الدرس الثالث عشر: باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها
....
22: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثني مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء أحدُكم فراشَه فلينْفُضْه بِصَنِفَة ثوبه ثلاث مرّات، وليقُل باسمك ربّ وضعتُ جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصّالحين)). (7393)
- تابعه يحيى وبشر بنُ المُفضّل، عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- وزاد زُهير وأبو ضمرة وإسماعيل بن زكريّا، عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
- ورواه ابنُ عجلان، عن سعيدٍ، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
23: حدثنا مسلم، حدثنا شعبة، عن عبد الملك، عن ربعيّ، عن حذيفة قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: ((اللهم باسمك أحيا وأموت))، وإذا أصبح قال: ((الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور.)) (7394)
24: حدثنا سعد بن حفص، حدثنا شيبان، عن منصور، عن ربعيّ بن خراش، عن خرشة بن الحرّ، عن أبي ذرّ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال: ((باسمك نموت ونحيا)).
فإذا استيقظ قال: ((الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور)) (7395)
25: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم، عن كُريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنّ أحدَكم إذا أراد أن يأتي أهْلهُ فقال: باسم الله، اللهمّ جنبنا الشيطان، وجنّب الشيطان ما رزقتنا، فإنّه إن يقدّر بينهما ولدٌ في ذلك، لم يضرّه شيطانٌ أبدًا)) (7396)
26: حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا فضيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن همّام، عن عدِيّ بن حاتم قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: أُرسلُ كِلابي المعلّمة، قال: ((إذا أرسلت كلابك المعلّمة وذكرت اسم الله فأمسكن فكُل، وإذا رميت بالمعراض فَخَزَقَ فكُلْ)) (7397)
27: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا أبو خالد الأحمر قال: سمعت هشامَ بن عُروةَ يُحدّثُ عن أبيه، عن عائشة قالت: قالوا: يا رسول الله، إنّ هاهنا أقواما حديثٌ عهدهم بشركٍ، يأتونا بلُحمان، لا ندري يذكرون اسم الله عليْها أم لا؟ قال: ((اذكروا أنتم اسم الله وكُلُوا)) (7398)
- تابعه محمد بن عبد الرحمن، والدّراورْديّ، وأُسامة ابن حفصٍ.
28: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا هشام، عن قتادة، عن أنسٍ قال: ضحّى النبيّ صلى الله عليه وسلم بكبشين، يُسمّي ويُكبّر. (7399)
29: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن الأسود بن قيسٍ، عن جُندب: أنه شهد النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم النحر صلّى ثم خطب، فقال: ((من ذبح قبل أن يُصلّي فليذبح مكانها أُخرى، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله)) (7400)
30: حدثنا أبو نُعيم، حدثنا ورقاء، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفا فليحلف بالله)) (7401)
الشرح:
معنى السؤال والاستعاذة
السؤال: هو الطلب بذلّ وخضوع وافتقار.
والاستعاذة: هي العوذ والاحتماء بمن يدفع المكروه، ويرفع البلاء بعد نزوله.
وهما من أفضل أنواع العبادة.
...
مقصود البخاري بهذه الترجمة
أراد البخاري –رحمه الله- بهذا الباب أن يبيّن معنى دعاء الله تعالى بأسمائه الذي أمر الله به، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بيّنه.
قال ابن بطال: مقصوده بهذه الترجمة تصحيح القول بأن الاسم هو المسمّى (1)، فلذلك صحت الاستعاذة بالاسم كما تصحّ بالذات.
قال الشيخ الغنيمان: هذا بعيد عن مقصود البخاري –رحمه الله-، وإنما مقصوده بيان كيفية دعاء الله وعبادته بأسمائه التي أمر أن يُدعى بها ويُعبد، بقوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}
وبيّن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله، وأمره، كما في الأحاديث التي ذكرت في هذا الباب وغيرها.
...
حديث أبي هريرة مرفوعا: (إذا جاء أحدُكم فراشه، فلينفُضْه بِصَنِفَةِ ثوبه ثلاث مرّات، ... )
العبد الصادق العبوديّة، لا ينفك عن عبادة ربّه، في أمور حياته كلّها، في خروجه من بيته، وفي دخوله، وفي أكله وشربه، وفي نومه ويقظته، وفي مقارفته لأهله، ومعاملته للناس، ولذلك أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا النوع من العبادة، في هذا الحديث وغيره، عند النوم، والاستيقاظ منه، وهو من عبادة الله ودعائه بأسمائه.
