القراءات
القراءات في قوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس}
هي في قراءة أبيّ بن كعبٍ: (وتكونوا شهداء على النّاس يوم القيامة) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره.
القراءات في قوله: {لنعلم}
قرأ الزهري: (ليُعلم) على ما لم يسم فاعله. ذكره ابن عطية.
القراءات في قوله: {ليضيع}
قرأ الضحاك: (ليضَيّع) بفتح الضاد وشد الياء. ذكره ابن عطية.
القراءات في قوله تعالى: {لرؤوف}
1: رءوفٌ على مثال فعولٌ، وهي قراءة عامّة قرّاء أهل المدينة. ذكره ابن جرير، والزجاج.
2: رؤفٌ على مثال فعلٌ، وهي قراءة عامّة قرّاء أهل الكوفة، كما قال الوليد بن عقبة:
وشرّ الطّالبين ولا تكنه ....... بقاتل عمّه الرّؤف الرّحيم
ذكره ابن جرير، وابن عطية
3: لرووف، بغير همز، ذكره الزجاج، وابن عطية، وذكر ابن عطية أن أبا جعفر بن القعقاع قرأ بها.
المسائل التفسيرية
سبب نزول الآية
قال مقاتل: وذلك أن اليهود منهم مرحب وربيعة ورافع قالوا لمعاذ ما ترك محمد قبلتنا إلا حسدا فإن قبلتنا قبلة الأنبياء ولقد علم أنا عدل بين الناس فأنزل الله تعالى: { وكذلك جعلناكم أمة وسطا}؛ ذكره ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب"
قال ابن عطية: (وروي في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حول إلى الكعبة أكثر في ذلك اليهود والمنافقون وارتاب بعض المؤمنين حتى نزلت الآية)
لمن الخطاب في الآية؟
الخطاب للمؤمنين من أمة محمد صلي الله عليه وسلم كما ذكر ابن جرير، والظاهر من كلام كثير من المفسرين.
المشار إليه في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}
المشار إليه هو ما جاء في قوله تعالى: {يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}، والمعنى: كما هديناكم أيها المؤمنون إلى الصراط المستقيم وإلى قبلة إبراهيم وملته، كذلك فضلناكم على غيركم من أهل الأديان فجعلناكم أمة وسطا. هذا حاصل ما ذكره ابن جرير والزجاج وابن عطية.
وقال الزّمخشريّ: «وكذلك جعلناكم، ومثل ذلك الجعل العجيب جعلناكم أمة وسطا..»، ذكره العيني
معنى قوله: {جعلناكم}
أي صيرناكم، ذكره القسطلاني.
معنى الأمة
الجماعة والقرن من الناس، كما ذكر ابن جرير وابن عطية وابن كثير والعيني والقسطلاني، وذكر ابن جرير أنها تكون من الناس ومن غيرهم.
معنى الوسط لغة:
- هو الجزء الّذي بين الطّرفين، ويطلق على الخيار والأعلى من الشيء، ومنه قولهم: فلان وسطٌ في قومه، وواسطٌ، أي: في خيارهم. ومنه قيل للنبي صلى اللّه عليه وسلم: «هو أوسط قريش حسباً»
- وقال الزّمخشريّ: «وقيل للخيار: وسط»، لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل والإعواز والأوساط محفوظة)
- هذا حاصل ما ذكره أبو عبيدة التيمي، وعبد الله اليزيدي، والدينوري، وابن جرير، والزجاج، وابن عطية، و، العيني، والقسطلاني.
معنى قوله تعالى: {وسطا}
جاء في الأحاديث والآثار: أمة وسطا أي: عدولا، أو عدلا، روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، ومجاهد، وقتادة، والربيع، وغيرهم، وقال به الفراء، وابن عطية.
قال السُّيُوطِيُّ:أخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي والنسائي وصححه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن حبان والاسماعيلي في صحيحه والحاكم وصححه عن أبي سعيد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال: «عدلا»
و قيل: عدلا خيارا، قاله أبو عبيدة التيمي، وعبد الله اليزيدي، والدينوري، وابن جرير، والزجاج. واللفظان مختلفان والمعنى واحد؛ لأن العدل خير، والخير عدل، والخيار من النّاس عدولهم، هذا حاصل ما قاله ابن جرير، والزجاج، واقتصر قول ابن كثير على "خيارا"، ومثله الزمخشري.
