[هِجْرَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
ثمَّ هاجَرَ إلى المدينةِ ومعهُ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، ومَوْلَى أبي بكرٍ عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ.
ودَلِيلُهم عبدُ اللَّهِ بنُ الأُرَيْقِطِ اللَّيْثِيُّ، وهوَ كافرٌ، ولمْ يُعْرَفْ لهُ إِسْلامٌ.
وأقامَ بالمدينةِ عَشْرَ سِنينَ [1].
تعليق الشيخ: خالد بن عبد الرحمن الشايع
[1] في شأنِ الهجرةِ وصُحْبَةِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فيها يقولُ اللَّهُ تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبةِ، الآيَةُ: 40].
وانْظُرْ سِياقَ حديثِ الهجرةِ في (صحيحِ البخاريِّ) (3905)، وفيهِ ذِكْرُ عامرِ بنِ فُهَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، وإتيانِهِ بالْغَنَمِ في الليلِ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصِّدِّيقِ صاحبِهِ وهُمَا بالغارِ؛ لِيَحْلُبَا منها، وأنَّهُ كانَ يَرْجِعُ قبلَ الفَجْرِ حتَّى لا يَعلمَ بهِ أَحَدٌ. وفيهِ أيضًا ذِكْرُ عبدِ اللَّهِ بنِ الأُرَيْقِطِ دَليلًا لهما.
فائدتانِ:
الأُولى: كانتْ هِجرةُ المصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينةِ بعدَ أنْ أَمْضَى في مَكَّةَ ثلاثةَ عشَرَ عامًا بعدَ البَعْثَةِ، وكان وَقْتُ الهجرةِ في شَهْرِ ربيعٍ الأَوَّلِ. وقدْ جَعَلَ المسلمونَ بَدْءَ العامِ شهرَ المحرَّمِ؛ لأنَّ ابتداءَ الْعَزْمِ على الهجرةِ كانَ في الْمُحَرَّمِ بعدَ مُبايَعَةِ الأنصارِ للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في ذِي الْحِجَّةِ على نُصْرَتِهِ، وقدْ كانَ تَعْيِينُ ابتداءِ العامِ بشَهْرِ المُحَرَّمِ بِمَشورةٍ من الخليفتَيْنِ الراشِدَيْنِ: عمرَ بنِ الْخَطَّابِ وعُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما.
وقد انْحَصَرَت الْمُنَاسَبَاتُ التي يُمْكِنُ أنْ يُؤَرَّخَ بها أَرْبَعٌ؛ هيَ: مَوْلِدُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهجرتُهُ، ووَفاتُهُ، فتَرَجَّحَ أنْ تُجْعَلَ تَعيينَ السَّنَةِ. وأمَّا وَقتُ الوَفاةِ فأَعْرَضُوا عنهُ لِمَا يُتَوَقَّعُ بِذِكْرِهِ من الأَسَفِ عليهِ، فانْحَصَرَت المناسَبَةُ في الهجرةِ. نَبَّهَ لهذا الحافظُ ابنُ حَجَرٍ العسقلانيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. يُنْظَرُ: (فتْحُ البارِي) (7/ 267 - 269).
الفائدةُ الثانيَةُ: أنَّ بعضَ المسلمينَ قد اعْتَادُوا على إقامةِ احتفالاتٍ سَنَوِيَّةٍ في شهرِ المُحَرَّمِ للاحتفالِ بالهجرةِ، وهذا العملُ لمْ يكُنْ منْ هَدْيِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا منْ فعْلِ صَحابتِهِ، فهوَ إذَنْ عَمَلٌ مُحْدَثٌ وعلى غيرِ سُنَّتِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ.