المجموعة الثانية:
تكلم بإيجاز عن علم الزجاج -رحمه الله- وتنوّع معارفه.
المتأمل لكتاب كتاب معاني القران للزجاج..يظهر مدى سعة علمه..وشموله لعدة فنون و أبواب من العلم
- ففي علمه بالنحو والصرف فقد وصفه ابن جنّي بشدة الفحص والاستنباط.
- أما علمه باللغة : من أكبر الأدلة على قيمة علمه هو اهتمام الأزهري بنقل كلامه في كتابه تهذيب اللغة...و مما يدل على ذلك أيضا أن الزجاج يعد أكثر النحويين ذكرا في كتب اللغة.
ولم يكن الزجاج ذا سعة بعلم الغريب..وهذا لا ينقص من مكانته العلمية بعلم اللغة.
-وأما علمه بالبلاغة ..فقد ظهر ذلك جليا في كتابه أثناء التفسير ... ، وقد قام بعض المعاصرين بتقديم رسالة علمية في جهوده البلاغية.
-وأما علم الزجاج بالقراءات...فهو ظاهر أيضا في كتابه فقد كان كثيرا ما يحكي القراءات ويتكلم عن صحيحها ومقبولها ومنكرها ،.ويبين القراءات المجمع عليها والأولى بالإتباع.... كما أنه رحمه الله تعالى اعتنى بذكر رسم المصحف والنص على بعض قواعده من ذلك وجوب اتباع رسم المصحف و عدم و مخالفته....ومن مصادر الزجاج في علم القراءات كتاب أبي عبيد في القراءات..وقد نص هو على ذلك.
-وأما علم الزجّاج بالتفسير... فقد جمع رحمه بين التفسير بالمأثور والتفسير باللغة....فما ثبت عنده من تفسير بالمأثور قدمه و ما لم يثبت قدم تفسير باللغة.....وقد كان رحمه الله تعالى ينكر على من يفسر القران بمحض اللغة.
-أما علم الزجاج بالحديث فلا يظهر واضحاً في كتابه أيضًا لكن فيه نصوص قليلة تدلّ على عنايته به كقوله : "هذا هو الذي ضبطه أصحاب الحديث".
وعندما تكلم عن انشقاق القمر قال : "فقد روينا فيه أحاديث" ثم ذكر عدة أحاديث بسنده...
-وأما علمه بالفقه...ظهر في كتابه إشارات إلى بعض المسائل
مثل ذكره لصلاة الخوف .. وفي كلامه عن الجزية..في قوله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم }، وأيضا في كلامه.عن أحكام الطلاق في قوله تعالى { فطلقوهن لعدتهن }..وقد يتوسع أحيانا بذكر الأحكام ..وقد يختصر. وهذه مواضع قليلة لا تكفي لإعطاء حكما صحيحا دقيقا على علم الزجاج في الفقه.
-أما علم الزجاج بالعقيدة ....فأكثر ما يظهر في الكتاب في جوابه عن الاعتراضات الواردة عن الآيات وحلّه للإشكالات فيها بالجمع بين ما يظهر من التعارض الظاهري بين آيتين، وقد أنكر عليه بعض العلماء كلامه عن العقيدة في بعض الآيات كقوله في قوله تعالى: { ولو شاء لهداكم أجمعين } أي لو شاء لأنزل آية تضطر الخلق إلى الإيمان به ولكنه عز وجل يهدي من يشاء ويدعو إلى صراط مستقيم ...
وقد رمي الزجاج بالاعتزال....ولا يظهر ذلك..وإن كان قد وافق المعتزلة في بعض المسائل..مثل "مسألة خلق أفعال العباد" . بالمقابل قد خالفهم في كثير من المسائل، وكثيرًا ما يقول وهذا قول أهل السنة ويرجّحه .فلا يمكن أن يحكم عليه بالاعتزال لأجل الموافقة الظاهرة وقد تكون مجرد خطا وقع فيه.
ومن خلال ردوده على العلماء السابقين .وعرض الأقوال و الاحتمالات الممكنة للآية وتقديم بعضها على بعض وتلمّسه الأوجه لما لم يرجّحه من الأقوال ..يظهر مدى مدار عقل الزجاج وفهمه و قوته ملكته العلمية في النظر و الترجيح.
-من مزايا كتاب معاني القرآن للزجاج :
- حسن البيان ...فهو يشبه كثيرا طريقة الإمام الطبري والمبرّد... ..و قد تعلم ذلك من شيخه المبرد
- أنه مجتهد في التعبير عن الألفاظ اللغوية بطريقة حسنة السمت ولا يعتمد في ذلك فقط على المنقول المروي، وقد ساعده على ذلك مذهبه في علم الاشتقاق وتوسّعه في هذا العلم لأنه يرى أن تصاريف المادة كلها لا بد أن ترجع إلى معنى واحد مشترك يجمع بين هذه التصاريف .
-- نقد العلماء للزجّاج :
لم يخلو كتاب الزجاج من نقد وما ذلك إلا لشهرته...-فالكتب التي تشتهر و يكثر تداولها بين أيدي العلماء لابد أن تتعرض للنقد والتمحيص-
ومن أكثر من كانت له عناية بنقده هو تلميذه أبو على الفارسي .في كتاب سماه " الإغفال". وأكثر هذه المسائل هي مسائل خلافية وليست محض خطأ من الزجاج
-وممن نقده أيضًا ابن جنّي في "الخصائص" .
-