خلافته
تولّى عثمانُ الخلافة بعد عمر في آخر ليلة من سنة 23هـ، وكان الصحابة يرون أنهم ولَّوا أفضل من بقي منهم، وبقي في الخلافة ثنتي عشرة سنة، وقتل مظلوماً يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة 36هـ.
- قال ابن أبي أويس عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب: (ولي ثنتي عشرة سنة حجها كلها إلا سنتين). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: (بويع له بالخلافة يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وقتل رحمه الله يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين بعد العصر، وكان يومئذ صائما، ودفن يوم السبت بين المغرب والعشاء في حش كوكب بالبقيع، وقتل وهو ابن اثنتين وثمانين سنة). رواه ابن أبي خيثمة.
خبر توليته الخلافة
- قال أبو عوانة اليشكري، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن ميمون الأودي في خبر مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فذكره بطوله ثم قال: فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين استخلف.
قال: (ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، أو الرهط، الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمّى علياً، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعداً، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء - كهيئة التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله عن عجز، ولا خيانة).
قال: فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر، فنجعله إليه والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إليَّ، والله علي أن لا آلِ عن أفضلكم؟
قالا: نعم.
فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن، ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه). رواه البخاري.
- وقال وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي أن عمر بن الخطاب لما حُضر قال: (ادعوا لي علياً، وطلحة، والزبير، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعداً).
قال: فلم يكلم أحداً منهم إلا علياً وعثمان؛ فقال: (يا علي! لعلَّ هؤلاء القوم يعرفون قرابتك وما آتاك الله من العلم والفقه، واتق الله، وإن وليت هذا الأمر؛ فلا ترفعنَّ بني فلان على رقاب الناس).
وقال لعثمان: (يا عثمان! إنَّ هؤلاء القوم لعلهم يعرفون لك صهرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّك وشرفك؛ فإن أنت وليت هذا الأمر فاتق الله، ولا ترفع بني فلان على رقاب الناس).
فقال: (ادعوا لي صهيباً).
فقال: (صلّ بالناس ثلاثاً، وليجتمع هؤلاء الرهط فليخلوا؛ فإن أجمعوا على رجل فاضربوا رأس من خالفهم). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال الليث بن سعد، عن عبيد الله بن عمر، أن ابن شهاب حدَّثه عن المسور بن مخرمة قال: لما كانت الليلة التي في صبيحتها يفرغ النفر الذين استخلفهم عمر بن الخطاب عليه السلام من الخلافة صليت العشاء، ثم انصرفت إلى ستر لي فنمت عليه، فأيقظني من النوم صوت خالي عبد الرحمن بن عوف رحمة الله عليه: أيا مسور قال: فخرجت مشتملا بثوبي فقال: أنمت؟ قلت: نعم , قد نمت , قال: خذ عليك ثوبك ثم الحقني إلى المسجد ففعلت قال: " اذهب فادع لي الزبير وسعدا أو أحدهما قال: فانطلقت فدعوته فلما انتهيت به إليه قال: استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا قال: ففعلت شيئا يسيرا , ثم قال: ادع الآخر فلما انتهيت به إليه قال: استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا.
قال: فتناجيا شيئاً يسيراً، ثم نادى: يا مسور اذهب فادع لي علياً؛ فذلك حين ذهبت فحمة العشاء.
قال: فجئت بعلي.
قال: استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا.
قال: فلم يزالا يتكلمان من العشاء حتى كان السحر إلا أني أسمع من نجيهما ما أظني أنهما قد اقتتلا؛ فلما كان السحر ناداني وعلي عنده؛ فقال: اذهب فادع لي عثمان.
قال: ففعلت فتناجيا وأذّن المؤذن بالصبح.
قال: فتفرقوا للوضوء، وقد علم الناس أنها صبيحة الخلافة؛ فاجتمعوا للصبح كما يجتمعون للجمعة فأمر عبد الرحمن النفر أن يجلسوا بين يدي المنبر؛ فلما أبصر الناس بعضهم بعضاً وطلعت الشمس قام عبد الرحمن إلى جنب المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: (يا أيها الناس قد علمتم الذي كان من وفاة أمير المؤمنين واستخلافه إيانا أيها النفر، ورضي أصحابي أن ألي ذلك لهم؛ فأختار رجلاً منهم، وهؤلاء بين أيديكم).
