اذكر الفوائد المستفادة من سيرة نبينا إبراهيم عليه السلام مما درست.
1-على المسلم أن يسأل الله تعالى القبول في كل أعماله سواء ماكان يُقصد بها الآخرة كالعبادات من صلاة وصوم ... أو ماتكون من أعمال الدنيا وقصد وجه الله يحولها إلى عبادة قال تعالى على لسان ابراهيم واسماعيل عليهما السلام : ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )
2-الاسلام الحق هو أن يسلم المسلم نفسه لله تعالى مستسلما لأمره ظاهرا وباطنا ، ويقبل على أوامر الله تعالى بسعة صدر وانشراح ، قال تعالى على حاكيا حال ابراهيم واسماعيل عليما السلام ودعائهما لله تعالى واستسلامهما الكامل له : ( ربنا واجعلنا مسلمين لك )
3-على المسلم أن يحرص على صلاح أبنائه وذريته ، لأن الله تعالى جعله مسؤولا عنهم ، فضلا عن أنهم مما يلحق الانسان من عمل صالح بعد الموت، ولهذا دعا ابراهيم عليه السلام لذريته إلى يوم القيامة : ( ( .. ومن ذريتنا أمة مسلمة لك )
4-الهداية الحقيقية والتوفيق من الله تعالى وحده ، حتى العبادات التي أمر الله تعالى بها عباده فالانسان لا حول له ولا قوة للقيام بها إلى بالله وحده ، وفي سيدنا ابراهيم عليه السلام مثال لمن يستهدي بالله في كل أموره ويسأله التوبة والمغفرة من كل تقصير علمه أو جهله
: ( .. ربنا وأرنا مناسكنا وتب علينا)
5- خير ما يورث المسلم ذريته هو تحقيق التوحيد والالتزام به ، فقد كانت هذه وصية خير البشر وأفضل الخلق رسل الله تعالى – صلوات ربي وسلامه عليهم – قال تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام إذ حضره الموت : ( أم كنتم شهداء إذا حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق إلها واحدا)
6-على المربي الواعي والمسلم الحريص أن يعلم من تحته كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ويفهمهم الدين ، فقد كان الأنبياء – عليهم السلام – من أشد الناس حرصا على تعليم أقوامهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وذلك باتباع أوامر ربهم ونصوص الوحي ، فهذا خليل الله ابراهيم عليه السلام ، يعلم حاجة الناس لمثل هذه التربية والتعليم فدعا لذريته فقال : ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو كليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ) ، ومن باب أولى عليه أن يُعلم نفسه ويسعى لذلك سعياً حثيثا ويكون قدوة لغيره .
7-المسلم الحق يسعى لتطيهر نفسه وتزكيتها بالعبادات والطاعات والاقبال على مايرضي الله تعالى وتجريدها لله وحده ، فمن أعظم مهام الأنبياء تزكية الناس ودعوتهم لذلك ، قال تعالى حاكيا عن دعاء ابراهيم عليه السلام وعلمه بأهمية ذلك للأمم ( .... ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم )
8-المسلم إذا آتاه أمر الله وجب عليه أن يقبله عن رغبة ويبادر إلى الالتزام به ، حكى تعالى حال سيدنا ابراهيم عليه السلام وشدة اقباله على أوامر الله ، قال تعالى : ( إذا قال له ربه أسلم ، قال أسلمت لرب العالمين ) ولنا في رؤياه –عليه السلام - في ذبح ابنه دروس وعبر .
المجموعة الأولى:
1. فسّر قول الله تعالى:
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129}
كانت الدعوة الإبراهيمية هي بداية أمر محمد صلى الله عليه وسلم - قال تعالى : (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
عن خالد بن معدان ، عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا : يارسول الله أخبرنا عن نفسك ؟ . قال : "نعم ، أنا دعوة أبي ابراهيم ، وبشرى عيسى عليه السلام
وفيها حرص خليل الله تعالى على من يأتي من ذريته أن يكون على التوحيد والاستقامة .
فسيدنا ابراهيم عليه السلام هو أول من نوه بذكر محمد صلى الله عليه وسلم وشهره بين الناس ، وبعثه تعالى في قوم قد عرفوه حق المعرفة وكان أفضلهم خلقا وأشرفهم نسبا ،حتى سموه الصادق الأمين ، وقد كان في ارساله منهم أيسر لهم ليعرفوا حقيقته وأمره فيسهل عليهم اتباعه والايمان به ، كان من فضائل هذا النبي العظيم أن يأتيهم بكتاب عظيم من عند ربهم ويعلمهم أحكامه ومراد ربهم منهم ، ويكون منهجا سليما سديدا ، وخطا مستقيما لا يزيغ عنه إلا هالك ، وآتاه السنة وحي غير متلو ، وأمره بتعليم الناس دينهم ، قال ابن اسحاق : يعلمهم الكتاب والحكمة : يعلمهم الخير فيفعلوه زالشر فيتقوه ويخبرهم برضاه عنهم إذا أطاعوه واستكثروا من طاعته وتجنبوا ما سخط من معصيته .
