دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الواسطية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 07:34 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي التنبيهات السنية للشيخ: عبد العزيز بن ناصر الرشيد

( فصلٌ في سنَّةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ القُرْآنَ.(110)
وتُبَيِّنُهُ، وتَدُلُّ عَلَيْهِ، وتُعَبِّرُ عَنْهُ.(111).
ومَا وَصَفَ الرَّسُولُ بهِ رَبَّهُ عَزَّ وجَلَّ مِنَ الأحاديِثِ الصِّحَاحِ الَّتي تَلَقَّاها أَهْلُ المَعْرِفَةِ بالقَبُولِ؛ وَجَبَ الإِيمانُ بِها كَذلكَ).(112)

(110) (الفصلُ): لغةً الحاجزُ بين الشـَّيئينِ، واصطلاحًا: هو اسمٌ لجملةٍ مِن العلمِ تحتَه فروعٌ ومسائلُ غالبًا، لمـَّا ذكرَ لمؤلِّفُ أدلَّةَ الكتابِ أتبعها بأدلَّـةِ السُّنَّةِ، جريًا على عادةِ السَّلفِ الصَّالحِ رحمهم اللهُ وأتباعِهِم، فإنَّهم كانوا يذكرونَ الآياتِ في البابِ ثمَّ يُتبعُونها بالأحاديثِ الموافِقةِ لها، كما فعلَ البخاريُّ ومَن قبلَه ومَن بعدَه مِن المصنِّفين في السُّنَّة يَحتَجُّونَ على أحاديثِ النُّزولِ والرَّؤيةِ والتَّكلُّمِ والوجهِ واليدينِ والإتيانِ ونحوِ ذلك بما في القرآنِ، ويُثبتونَ بذلك اتَّفاقَ دلالةِ القرآنِ والسُّنَّةِ عليها، وأنَّهما من مشكاةٍ واحدةٍ، ولا ينكرُ ذلك مَن له أدنى معرفةٍ وإيمانٍ، فإنَّ السُّنَّةَ كالكتابِ في إفادةِ العلمِ واليقينِ، وفي وجوبِ القبولِ واعتقادِ ما تضمَّنته، خلافًا لما عليه أهلُ البدعِ الَّذين قالوا: لا يُحتَجُّ بكلامِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- على شيءٍ من الصِّفاتِ، وقالوا في تلك الأدلَّةِ: إنَّها ظواهرُ لفظيَّةٌ لا تفيدُ اليقينَ، وزعموا أنَّ الَّذي يفيدُ اليقينَ هو نُحاتةُ أفكارِهم وسفالةُ أذهانهِم، وهذا إبطالٌ لدينِ الإسلامِ رأسًا.
قَولُهُ: (سُنَّةِ رسولِ اللهِ): السُّنَّةُ لغةً: الطَّريقةُ، وعُرفًا: هي أقوالُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وأفعالُه وتقريراتُهُ، وتُطَلقُ السُّنَّةُ تارةً على ما يُقابلُ القرآنَ، كما هنا وكما في حديثِ: ((يَؤُمُّ القَّوْمَ أَقْرَؤهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإنْ كَانُوا فيِ القِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ))، وتُطلقُ تارةً على ما يُقابِلُ الفرضَ وغيرَه من الأحكامِ الخمسةِ، وربما لا يُرادُ بها إلا ما يُقابلُ الفروضَ كفروضِ الوضوءِ وسُننِه، وتُطلقُ تارةً على ما يُقابلُ البدعةَ، فيُقالُ أهلُ السُّنَّةِ والبدعةِ.
قَولُهُ: (فالسُّنَّةُ تفسِّرُ القرآنَ): أي تُبيِّنُه وتوضِّحُه، والتَّفسيرُ في الأصلِ هو الكشفُ والإيضاحُ، وفي الاصطلاحِ: توضيحُ معنى الآيةِ وشأنِهَا والسَّببِ الَّذي أُنزلتْ فيه بلفظٍ يدلُّ عليه دلالةً ظاهرةً. انتهى. مِن التَّعريفاتِ.
فتفسيرُ اللفظِ تَبيينُ معناهُ وتوضيحُه، ويكونُ بذكرِ لفظٍ أوضحَ من المفسَّرِ، ويكونُ أيضًا بذكْرِ ضِدِّ الشَّيءِ كما قيل:
والضِّدُّ يُظهرُ حسنَهُ الضِّدُّ وَبِضِّدِها تتبيَّنُ الأشياءُ
فإنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بيَّن لأصحابِه القرآنَ، لفظَه ومعناه، فَبَلَّغهم معانيَه كما بلَّغَهم ألفاظَه، ولا يحصلُ البيانُ والبلاغُ المقصودُ إلا بذلك، كما قال -سُبْحَانَهُ- وتعالى: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).
