7/1324 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: ((تَرَى الشَّمْسَ؟)) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ، أَوْ دَعْ)). أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، فَأَخْطَأَ.
(وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: تَرَى الشَّمْسَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ، أَوْ دَعْ. أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، فَأَخْطَأَ)؛ لأَنَّ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ مَشْمُولٍ، ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يُرْوَ مِنْ وَجْهٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ إلاَّ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ عِلْماً يَقِيناً، كَمَا يَعْلَمُ الشَّمْسَ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَلا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالظَّنِّ، فَإِنْ كَانَت الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلٍ، فَلا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى صَوْتٍ، فَلا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الصَّوْتِ وَرُؤْيَةِ الْمُصَوِّتِ أَو التَّعْرِيفِ بِالْمُصَوِّتِ بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ عِنْدَ مَنْ يَكْتَفِي بِهِ، إلاَّ فِي مَوَاضِعَ؛ فَإِنَّهَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالظَّنِّ.
وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ لِلشَّهَادَةِ عَلَى الظَّنِّ بِقَوْلِهِ: "بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الأَنْسَابِ وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ"، وَذَكَرَ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ فِي ثُبُوتِ الرَّضَاعِ، وَثُبُوتُهُ إنَّمَا هُوَ بِالاسْتِفَاضَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثاً عَلَى رُؤْيَةِ الرَّضَاعِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ؛ فَإِنَّ لازِمَ الرَّضَاعِ ثُبُوتُ النَّسَبِ.
وَأَمَّا ثُبُوتُ الرَّضَاعَةِ نَفْسِهَا بِالاسْتِفَاضَةِ؛ فَإِنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ صَرِيحِ الأَحَادِيثِ؛ فَإِنَّ الرَّضَاعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَفِيضاً عِنْدَ مَنْ وَقَعَ لَهُ. وَحَدُّ الاسْتِفَاضَةِ عِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ شُهْرَةٌ فِي الْمَحَلَّةِ، تُثْمِرُ ظَنًّا أَوْ عِلْماً، وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِالشُّهْرَةِ فِي الْمَذْكُورَةِ؛ إذْ لا طَرِيقَ لَهُ إلَى التَّحْقِيقِ بِالنَّسَبِ؛ لِتَعَذُّرِ التَّحَقُّقِ فِيهِ فِي الأَغْلَبِ.
وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِالْمَوْتِ الْقَدِيمِ مَا تَطَاوَلَ الزَّمَانُ عَلَيْهِ، وَحَدَّهُ الْبَعْضُ بِخَمْسِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: أَرْبَعِينَ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ يَشُقُّ فِيهِ التَّحْقِيقُ. وَإِلَى الْعَمَلِ بِالشُّهْرَةِ فِي النَّسَبِ ذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ، وَمِثْلُهُ الْمَوْتُ، كَذَلِكَ ذَهَبَت الْهَادَوِيَّةُ، وفِي ثُبُوتِ الْوَلاءِ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ضَابِطِ مَا تُفِيدُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالاسْتِفَاضَةِ، فَيَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي النَّسَبِ قَطْعاً، وَالْوِلادَةِ، وَفِي الْمَوْتِ، وَالْعِتْقِ، وَالْوَلاءِ، وَالْوِلايَةِ، وَالْوَقْفِ، وَالْعَزْلِ، وَالنِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ، وَالتَّعْدِيلِ، وَالتَّجْرِيحِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالرُّشْدِ، وَالسَّفَهِ، وَالمِلْكِ عَلَى الرَّاجِحِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. وَبَلَّغَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِن الشَّافِعِيَّةِ بِضْعَةً وَعِشْرِينَ مَوْضِعاً، وَهِيَ مُسْتَوْفَاةٌ فِي قَوَاعِدِ الْعَلائِيِّ إلَى آخِرِ كَلامِهِ.