المجموعة الرابعة:
س1: ما هي مصادر معرفة تاريخ علم التفسير؟
لمعرفة تاريخ علم التفسير مصادر عديدة يمكن تصنيفها إلى أنواع منها:
1: كتب طبقات المفسرين مثل: طبقات المفسرين للسيوطي والداوودي.
2: كتب علوم القرآن مثل: البرهان والتحبير.
3: كتب مناهج المفسرين والكتب التي اعتنت بنقد التفاسير مثل: كتاب التفسير والمفسرون للذهبي.
4: كتب السير والتراجم على اختلاف أنواعها، مثل: سير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام للذهبي وكتب تراجم الصحابة والمحدثين.
5: الدراسات العلمية المعاصرة، والرسائل الجامعية المتخصصة في بعض جوانب تاريخ علم التفسير.
ومن أجل تلك المصادر وأنفسها: مقدمات المفسرين والمحدثين واللغويين وكتب علل الحديث والسؤالات وأحوال الرجال.
س2: بيّن أهميّة معرفة البيان النبوي للقرآن.
- حسن الدلالة على أن رسولنا الكريم قد أدى الرسالة وبلغ الأمانة ونصح للأمة وبين لها ما تحقق به الاستقامة على الرشاد أحسن البيان.
- تعظيم السنة النبوية وبذل الوسع في فقه ما تشتمله من حسن بيان لمعاني القرآن.
- إقامة البراهين على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين القرآن كله للصحابة على اختلاف أنواع ذلك البيان، وأنه بين للكافرين وللسائلين والمجادلين كذلك أحسن البيان.
س3: اكتب عن سيرة اثنين من مفسّري الصحابة رضي الله عنهم مبيّنا ما استفدته من دراستك لسيرتهما.
أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق (ت: 57هـ)
مناقبها رضي الله عنها:
- من أفقه النساء وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.- كانت ذكية فطنة محبة لفقه كل شىء، كثيرة السؤال عما يشكل عليها ومن ذلك:
عن الشعبي عن مسروق قال: قالت عائشة: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} قالت: فقلت: أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: " على الصراط " رواه الإمام أحمد ومسلم.
قال نافع بن عمر: حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حوسب عذب» قالت عائشة: فقلت أوليس يقول الله تعالى: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} قالت: فقال: " إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك). رواه البخاري.
- تعلّمت من رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، وروت عنه كثيرًا مما قيل عنها:
عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: «ما رأيت أحدا أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أفقه في رأي إن احتيج إلى رأيه، ولا أعلم بآية فيما نزلت، ولا فريضة من عائشة» رواه ابن سعد.
عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: (رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض). رواه ابن سعد.
مما روي عنها في التفسير:
قال الزهري: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل} قال: قلت: أكُذِبوا أم كُذّبوا؟
قالت عائشة: «كُذّبوا»
قلت: فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن؟
قالت: «أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك»
فقلت لها: وظنوا أنهم قد كُذِبوا، قالت: «معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها» قلت: فما هذه الآية؟ قالت: «هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم، وصدقوهم فطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك»
عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي (ت:65هـ)
مناقبه رضي الله عنه:
- أسلم قبل أبيه وهاجر إلى المدينة.
- كان كثير التعبد بالقيام والصيام وكان حافظًا للقرآن ربما يقرأه كله في ليلة واحدة حتى نهاه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالاعتدال في قيامه وصومه.
- اشتهر بعلمه وزهده وتواضعه وحسن خلقه مما قيل عنه:
عن طلحة بن عبيد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله). رواه الإمام أحمد.
قال سليمان بن ربيعة الغنوي: (كنا نُحدَّث أنه أشد الناس تواضعاً). ذكره الذهبي.
- أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة الحديث فكان يكتب كل ما يسمع في صحيفة سماها الصادقة فكتب حديثًا كثيرًا حتى قال عنه أبو هريرة رضي الله عنه «ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب» رواه البخاري.
- تعلّم اللسان السرياني، وأصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب؛ فقرأ في كتبهم؛ لكنّه لم يكن كثير التحديث منها؛ فمروياته من أخبار بني إسرائيل قليلة غير كثيرة؛ وأكثر ما يرويه في التفسير إما مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإما من اجتهاده في التفسير.
من مروياته في التفسير:
روي عن عبد الله بن عمرو قال: (إن ابني آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، كان أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم. وأنهما أمرا أن يقربا قربانا، وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه وإن صاحب الحرث قرب شر حرثه) رواه ابن جرير.
ما استفدته من سيرتهما:
- تعظيم الصحابة رضي الله عنهم وما حصلوه من علم فقد تلقوه مباشرة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم أشد الخلق فقهًا في كتاب الله.
- أن تلقيهم للقرآن تلقي علم وعمل فهم قرآن يمشي على الأرض ولهم في معلمهم قدوة، ولهذا نالوا ما نالوا من العلم الغزير والفقه في الدين.
- تعظيم قولهم في التفسير وتقديمه عما سواه إن صح سنده إليهم، وعدم الاغترار بأعاجيب الأقوال فالعبرة بمن فهم مراد الله حقًا وليس بمن زخرف الكلام.
- تأمل طرق تعلمهم لعلنا نقتدي بهم ومن ذلك: كثرة سؤال أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عما تجهله، وشغفها بالعلم والفقه.
س4: بيّن طرق التابعين في تعلّم التفسير وتعليمه.
كان للتابعين عناية كبيرة بالتفسير وبذل الجهد في تعلمه وكان للصحابة حلق للعلم ومجالس للتفسير يحرص التابعون على حضورها والتعلم منها وتعددت طرق التابعين في الأخذ عن الصحابة والتعلم منهم ومن ذلك:
1: طريقة العرض والسؤال.
فيقرأ التابعي القرآن على الصحابي ويسأله عن معاني الآيات التي يقرؤها ومن مظاهر شدة حرصهم على ذلك:
- قال مجاهد: (لقد عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم أنزلت، وفيم كانت؟ )
- قال أبيّ بن كعب لزرّ بن حبيش: (لا تريد أن تدع آية في كتاب الله تعالى إلا سألتني عنها ) رواه الإمام أحمد.
2:طريقة الكتابة والتقييد.
فكان من التابعين من يكتب ما يسمع من التفسير من بعض الصحابة رضي الله عنهم،
- قال ابن أبي مليكة: (رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباسٍ عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباسٍ: اكتب , قال: حتى سأله عن التفسير كله) رواه ابن جرير.
3: طريقة الملازمة
فكان منهم من يلزم أحد الصحابة مدّة حتى يأخذ عنه العلم والهدي والسمت، ثم ينتقل إلى غيره حتى يحصّل علماً كثيراً.
- عن أبي الضحى عن مسروق قال: لقد جالست أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فوجدتهم كالإخاذ. فالإخاذ يروي الرجل والإخاذ يروي الرجلين والإخاذ يروي العشرة والإخاذ يروي المائة والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم. فوجدت عبد الله بن مسعود من ذلك الإخاذ). رواه ابن سعد.
4: طريقة المراسلة
- قال ابن أبي مليكة: كتبت إلى ابن عباس أسأله عن شهادة الصبيان، فكتب إلي: إن الله عز وجل يقول: {ممن ترضون من الشهداء} فليسوا ممن نرضى، لا تجوز). رواه سعيد بن منصور.
5: طريقة عرض التفسير
وهي أن يعرض التابعي ما يظهر له من التفسير على شيخه فإن كان صواباً أقرّه وإلا صوّبه.
6: التدارس والتذاكر
فكانوا يتدارسون التفسير فيما بينهم ويتذاكرونه، ويخبر بعضهم بعضاً بما عرف من التفسير، وما حفظ من الرواية فيه.
وكانوا في تعلمهم وتعليمهم يعظمون القول في التفسير ولا تأخذهم الجرأة في القول في كتاب الله بغير علم بالرغم مما حصلوه من علم غزير ولكنهم تلقوا معه الخشية لله ومن أقوالهم في ذلك:
قال الشعبي: أدركت أصحاب عبد الله، وأصحاب علي وليس هم لشيءٍ من العلم أكره منهم لتفسير القرآن). رواه ابن أبي شيبة.
وقال القاسم بن محمد: «لأن يعيش الرجل جاهلا بعد أن يعلم حق الله عليه خير له من أن يقول ما لا يعلم» رواه الدارمي.