وأيضًا فإنَّ اللهَ أنزلَ على نبيِّهِ الحكمةَ كما أنزلَ القرآنَ، والحكمةُ هي: السُّنَّةُ كما قاله غيرُ واحدٍ من السَّلفِ، وقالَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((أَلاَ وَإِنِّي أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)) رواه أصحابُ السُّننِ من حديثِ المقدامِ بنِ مَعْدي كرِبَ، وقال سُبْحَانَهُ: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)، وإنـَّما يحسنُ الاستدلالُ على معاني القرآنِ بما رواه الثـِّقاتُ عن رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، ثمَّ يتبعُ ذلك بما قالَهُ الصَّحابةُ والتَّابعون وأئمَّةُ الهُدى، ولا شكَّ أنَّ تفسيرَ القرآنِ بهذه الطَّريقةِ خيرٌ ممَّا هو مأخوذٌ عن أئمَّةِ الضَّلالِ وشيوخِ التَّجهُّمِ والاعتزالِ، الَّذين أحدثوا في الإسلامِ بدعًا وضلالاتٍ وفَرَّقوا دينهَم وكانوا شيعًا، وَنَبذوا كتابَ اللهِ وسُنَّةَ رسولهِ وراءَ ظهورِهم.

(111) قَولُهُ: (وتُبيـِّنُه): أي توضِّحُه وتكشفُ معناه، والبيانُ اصطلاحًا: قيل: هو إخراجُ المعنى من حَيِّزِ الإشكالِ إلى حيـِّزِ التَّجلِّي والوضوحِ، فالسُّنَّةُ كما أشارَ إليها المؤلِّفُ تُبيِّنُ مجملَ الكتابِ، كما في الصَّلاةِ والصَّومِ والحجِّ والبيعِ، وغالبِ الأحكامِ الَّتي جاء تفصيلُها في السُّنَّةِ، والبيانِ يحصلُ بالقولِ وبالفعلِ وبالإقرارِ على الفعلِ.
قال ابنُ القيِّمِ رحمه اللهُ: وبيانُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أقسامٌ، بيانُه لألفاظِ الوحْيِ ومعانيه بقَولِهِ أو فعلِه أو إقرارِه، بيانٌ للقرآنِ، وبيانٌ ابتدائيٌّ يَبْتدئُ النَّاسُ أو يَسألُونه، وبيانُه بالقولِ والفعلِ لمُجْمَلاتِ القرآنِ. انتهى.
قَولُهُ: (وتَدلُّ عليه): من الدِّلالةِ بكسرِ الدَّالِ وفتحِها، وهو ما يقتَضِيه اللفظُ عند إطلاقِه، واسمُ الفاعلِ دَالٌّ ودليلٌ وهو المَبَيِّنُ والكاشفُ، ودلالةُ اللفظِ الوَضْعِيَّةُ تنقسمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: دلالةٍ مُطابقةٍ، ودلالةِ تَضَمُّنٍ، ودلالةِ الْتِزَامٍ، فدلالةُ المطابقةِ: هي دلالةُ اللفظِ على تَمامِ المعنى الَّذي وُضِعَ له، كدلالةِ الرَّجلِ على الإنسانِ الذَّكرِ ودلالةِ المرأةِ على الإنسانِ الأنْثى، وسُمِّيتْ مطابقةً لِتَطَابُقِ الفَهمِ والوَضعِ فيها، ودلالةُ التَّضمُّنِ: هي دلالةُ اللفظِ على جزءِ مُسمَّاه، كدلالةِ لفظِ الأربعةِ على الواحدِ رُبْعِها، وسُمِّيت تضمُّنًا؛ لأنَّ بعضَ المعنى مفهومٌ من ضِمنِ كُلِّه ضَرورةً، ودلالةُ الالتزامِ: هي دلالةُ اللفظِ على خارجٍ من مُسمَّاه ولازمِ المعنى، كلزومِ الزوجيَّةِ للفظِ أربعةٌ.
قَولُهُ: (وتعبِّرُ عنه): أي تُبينُ وتُعربُ، ويُقالُ: هو عِبارةٌ عن كذا أي بمعناه ومُساوٍ له في الدَّلالةِ، فظهرَ ممَّا تقدَّمَ أنَّ السُّنَّةَ تُفسِّرُ القرآنَ وتُبيِّنُ مُجملَه وتُقيِّدُ مطلقَه إلى غيرِ ذلك.
قال ابنُ القيِّمِ رحمه اللهُ: السُّنَّةُ مع القرآنِ على ثلاثةِ أوجهٍ:
أحدِها: أنْ تكونَ موافقةً له من كلِّ وجهٍ، فيكونُ تَوارُدُ الكتابِ والسُّنَّةِ على الحكمِ من بابِ تَواردِ الأدلَّةِ وتَضَافرِها.