شرح ألفاظ الحديث:
قوله: (فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات) : صنفة الثوب: طرفه من الداخل، لما في الرواية الأخرى: ((داخلة إزاره))، ولو فعل ذلك بغير طرف ثوبه حصل المقصود.
والحكمة في ذلك: إزالة ما لعلّه يكون فيه ممّا يؤذيه، وأمر بأن يكون ذلك ثلاث مرّات، للمبالغة، وليكون ذلك وترًا؛ إذ الوتر معتبر في الشرع.
قوله: (وليقل: باسمك ربّ وضعت جنبي وبك أرفعه): لمّا كان النوم نوعًا من الموت، وقد يموت فيه حقيقة، لجأ إلى ربّه بذكر اسمه، داعيًا ومتبركًا به، وسائلًا به المغفرة، وهي ستر الذنوب، العفو عنها، إن أمسك نفسه –أي قبضها في النوم-، فلم يردّها إلى بدنها.
قال تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيُمسك التي قضى عليْها الموت ويُرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمّى إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون}
قوله: (وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) أي: إن رددتها إلى بدنها، فاحفظها من الشياطين، والضّلال، والمؤذيات، بحفظك وحمايتك، التي تحمي بها أولياءك الذين تتولّى حفظهم من كلّ مضرّ ومؤذٍ.
فوائد الحديث:
- فيه مشروعية ذكر الله تعالى عند النوم، ليكون موته الأصغر على اسمه.
- فيه الاستسلام لله، والافتقار إليه، وسؤاله ما لا غنى له عنه، وهذا كلّه من عبادة الله تعالى ودعائه بأسمائه، فهو تفسير لقوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} وهذا هو وجه ذكر البخاري له.
...
حديث حذيفة مرفوعا: (اللهم باسمك أحيا وأموت ... )
ترجمة راوي الحديث:
حذيفة هو ابن اليمان، واسم اليمان: حسل، أو حسيل، وهو عبسي.
كان من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الفقهاء النجباء أهل الفتوى، وصحّ أنه قال: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشرّ؛ مخافة أن أقع فيه) ولهذا اختصّ بمعرفة الفتن، كما أنه عُرف بصاحب السرّ، حيث أسرّ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء المنافقين، وأمره أن يكتم ذلك، وسأله رجل عن أشدّ الفتن فقال: (أن يعرض عليك الخير والشرّ فلا تدري أيّهما تختار)
توفي رضي الله عنه سنة 36 هــ .
شرح ألفاظ الحديث:
قوله: (إذا أوى إلى فراشه) : أي رجع إليه بعد عمل النهار.
قوله: (اللهم باسمك أحيا وأموت) : أي ذاكرا اسمك في حياتي، مطمئنا به قلبي، وعلى ذكر اسمك يا ربّ أموت متوسّلًا به إليك أن تتولّاني، وتحفظني في جميع أحوالي.
قوله: (وإذا أصبح قال: الحمدلله بعد ما أماتنا، وإليه النشور) : النوم نوع من الموت، واليقظة حياة، وهو نعمة من الله على عباده حتى ترتاح أبدانهم، وأفكارهم، وقد ينام الإنسان فلا ترجع إليه روحه، فإذا اسيقظ سالمًا، وقد رجع إليه نشاطه وقوّته، استوجب ذلك شكر الله تعالى، والثناء عليه، فناسب قوله بعد يقظته: (الحمدلله الذي أحيانا بعدما أماتنا)
- النشور: هو البعث بعد الموتة الكبرى، فمصيرنا إلى ربّنا، حتى يجازينا على أعمالنا كما وعدنا.
فوائد الحديث:
- ذكر اسم الله تعالى عند النوم، والتوسّل به، والثناء عليه بأنّ له الحمد، وهذا من الدعاء بأسماء الله الحسنى.
...
حديث أبي ذرّ مرفوعا: (باسمك نموت ونحيا ... )
ترجمة راوي الحديث:
أبو ذر الغفاريّ: اختلف في اسمه، واسم أبيه، وصحّح الحفّاظ أنه جندب بن جنادة.
كان من السابقين الأوّلين إلى الإسلام، غير أنه ذهب إلى قومه فتأخّرت هجرته، ففاتته غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم الأولى، وكان عازفًا عن الدنيا، راغبًا بما عند الله.
توفي في الربذة سنة: 32 هــ .
