رسالة في تفسير قول الله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}
هذه الآية من أعجب الآيات لبديع تركيبها، وكثرة وجوه التفسير فيها، ودلالة كلّ وجه على معنى يختلف عن الآخر، حتى بلغت الأقوال المأثورة عن السلف فيها نحو ثمانية أقوال، كلّها صحيحة، ويصحّ حمل الآية على هذه الأوجه كلها من غير تعارض كما تحمل على القراءات المتعددة.
قال الشعبي: (أكثر الناس علينا في هذه الآية: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}). رواه الحاكم في المستدرك.
وتعدد معاني الآية ووجوه التفسير فيها راجع إلى تعدد الدلالات، وسأبدأ بذكر هذه الدلالات ثمّ ألخّص المعاني المتحصّلة منها من غير حصر.
أولا: الخطاب في قوله تعالى: {أسألكم} فيه أربعة أوجه:
أحدها: لقريش.
والثاني: للمذكورين في قوله تعالى: {عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات}.
والثالث: لجميع المكلفين.
والرابع: من باب خطاب غير المعيّن؛ فيعمّ كلّ من يصلح له الخطاب.
وقد قال بكلّ وجه جماعة من المفسّرين.
ثانياً: مرجع الضمير في قوله تعالى: {عليه}، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والفرقان فيكون من باب رجوع الضمير إلى معهود في الذهن، ويخرّج عليه بعض الأقوال المروية عن السلف.
والوجه الآخر: إلى ما يرجع إليه اسم الإشارة في أول الآية {ذلك} وهو الفضل الكبير المذكور في الآية التي قبلها، وعليه أكثر أقوال السلف في تفسير هذه الآية.
ثالثاً: معنى الاستثناء في الآية وهل هو متصل أو منقطع؟
رابعاً: التعريف في المودة قائم مقام التعريف بالإضافة: أي مودة القربى، وهي إضافة تحتمل أن تكون على معنى الفاعل، وأن تكون على معنى المفعول، أي: أي "إلا أن أودّكم في القربي"، و "إلا أن تودوني في القربي".
خامساً: القربى تحتمل معنى القرابة ومعنى التقرّب.
سادساً: التعريف في القربى التي بمعنى القرابة يحتمل أن يكون للجنس، وأن يكون للعهد.
فتركّب من هذه الدلالات والأدوات البيانية معانٍ متعددة، أكثرها مبنيٌّ على أن ضمير الغائب في قوله: {لا أسألكم عليه} راجع إلى الفضل الكبير الذي يبشّر الله به عباده بشرطي الإيمان وعمل الصالحات.
قال الله تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}.
فعرَّفه باسم الإشارة للبعيد إعلاء لمقامه وتفخيماً لشأنه، ثمّ عرّفه بالاسم الموصول زيادة في تفخيمه وتعظيمه، وأنزله منزلة البشارة التي يُستبشر بها ويبتهج بذكرها، ثمّ خصّ بالبشرى بها {عباده} فأضافهم إليه إضافة تشريف وتكريم لتتطلّع النفوس للفوز بهذا الشرف والفضل الكبير؛ ثمّ عرّفهم بالسبيل إليه بأن وصف عباده وعرَّفهم بالاسم الموصول تعييناً لهم وتبييناً لصفاتهم التي من اتّصف بها التحق بهم {الذين آمنوا وعملوا الصالحات}.
فلما ذكر هذا الأمر العظيم وقرر تفخيمه وتعظيمه حتى تهيَّأت النفوس لأن يكون لهذا التبشير والفضل حقٌّ يستحقّه البشير، وأجر لا يُنازع فيه على هذه البشارة العظيمة وعلى الدلالة لسبيل الفوز بها قال: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} وفي هذا معانٍ عدّة هذا تقريبها من غير حصر:
المعنى الأول: قل لا أسألكم عليه أجراً ولكن بشَّرتكم به لمودتي إيّاكم في القربى؛ فيكون الاستثناء منقطعاً، وهو استثناء من السؤال لا من الأجر؛ والبشارة ليست سؤالاً.