ومنه قوله تعالى في موضع آخر: {قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبّحون} أي: خيرهم، وأعدلهم. ذكره الدينوري، وابن عطية.
وقيل: وسطا من التوسط، وهو قول ابن جرير واختياره، قال العيني: لا يلزم من كون الوسط في الآية صالحًا لمعنى التّوسّط أن لا يكون أريد به معناه الآخر كما نصّ عليه الحديث فلا مغايرة بين الحديث وبين ما دلّ عليه معنى الآية.
سبب وصف هذه الأمة بأنها أمة وسط.
وصفهم بأنّهم وسط لتوسّطهم في الدّين، فلا هم أهل غلوٍّ فيه غلوّ النّصارى الّذين غلوا بالتّرهّب وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصيرٍ فيه تقصير اليهود، الّذين بدّلوا كتاب اللّه، وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربّهم وكفروا به؛ ولكنّهم أهل توسّطٍ واعتدالٍ فيه، قاله ابن جرير ومثله ابن عطية، قال ابن عطية: فهي أعلاها وخيرها من هذه الجهة.
تضمن الآية الثناء على هذه الأمة وتفضيلها على سائر الأمم يوم القيامة
- أورد بعض المفسرين عند تفسير هذه الآية عددا من الآثار في بيان فضل هذه الأمة على سائر الأمم، تأكيدا لما جاء في الآية، من ذلك:
- عن عبد الرّزّاق، عن معمرٌ، عن زيد بن أسلم: «أنّ الأمم يقولون يوم القيامة: واللّه لقد كادت هذه الأمّة أن تكون أنبياء كلّهم لما يرون اللّه أعطاهم». رواه ابن جرير، وأورده السيوطي في تفسيره.
- عن أبي مالكٍ الأشجعيّ، عن المغيرة بن عتيبة بن النّهّاس، أنّ مكتبًا لهم حدّثهم عن جابر بن عبد اللّه، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّي وأمّتي لعلى كومٍ يوم القيامة مشرفين على الخلائق ما أحدٌ من الأمم إلاّ ودّ أنّه منا أيّتها الأمّة، وما من نبيٍّ كذّبه قومه إلاّ نحن شهداؤه يوم القيامة أنّه قد بلّغ رسالات ربّه ونصح لهم قال: {والرّسول عليكم شهيدًا}». رواه ابن جرير، وأورده ابن حجر في فتح الباري، وأورده السيوطي في تفسيره، ونسب إخراجه أيضا إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.
- قال السيوطي: وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن كعب قال: «أعطيت هذه الأمة ثلاث خصال لم يعطها إلا الأنبياء كان النّبيّ يقال له: بلغ ولا حرج وأنت شهيد على قومك وادع أجبك، وقل لهذه الأمة{ما جعل عليكم في الدين من حرج} وقال: {لتكونوا شهداء على الناس} وقال:{ادعوني استجب لكم}».
وذكر ابن كثير أن جميع الأمم يوم القيامة تعترف بالفضل لهذه الأمة، وأنه لمّا جعل اللّه هذه الأمّة وسطًا خصّها بأكمل الشّرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب، كما قال تعالى: {هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ ملّة أبيكم إبراهيم}
معنى اللام في قوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس}
اللام هنا هي لام التعليل كما بين الزجاج والقسطلاني.
المراد بالناس في قوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ومعنى كون هذه الأمة شهيدة عليهم
فيه قولان:
القول الأول: المراد بالناس جميع الأمم، فتشهد هذه الأمة يوم القيامة للأنبياء والرسل على أممهم بتبليغ رسالات ربهم، وتشهد لنبيها بالتبليغ في مدته.