فالآمر هو الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم الأوامر ويعلمهم كيف يتلقون أمر ربهم ويعملون بما فيه . وفي ذلك هو يربيهم على الطاعة والاخلاص والجد في العبادة وأخذ الكتاب بقوة .
2. حرّر القول في كل من:
أ: معنى الحنف في قوله تعالى: {بل ملّة إبراهيم حنيفا.
الحنفية : لغة : الميل ، فالمعنى أن ابراهيم حنيف إلى دين الله دين الاسلام
فالحنيف في الدين الذي مال عن الأديان المكروهة إلى الحق .
قال قوم الحنف هو الاستقامة ، ولذلك سمي معوج القدمين حنيفا
ويجيء الحنيف في الدين المستقيم على جميع طاعات الله عز وجل
وقد خصص بعض المفسرين الحنيف فقالوا :
-الحاج
-المختن
-قال أبو العالية : الذي يستقبل البيت بصلااه ويرى أن حجه عليه مااستطاع إليه سبيلا
-قال مجاهد والربيع : متبعا
-قال مجاهد والربيع : الذي يؤمن بالرسل كلهم
-قال قتادة : الحنفية : شهادة أن لا إله إلا الله ، يدخل فيها تحريم الأمهات والخالات والعمات وماحّم الله ، والختان .
ومن الجمع بين الأقوال : فالحنيف هو الذي مال إلى دين الله تعالى والتزم ملة الاسلام والتوحيد واجتهد في جميع العبادات على الاتباع وترك كل ماسواه – والله أعلى وأعلم -
ب: المراد بالكفاية في قوله تعالى: {فسيكفيكهم الله.
هذه الآية وعد من الله تعالىأنه سيكفي رسوله صلى الله عليه وسلم أعداءه ويغلبه عليهم ، وفي هذا ضمان لنصرة الدين وغلبته لقوله تعالى : ( ليظهره على الدين كله ) ، وقال بعض المفسرين أن هذه الكفاية هي قتل بني قينقاع وبني قريظة وبني النضير .
ولكن – والله أعلم – أن مدلول الآية أوسع من ذلك فنصرة الله تعالى لنبيه ودينه إلى قيام الساعة ، ونحن نرى من حكاية الحال اليوم أن الله تعالى ناصرا نبيه على من عاداه وطعن فيه ، فقد وعده تعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) وحتماوعد الله قائم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
سواءً أظهر ذلك للناس أو لم يظهر .
3: بيّن ما يلي:
أ: المراد بصبغة الله، وسبب التسمية بذلك.
صبغة لغة : صبغة الثوب ، إذا غيرت لونه وخلقته
وفي معنى الصبغة أقوال :
1-يجوز أن يكون – والله أعلم – صبغة الله أي – خلقة الله – عز وجل ، الخلق ، فيكون أن المعنى أن الله بدأ خلق الناس وفطرهم على الاسلام ودليله : (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ... ) فقد أخذ الله العهد عليهم سواء أكان على حقيقته – ولكن لا يذكروه – أو أن فطرهم مخلوقة على ذلك متى علموه اتبعوه . ودليله قوله تعالى : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )
2- وقيل أن الصبغة هي استعارة لما يظهر من الأعمال التي مصدرها الباطن ويصطبغ بها الظاهر .
والقولان متلازمان : فمن صلحت فطرته واستقام على ماخلق الله ، فهذا سيظهر في سمته وظاهره .
وسبب تسميتها بالصبغة :
لأن قوما من النصارى كانوا يصبغون أولادهم في ماء لهم ويقولون هذا تطهير لهم ، كما أن الختان تطهير لهم ، فقيل لهم : صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ) أي التطهير الذي أمر الله به عباده به وميزهم عن غيرهم ، واستدل من ذلك بعض أهل العلم أنه يجب على المسلم أن يغتسل كما ثبت في السنة .
ب: معنى النهي وبلاغة التعبير في قوله تعالى: {فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون.
في هذه الآية ايجاز يليغ إذ المقصود منها الأمر بالدوام على الاسلام إلى الموت ، فأتى بلفظ وجيز فيه موعظة وتذكيرا بالموت .
فهو يأمرهم بالاسلام والثبات عليه في حال الحياة ، حتى يثبتهم الله تعالى عند الموت ، فمن عاش على شيء مات عليه ، والله تعالى أعلم بخفايا القلوب وإن ظهر للناس غير مافيها فإنه لا يخفى على الله .