أولا: استخلاص مسائل الرسالة.
أولا: ما ورد من أحاديث في كلمة التوحيد
تحليل تلك الأحاديث و هي على قسمين:
-ما يدل على من أتى بالشهادة دخل الجنة وإن دخل النار تطهيرا
-ما يدل أن من أتى بالشهادة حرم عليه النار والمراد بالتحريم تحريم الخلود فيها أو تحريم ما سوى الدرك الأعلى من النار
مذاهب العلماء في الجمع بين الأحاديث
1-لا يتحقق مقتضى كلمة التوحيد وهو الدخول الجنة و السلامة من النار إلا بتحقيق الشروط وانتفاء الموانع
عرض الأقوال
عرض الأدلة
2-القائلون بالنسخ
ما يدل على تعليق دخول النار بمجرد قول لا اله إلا الله منسوخ بما جاء ما يدل على وجوب الإتيان بالفرائض والحدود
3-الأحاديث محكمة لكن ورد من النصوص ما يقيدها
معنى كلمة التوحيد
أن لا يكون في القلب غير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا واستعانة وخضوعا وإنابة وطلبا
-ما يقدح في تحقيق كلمة التوحيد
كل ما يحب ويطاع ويكون غاية القصد ومطلوب العبد ويوالى لأجله فهو محبوب العبد ومعبوده و إلالهه
ما تقتضيه كلمة التوحيد
-أن لا يحب مع الله سواه ومن تاما محبته محبة ما يبحه وبغض ما يبغضه وكراهية ما يكرهه
ومن تمام محبة الله محبة الرسول و تصديقه ومتابعته
-القيام بعبادة الله وتحقيق مراضيه ومراده
-أن لا يكون في القلب سوى الله محبة وتعظيما وشوا فيطرح الرياء وعبادة الهوى و عبادة الشهوة
-معنى الصدق في قول لا اله إلا الله؛وأثره على القلب
-تحقيق كلمة الصدق؛.. و الصدق في قولها لا يعنى العصمة من الذنب
-ما يعين على تحقيق كلمة التوحيد
الاستغفار من الذنوب و الخطايا
مجاهدة هوى النفس
مراقبة الله
*********
استخلاص المقاصد
المقصد الكلي
معنى كلمة التوحيد وبيان فضلها و ما تقتضيه .
المقاصد الفرعية
-معنى كلمة التوحيد
-ما ورد من الأحاديث والآثار في الكلمة الإخلاص ودلالتها
-ما تقتضيه كلمة التوحيد
-ما يقدح في تحقيق كلمة التوحيد
-ما يعين على تحقيق كلمة التوحيد
-فضل كلمة لا إله إلا الله
تلخيص
المقصد الكلي
معنى كلمة التوحيد وبيان فضلها و ما تقتضيه .
المقاصد الفرعية
معنى كلمة التوحيد
كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله محمد رسول الله" الكلمة العظيم ؛كلمة الحق و كلمة التقوى هي الفصل بين الكفر والإيمان ؛ لأجلها أرسل الرسل و أنزلت الشرائع؛ لأجلها شرع الجهاد؛ ولأجلها أعدت الجنة والنار.
لا إله إلا الله" الإله هو المألوه المعبود الذي تألهه القلوب محبة وتعظيما وخضوعا وذلة و انكسارا.
الإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة وإجلالا وحبة وخوفا و توكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له؛ ولا ينبغي ولا يصلح ذلك لغير الله؛ فمن صرف شيء من ذلك لغير الله فقد أشرك مع الله غيره ولم يحقق التوحيد الذي خلق لأجله.
فلا يكون في القلب إلا فرد واحد يفرد بالذل و الخضوع و المحبة و شدة التعلق ..
محمد رسول الله : وهو أن لا يعبد الله عزوجل إلا بما شرعه الله وأحبه ورضيه لعباده؛ولا يعرف ذلك إلا بإتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم..فكانت معنى شهادة أن محمد رسول الله الإيمان به رسولا مبعوث من رب العالمين و تصديقه فيما أخبر و إتباعه فيما أمر وترك عما عنه نهى و زجر.
ما ورد من الأحاديث والآثار في الكلمة الإخلاص ودلالتها
مما ورد من الأحاديث
عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال: يا رسول الله ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: ((إذايتّكلوا)) فأخبر بها معاذ عند موته تأثما). أخرجهما
وفي الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)).
و عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرمه الله على النار))
وعنه أيضا أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"{ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة)).
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر.
ظاهر هذه الأحاديث أن من قال و أتى بكلمة التوحيد أنه لا يحجب عن الجنة بل يدخلها وبالمقابل يحرم عليه النار...ففيها تعليق دخول الجنة والحرمان من النار على مجرد قول كلمة التوحيد... و هل القول وحده كاف للفوز بالجنة والنجاة من النار..؟
فللعلماء مذاهب في توجيهها
-أولا: من يرى أن مقتضى قول الشهادة والإتيان بها دخول الجنة و النجاة من الخلود في النار.. ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع فكلمة التوحيد بمثابة مفتاح الجنة و لكل مفتاح أسنان فكان تحقيق الشروط بمثابة أسنان المفتاح.
-فعن معاذ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألك أهلاليمن عن مفتاح الجنة فقل: شهادة أن لا إله إلا الله)
. وشرط دخول الجنة لمن قال و أتى بالشهادة هو القيام بالأعمال الصالحة؛ امتثال الأمر و اجتناب النهي ؛كما دل عليه القران في قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}،
فإن التوبة من الشرك لا تكون إلا بالتوحيد و التوحيد لا يثبت الإخوة إلا بأداء الفرائض
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من النصوص، كما في الصحيحين عن أبي أيوبأن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم)).
والذي يدل عليه أيضا فهم السلف و عملهم فإن أبا بكر الصديق لم يمتنع من قتال مانعي الزكاة رغم قوله الشهادة إلا بأداء حقوقها وهو الإتيان بالفرائض.ووافقه على ذلك الصحابة..فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا تُرفع عمن أدّى الشهادتين مطلقا بل يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام فكذلك عقوبة الآخرة.
ثانيا:وذهبت طائفة أخرى من أهل العلم أن هذه الأحاديث وما كان في معناها كانت قبل نزول الفرائض والحدود. وهذا مستبعد لورود بعض الأحاديث متأخرة فبعضها كان في غزوة تبوك بعد نزول الفرائض والحدود. .ثم من هؤلاء من يقول بالنسخ؛ والذي نسخها آيات ونصوص الفرائض والحدود .
فإن كان المراد بالنسخ ؛مصطلح المتأخرين فهذا مستبعد لما تقدم.
وإن كان المراد بالنسخ ما كان معروفا عند المتقدمين وهو مطلق البيان والإيضاح ؛ فيدخل فيه التقيد المطلق وبيان المجمل و تفسير المحكم والتخصيص العام ؛ فهذا لا إشكال فيه ؛ ..فتكون آيات الفرائض والحدود تَبين بها توقف دخول الجنة والنجاة من النار على فعل الفرائض واجتناب المحارم، فصارت تلك النصوص منسوخة أي مبيَّنة مفسَّرة ونصوص الحدود والفرائض ناسخة أي مفسِّرة لمعنى تلك موضحة لها.
ثالثا :من أهل العلم من قال أن هذه الأحاديث مطلقة لكن ورد ما يقيدها في أحاديث أخر ففي بعضها: ((من قال: "لا إله إلا الله" مخلصا))وفي بعضها: ((مستيقنا))وفي بعضها((يصدق لسانه))وفي بعضها((يقولها حقا من قلبه)) وفي بعضها((قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه)). .
وهذا بيان لأهمية عمل القلب..وضرورة تحققه لتحقيق قول "لا إله إلا الله"..وهو أن لا يأله القلب غير الله حبا وتعظيما وهيبة وإجلالا وخوفا ورجاء و توكلا وسؤالا ودعاء.. فلا يصلح ذلك كله إلا لله عزوجل ؛ فإذا انعقد القلب على ذلك انقادت الجوارح و استجابت لأمر الله عزوجل؛.. امتثالا و نهيا .فتحقق بذلك قول "لا إله إلا الله" مع القيام بشرع الله عزوجل
فهذه هي مذاهب العلماء في بيان معنى أن قول " لا إله إلا الله" تستوجب الدخول الجنة؛ مذهب النسخ وهو أضعفها ؛ ومذهب التقييد وهو أن القول كلمة الإخلاص مقيد بما انعقد عليه القلب من محبة الله وتعظيمه ؛ و مذهب الآخر أن كلمة التوحيد لها شروط لابد من تحقها و لها موانع لابد من انتفائها..