هذا حاصل ما ذكره الفراء، وابن جرير، والزجاج، وابن عطية،
وقد أورد كثير من المفسرين عددا من الأحاديث والآثار في هذا المعنى، من ذلك:
- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيء النّبيّ يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد وأمته، فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا، فذلك قوله:{وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال: عدلا{لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}». رواه سعيد بن منصور، وأحمد، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي في البعث والنشور، وأورده ابن كثير والسيوطي في تفسيرهما.
- وعن أبي بن كعب في الآية قال: «{لتكونوا شهداء على الناس}يوم القيامة كانوا شهداء على قوم نوح وعلى قوم هود وعلى قوم صالح وعلى قوم شعيب وعندهم أن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم» رواه ابن أبي حاتم من طريق أبي العالية وأورده السيوطي في تفسيره.
- وروى أحمد، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وغيرهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نوحا تناكره أمته في التبليغ، فتشهد له هذه الأمة.
- وقال مجاهد: «معنى الآية تشهدون لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه قد بلغ الناس في مدته من اليهود والنصارى والمجوس». ذكره ابن عطية.
القول الثاني: المراد بالناس هذه الأمة، فيشهد بعضها على بعض بعد الموت. ذكره ابن جرير، وابن عطية.
- قال السيوطي: أخرج الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس قال: مروا بجنازة فأثني عليه خير فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «وجبت وجبت وجبت» ومر بجنازة فأثني عليه بشر فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «وجبت وجبت» فسأله عمر، فقال: «من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض»، زاد الحكيم الترمذي: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}».
- وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن حبان والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يموت فتشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه لا خيرا إلا قال الله: قد قبلت شهادتكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون».
- وغيرها من الأحاديث والآثار في هذا المعنى.
من الذي يُمنع من الشهادة من هذه الأمة؟
- ورد أنه يمنع من الشهادة اللعانون، ومن كان في قلبه حنة على أخيه.
- عن حبان بن أبي جبلة قال: «... فإنما يشهد منهم يومئذ من لم يكن في قلبه احنة على أخيه المسلم». رواه الترمذي في نوادر الأصول، وذكره السيوطي، وروى ابن جرير عن ابن أنعم نحوه.
- عن أبي الدرداء أنه قال: قال رسول الله: «لا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة» رواه مسلم وأبو داوود والترمذي وذكره السيوطي.
المقصود بالرسول في الآية
محمد صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن جرير، وأشار إليه باقي المفسرين.
معنى كون الرسول صلى الله عليه وسلم شهيدا على هذه الأمة
فيه أقوال:
قيل: يشهد عليهم بأعمالهم يوم القيامة. ذكره ابن عطية.
عن أبي سعيدٍ في قوله تبارك وتعالى: {ويكون الرّسول عليكم شهيدا} قال: «شهيدًا عليكم فيما فعلتم» رواه أبو حذيفة النهدي، ورواه ابن جرير بلفظ مقارب، وأورده السيوطي.
وقيل: يشهد عليهم بالتبليغ إليهم. ذكره ابن جرير، وابن عطية، والزجاج.
عن قتادة في قوله: {ويكون الرّسول عليكم شهيدًا} قال: «على أنّه قد بلّغ رسالات ربّه إلى أمّته». رواه ابن جرير.
قال السُّيُوطِيُّ: أخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: «... فكلما دعي نبي كذبه قومه شهدت له هذه الأمة بالبلاغ، فإذا سأل عن هذه الأمة لم يسأل عنها إلا نبيها».
وقيل: عليكم بمعنى لكم أي يشهد لهم بالإيمان والتصديق. ذكره الفراء، وابن جرير، والزجاج، وابن عطية.
قال ابن جرير: قال قائل هذه المقاله: هذا نظير قوله: {وما ذبح على النّصب} إنما هو: وما ذبح على النّصب.
عن ابن جريجٍ، قلت لعطاءٍ: {ويكون الرّسول عليكم شهيدًا} قال: «يشهد أنّهم قد آمنوا بالحقّ إذ جاءهم وقبلوه وصدّقوا به» رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم - واللفظ له -، وقال: وروي عن أبي العالية، وعكرمة، وقتادة والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك، وأورده السيوطي في تفسيره.