الثَّاني: أَنْ تكونَ بيانًا لما أُريدَ بالقرآنِ وتفسيرًا له.
الثَّالثِ: أنْ تكونَ مُوجِبةً لحكمٍ سَكتَ القرآنُ عن إيجابِه، أو تَحريمِ ما سَكتَ القرآنُ عن تحريمِه، ولا تَخْرجُ عن هذه الأقسامِ.

(112) قَولُهُ: (وما وصفَ الرَّسولُ به ربَّهُ عز وجل من الأحاديثِ): جَمعُ حديثٍ وهو لُغةً: ضِدُّ القديمِ، واصطلاحًا: ما أُضيفَ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قَوْلاً أو فِعلاً أو تَقريرًا.
قَولُهُ: (الصِّحاحِ): مِن الصِّحةِ هو لغةً: ضدُّ السَّقَمِ، واصطلاحًا: هو ما نَقَلَهُ العدْلُ الضَّابطُ عن مثلهِ مِن غيرِ شذوذٍ ولا علَّةٍ، فهو مَا جمعَ خمسةَ شروطٍ: عدالةِ الرُّواةِ وضبطِهمْ، واتصالِ السَّندِ، وأنْ لا يكونَ فيه شذوذٌ، وأن لا يكونَ فيه عِلَّةٌ، وهذه الشُّروطُ شروطُ الصحيحِ لذاته، أمَّا الصَّحيحُ لغيرِه، فهو ما اختلَّ فيه شرطٌ مِن هذه الشُّروطِ، ولكن انجبرَ بمجيئِهِ مِن طُرقٍ أخرى، وحُكْمُ الصَّحيحِ القبولُ.
قَولُهُ:( تلقَّاها): أيْ قَبِلَها وأَخَذَها، يقالُ تلقَّى القولَ وتلقَّنه وتلقَّفه.
قَولُهُ: (أهلُ المعرفةِ): أي أهلُ العلمِ بالحديثِ، وهم علماءُ الحديثِ العالِمُون بأحوالِ نبيِّهم الضَّابطون لأقوالِه وأفعالِه، والمُعتنُون بها، ولا عِبْرةَ بمَن عدَاهُم مِن المتكلِّمينَ وغيرِهِم، فإنَّ الاعتبارَ في كلِّ عِلْمٍ بأهلِ العِلْم بهِ دونَ غيرِهِم.
فهذه الأخبارُ تُفِيدُ العِلْمَ عند مَنْ له عنايةٌ بمعرفةِ ما جاءَ بهِ الرَّسولُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ومعرفةِ أحوالِ دعوتِه على التَّفصيلِ، فإنَّ أهلَ الحديثِ لهمْ فِقهٌ خاصٌّ في الحديثِ مختصُّون بمعرفتِه، كما يختصُّ البصيرُ في معرفةِ النقودِ، جيِّدِها ورديئِها، خالِصِها ومشوبِهَا، وقد امْتحِنَ غَيرُ واحدٍ مِن هؤلاءِ العلماءِ في زمنِ أبي زُرْعةَ وأبي حاتمٍ فوجدَ الأمرُ على ذلك، فقال السائلُ: أشهدُ أنَّ هذا العلمَ إلهامٌ، قال الأعمشُ: كان إبراهيمُ النخعيُّ صيرفيًّا في الحديثِ، كنتُ أسمعُ مِن الرِّجالِ فأعرِضُ عليه ما سمِعْتُه، وقالَ الأوزاعيُّ: كنَّا نسمعُ الحديثَ فنعرضُهُ على أصحابِنَا كما نعرضُ الدرهمَ الزَّائفَ على الصيارفِ، فما عَرفوا أخذنَا ومَا أنكَروا تركنَا، وقدْ رُوِيَ مثلُ هذا عنْ أحمدَ بنِ حنبلٍ وغيرِه.
قَولُهُ: (المعرفةِ): المعرفةُ في اللُّغةِ: بمعنى العلمِ، قالَ في شرحِ (مختصرِ التَّحريرِ): يطلقُ العِلْمُ ويرادُ به معنى المعرفَةِ، ويرادُ بها العلمُ، وذكرَ ابنُ القيِّمِ رحمه اللهُ فروقًا بينَ العلمِ والمعرفةِ لفظيَّةً ومعنويةً، فاللَّفظيةُ أنَّ فعلَ المعرفةِ يقعُ على مفعولٍ واحدٍ، تقولُ عرفتُ الدَّارَ، وفعلُ العلمِ يقتضي مَفعولينِ، كقَولِهِ: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ) الآيةَ، وإنْ وقعَ على مفعولٍ كان بمعنى المعرفةِ كقَولِهِ: (وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) وأمَّا الفروقُ المعنويَّةُ فذكرَ عدَّةَ فروقٍ، منها أنَّ المعرفَةَ تتعلَّقُ بذاتِ الشَّيءِ، والعلمُ يتعلَّقُ بأحوالِه، فتقولُ عَرَفْتُ أباكَ وعَلِمْتُه صالحًا، وساقَ عدَّةَ فروقٍ في (المدَارجِ).
