ما كون النبي صلى الله عليه وسلم أميّا ففيه حكمة جليلة بيّنها الله تعالى بقوله: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) }.
قال قتادة: (كان نبيّ الله لا يقرأ كتابا قبله، ولا يخطه بيمينه، كان أُمِّيا، والأميّ الذي لا يكتب، {إذًا لارْتابَ المُبْطِلُونَ} إذن لقالوا: إنما هذا شيء تعلَّمه محمد صلى الله عليه وسلم وكتبه). رواه ابن جرير.
فلأجل ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم أميّا لا يكتب، وهو أعلم الناس لأنّه تلقّى علمَه بالوحي المبين من ربِّ العالمين كما قال الله تعالى: {وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم}.
وقد تكفّل الله له بحفظ الوحي وبيانه كما قال تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه}.
فكونه صلى الله عليه وسلم أمياً لا يقرأ ليس فيه غضّ من مكانته، بل هو وصف كمال في حقه لأنه يفيد تمحّض ما تلقَّاه من أخبار الغيب عن ربّه جلّ وعلا ، لم يتلقّه بالقراءة في كتب الأولين.