لمن الخطاب في قوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها}
الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم كما بين ابن جرير وابن كثير، وأشار إليه ابن عطية، والعيني، وغيرهما.
معنى (ما) في قوله: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها}
(ما) هنا تفيد النفي كما أشار ابن جرير.
المراد بالقبلة في الآية
فيه قولان:
القول الأول: بيت المقدس؛ قاله الطبري ورواه عن السدي، وعطاء، وذكره عنه السيوطي في تفسيره، ورواه ابن أبي حاتم عن عطاء، وعطية، والسدي، وحكاه ابن عطية عن قتادة وعطاء والسدي وغيرهم، وقاله ابن كثير.
القول الثاني: الكعبة؛ حكاه ابن عطية عن ابن عباس، وقاله العيني.
القول بحذف المضاف في قوله: {وما جعلنا القبلة} لدلالة الكلام عليه
ذكر ذلك ابن جرير وابن عطية، قال ابن جرير: (اجتزئ بذكر القبلة من ذكر التّولية والتّحويلة لدلالة الكلام على معنى ذلك … كما قال جلّ ثناؤه: {وما جعلنا الرّؤيا الّتي أريناك إلاّ فتنةً للنّاس} بمعنى: وما جعلنا خبرك عن الرّؤيا الّتي أريناك)، واستدل لذلك بما تظاهرت عليه الأخبار من أن اختبار المؤمنين إنما كان في صرفهم وتحويلهم عن القبلة، من ذلك:
ما رواه عن قتادة أنه قال: «كانت القبلة فيها بلاءٌ وتمحيصٌ، صلّت الأنصار نحو بيت المقدس حولين قبل قدوم نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينه، وصلّى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد قدومه المدينة مهاجرًا نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا، ثمّ وجّهه اللّه بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام، فقال في ذلك قائلون من النّاس:{ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} ...».
معنى قوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها}
أقوال من قال أن المراد بالقبلة بيت المقدس:
القول الأول:وما جعلنا صرفك وتحويلك عن قبلة بيت المقدس التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبعك ممن ينقلب على عقبيه، هذا معنى ما قاله ابن جرير وابن كثير، وذكره ابن عطية عن بعض المفسرين.
القول الثاني: ما أمرناك بالتوجه إلى بيت المقدس أولا إلا امتحانا لنعلم من يتبعك من العرب ممن يألف مسجد مكة، ومن اليهود ممن قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن صليت إلى بيت المقدس اتبعناك. هذا معنى ما قاله ابن عطية.
قول من قال أن المراد بالقبلة الكعبة:
كنت بمعنى أنت كقوله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس}، بمعنى أنتم، والمعنى: وما جعلنا القبلة التي أنت عليها والّتي تحب أن تستقبلها، وما رددناك إليها إلاّ امتحاناً للنّاس، هذا حاصل ما قاله العيني وابن عطية.
الأقوال في معنى قوله: {لنعلم} وبيان مرجع الضمير فيه
فيه أقوال:
قيل: ليعلم رسولي والمؤمنون، وأضاف ذلك إليه لأنهم حزبه وخواصه، وهذا شائع في كلام العرب نحو قولهم: "فتح عمر العراق"، وإنما فعل ذلك جنده وأتباعه. هذا حاصل ما قاله ابن جرير ورجحه، وحكاه عنه ابن حجر، وذكره ابن عطية، وحكاه القسطلاني عن البيضاوي.
استدل عليه ابن جرير بما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: [يقول اللّه جلّ ثناؤه: مرضت فلم يعدني عبدي، واستقرضته فلم يقرضني، وشتمني ولم ينبغ له أن يشتمني]. قال: فأضاف تعالى ذكره الاستقراض، والعيادة إلى نفسه، وإن كان ذلك بغيره إذ كان ذلك عن سببه.
وقيل: لنعلم ذلك موجودا؛ إذ بذلك الوقت يتعلق الثواب والعقاب، ذكره ابن عطية، - وقال: (وحكى ابن فورك أن معنى لنعلم لنثيب)- ، وحكاه القسطلاني عن البيضاوي.