ثم استقبلهم رجلاً رجلاً، ثم قال: (أي فلان عليك عهد الله وميثاقه لتسمعن ولتطيعن لمن وليت ولترضين ولتسلمن).
فيقول: نعم، رافعاً صوته، يسمع الناس، حتى فرغ منهم رجلاً رجلاً، من عثمان، وعلي، والزبير، وسعد.
قال: أما طلحة فأنا حميلٌ برضاه.
ثم قال: (إني لم أزل دائباً منذ ثلاث أسألكم عن هؤلاء النفر، ثم سألتهم عن أنفسهم؛ فوجدتكم أيها الناس وإيّاهم اجتمعتم على عثمان، قم يا عثمان).
فلم يقل رجلٌ من المهاجرين والأنصار ولا وفود العرب ولا صالحي التابعين إنك لم تستشرنا ولم تستأمرنا؛ فرضوا وسلموا؛ فلبثوا ستَّ سنين لا يعيبون شيئاً.
قال: كان طائفة منهم يفضّلونه على عمر، يقول: (العدل مثل عمر، واللين ألين من عمر). رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده.
- وقال حماد بن سلمة: حدثنا عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل أن عبد الله بن مسعود سار من المدينة إلى الكوفة ثمانياً حين استخلف عثمان بن عفان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد، فإنَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مات، فلم ير يومٌ أكثرَ نشيجاً من يومئذ، وإنا اجتمعنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم نألُ عن خيرنا ذا فُوق؛ فبايعنا أمير المؤمنين عثمان، فبايعوه). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن سعد في الطبقات، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ.
- - قال الأصمعي: (قوله: "ذا فوق" يعني السهم الذي له فُوق، وهو موضع الوتر، وإنما نراه قال: "خيرنا ذا فوق" ولم يقل: "خيرنا سهما" لأنه قد يقال له: سهم، وإن لم يكن أُصلح فُوقُه، ولا أُحكم عملُه؛ فهو سهم وليس بتامّ كامل؛ حتى إذا أُصلح عمله، واستحكم؛ فهو حينئذ سهمٌ ذو فُوق؛ فجعله عبد الله مثلاً لعثمان رضي الله عنه يقول: إنه خيرنا سهماً تاماً في الإسلام والسابقة والفضل فلهذا خصّ ذا الفُوق). رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث.
- وقال عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة قال: خطبنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين استخلف عثمان فقال:(أمَّرْنا خير من بقي، ولم نَأْلُ).رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن سعد في الطبقات، ويعقوب بن سفيان في المعرفة، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في المدخل إلى السنن، وغيرهم، وله طرق أخرى.
جمعه القرآن على رسم واحد
من أجلّ أعمال عثمان وأعظمها بركة على أمة الإسلام جمعه الناسَ على مصحف إمام، وكان ذلك في عام 25ه، ثم استننسخ من المصحف الإمام مصاحف بعث بها إلى الأمصار ليقوّموا مصاحفهم عليها فاشتهرت المصاحف العثمانية، وألغي ما سواها.
وكانت الفتوحات قد اتّسعت في عهده واختلف الناس في القراءات، ونُقل عن بعض الناس التكذيب ببعض القراءات والتنازع الشديد فيها؛ فاجتمع رأيه ورأي علماء الصحابة رضي الله عنه على جمع الناس على مصحف واحد؛ نصحاً للأمّة ودرءا للاختلاف والتنازع في كتاب الله تعالى، فأمر بالمصحف الذي جمعه أبو بكر فأُحضر، وكان عند حفصة بنت عمر بعد موت أبيها، فأمر زيد بن ثابت ومعه رهط من القرشيين بكتابة المصاحف فكتبوها، وبعث لكل مصر من الأمصار مصحفاً، وأبقى مصحفاً عنده، وردّ إلى حفصة المصحف الذي كان قد جمعه أبو بكر.
