فصلٌ
(وإذا بَلَغَ الغُلامُ سَبْعَ سِنِينَ) كاملةً (عاقلاً، خُيِّرَ بينَ أَبَوَيْهِ، فكانَ معَ مَنِ اختارَ مِنهما)؛ قَضَى بذلكَ عمرُ وعليٌّ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهما.
ورَوَى سعيدٌ والشافعيُّ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ غُلاماً بينَ أبيهِ وأُمِّهِ، فإنِ اختارَ أباهُ كانَ عندَه ليلاً ونهاراً، ولا يُمْنَعُ زيارةَ أُمِّهِ، وإنِ اخْتَارَها، كانَ عندَها ليلاً، وعندَ أَبِيهِ نهاراً؛ لِيُعَلِّمَهُ ويُؤَدِّبَه، وإنْ عادَ فاختارَ الآخرَ، نُقِلَ إليهِ، ثمَّ إنِ اختارَ الأوَّلَ نُقِلَ إليه، وهكذا، فإنْ لم يَخْتَرْ أو اخْتَارَهُما، أُقْرِعَ. (ولا يُقَرُّ) مَحْضونٌ (بِيَدِ مَن لا يَصُونُه ويُصْلِحُه)؛ لفواتِ المقصودِ مِن الحَضَانةِ، (وأبو الأُنْثَى أحقُّ بها بعدَ) أنْ تَسْتَكْمِلَ (السَّبْعَ، ويكونُ الذكَرُ بعدَ) بُلُوغِهِ و (رُشْدِهِ حيثُ شاءَ)؛ لأنَّه لم يَبْقَ عليه وَلايةٌ لأحدٍ. ويُسْتَحَبُّ له أنْ لا يَنْفَرِدَ عن أَبَوَيْهِ. (والأُنْثَى) مُنْذُ يَتِمُّ لها سَبْعُ سِنِينَ (عندَ أَبِيهَا) وُجُوباً (حتَّى يَسْتَلِمَها زَوْجُها)؛ لأنَّه أَحْفَظُ لها وأحَقُّ بِوِلايَتِها من غيرِهِ، ولا تُمْنَعُ الأمُّ مِن زِيَارَتِها إنْ لم يُخَفْ منها، ولو كانَ لأبُ عاجزاً عن حِفْظِها، أو يُهْمِلُه لاشتغالِه عنه أو قِلَّةِ دِينِه، والأمُّ قائمةٌ بحفظِها قُدِّمَتْ؛ قاله الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقالَ: إذا قُدِّرَ أنَّ الأبَ تَزَوَّجَ بِضَرَّةٍ، وهو يَتْرُكُها عندَ ضَرَّةِ أُمِّها، لا تَعْمَلُ مَصْلَحَتَها، بل تُؤْذِيها أو تُقَصِّرُ في مَصْلَحَتِها، وأُمُّها تَعْمَلُ مَصْلَحَتَها ولا تُؤْذِيهَا، فالحِضَانَةُ هنا للأمِّ قَطعاً، ولأبيها وباقي عَصَبَتِها مَنْعُها مِن الانفرادِ. والمَعْتُوهُ ولو أُنْثَى عندَ أُمِّهِ مُطْلَقاً.