قال تعالى (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِجَنَّةِالنَّعِيم) 83_85سورة الشعراء
أرسل الله سبحانه سيدنا إبراهيم عليه السلام لقومه يدعوهم للحنيفية دين الإسلام ، وبعد انتهاءه من أعظم رسالة ، كان أقرب مايكون من الله سبحانه ، فابتهل إليه بالدعاء ، لأنه بعد العبادة يكون الدعاء أرجى للقبول .
قال تعالى (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا)، بعدما فضله الله بالخلة ، حينما أتخذه الله خليلاً سأل ونادى إبراهيم ربه ، أن يعطيه الحكمة والنبوءة، والعلم والحكم ، ليعرف به الأحكام من حلال وحرام.
قال تعالى :(وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)
لفظ الصالحين على وجه العموم يلحق جميع الصالحين من الأنبياء والمرسلين ، والشهداء ، ويشمل كل من رضي الله عنهم ، وتولاهم برحمته ورزقه .
&-الحكمة من ذكر الصالحين بالآخر .
كان تذييلاً ،ولأنه يعم ، ذكره ابن عاشور
&(ألحقني )جمله معطوفه على هب
&(الصالحين)، متعلقان بألحقني ، اعراب القرآن للدعاس.
*فائده الترغيب في العمل الصالح والإخلاص والنية الحسنه ، فهي مورث للثناء الحسن والسيرة العطره ،واستجابة الدعاء ،قال تعالى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي ٣٩ )سورة طه
قال تعالى :( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ )
أجمع أهل التفسير ، بأن دعاء وسؤال سيدنا إبراهيم عليه السلام ربه ، بأن يجعل الله له الذكر الجميل ، والثناء الحسن ، وخلد المكانة ،والدعاء الحسن له إلى قيام الساعة ، والأثر العظيم والقبول في الأمم التي تأتي بعده .
-فاستجاب له ربه ،وجعل له من القبول في الدنيا وأجزل له المثوبة في الدنيا و الآخرة
-فجعل كل من يصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، إلا ويصلي عليه ،في الصلوات ،وعند الخطب على المنابر ، بتصرف من القرطبي
-وايضاً جعل له الأثر الخالد ،وجعل من ذريته الأنبياء والصالحين ،وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم ،الوسيط للطنطاوي
-وأجمع أهل العلم والتفسير ،بأن جعل له القبول العام ،يعظم ويثني عليه أهل الملل الذين جاؤوا من بعده .
قال ليث بن سليم وعكرمة :( كل ملة تحبه وتتولاه ) .
-وقال عكرمة : بمامعناه أنه ،قالت اليهود هو خليل الله وهو منا ،فقطع الله ولايتهم منه بعدما أقروا له بالنبوة ،وآمنوا به ،فقال سبحانه :( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)آل عمران )،وألحق ولايته بالنبي والذين آمنوا معه ، فقال سبحانه :(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ٦٨ )آل عمران فهذا أجر عجل الله له في الدنيا ،قال سبحانه :(وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)العنكبوت
وقوله :( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108)الصافات
قال تعالى :(وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِجَنَّةِالنَّعِيم)
سأل إبراهيم عليه السلام ربه الجنة ونعيمها ،وأن يحظى بالمنزلة العالية فيها ..
ولما لم يكن للجنة مالك ، تعين أن يكون الوارث لها من المستحقين وقت دخولها وتبوؤها ، قال تعالى (أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون )10_11المؤمنون،بتصرف تفسير ابن عاشور
فالعبد المؤمن يبتهل إلى ربه بالدعاء والإنابة ,ويرجوا ماعنده ,فالجنة ليس لها مالك إلا الله سبحانه ,فهو يورثها عبادة ويعطيهم ويحسن إليهم ,ويكرمهم ,فليس هناك من هو أكرم منه,رغم تقصيرنا بحقه سبحانه وتعالى .
&علة استعارة قوله (ورثة جنتك ..
لأن الوارث ينتقل إليه ملك الشيء الموروث بمجرد موت مالكه ،ابن عاشور