وكان جمع القرآن عن إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوه من الاختلاف فجمعوا الناس على مصحف واحد، وما كان من خلاف ابن مسعود في أوّل الأمر فإنّه رجع عنه.
عمارة المسجد الحرام والمسجد النبوي
- قال أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي: أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، قال: كان المسجد الحرام ليس عليه جدرات محاطة، إنما كانت الدور محدقة به من كل جانب، غير أن بين الدور أبوابا يدخل منها الناس من كل نواحيه؛ فضاق على الناس، فاشترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه دوراً فهدمها، وهدم على من قرب من المسجد، وأبى بعضهم أن يأخذ الثمن، وتمنَّع من البيع، فوضعت أثمانها في خزانة الكعبة حتى أخذوها بعد، ثم أحاط عليه جداراً قصيراً، وقال لهم عمر: (إنما نزلتم على الكعبة فهو فناؤها، ولم تنزل الكعبة عليكم).
ثم كثر الناس في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه فوسَّع المسجد، واشترى من قوم، وأبى آخرون أن يبيعوا، فهدم عليهم فصيَّحوا به فدعاهم، فقال: « إنما جرأكم عليَّ حلمي عنكم، فقد فعل بكم عمر هذا فلم يصح به أحد؛ فاحتذيت على مثاله فصيَّحتم بي» ، ثم أمر بهم إلى الحبس حتى كلَّمه فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد فتركهم). رواه أبو الوليد الأزرقي في أخبار مكة.
- وقال صالح بن كيسان: حدثنا نافع أن عبد الله بن عمر أخبره أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيا باللَّبِن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل؛ فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشباً، ثم غيَّره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج). رواه أحمد، والبخاري، وأبو داوود.
- - قال أبو داوود: (القصة: الجص).
- وقال ابن وهب: أخبرني عمرو [بن الحارث] أن بكيراً حدّثه أن عاصم بن عمر بن قتادة حدثه أنه سمع عبيد الله الخولاني، أنه سمع عثمان بن عفان يقول عند قول الناس فيه حين بنى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم: إنكم أكثرتم، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( من بنى مسجداً - قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله - بنى الله له مثله في الجنة)). رواه البخاري ومسلم.
سعة الأرزاق وكثرة العطايا في عهده
- قال خلف بن الوليد الجوهري: حدثنا مبارك بن فضالة، قال: سمعت الحسن [البصري] يقول: (أدركتُ عثمان وأنا يومئذ قد راهقت الحلم فسمعته يخطب، وما من يوم إلا وهم يقسمون فيه خيراً، يقال: يا معشر المسلمين اغدوا على أرزاقكم، فيغدون ويأخذونها وافرة: يا معشر المسلمين اغدوا على كسوتكم، فيجاء بالحلل فتقسم بينهم، قال الحسن: حتى والله سمع أوس يقال: اغدوا السمن والعسل، قال الحسن: والعدو ينفر، والعطيات دارة، وذات البين حسن، والخير كثير، ما على الأرض مؤمن يخاف مؤمناً). رواه عمر بن شبّة.
- وقال عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، قال: «أدركت زمن عثمان رضي الله عنه وما من نفس مسلمة إلا ولها في مال الله حق». رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة.
اتساع الفتوحات في عهده
اتّسعت مساحة بلاد الإسلام في عهد عثمان بن عفان اتّساعاً كبيراً:
ففي الشرق: فتحت الرَّي التي تسمّى طهران اليوم، وهمذان، وسابور، وأرجان، وداربجرد، وأذربيجان، وأصبهان، وإصطخر، وأرمينية، وجرجان، وسجستان، وسرخس، وطالقان، وفارياب، وجوزجان، وطبرستان، واستكملت فتوح بلاد خراسان والسند حتى بلغ المسلمون حدود الصين، وقتل يزدجرد ملك الفرس في عهد عثمان.
وبعض تلك الأقاليم كان أول فتحها في عهد عمر ثم استكمل فتحها في عهد عثمان، وبعضها انتقض أهلها ففتحت مرة أخرى في عهد عثمان.
وفي الشمال: استكملت الفتوح حتى حدود الترك، وقتل في الترك مقتلة عظيمة.
وفي الغرب: غزوا البحر في أول خلافة عثمان وفتحت قبرص، وفتحت بلاد النوبة، والحبشة، وأفريقيا الوسطى، ثم توسعوا حتى بلغوا أقصى أفريقيا ولله الحمد والمنة.
- قال هشام [بن عمار]: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني مرزوق بن أبي الهذيل قال: حدثني ابن شهاب، عن عروة أنه حدثه قال: (استُخلف عثمان بن عفان ففتح الله عليه إفريقية وخراسان؛ فعزل عمير بن سعد عن حمص، وجمع الشام لمعاوية، ونزع عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح - أحد بني عامر بن لؤي). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال إبراهيم بن سعد الزهري: حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك حدثه أنَّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشأم في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق).رواه البخاري في صحيحه.
التعليم في عهده
كان تعليم القرآن وإقراؤه وتدارسه في عهد عثمان على الطريقة المعهودة من قبله؛ فقد تابع بعث المعلمين إلى الأمصار، وزاد ببعث المصاحف إلى الأمصار ليجتمع الناس على رسم واحد.
سقوط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من يده
- قال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس رضي الله عنه قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده، وفي يد أبي بكر بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر؛ فلما كان عثمان جلس على بئر أريس.
قال: (فأخرج الخاتم فجعل يعبث به فسقط).
قال: (فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان؛ فنزح البئر فلم يجده). رواه البخاري.
- وقال عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: «اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من وَرِق؛ فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر، ثم كان في يد عمر، ثم كان في يد عثمان حتى وقع منه في بئر أريس، نقشه محمد رسول الله». رواه البخاري ومسلم.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب، وجعل فصه مما يلي بطن كفه، ونقش فيه محمد رسول الله، فاتخذ الناس خواتم الذهب، فلما رآهم قد اتخذوها رمى به، وقال: «لا ألبسه أبداً» ثم اتخذ خاتما من فضة، نقش فيه: "محمد رسول الله"، ثم لبس الخاتم بعده أبو بكر، ثم لبسه بعد أبي بكر عمر، ثم لبسه بعده عثمان، حتى وقع في بئر أريس). رواه البخاري وأبو داوود، واللفظ له.
- وقال المغيرة بن زياد الموصلي: حدثنا نافع، عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتماً من ذهب ثلاثة أيام، فلما رآه أصحابه فشت عليهم خواتيم الذهب، فرمى به، فلا يدرى ما فعل، ثم أمر بخاتم من فضة، فأمر أن ينقش فيه: "محمد رسول الله" فكان في يد النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، وفي يد أبي بكر حتى مات، وفي يد عمر حتى مات، وفي يد عثمان ست سنين من عمله، فلما كثرت عليه الكتب دفعه إلى رجل من الأنصار؛ فكان يختم به، فخرج الأنصاري إلى قليب لعثمان، فسقط، فالتمس فلم يوجد، فأمر بخاتم مثله، ونقش فيه محمد رسول الله». رواه النسائي.
- قال أبو داود: «ولم يختلف الناس على عثمان حتى سقط الخاتم من يده».
- وقال ابن حجر العسقلاني: (قال بعض العلماء: كان في خاتمه صلى الله عليه وسلم من السرّ شيءٌ مما كان في خاتم سليمان عليه السلام؛ لأنَّ سليمان لما فقد خاتمه ذهب ملكه، وعثمان لما فقد خاتم النبي صلى الله عليه وسلم انتقض عليه الأمر، وخرج عليه الخارجون، وكان ذلك مبدأ الفتنة التي أفضت إلى قتله، واتصلت إلى آخر الزمان).
- وقال الليث بن سعد، عن عبيد الله بن عمر، أن ابن شهاب حدَّثه عن المسور بن مخرمة في خبر تولية عثمان الخلافة، قال: (فلبثوا ستَّ سنين لا يعيبون شيئاً).
قال: كان طائفة منهم يفضّلونه على عمر، يقول: (العدل مثل عمر، واللين ألين من عمر). رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده.