مجلس مذاكرة تفسير سورة الفلق
أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: بيّن المراد بالمعوذتين، وبيّن فضلهما بإيجاز.
المراد بالمعوِّذتين: سورتى الفلق والناس، {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}.
فضلهما:
1- المعوّذتان كرامة من الله تعالى لهذه الأمة، لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلهما.
-قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعقبة بن عامر –رضى الله عنه-: "ألم تر آيات أُنزلتِ الليلة لم ير مثلهنَّ قط؟! {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}". رواه مسلم.
2- -أبلغ عند الله تعالى.
-عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: (اتبعت رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو راكبٌ فوضعت يدي على قدمه؛ فقلت: أقرئني يا رسول الله سورة هود وسورة يوسف، فقال: "لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}" مسند الإمام أحمد وسنن النسائي.
3- خير سورتين قرأ بهما الناس وتكفيهم من كل شيء.
-عن عقبة بن عامرٍ -رضي الله عنه-، قال: (بينا أنا أقود برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نَقْب من تلك النقاب؛ إذ قال لي: "يا عقبة ! ألا تركب؟!، قال: فأجللت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أركب مركبه، ثم قال: "يا عُقيب ! ألا تركب؟!، قال: فأشفقت أن تكون معصية، قال: فنزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وركبت هُنيَّة ، ثم ركب، ثم قال: "يا عقيب ! ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟!"، قال: قلت : بلى يا رسول الله، قال: فأقرأني {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}، ثم أقيمت الصلاة ، فتقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما، ثم مرَّ بي؛ قال: "كيف رأيت يا عقيب؟! اقرأ بهما كلما نِمْتَ ، وكلما قُمْتَ". مسند الإمام أحمد وصحيح ابن خزيمة.
4- أفضل ما تعوذ به الناس.
-عن عبد الله بن خبيب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في المعوذتين: "ما تعوّذ الناس بأفضل منهما".رواه النسائي.
2: لمن الخطاب في قوله تعالى: {قل أعوذ برب الفلق}؟ وما الحكمة من إثبات {قل} في التلاوة؟
-الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- ابتداء، ويصلح لكل مسلم بالتبع.
-الحكمة من إثبات "قل" في التلاوة:
1- من القرآن الذي أُمِرنا بتلاوته فهي من كلام الله.
2- لأنها لو حذفت لأوهمَ ذلك استعاذة الرب جلَّ جلاله، وهو متنزه عن ذلك، فإن الله يعيذ ولا يستعيذ، وإنما أَمَر عباده بالاستعاذة به.
3: بيّن معنى الاستعاذة، وشروط الاستعاذة الصحيحة.
-{أعوذ} أي: ألتجئ وأعتصم وأستجير، وحقيقة الاستعاذة: طلب الأمان مما يُخاف منه.
-شروط الاستعاذة الصحيحة:
1- الإخلاص: صدق التجاء القلب إلى الله تعالى.
2- المتابعة: اتباع هدى الله، فيما يأمر به العبد وينهاه.
والمسلمون يتفاضلون في إحسان الاستعاذة، ومن كملت استعاذته كملت إعاذته وكان له عهد رباني: {ولئن استعاذني لأعيذنه}.
4: حرّر القول في المراد بالنفاثات في العقد.
سبب الخلاف:أن هذه المسألة وهي المراد بالنفاثات ليس فيها تفسير يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أحد من الصحابة، وأقدم من أُثر عنه أنه تكلم في هذه المسألة اثنان من التابعين هما: الحسن البصري، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فاختلف المفسرون في المراد بـ"النفاثات في العقد" على عدة أقوال:
القول الأول: أن المراد السواحر والسحرة، قول الحسن البصري رواه الطبري في تفسيره وصححه ابن حجر في فتح الباري.
وهذا التفسير يقتضي شمول دلالة اللفظ للذكور والإناث من السحرة.
القول الثاني:المراد النساء السواحر، قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ثم قال به مقاتل بن سليمان والفراء وأبو عبيدة، ثم قال به البخاري في صحيحه، ثم صدَّر به ابن جرير تفسيره للآية، وهذا القول له تخاريج:
التخريج الأول: أنه تفسير بالمثال ، ولا يقتضي حصر المراد فيه، ويدخل فيه القول الأول " قول الحسن اليصرى".
التخريج الثاني:أن التأنيث هنا خرج مخرج الغالب، فيتعلق الحكم بالعلة لا بصيغة الخطاب، كما في قول الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة}، فالمحصنات هنا هنَّ العفيفاتُ متزوجاتٍ أو غير متزوجات، ومن رمى رجلاً عفيفاً بالزنا فإنه يجلد كذلك لأن علة الحكم واحدة وهي القذف بالزنا، لكن خرج الخطاب مخرج الغالب، لأن أكثر ما يُقذف النساء. قول ابن عثيمين –رحمه الله-.
فالنفث في العقد هنا المراد به: السحر بإجماع السلف، والاستعاذة هنا تشمل سحر الرجال وسحر النساء.
التخريج الثالث: المراد بالنفاثات هنا بنات لبيد بن الأعصم على اعتبار أن السورة نزلت بسبب حادثة سَحر النبي -صلى الله عليه وسلم، قول النحاس ولم ينسبه لأحد معروف، وهو قول لا أصل له، فالذي سحر النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- هو لَبيدُ بن الأعصم وليس بناته.
والقول الثاني وهو أن المراد بالنفاثات في العقد النساء السواحر هو قول جمهور المفسرين، وبذلك قال جماعة من أهل اللغة كأبي عبيدة والفراء وابن قتيبة والزجاج كلهم فسروا النفاثات بالسواحر.
القول الثالث: أن المراد : النفوس النفاثات، قول الزمخشري، وذكره من باب الاحتمال حيث قال: (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها ويرقين)، ثم ذكره الرازي ثم ذكره عدد من المفسرين كأحد الأقوال التي قيلت في تفسير الآية، ورجحه ابن القيم في بدائع الفوائد ومحمد بن عبد الوهاب في اختصاره لتفسير المعوذتين.
وهذا القول بعيدلثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن هذا غير المتبادر إلى الذهن ، وإنما قاد إليه إرادة الهروب من إشكال ورود اللفظ بصيغة المؤنث.
الأمر الثاني: أن النفث في العقد هنا نظير الحسد من جهة أن التأثير فيهما من قبل الأنفس ، ومع ذلك ورد لفظ (الحاسد) بصيغة المذكر، وورد النفث بصيغة المؤنث، فيكون في هذا ما يلزم من التفريق بين المتماثلين، وهو باطل.
الأمر الثالث: أن المعهود في خطاب الشرع إسناد الفعل للشخص لا للنفس، وعند إرادة إسناده للنفس يصرح بذكر النفس كما في قوله تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم}، وقوله: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس}.
القول الرابع: المراد بالنفاثات: الجماعات التي تنفث، والتأنيث لأجل الجماعة مستعمل في اللغة صحيح، قول الزمخشري.
ولا ينكر أن اجتماع السحرة على العمل من أسباب قوة تأثيره، لكن كون هذا هو المراد بعيد لأنه يُخرج إرادة عمل الفرد منهم وهو كثير جداً، وما يجتمع عليه السحرة من العمل قليل جداً في جنب ما ينفرد به كل ساحر، والأقرب منه أن يكون الجمع لأجل طوائف ما ينفث.
وهذا القول صحيح لغةً ، لكن لا يوجد من نصَّ عليه من المتقدمين في تفسير الآية.
القول الخامس:النساء ينقضن عزائم الرجال، قول بعض المعتزلة، وهذا تأويل لا يصح، وإنما قادهم إلى ذلك أنهم ينكرون حقيقة السحر.
القول السادس:المراد بالنفاثات: النباتات التي تزداد طولاً وعرضاً وعمقاً ، قول ابن سيناء -رئيس الفلاسفة في زمانه-، فجعل هذه الأبعاد الثلاثة مرموزاً لها بالعُقَد ، وهو قول ظاهر البطلان، ولا أصل له عن السلف، ولا تدل عليه اللغة، وهو قول محدث.
5: اذكر حكم الحسد، والأسباب التي تحمل عليه، وبيّن كيف يحمي المؤمن نفسه من الوقوع فيها.
- حكم الحسد: نقل النووي إجماع الأمة على تحريم الحسد.
-عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَقَاطَعُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَاناً ، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ". رواه البخاري ومسلم.
-وفي سنن النسائي وصحيح ابن حبان وغيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد". والإيمان المنفي هنا: هو الإيمان الواجب، وليس أصل الإيمان.
- الأسباب التي تحمل على الحسد:
الحامل على الحسد أصله أمران:
الأول: ازدراء المحسود.
وعلاجه: ينبغي للمسلم أن لا يحقر مسلماً ولا يزدريه ولا يفخر عليه، وليعلم أن لبعض الناس خبايا من الأعمال الصالحة قد لا يدركها كثير من الناس، وإن لم يكن يُعرف عنهم كثرة عبادة وصلاة، ولا كثرة علم ولا ذكاء،؛ فإن الأسباب التي يوفق الله تعالى بها عباده قد تكون خفية على كثير من الناس.
الثاني: إعجاب الحاسد بنفسه.
وعلاجه: ينبغي للمرء أن يُعالج قلبه، ويعرف قدر نفسه، وأن فضل الله تعالى لا يُدرك بمعصية الله، وإنما يُطلب من الله بما هدى الله إليه.
ومن أهم ما يعالج الحسد التعرف على اسماء الله تعالى وصفاته، فالحاسد أول ما يطعن، يطعن فى حكمة الله وفى علمه وعدله –سبحانه وتعالى- فصحيح معرفته بالله تعالى تورث الرضا وطمأنينة القلب.