والمعنى الثاني: لا أسألكم عليه أجراً، ولكن لي عليكم أداء حقّ المودة في القربى؛ فتسنتصحوني ولا تتهموني، وتصدقوني ولا تكذبوني، وتمنعوني من أعدائي حتى أؤدّي رسالة ربي.
فيكون الاستثناء من الأجر، وهو استثناء منقطع أيضاً؛ لأنّ المودّة في القربى مستحقَّة عليهم قبل هذه البشارة.
ولو قال: "لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة" ولم يذكر القربى لأوهم أن يكون أجره على هذا الفضل هو أن يودّوه، لكنّه نصّ على أنّ المودة في القربى لبيان أنّها مستحقَّة عليهم قبل هذا الأمر.
- قال معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة في جميع قريش، فلما كذبوه فأبوا أن يتابعوه قال: «يا قوم أرأيتم إذا أبيتم أن تتابعوني فاحفظوا قرابتي فيكم، ولا يكون غيركم من العرب أولى بحفظي ونصرتي منكم» رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن جرير في التفسير.
- وقال ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: ({قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} أن تتبعوني وتصدقوني وتصلوا رحمي). رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار.
- وقال شعبة: أخبرني عمارة، عن عكرمة، في قوله: ({قل لا أسألكم عليه أجرًا إلاّ المودّة في القربى} قال: (تعرفون قرابتي، وتصدّقونني بما جئت به، وتمنعوني). رواه ابن جرير.
- وقال عبيد بن سليمان الباهلي: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: ({قل لا أسألكم عليه أجرًا إلاّ المودّة في القربى} يعني قريشًا يقول: إنّما أنا رجلٌ منكم، فأعينوني على عدوّي، واحفظوا قرابتي، وإنّ الّذي جئتكم به لا أسألكم عليه أجرًا إلاّ المودّة في القربى، أن تودّوني لقرابتي، وتعينوني على عدوّي). رواه ابن جرير.
- وقال سفيان بن عيينة عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن ابن عباس، في قوله: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال: «تصلوا قرابتي ولا تكذبوني» رواه الطبراني في المعجم الكبير.
- وقال هشيم بن بشير: أنبأنا داود، عن الشعبي، قال: أكثر الناس علينا في هذه الآية {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عن ذلك فكتب ابن عباس: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوسط بيت في قريش، ليس بطن من بطونهم إلا قد ولده؛ فقال الله عز وجل: {قل لا أسألكم عليه أجرا}إلى ما أدعوكم إليه إلا أن تودوني بقرابتي منكم وتحفظوني بها). رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في دلائل النبوة.
- قال ابن القيّم: (معنى الآية: لا أسالكم عليه أجراً إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة؛ فإنه لم يكن بطنٌ من قريش إلا وللنبيّ صلى الله عليه وسلم قرابة؛ فقال: لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجراً، ولكن صلوا ما بيني وبينكم من القرابة، وليست هذه الصلة أجراً، فالاستثناء منقطع فإنَّ الصلة من موجبات الرَّحِم؛ فهي واجبة على كل أحد).
والمعنى الثالث: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا أجراً نفعُه لكم، وهو أن تودّوني في القربى؛ فتفتح لكم هذه المودة أبواباً من فضل الله ورحمته وبركاته.
فيكون الاستثناء متصلاً وحقيقته تؤول إلى معنى الاستثناء المنقطع؛ لأن نفع هذه المودّة عائد إليهم؛ كما قال الله تعالى: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم} أي نفع عائد عليكم، على أحد الوجهين في تفسير هذه الآية، والوجه الآخر أنها لتأكيد النفي أي لم أسألكم أجراً، ولا تعارض بين الوجهين.
والمعنى الرابع: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا أجراً هو من حقّي عليكم المستحقّ بالقربى، وهو المودة، والاستثناء على هذا المعنى متّصل، وهو سؤال حقّ له استحقَّه عليهم بالقرابة لا بقدر زائد عنها، وهذا فيه إزراء عليهم بتقصيرهم في أداء حقّ القربى، فكان أشبه بالتبكيت، وهو شديد الوقع عليهم.
- قال عبد الملك بن ميسرة: سمعت طاووسًا يقول: سألَ رجلٌ ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما عن قوله عز وجل: {إلّا المودّة في القربى} فقال سعيد بن جبيرٍ: قربى آل محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم؛ فقال ابن عبّاسٍ: عجلتَ، إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكن بطنٌ من قريشٍ إلّا كان له فيهم قرابةٌ؛ فقال: «إلّا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة» رواه البخاري والترمذي والنسائي.
- وقال خصيف بن عبد الرحمن: سألت سعيد بن جبير، عن قوله: {لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فقال: قال ابن عباس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً من قريش، كلّها له رحم، فقال: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} إلا أن تودّوني في قرابة ما بيني وبينكم» رواه الطبراني في المعجم الأوسط.
- وقال يحيى بن أيوب البجلي: سألت عكرمة عن قول الله عز وجل: ({قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال: كانت قرابات النبي صلى الله عليه وسلم من بطون قريش كلها؛ فكانوا أشد الناس له أذى؛ فأنزل الله تعالى فيهم {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}). رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار.
- وقال حبيب بن الزبير: أتى رجل عكرمة فقال: يا أبا عبد الله قول الله عزّ وجلّ: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال: أسبائيٌّ أنت؟
قال: لست بسبائي، ولكني أريد أن أعلم.
قال: إن كنت تريد أن تعلم؛ فإنه لم يكن حي من أحياء قريش إلا وقد أعرق فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت قريش يصلون أرحامهم من قبله؛ فما عدا إذا جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الإسلام؛ فقطعوه ومنعوه وحرموه؛ فقال الله عز وجل: ({قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} أن تَصِلوني لما كنتم تصِلون به قرابتكم قبلي). رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار.
- وقال معمر عن قتادة في قوله تعالى: {إلا المودة في القربى} قال: (لا أسألكم أجراً على الذي جئتكم به إلا أن توادّوني لقرابتي).
قال: (فكلّ قريش بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة). رواه عبد الرزاق.
- وقال أبو مالكٍ الغفاري: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واسط النّسب من قريشٍ، ليس حيٌّ من أحياء قريشٍ إلاّ وقد ولدوه، قال: فقال اللّه عزّ وجلّ: ({قل لا أسألكم عليه أجرًا إلاّ المودّة في القربى} إلاّ أن تودّوني؛ لقرابتي منكم وتحفظوني). رواه ابن جرير.
- وقال عبد الله بن وهبٍ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلاّ المودّة في القربى} قال: (يقول: إلاّ أن تودّوني في قرابتي كما توادّون في قرابتكم وتواصلون بها، ليس هذا الّذي جئت به يقطع ذلك عنّي، فلست أبتغي على الّذي جئت به أجرًا آخذه على ذلك منكم). رواه ابن جرير.
المعنى الخامس: قل لهم يا محمد لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تتودّدوا إلى الله بالتقّرب إليه بالإيمان وعمل الصالحات، فالقربى من التقرّب، والاستثناء هنا منقطع.
وهذا المعنى رواية عن ابن عباس والحسن البصري.
- قال قزعة بن سويد الباهلي: حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((لا أسألكم على ما آتيتكم من البيّنات والهدى أجرًا، إلّا أن توادوا اللّه وأن تقرّبوا إليه بطاعته)). رواه الإمام أحمد وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك.
وقزعة بن سويد محلّه الصدق كما قال أبو حاتم الرازي، فهو غير متّهم بالكذب، لكنه ليس بالمتين في الرواية، ولذلك اختلف فيه أهل الحديث فضعّفه جماعة منهم من جهة خفة الضبط، ووثّقه يحيى بن معين في رواية، وله أحاديث مستقيمة كما ذكر ابن عديّ في الكامل، وقال: أرجو أنه لا بأس به.