وقيل:«لنميّز أهل اليقين من أهل الشّرك والرّيبة». رواه الطبري وابن أبي حاتم عن ابن عباس، وأورده السيوطي، وذكره ابن عطية عن ابن فورك، وذكره البيضاوي، قال: كقوله تعالى: {ليميز الله الخبيث من الطيب}فوضع العلم موضع التميز المسبب عنه»، حكاه عنه القسطلاني، وأشار إليه ابن كثير فقال: ليظهر حال من يتّبعك ... ممّن ينقلب على عقبيه
وقيل: لنرى من يتّبع الرّسول، ذكره ابن جرير وقال: هذا تأويلٌ بعيدٌ، ودلل على ذلك بأنه غير موجودٍ في كلام العرب علمت بمعنى رأيت، وذكره عنه ابن عطية.
وقيل: ليتبيّن لكم - أيها المنافقون واليهود وأهل الكفر باللّه الذين أنكروا أن يكون اللّه تعالى يعلم الشّيء قبل كونه - أنّا نعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه، ذكره ابن جرير وقال بعيدٌ من المفهوم.
وقيل: لتعلموا أنتم إذ كنتم جهّالاً به قبل أن يكون؛ فأضاف العلم إلى نفسه رفقًا بخطابهم، ذكره ابن جرير.
رجح ابن جرير القول الأول كما تقدم، وقال ابن عطية عن الأقوال التي ذكرها أنها متقاربة، وقال: والقاعدة نفي استقبال العلم بعد أن لم يكن.
فائدة تعليق العلم بأفعال العباد
قالَ ابن عطية: (وعلق العلم بأفعالهم لتقوى الحجة ويقع التثبت فيما علمه لا مدافعة لهم فيه)
المراد بالاتباع في قوله: {من يتبع الرسول}
فيه قولان:
قيل:يتبع محمد صلى الله عليه وسلم فيما أمره الله به من التحول نحو الكعبة. ذكره ابن جرير، وابن كثير، والقسطلاني وغيرهم.
قيل: يتبع النبي صلى الله عليه وسلم في التوجه نحو بيت المقدس حين أمر بذلك، من العرب الذين يألفون مسجد مكة، أو من اليهود الذين ادعوا اتباعه إن توجه إلى بيت المقدس. ذكره ابن عطية.
معنى (من) في قوله تعالى: {ممّن ينقلب على عقبيه}
قال القَسْطَلاَّنيُّ: (من: موصول)
معنى العقب لغة
[عقب كل شيء آخره، كما جاء في لسان العرب وغيره من المعاجم.]
قال الأصمعي: والعَقِبُ الولد يبقى بعد الإنسان، وعَقِب القدم مؤخرها، ذكره أبو عبيد في "الغريب المصنف"
معنى قوله تعالى: {ينقلب على عقبيه}
أي: يرتدّ عن دينه، فينافق، أو يكفر، أو يخالف محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، ذكره ابن جرير وذكر نحوه ابن عطية وابن كثير والقسطلاني.
- عن ابن زيد في ذكر صفة المرتد أنه قال: «من إذا دخلته شبهةٌ رجع عن اللّه، وانقلب كافرًا على عقبيه». رواه ابن جرير.
وجه تشبيه المرتد عن دينه بمن ينقلب على عقبيه
شبه المرتد عن دينه بمن يرجع على عقبيه؛ لرجوعه دبرًا على عقبيه إلى الوجه الّذي كان فيه قبل مرجعه عنه،
والرجوع على العقب أسوأ حالات الراجع في مشيه عن وجهته، فلذلك شبه المرتد في الدين به، وظاهر التشبيه أنه بالمتقهقر، وهي مشية الحيوان الفازع من شيء قد قرب منه، ويحتمل أن يكون هذا التشبيه بالذي رد ظهره ومشى أدراجه فإنه عند انقلابه إنما ينقلب على عقبيه. هذه حاصل ما قاله ابن جرير وابن عطية.
بيان الحكمة من تحويل القبلة
- حولت القبلة امتحاناً للنّاس وابتلاءً ليظهر الثّابت على الإسلام الصّادق فيه، الذي يسلم لأمر الله تعالى وينقاد له، ممّن هو على حرف ينكص على عقبيه لقلقه فيرتد، هذا ملخص ما ذكره ابن جرير، وابن عطية، وابن كثير، والعيني.
- عن ابن عبّاسٍ أنه قال في تفسير الآية: «لنميّز أهل اليقين من أهل الشّرك والرّيبة». رواه ابن جرير وابن أبي حاتم، وأورده السيوطي في تفسيره، ونسب إخراجه أيضا إلى ابن المنذر، والبيهقي.
- عن قتادة أنه قال: «كانت القبلة فيها بلاءٌ وتمحيصٌ »، وقال: «… وقد يبتلي اللّه العباد بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر، ليعلم من يطيعه ممّن يعصيه، وكلّ ذلك مقبولٌ إذا كان في إيمانٍ باللّه، وإخلاصٍ له، وتسليمٍ لقضائه». رواه ابن جرير.
- عن عطاءٌ أنه قال: « يبتليهم ليعلم من يسلّم لأمره»، قال ابن جريجٍ: «بلغني أنّ ناسًا ممّن أسلم رجعوا فقالوا مرّةً: هاهنا ومرّةً هاهنا» رواهما ابن جرير.
مرجع الضمير في قوله تعالى: {وإن كانت لكبيرة}
فيه قولان بحسب اختلاف المفسرين في المراد بالقبلة:
القول الأول: التحويلة من بيت المقدس إلى الكعبة. ذكره ابن جرير ورجحه، وذكره ابن عطية، وابن كثير، والعيني، والقسطلاني.
عن ابن عبّاسٍ قال: «يعني:تحويلها على أهل الشّكّ والرّيبة» رواه ابن أبي حاتم، ورواه ابن جرير بلفظ مختصر.
عن مجاهدٍ أنه قال: «ما أمروا به من التّحوّل إلى الكعبة من بيت المقدس»، رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، و قال: وروي عن أبي العالية، وقتادة، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك، ورواه عبد الرحمن الهمذاني عن ابن أبي نجيحٍ بلفظ مقارب، وأورده السيوطي.
القول الثاني: القبلة إلى بيت المقدس. ذكره ابن جرير، والزجاج، وابن عطية.
عن أبي العالية أنه قال: «{وإن كانت لكبيرةً}أي قبلة بيت المقدس{إلاّ على الّذين هدى اللّه}». رواه ابن جرير.
القول الثالث: الصّلاة الّتي كانوا صلّوها إلى القبلة الأولى. ذكره ابن جرير.
- عن ابن زيدٍ أنه قال: «صلاتكم حتّى يهديكم اللّه القبلة». رواه ابن جرير.
- وعن ابن زيد أيضا أنه قال: «صلاتكم ها هنا يعني إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا ..» رواه ابن جرير. وذكر ابن عطية عن ابن زيد نحوه.
معنى قوله: {لكبيرة}
- أي ثقيلة شاقة، تكبر وتعظم في الصدور، حاصل ما ذكره ابن جرير، وابن عطية، وابن كثير، والعيني، والقسطلاني.
- عن ابن زيدٍ أنه قال: «كبيرةٌ في صدور النّاس فيما يدخل الشّيطان به ابن آدم. قاله: ما لهم صلّوا إلى ها هنا ستّة عشر شهرًا ثمّ انحرفوا فكبر في صدور من لا يعرف ولا يعقل والمنافقين. ...». رواه ابن جرير.
معنى (إن) و(اللام) في قوله: {وإن كانت لكبيرة}
- (إن) هي المخففة من الثقيلة.
- (اللام) للتفريق بين إن المخففة والنافية، وإلا كان الكلام جحدا، وصار المعنى: " ما كانت كبيرة "، وإن مع اللام يفيد التوكيد للقصة.
- هذا حاصل ما ذكره الزجاج، وابن عطية، والعيني، والقسطلاني، قال ابن عطية وقال الفراء: "إن بمعنى ما واللام بمنزلة إلا".
الاستثناء في قوله: {وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله} استثناء مفرغ
قال القسطلاني : (والاستثناء مفرغ وجاز ذلك وإن لم يتقدمه نفي ولا شبهه لأنه في معنى النفي).