شرح ألفاظ الحديث:
- هذا الحديث ليس فيه زيادة على الذي قبله، إلا قوله: (من الليل)، والأول يدخل فيه نوم الليل والنهار.
...
حديث ابن عباس مرفوعا: (لو أنّ أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال: باسم الله، ... )
شرح ألفاظ الحديث:
في الحديث نوع آخر من الدعاء بأسماء الله تعالى.
قوله (باسم الله): أي أفعل ذلك، ذاكرًا اسم الله، عابدًا ربي بهذا الذكر، ومتبرّكا به.
قوله (اللهمّ جنبنا الشيطان): أي أبعدنا عنه، فلا يشاركنا، ولا يحضرنا.
قوله (وجنّب الشيطان ما رزقتنا): أي أبعد الشيطان عن الرزق الذي تقدّره لنا من الولد.
ولابد من الصدق في ذلك من القلب، والرغبة، والإيمان، والثقة بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يحصل الموعود، وهو عدم مضرّة الشيطان للمولود.
...
حديث عديّ بن حاتم مرفوعًا: (إذا أرسلت كلابك المُعلّمة وذكرت اسم الله ... )
ترجمة راوي الحديث:
عديّ بن حاتم: هو أبو طريف؛ الجواد بن الجواد، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسع، بسبب كتابة أخته، فأسلم، وقد فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وهو ممن ثبّت الله قومه على الإسلام –حين ارتدّ الناس- بسببه، شهد فتوح العراق، وساهم فيها.
كان شريفًا فاضلًا، جوّادًا عابدًا، رُوي عنه أنه يقول: (ما دخل عليّ وقت صلاة إلا وأنا مشتاق إليها).
ومن أقواله: (كثرة الكلام أو ضع شيء لمقادير الرجال، وأمضى الأشياء عندي ردّ السؤال بغير نوال)
تُوفي في الكوفة سنة: 68 هــ، وقيل غير ذلك، وكان عمّر طويلًا، قيل: كان عمره لمّا مات، مائة وعشرين سنة.
شرح ألفاظ الحديث:
الحديث يدلّ على نوع آخر من أنواع عبادة الله تعالى بذكر اسمه على الصيد.
قوله (كلابك المُعلّمة): وهي التي تقبل التعليم، فإذا أُمرت فعلت، وإذا نُهيت انتهت، فإذا أرسلها صاحبها أمسكت الصيد له، وليس لنفسها، فلا تأكل منه.
...
حديث عائشة مرفوعا: (اذكروا أنتم اسم الله وكلوا)
شرح ألفاظ الحديث:
هذا الحديث يدلّ على نوع آخر من عبادة الله تعالى بذكر اسمه على الذبيحة، وعلى الأكل.
قوله: (اذكروا أنتم اسم الله وكلوا): ليس معناه اذكر اسم الله تعالى عند الأكل يجعلها حلالًا إذا كانت قد ذبحت على غير اسم الله تعالى، ولكن أمرهم بذكر اسم الله عند الأكل؛ لأنه الذي يلزمهم، ومطيّبا بذلك قلوبهم، ومشيرًا بذلك إلى إطراح الشكّ، إذ الأصل خلافه، وهو أنّ ظاهر الذابح الإسلام.
...
حديث أنس: (ضحّى النبيّ صلى الله عليه وسلم بكبشين، يسمّي ويُكبّر)
شرح ألفاظ الحديث:
الأضحية: هي النسك الذي يُذبح قربانًا إلى الله تعالى في الوقت المحدد له.
الكبش: هو الذّكر من الضّأن.
قوله: (يُسمّي ويُكبّر): يعني عند الذبح، يقول: بسم الله، والله أكبر، أي: أذبح بسم الله متقرّبًا إليه عبادة له.
وهذا أيضا من عبادة الله تعالى، ودعائه بذكر اسمه تعالى في النسك الذي هو من أفضل القرب إلى الله تعالى.
...
حديث جندب مرفوعا: (من ذبح قبل أن يصلّي فليذبح مكانها أخرى ... )
ترجمة راوي الحديث:
جندب: هو جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي العلقي، نسبة إلى علقة بن عبقر بن أنمار.
سكن الكوفة، ثم البصرة، وتوفّي بعد الستين رضي الله عنه.