فيكون خلاصة ما تدل عليه أحاديث الباب
1- أن من قال لا إله إلا الله" فلا تحجب عنه الجنة وإن دخل النار تطهيرا من ذنوبه؛ لأن النار لا يخلد فيها موحد..وليس في هذه الأحاديث ما يدل على أنه لا يعذب على ذنوبه إن كان تستوجب النار مع التوحيد
2- أن الموحد ترحم عليه النار و المراد بحرام النار هو حرام الخلود فيها؛ أو الذي يحرم عليه هو الدرك الأسفل من النار؛ أما الدرك الأعلى فلا تحرم عليه فكثير من الموحدين يدخلون الدرك الأعلى من النار ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين.
.
-ما تقتضيه كلمة التوحيد
من علم معنى كلمة " لا إله إلا لله " وتيقن به؛ أوجب له ذلك العلم خلوص القلب من محبة سوى الله عزوجل.
.فمن تمام تحقيق وكمال التوحيد إفراد الله بالمحبة فلا يكون في القلب محبا معظما غير الله؛ فانشغل القلب بالسعي في تحقيق مراضيه و مراده
.ومن محبة الله محبة ما يحبه و بغض و كراهية ما يبغضه ويكرهه..فمن وجد في قلبه محبة ما يكره الله أو بغض ما يحبه الله فليراجع توحيده لأنه لم يكمل توحيد وصدقه في قول لا إله إلا الله؛ وقد ذم الله عزوجل من لم يقدم محاب الله و عاقبه بإحباط عمله
كما قال تعالى :{ ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه"}
وقال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته.
وسئل ذو النون متى أحب ربي قال: إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر.
وقال بشر بن السرّي: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك.
وقال أبو يعقوب النهر جوري: كل من ادّعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة.
وقال يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادّعى محبة الله ولم يحفظ حدوده.
وإذا زاحمت محبة غير اله عزوجل محبة الله في القلب فقد صار ذلك المحبوب شريكا ؛و الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة "
"الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل وهل الدين إلا الحب والبغض)"
فمحبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة فيه من الشرك الخفي..
.فمحبة الله تطهر القلب من كل محاب سواه فتطرح الشرك والرياء و الهوى والشهوة
ومن تمام محبة الله عزوجل محبة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم وإتباعه؛ ذلك انه لا يتم تحقيق كلمة الإخلاص و شهادة التوحيد
إلا بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه فلا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا من جهة محمد المبلّغ عن الله ما يحبه وما يكرهه بإتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته، ولهذا قرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم}إلى قوله: {أحب إليكم من الله ورسوله}.
كما قرن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقده الله منه كما يكره أن يلقى في النار)).
ومن آثار وعلامات محبة الله عزوجل واستغراقها القلب أن الجوارح تكون تبعا لهذه المحبة وتنقاد لهافلم تنبعث الجوارح إلا إلى مراضي الرب وصارت النفس حينئذ مطمئنة بإرادة مولاها عن مرادها وهواها.
فلا ترى جوارح المحب إلا ساعية في البحث عن مراضي الله وتحققيها والآتيان بها ؛ فتكون عبوديته تبعا لمراد الله منه لا تبعا تحقيقا لمراد العبد من الله...فتحقيق مرادات الله هي هم المحب وسعيه
وقد جاء في الحديث الصحيح"{ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها))، وقد قيل إن في بعض الروايات: ((فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطشوبي يمشي}
وعن الحسن قال: ما نظرت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت علىقدمي حتى أنظر على طاعة الله أو على معصيته، فإن كانت طاعة تقدمت وإن كانت معصية تأخرت. وقد جاء في الحديث: { أحبوا من كل قلوبكم}
فمن امتلأ قلبه من محبة الله لم يكن فيه شيء أفرغ من إرادات النفس والهوى .متى بقي للمحب حظ من نفسه فما بيده من المحبة إلا الدعوى، إنما المحب من يفنى عن كله ويبقى بحبيبه، ((فبي يسمع، وبي يبصر))
من تمام محبة الله عزوجل أن يبقى في شوق إلى لقاء الله عزوجل فليس شيء أحب إليه و ألذ له من لقاء الله عزوجل و النظر على وجه الكريم
كم قال بعض العارفين: أليس عجبا أن أكون بين أظهركم وفي قلبي من الاشتياق إلى ربي مثل الشعل التي لا تنطفئ.