من هم الذين كانت القبلة أو الصرف عنها عظيما عليهم
قيل: كان التوجه إلى قبلة بيت المقدس والصلاة إليها في أول الأمر عظيما على نفوس بعض العرب الذين إنما يألفون مسجد مكة، ذكره ابن عطية.
وقيل: كان التحول عن قبلة بيت المقدس إلى الكعبة عظيما على اليهود، والمنافقين، وأهل الشك والريب، وعلى غير المخلصين. هذا حاصل ما ذكره ابن جرير، وابن كثير، وابن عطية.
- وأورد أبو حذيفة النهدي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو السعودات الجزري، والسيوطي آثارا في ذلك، سبق ذكرها، ومنها:
- عن ابن عبّاسٍ قال: «قال اللّه عزّ وجلّ:{وإن كانت لكبيرةً إلّا على الذين هدى الله}يعني:تحويلها على أهل الشّكّ والرّيبة»). رواه ابن أبي حاتم، ورواه ابن جرير بلفظ مختصر.
- عن ابن زيدٍ أنه قال: «كبيرةٌ في صدور النّاس فيما يدخل الشّيطان به ابن آدم. قاله: ما لهم صلّوا إلى ها هنا ستّة عشر شهرًا ثمّ انحرفوا فكبر في صدور من لا يعرف ولا يعقل والمنافقين. ...». رواه ابن جرير.
المراد بالهداية في الآية ومن هم الذين هداهم الله؟
- الهداية المذكورة هي هداية التوفيق لتصديق النبي صلى الله عليه وسلم، واتباعه فيما أنزله الله عليه، كما ذكر ابن جرير، وقد هدى الله لذلك المؤمنين الخاشعين المخلصين لله تعالى الصادقين في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم. هذا حاصل ما ذكره ابن جرير، والزجاج، وابن كثير، والعيني، والقسطلاني.
- عن ابن زيدٍ، {وإن كانت لكبيرةً إلاّ على الّذين هدى اللّه} قال: «كبيرةٌ في صدور النّاس فيما يدخل الشّيطان به ابن آدم... وأمّا الّذين آمنوا فثبّت اللّه جلّ ثناؤه ذلك في قلوبهم.». رواه ابن جرير.
- عن ابن عبّاسٍ {وإن كانت لكبيرةً إلاّ على الّذين هدى اللّه} يقول: «إلاّ على الخاشعين، يعني المصدّقين بما أنزل اللّه تبارك وتعالى» رواه ابن جرير.
- عن ابن عبّاسٍ: «{وإن كانت لكبيرةً إلا على الّذين هدى اللّه} أي: الّذين ثبّت اللّه». رواه ابن أبي حاتم، وقال:وروي عن قتادة قال: «عصم اللّه».
دلالة الآية على أن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم فهو من المهتدين
قالَ ابنِ عَطِيَّةَ: (وشهد الله تعالى في هذه الآية للمتبعين بالهداية)
سبب نزول قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}
ذكر سبب نزوله عدد من الصحابة والتابعين، من ذلك:
- قال ابن كثير: في الصّحيح من حديث أبي إسحاق السّبيعي، عن البراء، قال: «مات قومٌ كانوا يصلّون نحو بيت المقدس فقال النّاس: ما حالهم في ذلك؟ فأنزل اللّه تعالى:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}». ورواه التّرمذيّ عن ابن عبّاسٍ وصحّحه.
عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا وجّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الكعبة قالوا: يا رسول الله كيف بإخواننا الّذين ماتوا وهم يصلّون إلى بيت المقدس؟ فأنزل اللّه تعالى:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم} الآية»). رواه الترمذي في سننه - واللفظ له - وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، ورواه ابن جرير، والحاكم في المستدرك بلفظ مقارب، وقال: هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه، وأورده السيوطي في تفسيره، ونسب إخراجه أيضا إلى وكيع والفريابي والطيالسي وأحمد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن حبان، والطبراني.
- عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: «مات على القبلة قبل أن تحوّل إلى البيت رجالٌ وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه تعالى ذكره:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}». رواه ابن جرير، وأورده السيوطي في تفسيره وذكر إخراجه في الصحيحين.
- وروى ابن جرير عن قتادة، والسدي، والربيع، وغيرهم نحو ذلك، وذكر بعض المفسرين مثل الزجاج وابن عطية معنى ماجاء في هذه الآثار.
المراد بالإيمان في الآية
فيه قولان:
القول الأول: الصلاة نحو بيت المقدس
ذكره ابن جرير والزجاج وابن عطية وابن كثير والقسطلاني.
عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} قال: «صلاتكم نحو بيت المقدس». رواه سعيد بن منصور ، ورواه ابن جرير من عدة طرق، وابن أبي حاتم بلفظ:"إلى بيت المقدس". وأورده السيوطي في تفسيره ونسب إخراجه أيضا إلى عبد بن حميد، وروى ابن جرير نحوه عن ابن عباس وقتادة والسدي والربيع وغيرهم.
القول الثاني: الإيمان بالقبلة الأولى وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه.
- ذكره الزجاج والقسطلاني
- عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: «وما كان اللّه ليضيع إيمانكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيّكم، واتّباعه إلى القبلة الأخرى، أي: ليعطينّكم أجرهما جميعًا». رواه ابن أبي حاتم، وأورده ابن كثير، والعيني.
- عن الحسن أنه قال: « ما كان اللّه ليضيع محمّدًا وانصرافكم معه حيث انصرف» رواه ابن أبي حاتم.
الحكمة من تسمية الصلاة إيمانا
- لأن الصلاة في وقت بيت المقدس وفي وقت التحويل كانت صادرة عن الإيمان والتصديق
- ولأن الإيمان قطب تدور عليه الأعمال، ولأنه كان ثابتا حال التوجه هنا وهنا.
- ولئلا تندرج في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس.
- ولأن الصلاة من شعب الإيمان.
ذكره ابن عطية.
معنى اللام في قوله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}
قَالَ الزجاج: (اللام هي التي يسميها النحويون لام الجحود، وهي تنصب الفعل المستأنف)
سبب التعبير بضمير الخطاب في قوله: {إيمانكم}
لأن الأحياء من المؤمنين كانوا أيضا مشفقين من حبوط ثواب صلاتهم الّتي صلّوها إلى بيت المقدس قبل التّحويل إلى الكعبة؛ ومن شأن العرب إذا اجتمع في الخبر المخاطب والغائب أن يغلّبوا المخاطب، فوجّه الخطاب بها إلى الأحياء، ودخل فيهم الموتى منهم. هذا حاصل ما ذكره الفراء وابن جرير، وابن عطية.
دلالة الآية على أن الله لا يضيع ثواب الأعمال التي نسخ الأمر بها
قالَ ابن جرير: أخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّه لم يكن بالذى يبطل عمل عاملٍ عمل له عملاً، وهو له طاعةٌ فلا يثيبه عليه، وإن نسخ ذلك الفرض بعد عمل العامل إيّاه على ما كلّفه من عمله.
معنى قوله: {لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}
- رؤوف من الرأفة وهي أشد الرحمة، قاله أبو عبيدة التيمي، وعبد الله اليزيدي، وابن جرير، وابن عطية، وقال الزجاج: كمعنى الرحمة،
- قال ابن جرير: "وهي عامّةٌ لجميع الخلق في الدّنيا ولبعضهم في الآخرة، وأمّا الرّحيم، فإنّه ذو الرّحمة للمؤمنين في الدّنيا والآخرة."
- عن سعيد بن جبير في قوله: {رؤوف} قال: «يرأف بكم» رواه ابن أبي حاتم وأورده السيوطي.
الحكمة من ختم الآية بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}
إنّما أراد جلّ ثناؤه بذلك أنّه أرحم بعباده من أن يضيّع لهم طاعةً أطاعوه بها فلا يثيبهم عليها، وأرأف بهم من أن يؤاخذهم بترك ما لم يفرضه عليهم، فلا يأس المؤمنون على موتاهم الّذين ماتوا وهم يصلّون إلى بيت المقدس. هذا ملخص ما قالَه ابن جرير.