شرح ألفاظ الحديث:
المراد من الحديث: قوله: (فليذبح باسم الله): أي: ذاكرًا اسم الله على الذبيحة، عبادةً له بذكر اسمه وبالذبح له، متقرّبًا إليه بذلك، كما أمر الله تعالى عباده بأن يخلصوا ذلك له وحده، قال تعالى: {فصلّ لربك وانحر}
...
حديث ابن عمر مرفوعا: (لا تحْلفوا بآبائكم، ومن كان حالفًا فليحلف بالله)
شرح ألفاظ الحديث:
المقصود بالحلف: تأكيد الخبر بذكر اسم الله العظيم.
ومراد البخاري من هذا الحديث: أن ذكر اسم الله تعالى أو صفته لتأكيد الخبر مشروع في الجملة، وأنه لا يجوز ذلك لغير الله، فيكون ذلك من العبادة بأسماء الله تعالى.
...
فوائد الباب:
- في الأحاديث مشروعية ذكر الله تعالى عند النوم، ليكون موته الأصغر على اسمه.
- مفهوم حديث عديّ بن حاتم أنه إذا لم يذكر اسم الله تعالى عند إرسال الكلاب المُعلّمة أنّه لا يأكل ممّا أمسكن، وكذا إذا لم يخرق المعراض –وهو السهم- أي لم يجرح، ولم يصب الصيد بحدّه، بأن أصابه بعرضه، فإنه لا يأكل؛ لأن الصيد حينئذٍ يكون وقيذة.
- ذكر اسم الله على الذبيحة شرط في حلّ الأكل منها، وأنه إذا كان ظاهر الذابح الإسلام، لا يلتفت إلى الاحتمال بأنه ذبحها على غير اسم الله، أو أنه لا يعرف الحكم، وما أشبه ذلك.
- الحلف بغير الله شرك.
- استدلّ نعيم بن حماد بهذه الأحاديث الواردة في الاستعاذة بأسماء الله والسؤال بها ونحوها من الأحاديث على أن القرآن غير مخلوق؛ إذ لو كان مخلوقا لم يستعذ بها؛ إذ لا يُستعاذ بمخلوق.(2)
______________________________________________________________
(1) ذكر الخلاف في الاسم والمسمّى وأما مسألة هل الاسم هو المسمّى أو غيره؟ فهي من بدع الكلام، التي حدثت بعد القرون المفضّلة، والتي اختلط فيها الحقّ بالباطل.
والبخاري –رحمه الله- من أبعد الناس عن مثل ذلك.
قال ابن جرير الطبري: "وأما القول في الاسم: أهو المسمّى أم هو غيره؟ فإنه من الحماقات الحادثة، التي لا أثر فيها فيتبع، ولا قول من إمام فيستمع، فالخوض فيه شين، والصمت عنه زين، وحسب امرئ من العلم به والقول أن ينتهي إلى قوله جل ثناؤه: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّاماّ تدعوا فله الأسماء الحُسنى}"
وكان سبب حدوث هذه المسألة؛ أن الجهمية قالوا: إن الاسم غير المسمّى، وأسماء الله غيره، وما كان غيره فهو مخلوق؛ لأن الله تعالى وحده هو الخالق، وما سواه مخلوق، فإذا كانت أسماؤه غيره فهي مخلوقة.
فردّ عليهم السلف، واشتدّ نكيرهم عليهم؛ لأن أسماء الله من كلامه، وكلام الله غير مخلوق، فهو الذي سمّى نفسه بهذه الأسماء.
- وللناس في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: ما ذكره ابن بطّال، وإليه ذهب كثير من المنتسبين إلى السنّة كأبي القاسم الطبري، اللالكائي، والبغوي، وغيرهما.
قال البغوي: (والاسم هو المسمّى، وعينه، وذاته)
والقول الثاني: أن الاسم غير المسمّى.
والثالث: أن الاسم للمسمّى، وهذا القول دلّ عليه الكتاب والسنة، قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}
ومن السنة الحديث: ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا))
هذا مذهب أهل السنة، فلا يُطلقون بأنه المسمّى ولا غيره، بل يفصّلون حتى يزول اللبس.
فإن قيل لهم: أهو المسمّى أم غيره؟ قالوا: ليس هو نفس المسمّى، ولكن يُراد به المسمّى.
وإن أُريد بأنه غيره: كونه بائنا عنه، فهو باطل؛ لأن أسماء الله من كلامه، وكلامه صفة له، قائمة به، لا تكون غيره.
(2) الفتح (كتاب التوحيد): [باب14، ج15/ص9195]