديثا أي جديداً عند إنزاله أو وقوعه.
- الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم.
وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة.
- الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة، وحصل في الأمر التباس عليهم؛ حتى إنّ منهم من نسب ذلك إلى الإمام أحمد كما كان عن أبي طالب وأنّ الإمام أحمد أنكر عليه وتغيّظ عليه وأنّه رجع عن ذلك؛ لكن بقي على ذلك بعض أصحاب الإمام أحمد، ثم قال بهذا القول بعض أتباعهم.
- الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني، والقاضي أبي يعلى.
وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ؛ وقالوا إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن.
- الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران.
واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال:
فقال بعضهم: إن صوت الربّ حلّ في العبد.
وقال آخرون: ظهر فيه ولم يحلّ فيه.
وقال آخرون: لا نقول ظهر ولا حلّ.
وقال آخرون: الصوت المسموع قديم غير مخلوق.
وقال آخرون: يسمع منه صوتان مخلوق وغير مخلوق.
وهذه الأقوال حكاها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض الطوائف، وحكى أقوالاً أخرى نحوها في البطلان .
س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
ابن كلاب من الأقوام الذين أرادوا الردّ على المعتزلة والانتصار لأهل السنة بالحجج المنطقية والطرق الكلامية؛ فخاضوا فيما نهاهم عنه أهل العلم؛ ووقعوا في بدع أخرى، وخرجوا بأقوال محدثة مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة.
وَقَد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.