خلاصة "لا إله إلا الله " توجب وتقتضي امتلاء القلب محبة لله عزوجل وتعظيما؛ فإذا قويت المعرفة والمحبة في قلب العبد لم يرد العبد إلا ما يريد مولاه ؛ ومن يكن شيء عنده آثر من رضاه .ولم يكن في القلب شيء أفرغ من إرادات النفس و الهوى .
ومما تقتضيه "لا إله إلا الله" الصدق في قولها كما جاء في الحديث"{ من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار}.
من صدق في قول"لا إله إلا الله"لم يحب سواه ولم يرج سواه ولم يخش أحدا إلا الله ولم يتوكل إلا على الله ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه،....فهذه الكلمة إذا صدقت طهرت القلب من كل ما سوى الله، ومتى بقي في القلب أثر سوى الله فمن قلة الصدق في قولها.
ومع هذا فلا يظن أن المحب مطالب بالعصمة، وإنما هو مطالب كلما زلّ أن يتلافى تلك الوصمة.
-ما يقدح في تحقيق كلمة التوحيد
قول العبد: "لا إله إلا الله" يقتضي أن لا إله له غير الله، والإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل... فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول "لا إله إلا الله" ونقصا في توحيده وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيهمن ذلك وهذا كله من فروع الشرك.
وهذا الشرك هو الذي يقدح في صح التوحيد أو تمامه وكماله وهما قسمان ما يخرج عن ملة الإسلام
- كإتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون.
ومنه ما هو دون ذلك والذي اصطلح عليه العلماء بتسميته كفر دون كفر
- كالرياء و الحلف بغير الله والتوكل على غير الله والاعتماد عليه.
- ومنها المعاصي التي سببها طاعة غير الله
- -تسوية بين المخلوق والخالق في المشيئة
- كل ما يقدح فيما هو محض حق لله ولم يصل إلى الكفر الأكبر..كالتفرد بالنفع والضر كالطيرة والرقى المكروهة
ومما يقدح في التوحيد أن يكون للعبد محب يحبه و يطيعه ويكون غايته ومقصوده ومطلوبه ويوالي لأجله ويعادي لأجله؛ فكون العبد عبدا وذلك الشيء معبوده وإلهه..
كما ورد إطلاق الإله على الهوى المتَّبع، قال الله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}
-وقال تعالى:{ ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}، وقال{ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}، فكن عبد الله لا عبد الهوى فإن الهوى يهوي بصاحبه في النار.
وكما سمى الله طاعة الشيطان في معصيته عبادة للشيطان، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان}.
وقال تعالى حاكيا عن خليله إبراهيم عليه السلام لأبيه: {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا}.
فمن لم يتحقق بعبودية الرحمن وطاعته فإنه يعبد الشيطان بطاعته له، ولم يخلص من عبادة الشيطان إلا من أخلص عبودية الرحمن. .
- وكما سمى أيضا محبة الدرهم والدينار عبادة كما ورد في الحديث :{تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار }
والله لا ينجو غدا من عذاب الله إلا من حقّق عبودية الله وحده ولم يلتفت إلى شيء من الأغيار، من علم أن معبوده الله فرْد فليفرده بالعبودية ولا يشرك بعبادة ربه أحدا..
-ما يعين على تحقيق كلمة التوحيد
-كثرة الاستغفار
مجاهدة هوى النفس
مراقبة الله عزوجل
-فضل كلمة لا إله إلا الله
فهي كلمة التقوى وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق ودعوة الحق وبراءة من الشرك ونجاة هذا الأمر ولأجلها خلق الخلق.
-ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب.
-ولأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
-ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد، فمن قالها عصم ماله ودمه ومن أباها فماله ودمه هدر.
-وهي مفتاح الجنة ومفتاح دعوة الرسل وبها كلم الله موسى كفاحا.
-وهي ثمن الجنة، .
-ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة.
-وهي نجاة من النار،
-وهي توجب المغفرة.
-وهي أحسن الحسنات.
-وهي تمحو الذنوب والخطايا.
-وهي تجدد ما درس من الإيمان في القلب.
-وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن.
-وكذلك ترجح بصحائف الذنوب.
-وهي التي تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل.
-وهي التي ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه.
-وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها.
-وهي أفضل ما قاله النبيون، كما ورد ذلك في دعاء يوم عرفة.
-وهي أفضل الذكر.
-وهي أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفا وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان.
-ومن فضائلها أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر.
-وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم.
-ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
-ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها.