فصل
روى أبو بردة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أعطاني ربي مكان التوراة السبع الطول ، ومكان الإنجيل المثاني ، ومكان الزبور المئين ، وفضلني ربي بالمفصل)).
فأما السبع الطول ، فالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس ، في قول سعيد بن جبير ونحوه ، عن ابن عباس ، وهو الصحيح ، وإنما سميت السبع الطول لطولها على سائر القرآن.
أما (المئون) فهي ما كان من سور القرآن عدد آية مائة آية أو تزيد عليها شيئاً أو تنقص عنها شيئاً. وأما المثاني ، ففيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها السور التي عني الله فيها القصص والأمثال والفرائض
والحدود ، وهذا قول عبد الله بن عباس وسعيد بن جبير.
والثاني: أنها فاتحة الكتاب ، وهو قول الحسن البصري ، قال الراجز:
نشدتكم بمنزل القرآن أم الكتاب السبع من مثاني
نثين من آي من القرآن والسبع سبع الطول الدواني
والثالث: أن المثاني ما ثنيت المائة فيها من السور ، فبلغ عددها مائتي آية أو ما قاربها ، فكأن المائتين لها أوائل ، والثاني ثواني ، وقال بعض الشعراء:
حلفت بالسبع اللواتي طولت
ومائتين بعدها قد أمنت
وبمثاني ثنيت وكررت
وبالطواسين التي قد ثلثت
وبالحواميم التي قد سبقت
وبالتفاصيل التي قد فصلت
وأما المفصل ، فإنما سمي مفصلا لكثرة الفصول التي بين سوره ، وهو بسم الله الرحمن الرحيم ، وسمي المفصل محكما ، لما قيل إنه لم ينسخ شيء منه.
واختلفوا في أول المفصل على ثلاثة أقوال:
أحدها: وهو قول الآكثرين: أنه سورة محمد صلى الله عليه وسلم إلى سورة الناس.
والثاني: من سورة ق إلى الناس ، حكاه عيسى بن عمر ، عن كثير من الصحابة.
والثالث: وهو قول ابن عباس: من سورة الضحى إلى الناس ، وكان يفصل
في الضحى بين كل سورتين بالتكبير ، وهو رأي قراء مكة.