(ويُرْفَعُ القَبْرُ عَن الأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ)؛ لأنَّه عليه السَّلامُ رُفِعَ قَبْرُه عَنِ الأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ. رواهُ السَّاجِيُّ مِن حديثِ جَابِرٍ.
ويُكْرَهُ فَوْقَ شِبْرٍ، ويُكْرَهُ القَبْرُ (مُسَنَّماً)؛ لِمَا رَوَى البُخَارِيُّ عَن سُفْيَانَ التَّمَّارِ, أنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ مُسَنَّماً, لكنْ مَن دُفِنَ بدَارِ حَرْبٍ- لتَعَذُّرِ نَقْلِه- فالأَوْلَى تَسْوِيَتُه بالأرضِ وإِخْفَاؤُه.
(ويُكْرَهُ تَجْصِيصُه) وتَزْوِيقُه وتَحْلِيَتُه, وهو بِدْعَةٌ، (والبِنَاءُ) عليهِ, لاصِقَةً= أَوْ لا؛ لقَوْلِ جَابِرٍ: نَهَى النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ, وأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ, وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(و) تُكْرَهُ (الكِتَابَةُ والجُلُوسُ والوَطْءُ عَلَيْهِ)؛ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ مِن حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعاً: ((نَهَى أَنْ تُجَصَّصَ القُبُورُ وأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا وأَنْ تُوطَأَ)).
ورَوَى مُسْلِمٌ, عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً: ((لِأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ, فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِه, خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ علَى قَبْرٍ)).
ويُكْرَهُ (الاتِّكَاءُ إليهِ)؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ, أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ رَأَى عَمْرَو بنَ حَزْمٍ مُتَّكِئاً على قَبْرٍ فقَالَ: ((لاَ تُؤْذُوهُ)). ودَفْنٌ بصَحْرَاءَ أَفْضَلُ؛ لأنَّه عليه السَّلامُ كانَ يَدْفِنُ أَصْحَابَهُ بالبَقِيعِ, سِوَى النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ، واختارَ صَاحِبَاهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفاً وتَبَرُّكاً، وجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ على دَفْنِهم؛ كما وَقَعَ.
ويُكْرَهُ الحَدِيثُ في أَمْرِ الدُّنْيَا عندَ القُبُورِ، والمَشْيُ بالنَّعْلِ فيها, إلا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أو شَوْكٍ، وتَبَسُّمٌوضَحِكٌ أَشَدُّ. ويَحْرُمُ إِسْرَاجُهَا واتِّخَاذُ المَسَاجِدِ والتَّخَلِّي عَلَيْهَا وبَيْنَهَا.
(ويَحْرُمُ فيهِ)؛ أي: في قَبْرٍ وَاحِدٍ (دَفْنُ اثْنَيْنِ فأَكْثَرَ) معاً, أو وَاحِداً بعدَ آخَرَ قَبْلَ بلاءِ السَّابقِ؛ لأنَّه عليهِ السَّلامُ كانَ يَدْفِنُ كُلَّ مَيِّتٍ في قَبْرٍ، وعلى هذا استَمَرَّ فِعْلُ أَصْحَابِه ومَن بَعْدَهُم، وإن حَفَرَ فوَجَدَ عِظَامَ مَيِّتٍ, فدَفَنَهَا, وحَفَرَ في مَكَانٍ آخَرَ.
(إلاَّ لضَرُورَةٍ)؛ ككَثْرَةِ المَوْتَى وقِلَّةِ مَن يَدْفِنُهُم وخَوْفِ الفَسَادِ عليهم؛ لقَوْلِه عليه السَّلامُ يومَ أُحُدٍ: ((ادْفِنُوا الاثْنَيْنِ والثَّلاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)). رواهُ النَّسَائِيُّ.
ويُقَدَّمُ الأَفْضَلُ للقِبْلَةِ, وتَقَدَّمَ، (ويُجْعَلُ بينَ كُلِّ اثنَيْنِ حَاجِزٌ مِن تُرَابٍ)؛ ليَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ كأنَّهُ في قَبْرِه مُنْفَرِدٌ، وكُرِهَ الدَّفْنُ عندَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقِيَامِهَا وغُرُوبِهَا، ويَجُوزُ لَيْلاً، ويُسْتَحَبُّ جَمْعُ الأقارِبِ في بُقْعَةٍ؛ لتَسْهُلَ زِيَارَتُهُم قَرِيباً مِن الشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ؛ ليُنْتَفَعَ بمُجَاوَرَتِهِم في البِقَاعِ الشَّرِيفَةِ، ولو وَصَّى أن يُدْفَنَ في مِلْكِه دُفِنَ معَ المُسْلِمِينَ، ومَن سَبَقَ إلى مَسْبَلَةٍ = قُدِّمَ ثُمَّ يُقْرَعُ،
وإن مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ حَامِلٌ مِن مُسْلِمٍ, دَفَنَهَا مُسْلِمٌ وَحْدَهَا إن أَمْكَنَ, وإِلاَّ فمَعَنَا على جَنْبِهَا الأَيْسَرِ وظَهْرُهَا إلى القِبْلَةِ.
(ولا تُكْرَهُ القِرَاءَةُ على القَبْرِ)؛ لمَا رَوَى أَنَسٌ مَرْفُوعاً: ((مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ فِيهَا (يس) خُفِّفَ عَنْهُم يَوْمَئِذٍ, وَكَانَ لَهُمْ بِعَدَدِهِمْ حَسَناتٌ)). وصَحَّ عَن ابنِ عُمَرَ أنَّهُ أَوْصَى إِذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ بفَاتِحَةِ البَقَرَةِ وخَاتِمَتِهَا. قالَهُ في (المُبْدِعِ).