وهذه الرواية نحملها على القبول لثلاثة أمور:
1: لأن الراوي ليس متروك الحديث، وليس هذا الحديث مما انتقد به وأعلّ به حديثه.
2: ولأن معناه صحيح تدلّ عليه الآية.
3: ولسلامته من المعارض الراجح.
- قال قتادة: قال الحسن في قوله تعالى: ({قل لا أسألكم عليه أجرًا إلاّ المودّة في القربى}: قل لا أسألكم على ما جئتكم به، وعلى هذا الكتاب أجرًا، إلاّ المودّة في القربى، إلاّ أن تودّدوا إلى اللّه بما يقرّبكم إليه، وعملٍ بطاعته). رواه ابن جرير.
وقريب منه ما رواه معمر وعوف ومنصور بن زاذان عن الحسن قال: (إلاّ التّقرّب إلى اللّه، والتّودّد إليه بالعمل الصّالح). ورواياتهم في تفسير عبد الرزاق وابن جرير وشرح معاني الآثار للطحاوي بألفاظ متقاربة.
المعنى السادس: لا أسألكم عليه أجراً إلا مودّة من يتقرَّب إلى الله، كما قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعلموا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّا}
وهذا المعنى رواية عن الحسن البصري.
- قال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن الحسن في قوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال: (كلّ من تقرّب إلى الله بطاعة وجبت عليك محبته). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
والمعنى السابع: قل لمن اتبعك من المؤمنين لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى أي: إلا أن تودّوا قرابتي، وتحفظوني فيهم، ويكون المراد بالقربى قربى محمدٍ صلى الله عليه وسلم، والتعريف للعهد، والقربى على درجات فأخصّهم آل محمّد صلى الله عليه وسلم ممن تحرم عليهم الصدقة، ثمّ كلّ قريش قرابة للنبي صلى الله عليه وسلم، كما قال ابن عباس: (إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يكن بطنٌ من بطون قريشٍ إلاّ وله فيهم قرابةٌ).
والخطاب للمعنيين في قوله تعالى: {عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات}
وهذا المعنى قال به علي بن الحسين، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله، وقُتل وهو يذكّر به؛ فإنّه لمّا خرج مع أبيه في وقعة الجمل اعتزل القتال ولازم جمل عائشة رضي الله عنها؛ فإذا اقترب منه أحدٌ قال له: أذكّرك حم، يشير إلى هذه الآية؛ فينصرفون عنه، حتى أتاه رجلٌ شاهراً رمحه فذكّره فطعنه وقال في ذلك أبياتاً منها:
وأبيض قوّام بآيـــــــــــات ربّـــــــــــــــه ... قليل الأذى فيما ترى العين مسلم
هتكت له بالرمح جيب قميصه ... فخــــــــــرَّ صريعاً لليديــــن وللفـــــــــــمِ
يــــــذكّرني حــــم والرمح شــــــــــاجر ... فهـــــــلا تـــــلا حــــــم قبـــــل التقــــدّم
المعنى الثامن: إلا المودة في القربى أي إلا أن توددوا إلى قراباتكم فتصلوا أرحامكم؛ فتكون القربى هنا عامة لجميع المخاطبين ليست خاصة بقرابة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا المعنى قال به عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان من قرّاء التابعين من أقران سعيد بن المسيّب.
- قال أبو عامر العقدي: حدثنا قرة بن خالد السدوسي عن عبد اللّه بن القاسم، في قوله: {إلاّ المودّة في القربى} قال: (أمرت أن تصل قرابتك). رواه ابن جرير.
فانظر كيف دلّت هذه الآية ببديع تركيبها على جميع هذه المعاني من غير تعارض.
ومن تمرّن على دراسة مسائل التفسير وأقوال المفسرين بتفهّم ما بُنيت عليه الأقوال من الدلالات اتّسع نظره في التفسير، ورأى للقرآن وجوهاً كثيرة من المعاني.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.