قَولُهُ: (بالقبولِ وجبَ الإيمانُ بها كذلك): أي كما يجبُ الإيمانُ بالقرآنِ، فإنَّ اللهَ أنْزَلَ على رسولِه وحيَيْنِ، فأوجبَ على عبادِه الإيمانَ بهما والعملَ بما فيهما وهما الكتابُ والسُّنَّةُ، قال تعالى: (وَأَنزَلَ عليك الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) والحكمَةُ هي السُّنَّةُ باتفاقِ السَّلَفِ، وما أخبرَ به الرَّسولُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- عَنِ اللهِ فهو في وجوبِ تصديقِه والإيمانِ به كمَا أخبَر بهِ الرَّبُ على لسانِ رسولِه، وهذا أصلٌ متفقٌ عليهِ بينَ عُلماءِ الإسلامِ لا ينُكرُه إلا مَن ليسَ منهم.
وفي السُّنَنِ مِن حديثِ المِقْدَامِ بنِ معدِي كَرِبَ أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)) فهذه الأخبارُ الَّتي زعمَ هؤلاءِ أنَّه لاَ يستفادُ منها علمٌ نزَلَ بها جبريلُ مِن عندِ اللهِ كمَا نزلَ بالقرآنِ، قال تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ). انتهى. مِن (الصَّواعقِ) باختصارٍ.
والمقبولُ في هذا البابِ مِن أنواعِ السُّنَّة أربعةُ أنواعٍ، كما أشارَ إلى ذلكَ ابنُ القيِّمِ رحمهُ اللهُ في (الصَّواعقِ): (الأوَّلُ) ما تواترَ لفظًا ومعنًى. (الثَّاني) ما تواترَ معنًى. (الثَّالثُ): أخبارٌ مستفيضَةٌ متلقَّاةٌ بالقبولِ. (الرَّابعُ) أخبارُ آحادٍ ثبتتْ بنقلِ الْعَدْلِ الضَّابطِ عن مثلِه، فهذهِ الأنواعُ هي المقبولَةُ في بابِ العِلميَّاتِ، فإنَّ هذا البابَ لا يُبْنى إلاَّ على ما ثبتَ بطريقٍ لا كلامَ فيهِ، فهذه الأنواعُ الأربعةُ مفيدةٌ للعلمِ واليقينِ موجبةٌ للعلمِ والعملِ جميعًا.
قالَ الشَّيخُ تقِيُّ الدِّينِ بنُ تيميةَ رحمَه اللهُ: الَّذي عليه الأُصُولِيِّون مِن أصحابِ أبي حنيفةَ والشافعيِّ وأحمدَ أنَّ خبَرَ الواحدِ إذا تلقَّته الأمَّةُ بالقبولِ تصْدِيقاً له وعملاً به يوجبُ العلمَ، إلاَّ فرقةً قليلةً اتَّبعوا طائفةً مِن أهلِ الكلامِ أنكرُوا ذلك، وقال في (الكوكبِ المنيرِ): ويُعملُ بآحادِ الأحاديثِ في أصولِ الدِّياناتِ، وحكى ذلك ابنُ عبدِ البرِّ رحمه اللهُ إجماعًا، قالَ الإمامُ أحمدُ رحمه الله: لا تتعدَّى القرآنَ والحديثَ، وقال العلاَّمةُ ابنُ قاضِي الجبلِ: مذهبُ الحنابلةِ أنَّ أخبَارَ الآحادِ المتلقَّاةِ بالقبولِ تصلُحُ لإثباتِ أصولِ الدِّياناتِ، ذكرَه أبو يَعْلى والشيخُ تقيُّ الدِّينِ في عقيدَتِه، والأدلَّةُ على قبولِ خبرِ الآحادِ كثيرةٌ جدًّا، وقدْ ذكرَ ابنُ القيِّمِ هذا القولَ في كتابِه (الصَّواعقِ) وأفاضَ في ذكرِ الأدلَّةِ على ذلك، وكذلكَ ذكرَهُ في (النُّونيَّةِ)، وقالَ ابنُ القاصِّ: لا خلافَ بينَ أهلِ الفقهِ في قَبُولِ خَبَرِ الآحادِ، انتهى.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السنة, تفسر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir